رئيس وحدة التخطيط في المكتب التنفيذي لإدارة الرؤية الوطنية حمدي الشرجبي لـ” الثورة “: الرؤية الوطنية شملت أهدافاً استراتيجية ومبادرات تهدف إلى تحقيق استقرار اقتصادي مستدام
أكد حمدي الشرجبي -رئيس وحدة التخطيط في المكتب التنفيذي لإدارة الرؤية الوطنية – أن الرؤية شملت في الجانب الاقتصادي مجموعةً من الأهداف الاستراتيجية والمبادرات الهادفة إلى تحقيق استقرار اقتصادي مستدام عن طريق تطوير آليات فعّالة لإدارة سياسات اقتصادية تدعم تحقيق نمو اقتصادي، والتحول نحو الاقتصاد المتنوع ، وخلق شراكة حقيقية مع القطاع الخاص، وجذب الاستثمار في مجالات تمثل أولويات ملحة تحتاجها البلد، ورفع نسبة الاكتفاء الذاتي من خلال رفع زيادة الإنتاج في القطاع الزراعي.
وقال الشرجبي: إن غاية الرؤية الوطنية هي بناء دولة يمنية حديثة وديمقراطية مستقرة وموحدة ذات مؤسسات قوية تقوم على تحقيق العدالة والتنمية والعيش الكريم للمواطنين ، وتكون قادرةً على حماية الوطن واستقلاله، وتنشد السلام والتعاون المتكافئ مع دول العالم.
مشيرا إلى أن الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة ستمر بثلاث مراحل متتالية لتنفيذها ، وتشمل المرحلة الأولى المتمثلة بالصمود والإنعاش الاقتصادي 2019/2020م، والتي يتم تنفيذها حاليا، والمرحلة الثانية المتمثلة بالبنية المؤسسية وإعادة وتعزيز مقومات الاستقرار 2025/2021م، حيث بدأ الإعداد لها وتدشين العمل بتحليل الوضع الراهن ، أما المرحلة الثالثة فهي مرحلة النهوض والتميز 2026/ 2030م .. المزيد من التفاصيل في سياق الحوار التالي:-الثورة / أحمد المالكي
هل لكم أن توضحوا للقارئ الكريم كيف ارتبطت الخطة المرحلية الأولى بالقطاعات الاقتصادية وخطط التنمية؟
– بداية نرحب بكم وبصحيفة “الثورة ” ونشكركم على جهودكم في متابعة القضايا ذات الصلة بالرؤية الوطنية باعتبار الإعلام الهادف وسيلة هامة لمتابعة تنفيذ الخطط والتأكد من مدى تحقيقها للنتائج ويسهم بشكل كبير في رفع مستوى الوعي لدى المجتمع ومؤسسات الدولة والقطاع الخاص وكافة المهتمين بقضايا التخطيط والتنمية من مراكز أبحاث ومفكرين وجامعات ومنظمات مجتمع مدني وغيرهم. وغاية الرؤية الوطنية بناء دولة يمنية حديثة وديمقراطية مستقرة وموحدة ذات مؤسسات قوية تقوم على تحقيق العدلة والتنمية والعيش الكريم للمواطنين وتحمي الوطن واستقلاله وتنشد السلام والتعاون المتكافئ مع دول العالم، وسيتم تنفيذها عبر ثلاث مراحل المرحلة الأولى مرحلة الصمود والإنعاش الاقتصادي 2019 – 2020م والذي يتم تنفيذها حاليا, والمرحلة الثانية البنية المؤسسية وإعادة البناء وتعزيز مقومات الاستقرار 2021-2025م والتي بدأ الإعداد لها وتدشين العمل في تحليل الوضع الراهن, والمرحلة الثالثة النهوض والتميز 2026-2030م.
