القادم وتراً

احمد يحيى عباس عامر

الشهيد حسن محمد زيد الشخصية الاستثنائية والمتنوعة حد الثراء فهو العالم والفقيه والمثقف الموسوعي والإداري المقتدر والسياسي اللامع والمفاوض الأنيق صانع التوازن ومهندس التوافقات المعقدة المجاهد الثائر قبل الثورة والإنسان قبل هذا وذاك.
ملأ فضاءات الأحداث الوطنية وجوداً وتأثيراً ابتداء من تسنمه مسؤولية الأمانة العامة لحزب الحق المهلهل والمهتري والداخل حينها في حالة سبات سريري قسري بفعل حرب الاجتثاث التي شنتها السلطة على هذا المكون السياسي الذي كان مجرد الانتماء له جريمة لا غفران لها.
لم تكن حظوظ فقيدنا وفرصه متكافئة مع غيره من السياسيين ولم يتكئ على حاضن قبلي أو فئوي أو مذهبي..
كان فقيدنا وسط هذه المفارقات غريباً .. كان بحق القادم وترا في زمن العصبويات المقيتة كان ظاهرة عصامية أشكل فهمها واستيعاب إمكانياتها وقدراتها المتنامية على الصديق والعدو ظاهرة تستحق البحث والدراسة للوقوف على مدى تأثيره البالغ في صناعة مجمل الأحداث والاستحقاقات الوطنية ابتداء من حرب توحيد المناهج والتعليم مرورا بحرب صيف 94 وحروب صعدة الستة والمخاضات التي عاشها شعبنا من الثورات وما سبقها وصاحبها من الإرهاصات وانتهاء بمقاومة العدوان والشراكة في بناء الدولة .
كان يتمتع بكاريزما عظيمة وحضور طاغٍ ترتب عليه تحمله جملة من التبعات كان أهمها توافق أغلب حلفائه وخصومه على ظلمه وإقصائه وتغييبه بدافع الحسد والغيرة ليس إلا والمدهش أن هؤلاء الفرقاء لم يستطيعوا أن يتصوروا المشهد السياسي بدون حسن زيد مهندس التوافقات المعقدة الذي شغلهم حيا وتجاوزهم شهيدا بعد أن خلط الأوراق كعادته لكن هذه المرة دون أن يعيد ترتيبها رحل عنا تاركا فراغا لا نظنه يملأ عن قريب .
رحم الله شهيد المستضعفين الكبير وعظَّم الله أجر الوطن في مصابه الجلل.. ولا نامت أعين الجبناء.

قد يعجبك ايضا