تخادم صهيوني اماراتي وأطماع قذرة في بحار اليمن وجزرها الاستراتيجية
سقطرى.. جوهرة التراث العالمي ونسيم البحار تحت سطوة اللصوص الإماراتيين وقبضتهم
تدمير المحميات والأماكن السياحية والأثرية وتهجير السكان وبناء القواعد العسكرية.. رغبات صهيونية تنفذها الإمارات
التنقيب عن المعادن والثروات واستبدال شبكة الإنترنت اليمنية بشبكة الإنترنت الإماراتية.. أبرز الممارسات العبثية التي يديرها مؤخراً خبراء أجانب
منذ وضعت الإمارات يدها على جزيرة سقطرى اليمنية عام 2017م تحت غطاء تحالف العدوان الذي تشنه على اليمن تسعى الدولة المحتلة لتغيير التركيبة الديموغرافية للجزيرة، بما فيها عادات السكان وتقاليدهم وطقوسهم الاجتماعية، بهدف طمس هويتها اليمنية، وتحت شعارات وعناوين كثيرة غالبيتها إنسانية تسحب الإمارات جزيرة سقطرى تدريجياً لتحويلها إلى إمارة ثامنة تابعة لها، ويتعاظم العبث الإماراتي ساعة بعد أخرى في الجزيرة ، وانتقل من الجانب السياسي إلى تهديد هوية السكان في هذه الجزيرة، بعد أن بسطت أبوظبي سيطرتها بالكامل عليها، كما أن العدوان على اليمن من قبل دول تحالف العدوان أتى ليعكس تقاطع المصالح الصهيونية مع المصالح التي تسعى لتحقيقها الكيانات الوظيفية في الخليج ، والتي تعمل كأدوات لتنفيذ المشروع الأمريكي في المنطقة ، ومنذ أعلنت الحرب على اليمن في مارس 2015م كان واضحا أن الكيان الصهيوني يشترك في التنفيذ والتخطيط ويشارك فعليا في العدوان العسكري على بلادنا وضمن هذه الأهداف هي جزيرة سقطرى الاستراتيجية .
الثورة / ساري نصر
نزعة استعمارية
وتُظهر محاولات أبوظبي إلباس الجزيرة اليمنية طابعاً إماراتياً نزعة استعمارية بدأت بالعمل بها مبكراً، لكنها مؤخراً سرعت منها دون تفويت الزمن، خصوصاً منذ منتصف عام 2020م، ففي حين يمكن للمواطن الإماراتي أو السائح الأجنبي الوصول إلى الجزيرة الواقعة في البحر العربي وخليج عدن بكل سهولة، يُحرم المواطن اليمني من الدخول إليها، وشددت الإجراءات على السفر إلى سقطرى، ومنعت رحلة من مطار عدن وأخرى من سيئون تحمل يمنيين كان مقرراً أن تتجها إلى جزيرة سقطرى، كما شددت على منع السفن في موانئ عدن والمكلا والغيضة من نقل اليمنيين إلى الجزيرة، وفي مقدمتهم أبناء الجنوب، وبدأت تضع قيوداً عديدة على اليمنيين، في مقابل ذلك يحصل السياح الأجانب فقط على إذن سريع للدخول إلى الجزيرة، ويتم ذلك من خلال تصاريح تصدر باسم حكومة أبوظبي، دون اتخاذ الإجراءات القانونية اليمنية المعمول بها في البلد كالحصول على تأشيرة دخول، والسماح برحلات شبه يومية من أبوظبي ، وعقب سيطرة مليشيا الانتقالي الجنوبي التي تمولها الإمارات، في يونيو الماضي، على الجزيرة، أجبرت الكثير من العمالة اليمنية في الجزيرة من خارجها على مغادرتها وترك أعمالهم فيها.
تغيير الهوية
مؤخراً في أغسطس المنصرم، كشفت وسائل إعلام محلية عن بدء الإمارات ربط شبكتي الاتصالات والإنترنت في الجزيرة بها، واستبدال شبكة الإنترنت اليمنية بشبكة الإنترنت الإماراتية وأكدت أن الفرق التي يشرف عليها المندوب الإماراتي في سقطرى، خلفان المزروعي، تضم عدداً كبيراً من الأجانب، إلى جانب إماراتيين، وتعمل ليل نهار منذ ما يقارب الأسبوع، حيث من المخطط إيقاف شبكتي الإنترنت والاتصالات اليمنيتين ومنعهما بشكل نهائي في سقطرى كما بدأت فرق أخرى بالبحث ورصد أماكن ومناطق جميع الثروات في الجزيرة، مشيرة إلى وصول خبراء أجانب في مجال الحيوانات والطيور، وكذلك التنقيب عن المعادن والثروات الأخرى كما تعمل أبوظبي على تغيير الهوية اليمنية، خصوصاً العادات والتقاليد في الزواج، وأيضاً فيما يتعلّق بلباس النساء التقليدي، فضلاً عن استهداف الأطفال وإدخالهم في دورات تدريبية يتم خلالها تعليمهم تاريخ الإمارات عبر مدربين أجانب.
وفي يونيو الماضي، كشف وسائل إعلامية عن قيام الإمارات عبر مؤسسة خليفة بدعوة المواطنين بسقطرى للحصول على استمارة تحتوي على معلومات شخصية تعرف حسب المتداول في الجزيرة بـ”النيبل”، وأضافت أن الاستمارات التي يتم تعبئتها من قبل الموطنين الهدف من ورائها “تغيير هوية المواطنين في سقطرى، إذ يروج لها الإماراتيون بأنها ستساعدهم للحصول على بطائق إماراتية في المستقبل القريب، وتمنحهم حق الدخول والخروج من الجزيرة بدون عوائق”.
دوافع وأحلام
الهيمنة على البحر الأحمر ومضيق باب المندب هي بالنسبة للصهاينة الحلم القديم وظلت هذه الغاية جزءا أساسيا من الاستراتيجية الصهيونية التي رسمت ملامحها قبل قيام دولة الكيان الإسرائيلي بعقود، وهي تهدف إلى تحقيق عدد من الغايات السياسية والأمنية والاقتصادية ، وقد بدأ تيودورهرتزل ـ مؤسس الحركة الصهيونية ـ بوضع مخططات ” قناة البحرين ” لربط البحر الأحمر بالبحر الميت ثم إلى البحر المتوسط قبل نصف قرن من قيام دولة الكيان الإسرائيلي، وعلى الرغم من أن الهدف الحقيقي للعدوان على اليمن لم يعلن بشكل صريح حتى اللحظة إلا أنه بات واضحاً ومكشوفاً أمام الجميع ولعل الممارسات الفاضحة للنظام الإماراتي في سواحل وجزر اليمن مؤخرا وإنشائه قواعد عسكرية إسرائيلية في جزر وشواطئ اليمن من باب المندب وحتى أرخبيل سقطرى- وهي الممارسات التي تتم بمباركة ودعم سعودي سافر -لخصت الكثير من مضامين هذا الهدف غير المعلن وبحسب محللين سياسيين فإن تتويج أبوظبي لخدماتها للمصالح الصهيونية في أراضي اليمن المحتلة كان من خلال إعلان التطبيع العلني خلال الأسابيع الماضية وذلك لتسهيل وتسريع الخطوات بإنجاز المصالح الصهيونية دون قيود أو مخاوف وهو ما تجلى مؤخرا في وصول خبراء عسكريين صهاينة إلى أرخبيل سقطرى وقبل ذلك وصول وفد صهيوني عسكري إلى محافظات جنوبية محتلة وإلى الساحل الغربي ولقائه أدوات الإمارات في مليشيات ما يسمى المجلس الانتقالي أو مليشيات المرتزق طارق عفاش وهي الكيانات التي باتت تروج للتطبيع وبالوجود الإسرائيلي العلني في أراضي اليمن.
تطبيع وخدمة الصهاينة
ويرى مراقبون أن احتلال الإمارات لجزيرة سقطرى وجهودها لطمس هوية الجزيرة والتركيبة الثقافية والديموغرافية لسكانها قد يكون في الدرجة الأولى رغبة إسرائيلية، مشيرين إلى ترحيب الأوساط الإعلامية والسياسية الإسرائيلية باحتلال الإمارات للجزيرة، حيث قالوا إنها خطوة مهمة لمنع هيمنة إيران في المنطقة، كما قال محلّل الشؤون العربية في القناة الإسرائيلية الثانية عشرة، إيهود يعاري، إن الاستخبارات الإسرائيلية تتابع باهتمام كبير معارك وخطوات احتلال سقطرى اليمنية، لافتاً إلى الأهمية الاستراتيجية للجزيرة بفعل موقعها الجغرافي على خط الملاحة البحرية للبحر الأحمر، كما أكد المحلل الإسرائيلي أيضاً أن سقطرى بالنسبة للإمارات حلقة في سلسلة القواعد العسكرية التي تبنيها أبو ظبي في البحر الأحمر، في اليمن والصومال وإريتريا وباب المندب، ولم يخفِ يعاري أن النشاط الإماراتي في السواحل اليمنية هو في الأساس تنفيذ للرغبة الإسرائيلية لتأمين مسار السفن الموصل إلى إيلات، وكل هذا المخططات يتم تنفيذها بعد أن سخَّرت مملكة بن سلمان ودويلة الإمارات كل إمكانياتهما في العدوان على اليمن من أجل تحقيق المصلحة الإسرائيلية وإذا بالنظامين السعودي والإماراتي وهما من ظلا يعملان لعقود طويلة من أجل مصالح الكيان الإسرائيلي سرا يشكلان من خلال هذا العدوان الغاشم تحالفا علنيا لم يعد يجد أدنى حرج في التحرك جهارا وأمام الأنظار من أجل تحقيق مصلحة الصهاينة وإنجاز حلمهم القديم في تفتيت اليمن وإضعاف قدراته وتعزيز سيطرة الصهاينة على مقدراته والهيمنة على موقعه الاستراتيجي ومنافذه البحرية الحيوية وجعل تلك المميزات تحت السطوة والسيطرة الإسرائيلية.