وإجابة على سؤالك من المؤكد أن القضايا الاقتصادية نالت اهتماما كبيرا في الرؤية كون الاقتصاد هو عصب التنمية وأساس التنمية الشاملة والمستدامة في كافة القطاعات الأخرى, وشملت الرؤية في الجانب الاقتصادي مجموعة من الأهداف الإستراتيجية و المبادرات الهادفة إلى تحقيق استقرار اقتصادي مستدام, وتطوير آليات فعالة لإدارة سياسات اقتصادية تدعم تحقيق نمو اقتصادي والتحول نحو اقتصاد متنوع، وخلق شراكة حقيقية مع القطاع الخاص وجذب وتنشيط الاستثمارات في مجالات تمثل أولويات ملحة تحتاجها البلد. وأيضا العمل على تحقيق استدامة المالية العامة وتطوير حزمة من السياسات الموجهة نحو الاقتصاد الاجتماعي، وتعزيز دور قطاع الصناعة وزيادة الإنتاج في القطاع الزراعي باتجاه رفع نسبة الاكتفاء الذاتي والاستفادة من الموارد في كافة القطاعات الأخرى.. ومن المؤكد أن هذه غايات وأهداف طموحة شملتها الرؤية وتحتاج إلى أكثر من خطة مرحلية وموارد مالية حتى يمكن تحقيقها, وركزت الخطة المرحلية الأولى على مبادرات من أجل تعزيز الصمود والتماسك المجتمعي وتعمل على الإنعاش الاقتصادي والتركيز على الأنشطة التي تمثل قاعدة وأساس مهم للانطلاق لتحقيق المراحل التالية من الرؤية الوطنية.. ولأن فترة الخطة المرحلية الأولى قصيرة فإن تقييمها ومعرفة أثرها لن يكون دقيقا إلا بعد الانتهاء منها في نهاية 2020م, والمؤشرات الأولية تشير إلى تحقق إنجازات جيدة خلال النصف الأول من عام 2020م برغم التحديات الكبيرة التي واجهت تنفيذها, ولكنها عملت بالفعل على كسر الجمود لدى المؤسسات وإعادة حركة العمل والإنتاج بشكل ملحوظ.
كيف تقيِّمون الأداء الاقتصادي في ضوء المتابعة والتقييم لما تم تنفيذها في الخطة المرحلية الأولى؟
– لا بد أن ندرك جميعا أن الوضع الاقتصادي بعد أكثر من خمس سنوات من العدوان والحصار على اليمن أدى إلى تراجع كبير في النمو الاقتصادي, وفقد الناتج المحلي الإجمالي لليمن حوالي 47 % من قيمته, وتراجعت كل المؤشرات في كافة القطاعات الإنتاجية وارتفعت معدلات البطالة والفقر, والعودة إلى الوضع الطبيعي للاقتصاد يحتاج إلى وقت والى استثمارات ضخمة, وخلال الخطة المرحلية الأولى يلاحظ تحسن بعض الأنشطة الاقتصادية بشكل محدود ولكنها لم تعود إلى وضعها قبل العدوان, وبلغت نسبة الإنجاز المحققة لأنشطة المحور الاقتصادي في النصف الأول من عام 2020م حوالي تقريبا ( ٪26 ) وذلك من خلال تنفيذ عدد ( 27 ) نشاطًا بشكل كلي وعدد144 نشاطًا لا تزال قيد التنفيذ وعدد ( 129 ) نشاطًا لم تنفذ بعد، ويعد هذا المحور من أكبر المحاور من حيث عدد الأنشطة المخططة في الخطة المرحلية الأولى والتي بلغت حوالي 300 نشاط من إجمالي أنشطة الخطة المرحلية الأولى.
فيما يتعلق بالقطاع الزراعي هناك توجه عام للنهوض بهذا القطاع الاستراتيجي, هل المبادرات والأنشطة التي وردت في الخطة المرحلية الأولى كانت كافية لترجمة هذا التوجه؟
– يعتبر القطاع الزراعي من أهم القطاعات الإنتاجية التي يعوَّل عليها في تحقيق نمو اقتصادي مستدام كونه يعتبر من إبرز القطاعات التي يعمل بها الكثير من السكان وتتميز بلادنا بمناخ متنوع يساعد على رفع الإنتاج المحلي من المحاصيل الزراعية وخصوصا في زراعة الحبوب أو الخضروات والفواكه والمحاصيل الزراعية الأخرى التي يمكن ان يتم إنتاجها محليا ورفع نسبة الاكتفاء الذاتي والحد من الاستيراد الذي يكلف الدولة مئات الملايين من الدولارات التي تؤثر على ميزان المدفوعات للبلد , ومن المؤكد أن الخطة المرحلية الأولى لم تشمل كل المبادرات المطلوب تنفيذها والتي تحتاج إلى أكثر من خطة مرحلية وهو ما سيتم التركيز عليه عند إعداد الخطة المرحلية الثانية التي ستشمل مجموعة من المبادرات الهادفة إلى تطوير الإنتاج الزراعي والسمكي وإشراك القطاع الخاص في تنفيذ مجموعة من المشاريع ودعم المبادرات المجتمعية وتشجيع المزارعين على الإنتاج وتوجيه القطاع الخاص على شراء المنتجات الزراعية المحلية لتغطية احتياجات السوق وتخفيض فاتورة الاستيراد تدريجيا خلال سنوات الخطة حتى الوصول إلى الاكتفاء الذاتي وتقليل فجوة الغذاء التي مازالت بلادنا تعتمد على الاستيراد بدرجة كبيرة من الخارج لمنتجات يمكن إنتاجها محليا.
