مدراء مدارس : وجَّهنا المعلمين بالتعاون مع الطلاب للتقليل من المتطلبات الدراسية على أولياء الأمور
الفصل الدراسي الثاني ..متطلبات جديدة فوق طاقة الأسرة
علم النفس والاجتماع: التقصير في توفير المتطلبات الدراسية
من قبل أولياء الأمور يشعرهم بالذنب والتقصير تجاه أبنائهم
عدم إحساس غالبية المدارس بالظروف المادية الصعبة دفع بعض أولياء الأمور للقول: (نحن ندِّرس أبناءنا في العام الواحد مرتين) خاصة بعد تراكم الطلبات من أقلام وألوان ودفاتر جديدة وقسط مالي ثانٍ بالإضافة إلى أغلفة للكتب والدفاتر التي يطلبونها مع بداية كل ترم دراسي والقائمة تطول ..
الأسرة/ خاص
تعتمد الموظفة سناء 40 عاما على ميزانية خاصة لمتطلبات الفصل الدراسي الثاني، ..وتقول :أنا كل عام أجد نفسي في أزمة اقتصادية بالنسبة لهذه المطالب الدراسية التي يقدمها لي أولادي الخمسة ..ولكنني هذا العام كنت قد ادخرت مبلغاً بسيطاً في كل شهر لكي لا أقع في نفس المشكلة التي أعاني منها بداية الفصل الثاني من الدراسة ..وتضيف :صحيح أن المبلغ لم يكن كافيا خاصة مع زيادة الطلبات من المدرسين وارتفاع الأسعار ولكنني استطعت أن أغطيه ولم اضطر لأخذ قرض مالي.
فرحه لم تكتمل
لم تكتمل فرحة سعيد حين أخبره ولده أحمد أنه حصل على المرتبة الأولى في الفصل المنصرم وذلك لكون الخبر أتى متبوعا بورقة من المتطلبات الدراسية من دفاتر وأقلام وعلبة ألوان وهندسة، لم يكن هذا حال احمد فقط.. فقد أتى إخوانه البالغ عددهم ثلاثة تقريبا بنفس الطلبات ومما زاد الطين بلة هو ورقة الأقساط المالية المتبقية والتي كانت مرفقة مع قائمة الطلبات المدرسية ..
لم يشعر سعيد بنفسه كما قال إلا وهو يصرخ في وجه أبنائه واتجّه صوب غرفته ليبدأ بالتفكير بطريقة تمكنه من سداد كل تلك المطالب المالية خاصة وأنه يسكن في بيت إيجار ومتطلبات أسرته كثيرة.
ديون ثم اكتئاب
يقول سليم عبده :أنا مجرَّد موظف في مكتب محاسبة لا يكفيني راتبي حتى نهاية الشهر فما بالكم بتسديد متطلبات المدارس ثلاث مراحل دراسية أولاً بداية العام وثانياً متطلبات الفصل الثاني التي لا تقل تكلفة عن الفصل الأول العام وأخيراً متطلبات الامتحانات وتسديد القسط النهائي للمدارس الخاصة.
مضيفا: اضطررت إلى الاقتراض في هذه الظروف لأن أطفالي لا يعرفون ماذا تعني ضائقة مادية، كل ما يدركونه هو توفير متطلباتهم الدراسية.. وهكذا أظل طوال العام أسدد ديوني .
وذكر سليم أن حاله يشبه حال ملايين المواطنين في بلادنا ممن لديهم أطفال يدرسون وهذه المتطلبات تصيب أولياء الأمور بالاكتئاب خاصة أنهم معنيون بتوفير حاجيات أبنائهم .
يزداد سوءاً
من جانبه يضيف سعيد الريمي قائلا: دفاتر الفصل الأول لم تكتمل فهناك دفاتر مازالت أوراقها جديدة ويمكن للطالب أن يكمل فيها كتابة بقية المنهج .. ولكن المدرسين يرفضون ذلك ويصرون على شراء دفاتر وأغلفة جديدة لا أدري لماذا؟
تتفق معه ربة المنزل آمنة وتضيف: هناك كتب تقسَّم إلى قسمين فلماذا لا يأخذ الطالب مقرره في النصف الأول من العام الدراسي في نصف الدفتر والنصف الثاني منه يستخدمه في الفصل الثاني .. وببساطة يمكن للمعلم القيام بذلك بدلا من شراء دفتر جديد علما أن هناك أوراقاً تكفي لإتمام دراسة النصف الثاني فيه، فهي – كما تقول اشترت في النصف الأول دفتراً لمادة العلوم والاجتماعيات والانجليزي أبو 80 ولم يدرس الطالب سوى نصف الكتاب كما هو مقرر من الوزارة وفي النصف الثاني طلبت المعلمة من طلابها إحضار دفاتراً جديدة أبو80 رغم أن المتبقي منه من الفصل الأول أكثر من الذي استخدمه أثناء الدراسة.
