الأسرى.. ما بين خبث العدوان ورحمة الأنصار
منير إسماعيل الشامي
انتهت الجولة الأولى من عملية التفاوض التي تمت في سويسرا بين وفدنا الوطني ووفد مرتزقة العدوان والتي انتهت بعد قرابة العامين من اتفاق ستوكهولم نهاية ديسمبر 2018م، وتم الإعلان عن النتائج التي توصل إليها الطرفان بخصوص هذا الملف الإنساني وما أسفرت عنه عملية التفاوض خلال تلك الجولة ، وهو ما كشف عنه مؤخراً الأستاذ عبد القادر المرتضى رئيس اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى، مشيراً إلى أنه تم الاتفاق على تنفيذ الشق الأول من اتفاق عمان والذي يشمل إطلاق 1081 أسيراً من الطرفين منهم (681) من أبطالنا الأسرى وحوالي 400 أسيرا من أسرى العدوان ومرتزقته من بينهم 15 أسيراً سعودياً و4 أسرى سودانيين ، على أن تستأنف الجولة الثانية من المفاوضات بشأن بقية الأسرى بعد تنفيذ عملية التبادل اﻷولى المتفق عليها في هذه الجولة .
عملية التبادل هذه إن تمت فعلا وهو ما نتمناه ستكون هي العملية الأولى منذ بداية العدوان قبل قرابة ستة أعوام ويرجع ذلك إلى تعمد العدوان ومرتزقته التهرب عن تنفيذ كل ما تم الاتفاق عليه سابقا، كونهم لا يعيرون أسراهم أي اهتمام ولا يحملون أي ذرة إنسانية أو أخلاقية وليس لأسراهم أي قيمة عند قوى تحالف العدوان.
وعلى الخلاف من ذلك فقيادتنا ممثلة بقائد الثورة- يحفظه الله ويرعاه – لم تتوقف لحظة واحدة عن المطالبة بحل ملف الأسرى وبذل جهود مضنية منذ الشهور الأولى للعدوان وناشد المجتمع الدولي وكل الأطراف بالتدخل الإيجابي وطرح الكثير من المبادرات أمام الطرف الآخر وقدم العديد من العروض المغرية لعله يتجاوب لذلك باعتبار أن ملف الأسرى ملف إنساني وأخلاقي بحت ينبغي أن يتم التعامل معه وفقا لمبادئ وتعاليم ديننا الحنيف، وطبقا لما نصت عليه المعاهدات والمواثيق الدولية بشأن الأسرى وما تضمنته الاتفاقات والقوانين الأممية بهذا الخصوص،
إلا أن الطرف الآخر لم يتجاوب في ذلك وظل متهربا من تناول هذا الملف بجدية ابتداء من المفاوضات التي تمت في الكويت ثم في مسقط إلى استوكهولم وآخرها في الأردن في فبراير الماضي .
لقد ظل ملف الأسرى خلال سنوات العدوان وما يزال هو البند اﻷول في أولويات وفدنا الوطني في كل صولاته وجولاته ولم ييأس رغم أن تحالف العدوان عرقل تنفيذ أي عملية تبادل لكل الاتفاقات السابقة.
ومع ذلك استمر ضغط قائد الثورة على المبعوث الدولي خلال لقاءاته المتكررة به لتحريك هذا الملف وطالب بضرورة قيام الأمم المتحدة بدورها الإنساني في إنجاز هذا الملف وأن تثبت مصداقيتها من خلال الضغط على الطرف اﻵخر وإلزامه بتنفيذ الاتفاقات السابقة حول هذا الملف ، وأثبت لهم جديته وحرصه من خلال توجيهاته بإطلاق المئات من أسراهم لوجه الله بلا شرط ولا مقابل.
اهتمام قائد الثورة بهذا الملف الإنساني وحرصه الشديد على إطلاق أسرى الطرفين يأتي كترجمة لمبادئ ديننا الحنيف وكذلك لاعتبارات إنسانية وأخلاقية وسعيا منه لتخفيف معاناة أسرانا وتخليصهم مما يلاقوه من سوء معاملة ومن تعذيب في معتقلات العدوان ومرتزقته ، ومراعاة لأسر الأسرى وذويهم .
في المقابل لم يقتصر موقف تحالف العدوان على عرقلة الاتفاقات السابقة والتخلي عن أسراه فحسب بل إنه قام باستهدافهم وقصفهم بطيرانه مرات عديدة في أماكن تواجدهم بعد أن تم إبلاغه بها رسميا عن طريق منظمة الصليب الأحمر الدولي، فقصف تلك الأماكن بعد معرفته بها على الفور وهدفه من ذلك التخلص من أسراه ما يؤكد أنه يسعى إلى تخليصهم من الحياة لا تخليصهم من الأسر.
وهذا ما يفسر عدم اهتمامهم بأسراهم وجهلهم بأسمائهم وبالجبهات التي اسروا فيها وعدم امتلاكهم أي بيانات أو معلومات حقيقية عنهم، ما يعني أن تهرب تحالف العدوان ومرتزقته وعرقلتهم المتعمدة لهذا الملف يرجع إلى نظرتهم الإجرامية الضيقة لملف اﻷسرى من زاوية الأسباب التالية :-
1 – عدم ثقة العدوان ومرتزقته بأسراهم بعد وقوعهم في الأسر ليقينهم أنهم سيخرجون من الأسر وقد عرفوا حقيقة طغيانهم ودجلهم وزيف كل ما غرروا عليهم وعبوهم به من إشاعات كاذبة وروايات تضليلية اتضحت لهم من خلال المعاملة اﻹنسانية الراقية التي حظيوا بها من قبل الجيش واللجان الشعبية من لحظة وقوعهم باﻷسر وحتى لحظتهم المعاشة، ورأوا عكس ما كانوا يتوقعوها تماما وخلاف ما قامت قوى العدوان بتعبيتهم
2 – يقين تحالف العدوان ومرتزقته من أن أسرانا الأبطال إن تحرروا فسيعودون اليوم الثاني من تحريرهم إلى الجبهات لمواجهتهم ما يعني أن بقاءهم في معتقلاتهم واستمرارهم في تعذيبهم وانتهاك حقوقهم افضل من إطلاقهم لأنهم خاسرون من الجانبين.
نسأل الله تبارك وتعالى أن يكتب النجاح لهذه الجولة وأن تتم عملية التبادل وفق ما هو مرسوم لها وأن نرى الفرج لجميع الأسرى وفق مبدأ الكل مقابل الكل إنه ولي التوفيق والسداد.