ماذا عن قطاع الصناعات المحلية وتشجيع المنتج المحلي بالذات في الجانب الدوائي؟
– القطاع الصناعي الوطني تأثر مثله مثل بقية القطاعات الأخرى وربما من أكثر القطاعات تضررا, فهناك مشاريع صناعية إنتاجية هامة سيتم التركيز عليها في الخطة المرحلية الثانية من الرؤية , التي تسهم في رفع النمو الاقتصادي والحد من البطالة وتخفيض مستويات الفقر, وبالطبع الإنتاج في مجال الدواء مهم جدا أولا للمساهمة في توفير منتجات وطنية منافسة للأصناف المستوردة وتوفير احتياجات السوق المحلي, وأيضا يمكن تصدير الأدوية لبعض دول القرن الأفريقي التي تعتبر أسواقاً واعدة وتحتاج الى تطوير المواصفات والمقاييس وعمل الدراسات اللازمة لمعرفة الجدوى الاقتصادية.. والصناعات الوطنية بحاجة إلى الدعم والتشجيع والسياسات التي تمكنه من مواجهة المنتجات الخارجية من خلال تحسين بيئة الاستثمار وتوجيه المستوردين والمستهلكين لشراء المنتج الوطني, وهو ما سيتم التركيز عليه عند إعداد الخطة المرحلية الثانية.
هناك من يرى أن خطة الرؤية أغفلت الدور الكبير المأمول من القطاع الخاص؟ كيف تعلقون؟
– مازلنا في بداية المشوار لتنفيذ الرؤية الوطنية والتي ستستمر حتى عام 2030م ولا تستطيع الخطة خلال سنة واحدة فقط معالجة كافة القضايا وشمول جميع الاحتياجات, ولكن التركيز على الأولويات الملحة هو ما سيتم التركيز عليه بعد تحليل دقيق للوضع الراهن, و لا نستطيع نتحدث عن تنمية أو خطة بدون أن يكون القطاع الخاص شريكا أساسيا فيها كونه يمثل حوالي 70 % تقريبا من الناتج المحلي الإجمالي في البلد, ربما ان دور القطاع الخاص في الخطة المرحلية الأولى كان محدودا, ولكن هناك توجهاً كبيراً بأن يكون للقطاع الخاص الدور الأكبر في الخطة المرحلية الثانية 2021-2025م, وسيكون شريكا أساسيا وفاعلا في تنفيذ كثير من المشاريع في الخطة, وهنا نجدها فرصة لدعوة القطاع الخاص للتفاعل مع الرؤية الوطنية والخطط المرحلية وأن يكون الركيزة الأساسية لعملية التنمية وسيجد كل الدعم والتشجيع والتحفيز من الدولة, ونخطط في المكتب التنفيذي لعقد ورشة عمل نقاشية مع القطاع الخاص خلال الفترة القادمة لمناقشة دور القطاع الخاص في الخطة المرحلية الثانية والتعرف على الصعوبات والتحديات و التصورات لدورهم في الخطة من وجهة نظر القطاع الخاص حتى يكون لمشاركتهم في الخطة الأثر الإيجابي والملموس.
في إطار إعداد الخطة المرحلية الثانية التي بدأ العمل بها .. ما هي ملامح هذه الخطة وما موقع الاقتصاد منها؟
– تم البدء بالإعداد للخطة المرحلية الثانية 2021-2025م وتم تدشين أولى خطوات الإعداد بتنفيذ مرحلة تحليل الوضع الراهن الذي يمكن من خلاله التعرف على الوضع الحالي بدقة وقاعدة أساسية لإعداد الخطة, وتستهدف مرحلة تحليل الوضع الراهن التحليل المؤسسي للجهات على المستوى المركزي والمحلي والتي ستكون مدخلا للتحليل على مستوى المحاور والذي سيشمل كافة القطاعات, ومن ثم التحليل على المستوى الكلي الذي سيعكس تحليل للوضع الراهن على مستوى جميع محاور الرؤية الوطنية, وسيساعد تحليل الوضع الراهن من التعرف على القضايا الحرجة وابرز الأولويات الملحة التي سيتم التركيز عليها في الخطة, عند اختيار الأهداف المرحلية والمبادرات والمشاريع في مرحلة التخطيط المشترك.
