محمد القعود
– 1 –
تطلُّ من انغماسك العميق في الوله، ومن تخومك المثقلة بالحنين، وترشق نفسك / ذاتك بسؤالٍ شهق فجأة كبرقٍ مخاتلٍ ومباغتٍ:- ماذا تعمل الآن/ اللحظة، هناك حيث أنت, وهنا حيث من هو أنت, وأنت هو..؟!
– 2 –
تأتنس بك، وبجرأتك عليك، وتقحمّك فيك، في لحظةٍ جسورة، وفارقة ومغايرة للسائد في مدارك ومسارك الحياتي.
– 3 –
تنقفُ جدران التاريخ، بحثاً عن وقائع ومراحل لم يمسسها سخام النسيان، ولم يطأها غبار التهميش.. وتستقرئ خوابيها، وروائح أسرارها المعتقة.
– 4 -تقشّر برتقالة الوقت برغبةٍ محمومةٍ وعارمةٍ، وتفرط رمانة الأيام، بدربةٍ صقلتها لهفة الوصول إلى عذوبة المبتغي.
– 5 –
تقلّبُ أوراق الريح وتفرُّ أسرارها النائمة، وتستبطن مكنون أناشيد فصولها ومواسم عناقها، وظلال خطوطها وسطورها، وتحدق في المتواري خلف وبين فراغاتها المتشاعبة والمتناسلة.
– 6 –
يقشّرُ برتقالة الوقت بأصابعٍ خبيرةٍ في انتقاء طرقاتها، ومساراتها، ومخاتلة النتوءات والزوايا، وتقطيع الضياع والمتاهات وترتيبها كلوحةٍ سريالية في طبق عشاءٍ يتشهاه الفراغ.
– 7 –
تطرقُ نافذة في الحلم، بإيقاعٍ تتقاطر منه اللهفة وتنساب عبره لغة الندى وبوح القلب، ورحيق المشتهى.
– 8 –
تحكُّ جلد الأمس, لعلهُ يتذكرُ وعودهُ لك وتشعبّه في طلاوة أمانيه لميلاد غدك, وتسويغه لتبخّر عطايا يومك ورتقه لفتُوق فاقتك المتعددة الشتات والصدوع ورقعه لخروقك الواهنة والواهية وجبرهُ لكسور خاطرك الدائمة الهطول والحضور والآهة.
– 9 –
تدلُّ الهواء الثقيل, على مصطبةٍ عالية, ودكّةٍ حجرية مترهّلةٍ, كي يُلقي بحمله عليها, ويستريح من بعض عنانه المنفلت وزيغه المزمن وتماديه في تسكع سيرته وتوغلها في غيِّ متاهاته الشرهة الشرود, والمسرفة في السهوم والوجوم.
– 10 –
تتشاجرُ مع المجهول, كلما أطلّ بفجاجةٍ من كوّة نفوذه, وكننه الحصينة, ومارس عاداته اليومية المزمنة باعتراض طريق الضوء, وخدش حياء المعاني المحتشمة, وهتك عرض الآهات المصونة والمستترة.تمسكُ بياقة قميصه, وتلقنه دروساً قاسية في التهذيب الراقي والتعامل الخالي من الكبر والغطرسة, وغمط حق الآخرين في التطلع إلى الأجمل والأبهى.
– 11 –
تتعارك مع البؤس الشرس.. وتلْحق به خدوشاً وكدمات وانكسارات نفسيّة وجسدية عميقة الأثر, تجعله يضمر لك النوايا الملغمة بالتعاسة والمسارات القائمة والمائلة إلى الكابة.تجرجره في شوارع المدينة المكتظة بأشباهه الكُثر, تلقي بجسده المرتجف أمام مقهى الحياة, ليكون عبرة لنفسه, ولمن يغتر بجبروته ويتطاول على ظلال السابلة, ويتحرّش بالأماني الجائلة, وطلائع البهجة والورد وألفة البسطاء ودفْء البيوت العتيقة ومواويل الشجن الحارسة الأمينة لبوح الوجدان والجدران.
– 12 –
تراوغُ الصمت, وتسرّب من بين ملامحه موسيقاك النديّة, وهتافات روحك المعلنة رفضها لكل خنوعٍ وظلم “ وجدبٍ “.
– 13 –
تراوغُ الصمت وتجعله يتوّهم بهيلمانه الرخو, وبطش مخالبه الشمعية.. ورويداً, رويداً تدجّنهُ, وتحوّله إلى منشدٍ جائلٍ في الأماكن العامة, يهجو الظلام والطغيان, ويمجّد الإنسان, ويحرض على معانقة الحياة والمحبة.