قواعد عسكرية
وذكرت العديد من المصادر والتقارير الدولية والمحلية ان الإمارات لديها طموحات حقيقية للسيطرة على سقطرى وبناء قواعد عسكرية هناك، حيث أعلن موقع “ساوث فرونت” الأمريكي المتخصص في الأبحاث العسكرية والاستراتيجية في وقت سابق ، أن الإمارات والکيان الإسرائيلي يخططان لبناء قواعد عسكرية وتجسسية في سقطرى، ونقلاً عن مصادر عربية وفرنسية لم يسمها، ذکر الموقع أن الإمارات والکيان الإسرائيلي يعملان على بناء البنية التحتية اللازمة لجمع المعلومات الاستخبارية العسكرية في سقطرى، وبحسب المصدر، سافرت مجموعة من الضباط الإماراتيين والإسرائيليين مؤخرًا إلى سقطرى، وتفحصوا بعض المواقع بهدف إنشاء قواعد عسكرية، كما يظل الهدف الأهم للإمارات في جزيرة سقطرى هو موقعها الاستراتيجي والذي يتلاءم تماماً مع تصور الإمارات لنفسها كإمبراطورية بحرية، تسيطر على خطوط إمدادات الطاقة عبر البحر الأحمر ومضيق باب المندب، والسيطرة على ميناء عدن الاستراتيجي، فمن يهيمن على سقطرى لاسيما ببناء قاعدة عسكرية برية وبحرية بالجزيرة يمكنه أن يسيطر على الملاحة قرب مجموعة أهم المضائق المائية في العالم، فهي ليست بعيدة عن مضيق هرمز وقريبة لمضيق باب المندب ومنه إلى قناة السويس.
نهب الثروات
ويُعد الاستيلاء على أراضي الجزيرة هدفاً واضحاً للإمارات منذ بداية العدوان عل اليمن حيث كشف مصادر محلية عن مساع إماراتية للتنقيب عن الغاز والبترول في جزيرة أرخبيل سقطرى جنوب شرق اليمن، وقالت المصادر إن الإمارات شرعت بالتخطيط للتنقيب عن البترول والغاز في الجرف القاري غرب سقطرى، وأضافت المصادر أن مساعي الإمارات جاءت في ظل تواطؤ من “حكومة هادي” والمملكة العربية السعودية تجاه تلك التجاوزات في الأرخبيل، وفي مارس من العام الماضي أقدمت الصومال بإيعاز من الإمارات على إنزال خرائط للقطاعات الترويجية البحرية، واستحدثت قطاعات بترولية جديدة في الجرف القاري لأرخبيل سقطرى.
تدمير ممنهج
ومن الممارسات الممنهجة والخبيثة للاستيلاء على سقطرى وصل الأمر بالإماراتيين إلى هدم أحد المناطق الأثرية المطلة على البحر لبناء قصور شخصية، الأمر الذي استنكره ناشطون عاملون في مجال التراث والبيئة بالجزيرة، ورغم قرار السلطات المحلية بسقطرى منع التصرف أو توثيق أراضي السواحل وتشكيل لجنة لحصر المخالفات، فإن السلطة المحلية تبدو أضعف من أن توقف الاعتداءات الإماراتية على أراضي الجزيرة فالسيطرة على الأراضي، كانت الوجه الأبرز للنفوذ الإماراتي في الجزيرة، حيث أشارت مصادر محلية في الجزيرة إلى أن مندوب “مؤسسة خليف” المدعو خلفان مبارك المزروعي، المكنى “أبو مبارك”، الذي كان يوصف الرجل الأول للإمارات في الجزيرة، اشترى أراض بمساحات شاسعة في السواحل بالقرب من الميناء وأخرى في منطقة نوجد، جنوب الجزيرة، إضافة إلى الاستيلاء على مساحات في محمية دكسم، المحمية من البناء عليها بموجب القانون اليمني وثمة من يرى أن تركيز الإمارات على شراء الأراضي في حجهر عائد إلى الطبيعة الساحرة للمنطقة؛ فهناك “منطقة ضبابية خضراء ممطرة مائية على مدار العام مطلة على شمال وجنوب سقطرى، وهي عبارة عن سلسلة جبلية وتعتبر إحدى أجمل المواقع الطبيعية والمزارات السياحية في الجزيرة”، وفقاً لمصدر سياحي في الجزيرة.