من المؤكد ان الخطة المرحلية الثانية ستكون مختلفة بشكل كبير عن الخطة المرحلية الأولى كونها اعتمدت على منهجية التخطيط الاستراتيجي القومي واستفادة من التجربة في الخطة المرحلية الأولى, وايضا تعتمد على التخطيط التشاركي الذي يشمل كافة الأطراف سوءا الجهات على المستوى المركزي أو المحلي وكذلك القطاع الخاص والمجتمع المدني وبرؤية موحدة لكافة أطراف منظومة الرؤية الوطنية.
بما أن تجربة التخطيط الاستراتيجي القومي جديدة ولأول مرة تعتمد في اليمن .. ماهو تقييمكم لهذه التجربة؟
– مما لا شك فيه أن طرق ومنهجية التخطيط متعددة وتتبع مدارس مختلفة وتتطور من فترة إلى أخرى حسب احتياجات وأولويات وتوجهات البلد وطبيعة المرحلة ونوعية التخطيط المطلوب, واليمن نفذت الكثير من الخطط سابقا وكانت تتبع مناهج مختلفة وهناك تجربة سابقة في التخطيط وتم تنفيذ عدة خطط استراتيجية, ولكن اختلفت منهجية التخطيط الحالية التي تضمنتها الرؤية الوطنية و فلسفة التخطيط الاستراتيجي القومي التي سيتم اتباعها تتسم بشمولية التخطيط على المستوى الجغرافي المركزي والمحلي أو شمولية التخطيط لكافة المحاور والقطاعات وبكافة أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية
والتنمية الإدارية والعدالة وسيادة القانون والتعليم والصحة والابتكار والبحث العلمي …إلخ, وعدم التركيز على قطاعات محددة بعينها, إن منهج التخطيط الاستراتيجي القومي الذي سيتم اتباعه في إعداد الخطة المرحلية الثانية يشمل مجموعة من المناهج المختلفة حيث يعتمد على منهجية الأداء على المستوى الكلي للرؤية ومنهجية التخطيط التأشيري على المستوى القطاعي من خلال تخصيص أهداف ومبادرات ومشروعات للقطاع الخاص والمجتمع المدني, ومنهجية التخطيط الاستراتيجي المبني على النتائج مع كل عملية وضع للأهداف ونهج التخطيط الحساس للنزاعات عند التخطيط لمشروعات الخطة المرحلية في الجهات.
مؤخرا أقمتم برنامج تدريبي حول تحليل الوضع الراهن؟ ما أهم ما تضمنه هذا البرنامج ومدى أهمتيه في اعداد الخطة القادمة 2021-2025م؟
– نفذ المكتب التنفيذي لإدارة الرؤية الوطنية برنامجا تدريبيا لجميع ممثلي الجهات في الفرق المحورية لإعداد الخطة المرحلية الثانية 2021-2025م وشارك فيه حوالي 125 متدربا على المستوى المركزي والمحلي, ويهدف هذا البرنامج إلى تدريب المشاركين على منهجية ونماذج تحليل الوضع الراهن الذي بدأ تنفيذ العمل عليها وهي مرحلة هامة يمكن من خلالها تشخيص وتحليل الوضع الراهن والخروج بأبرز القضايا الحرجة والأولويات التي سيتم التركيز عليها في الخطة, وتمكن من الربط بين الواقع الحالي وبين الوضع المأمول الوصول إليه وبالتالي معرفة الفجوة ووضع الخطط المناسبة للوصول إلى تحقيق مستهدفات الخطة.
كلمة أخيرة أو إضافة تريدون إيصالها في نهاية هذا اللقاء؟
– آمل أن تتكاتف الجهود من جميع الأطراف من أجل نجاح الرؤية الوطنية كمشروع وطني يمثل نافذة اليمن نحو المستقبل, وأن يعمل الجميع على دعمه ومساندته وبصورة متكاملة ومتجانسة وفي مسار واحد بما يضمن نجاح أهداف الرؤية الوطنية ويستطيع المواطن أن يلمس تحسنا في الواقع المعاش, مع التذكير دائما بأن الخطة مازالت في بدايتها وأن يتم تقييم نتائجها يحتاج إلى مرور وقت تنفيذها وعدم الاستعجال في الحكم عليها, كونها رؤية استراتيجية تمتد إلى عام 2030م, كما أحث كافة قيادات الجهات مركزيا ومحليا على التفاعل ودعم كافة الجهود في مؤسساتها وتذليل أي صعوبات تعترض الوحدات التنفيذية وفرق العمل لديها من أجل تحقيق هذا الحلم الوطني الكبير.