ليس ضروريا
بدوره يرى مدرس مادة القرآن الكريم المعلم عبدالله الحداد والتجويد أن دفتراً واحداً فقط يكفي الفصلين.. وإذا تطلب الأمر بالنسبة للطلاب الذين يستهلكون الدفتر سواء بتمزيقه أو الكتابة على ورقة وترك ورقة أخرى في هذه الحالة يتلف الدفتر ويطلب من الطالب إحضار دفتر أبو 40 للفصل الثاني ..أما إذا كان الدفتر الخاص بالفصل الأول وتوجد فيه مساحة فإننا ندبس الأوراق التي كتب عليها سابقا ونبدأ بكتابة الدروس المتعلقة بالفصل الثاني .
أما بالنسبة للمعلمة ياسمين – مدرسة اجتماعيات فتوضح أن مادتها مقسَّمة إلى ثلاثة كتب الاجتماعيات والتاريخ والجغرافيا حيث يدرس مجموعة منها في الفصل الأول وفيما يصرف للطلاب كتب جديدة لدراستها فنضطر حينها لطلب دفاتر أخرى أبو 40 تقديراً منا لظروف الأسر قدر المستطاع لأن الدفاتر السابقة قد استهلكت .ولكن بعض المدارس لا تراعي ذلك.
نظام الفصلين
فيما يؤكد مدير مدارس إعلام الهدى النموذجية الدكتور مناع شداد أن نظام الفصلين فرض على المعلمين نظاماً معيناً ..فلكل فصل كتب مختلفة عن الفصل السابق ..وبالتالي يجد المعلم نفسه أمام متطلبات لا بد منها ، لذا فقد اتفقنا بالاجتماع مع الكادر التربوي داخل إطار المدرسة قبل بداية الترم الثاني ، وتم توجيههم بمراعاة الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد وكذلك الأسر اليمنية وخاصة فيما يتعلق بالمتطلبات الدراسية وعدم إلزام الطلاب بشراء دفتر طالما ودفتر الترم الثاني فيه مساحه للكتابة، ويضيف: على الرغم من ذلك فنحن في مدرستنا نحاول قدر الإمكان أن نخفف من حدة هذه المتطلبات .
ويقول الدكتور مناع :نحن جميعا أولياء أمور ولدينا أولاد يدرسون وكلنا يعلم بالأوضاع الاقتصادية للبلاد والأسعار المرتفعة للمستلزمات الدراسية ، لذا نحاول إرشاد كل مربية ومعلم داخل الصفوف الدراسية بأن لا يثقلوا على أولياء الأمور بكثرة الطلبات .
شعور بالعجز
ويعتبر أهل علم الاجتماع أن الأزمات المادية الخانقة التي يواجهها مجتمعنا في هذه الفترة تسببت في الكثير من المشكلات أهمها عدم القدرة على توفير كافة متطلبات الأسرة والأبناء خاصة الذين يدرسون في مدراس خاصة والذين لا تقف متطلباتهم عند حد معين فما أن ينتهي الفصل الأول بمتطلباته إلا ويأتي الفصل الثاني بنفس القدر من الطلبات وقد تزيد أحيانا، لذا فإن مصاريف الدراسة الخانقة لرب الأسرة تجعل منه رجلاً في حالة من العصبية والشعور بالضيق والتقصير تجاه أبنائه، كما يصاب الأبناء بالضعف وعدم الرغبة في التعلم وإذا لزم الأمر يتم تعريف أبنائهم بحدود إمكانياتهم المادية فلا بأس.
العجز في تأمين المصاريف يؤثر نفسياً على رب الأسرة فيشعره بالظلم والتقصير، هذا ما طرحه الدكتور النفسي محمد سالم، وأضاف قائلاً :أحيانا يضطر رب الأسرة للعمل الإضافي من أجل توفير متطلبات أولاده الدراسية ولكي لا يشعرون بأنهم أقل من أصدقائهم ويتأثرون نفسياً ومن جانب آخر على الأسر أن تعي بشكل كبير وتام حاجيات أبنائها اليومية دون إفراط أو تفريط ، بحيث تعمل على إيجاد نوع من الموازنة لا تقل ولا تزيد عن الحاجة الفعلية وان الأسباب الحقيقية وراء ذلك تعود إلى غياب التخطيط السليم لميزانية الأسرة وغياب ثقافة التوفير التي تحتاج إلى تعاون وتفاهم من كل أفراد الأسرة.