انقلاب غريفيث على اتفاق السويد
صبري الدرواني
على مدى ستة أعوام من العدوان تعرَّضَ الشعب اليمني إلى جانب القتل والدمار واستخدام الأسلحة الأمريكية المحرّمة لحصار خانق جواً وبراً وبحراً، استشهد نتيجة الحصار الظالم العديد من أبناء الشعب اليمني وأطفاله ونسائه جوعاً وبالأمراض المستعصية التي لم يستطع المصابون بها السفر إلى الخارج، غير أن العام الماضي 2020 شهد وصول هذا الحصار إلى ذروته.
وللمفارقة أن الأممَ المتحدة التي يُفترض بها أن تكون الوسيطَ لحل الأزمة في اليمن، كانت شريكاً رئيسياً هذه المرة في تشديد الحصار عبر مبعوثها مارتن غريفيث الذي وللمفارقة الأخرى انقلب على اتفاق السويد الذي رعاه بنفسه.
فيما يتعلق بالمشتقاتِ النفطية والمواد الغذائية نص اتفاقُ السويد على عدم اعتراض السفن المحملة بالمشتقات النفطية والمواد الغذائية والدوائية والمساعدات والسماح لها بالوصول إلى ميناء الحديدة، ونقل آلية التفتيش الأممية من جيبوتي إلى ميناء الحديدة.
وهنا جاء الدورُ الرئيسي للأمم المتحدة في تشديد الحصار عندما انبرى مبعوثُها غريفيث أوائل العام الماضي في إحاطاته لمجلس الأمن، إذ قدم مقترحاً للطرفين للاتفاق على آلية جديدة لاستيراد المشتقات النفطية إلى ميناء الحديدة، وكرر ذلك في مقابلته لموقع أخبار الأمم المتحدة.
ولم يكن غريباً أنه منذ حديث المبعوث الأممي عن مقترحه الجديد بدأ تحالف العدوان باحتجاز سفن المشتقات النفطية لمدد طويلة وغير مسبوقة وصلت إلى سبعة أو ثمانية أشهر، بعد أن كان الاحتجاز يمتد بين أسابيع إلى شهرين، حيث استفاد تحالف العدوان هذه المرة من حديث غريفيث عن المقترح الجديد واتخذ منه غطاءً لشرعنة الحصار وتشديده، فيما كان الأحرى بالمبعوث أن يدعو إلى الالتزام باتفاق السويد الذي تم توقيعه قبل أكثر من عامين برعاية الأمم المتحدة الذي يمثلها.
لقد تمادى المبعوثُ الأممي في انحيازه واشتراكه مع تحالف العدوان وبات يغرّد خارج مهمته، بل وانشغل بمهمة خاصة بدول العدوان، وهو ما يتضح جلياً في اهتمامه الكبير بما يسمى اتفاق الرياض الذي صنعه النظامُ السعودي بين مرتزقته وأدواته، ومن المعلوم أن هذا الاتفاق ليس من مهام الأمم المتحدة، متناسياً أكبر معاناة إنسانية في العالم يتعرض لها أبناءُ الشعب اليمني جراء العدوان الأمريكي السعودي والحصار الخانق المفروض عليه.
لقد لخّص رئيس الوفد الوطني محمد عبدالسلام تحرك المبعوث الأممي وزياراته بأنها فارغة المحتوى، والهدف الرئيسي منها هو التغطية على استمرار العدوان والحصار، وتجاهل المعاناة الإنسانية الكبرى التي يعاني منها كل أبناء الشعب اليمني المسلم جراء الحصار وإغلاق الموانئ والمطارات، بينما في المقابل يحرص ويسعى النظامُ السعودي والإماراتي لفتحِ الأجواء والتطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب.