الضغط الأمريكي والردع الإيراني
زين العابدين عثمان *
في ظل استعراض القوة والقدرات الهجومية الذي تمارسه أمريكا في بحار الشرق الأوسط وتحديدا في الخليج، ومع تصاعد حالة التموضع والتحركات العدوانية الأمريكية ضد ايران ونية فرض المزيد من العقوبات تحت مسمى “آلية الزناد ” التي هدد بها وزير الخارجية مايك بومبيو، قامت إدارة ترامب مجددا بإرسال قوة بحرية جديدة إلى الخليج، حيث أرسلت أسطولا جديدا مكونا من حاملات الطائرات العملاقة” نيميتز” و عدد من البارجات والفرقاطات والقطع البحرية الهجومية لتنضم إلى الأسطول الخامس و القوات المتمركزة التي حشدتها في الفترة الأخيرة .
هذا الاستعراض وهذه الخطوة التي نفذتها ادارة ترامب لا يمكن أن تكون سوى تصعيد جديد ومحاولة لتدعيم استراتيجية الضغط والإرهاب المعنوي والإعلامي على ايران وشعبها وقيادتها ،فترامب يحاول حاليا أن يطبق حزمة من العقوبات الإضافية على ايران تحت بند ما اسلفنا “آلية الزناد” التي أعلنها وزير الخارجية بومبيو والتي تتضمن تطبيق عقوبات قاسية مع تركيز حضور القدرات الأمريكية (حاملات الطائرات) في الخليج لرفع مستوى الإرهاب المعنوي والنفسي والاقتصادي على القيادة الإيرانية .
لا نستطيع القول إن ما يحدث هو تموضع لحرب مفتوحة بل إن هذه الخطوة المتسرعة والهمجية من ترامب وإدارته هي بالفعل خطأ استراتيجي يضاف إلى قائمة الأخطاء التي ارتكبها ضد ايران والتي ترتد عكسيا على أمريكا، فالعقوبات التي فرضها والتي أسماها بالقصوى لم يكن لها تأثير على الواقع الإيراني فالحصار والحظر الاقتصادي والتسليحي لم يؤثر على ايران وشعبها بل دفعها إلى أن ترفع من مستوى قدراتها الدفاعية إلى واقع جديد ومتقدم جداً وأن تواجه الحظر بإنتاج قدرات هجومية وصاروخية لم تكن في الحسبان الأمريكي، فالقدرة الإيرانية تستطيع أن تواجه بفضل الله تعالى أي سيناريو عسكري أمريكي على مستوى الجو أو البحر والبر فمثلا الأساطيل وحاملات الطائرات التي أرسلتها أمريكا إلى مياه الخليج لن تكون لها فاعلية بالمستوى التي تتوقعه أمريكا سواء في الحرب العسكرية أو المعنوية فإيران قادرة بعون الله تعالى على تدميرها وإغراقها وقد ثبت ذلك عمليا بمناورات حية وبأسلحة نوعية كشف عنها الحرس الثوري الإيراني مطلع هذا العام .
بالنسبة لما تمتلكه ايران اليوم من قوة وإمكانات دفاعية وهجومية وخصوصا في مجال المواجهة البحرية لم تعد بالمستوى الذي كانت عليه في السابق فقد أدخلت إيران أسلحة هجوم استراتيجبة جديدة ومتطورة في مقدمتها الصواريخ الباليستية البحرية التي تعتبر اليد الضاربة التي ستدمر بها أي قطعة بحرية معادية سواء كانت بارجة أو مدمرة أو حتى حاملة طائرات ،فقد انتجت وحدة الصناعات الدفاعية الإيرانية عدة نماذج من الصواريخ البحرية المختلفة من ضمنها صواريخ “ذوالفقار” و”فاتح مبين” و”عماد” وصاروخ “قاسم سليماني” الذي انتج مؤخرا والذي يعتبر من أحدث نماذج الصواريخ الباليستية الدقيقة والسريعة التي يمكنها أن تكون صواريخ مضادة للسفن والقطع البحرية الصغيرة والعملاقة.
كذلك إيران تمتلك صواريخ بحرية طراز كروز المصممة خصيصا لتدمير السفن وحاملات الطائرات وأيّ قطعة بحرية كأمثال نصير، وخليج فارس، وكوثر، وسومار، وهويزه، وأبو مهدي المهندس، الجيل الجديد الذي ينتمي إلى عائلة الصواريخ الذكية وصواريخ الدقة العالية المنافسة لأحدث الصواريخ في العالم (كصواريخ كاليبر الروسية والتوماهوك الأمريكي) إذ تستيطع هذه الصواريخ أن تدمر سفناً وقطعاً بحرية ضخمة بزنة 3 إلى 10 آلاف طن كما أنها قادرة على تحقيق تدمير مباشر وكامل بحاملات الطائرات نظراً لدقتها العالية في ضرب المكامن الحيوية بالحاملة وأيضا لحجم رأسها الحربي الذي يزن نحو 600 كيلوجرام من المواد شديد الانفجار فيكفي 10 صواريخ (6 أطنان من المواد المتفجرة ) لتلهب حاملة الطائرات وتغرقها.
وللعلم فقط أن لدى إيران حاليا صواريخ دقيقة جداً بمدى بعيد يصل إلى 2000 كيلو متر فضلا عن الطائرات المسيرة التي تستطيع بلوغ مسافات أوسع ، و حاملات الطائرات الأمريكية وأساطيلها هي لا تبعد أكثر من 400 إلى 500 كيلو متر لذلك هي عملياً تحت شعاع الصواريخ والطائرات المسيرة التي ستكون ذراعاً ضاربة فاعلة.
في الأخير لا يسعنا القول سوى أن خطوات الإدارة الأمريكية بقيادة ترامب للتصعيد ضد إيران وفرض المزيد من العقوبات وإرسال المزيد من حاملات الطائرات إلى الخليج ليست اكثر من خطوات غبية ستفتح الكثير من المتاعب على أمريكا وتدحرجها إلى حافة الهاوية ،فإيران جاهزة عمليا لخوض أي مسار عسكري سواء إذا تعرضت لهجوم أو ضربة استباقية أو لاستفزاز ،فإمكاناتها الدفاعية والتسليحية خصوصا على مستوى البحر قادرة بعون الله تعالى أن تحول الخليج إلى مقبرة جماعية للأساطيل وحاملات الطائرات الأمريكية وإغراقها.
* باحث عسكري