أمريكا وبريطانيا وإسرائيل رعاة المآسي في العالم
أمريكا.. أُمّ الحروب: اليمن ليست الضحية الأولى ولا الأخيرة
فيلسوف أمريكي: أمريكا وبريطانيا وإسرائيل هم أكبر الإرهابيين على كوكب الأرض ومن يصنعون الإرهاب
شركات السلاح الأمريكية: التوترات في المنطقة العربية تزيد نسبة مبيعاتنا من السلاح
محارب أمريكي قديم: تدخلات أمريكا كانت تتسبب دائما في اضطراب مستدام وفساد واسع الانتشار وعنف مستوطن
بالمخالفة لقيم الشراكة والتعايش على هذه الأرض نصّب الأمريكان أنفسهم حماة للقيم والحق والخير والسلام، وهم بعيدون عنه.
والمتأمل للنسق التاريخي من بداية القرن الماضي وتحديدا 1901م حين غزت أمريكا كولومبيا إلى عامنا الجاري 2020م وغزوات وتدخلات أمريكا في كل مكان من الأرض نجد حالة إنسانية غريبة يصعب تفكيكها وتحليلها تنزع دائما إلى الشر في تحقيق أهدافها، لا تراعي من أجل ذلك أي قيم أو ثوابت أو محددات تهذب حتى من طبيعة وشكل العنف الذي تمارسه.الثورة /وديع العبسي
تمارس القتل الجماعي بروحية انتقامية كما حدث في هيروشيما وناجازاكي، وتمارس الحصار الجماعي كما هو حاصل اليوم في اليمن بروحية استئثارية.
تطمح لتغيير شكل العالم حسب ما يتوافق وأهوائها ونزعتها لتزعّم العالم بالقوة.. وذلك ما يمكن استخلاصه بوضوح من المسار التاريخي لظهور وبروز أمريكا، وتلمسه وتلحظه وتعيش تبعاته الأصوات الحرة حتى داخل أمريكا فهذا السياسي الأمريكي المخضرم والمؤلف أندرو باسيفيتش يتساءل لماذا لا تنتهي حروب أمريكا الأزلية!!
ويقول: ثمة شيء مستغرب حول من تدعي أنها القوة الأعظم في التاريخ في هذا القرن: إذ أنها انخرطت بسلسة من الحروب اللامنتهية عبر أجزاء مهمة من الكوكب إذا قمنا باستثناء “عملية الخوف المستعجل” وهي الغزو المظفر لجزيرة غرينادا في عام 1983م و”عملية الهدف العادل” وهي عملية غزو بنما التي لم تثر كثيراً من الاعتراض في عام 1989م.
يقول أندرو باسيفيتش أيضا وهو رئيس معهد كوينسي لفن الحكم المسؤول والأستاذ السابق للعلاقات الدولية والتاريخ في جامعة بوسطن: لم يحضر السلام والانسجام في أعقاب الحرب الباردة ولكنه اُستبدل بنشاط غير مسبوق للعسكرة الأمريكية. كانت تلك هي الفكرة النظرية المشتركة لرئاسات كل من جورج بوش الأب وبيل كلينتون وجورج بوش الابن وباراك أوباما. تدخلت الولايات المتحدة خلال ربع القرن الذي انقضى ما بين سقوط جدار برلين وانتخاب دونالد ترامب في الهجوم على بنما والعراق والصومال وهايتي والبوسنة وكوسوفو وأفغانستان والسودان وأفغانستان مرة ثانية والعراق ثانية وليبيا والصومال مرة ثانية واليمن وسوريا والعديد من دول غرب أفريقيا وبشكل مقتضب في الباكستان. لم تنته تلك المهام إذا أخذنا بعين الاعتبار تفضيل الرئيس لقوات التدخل الخاصة في عمليات بالغة السرية وببساطة تلاشى التحفظ والاحتراز من استخدام القوة.
ويرى باسيفيتش أن أجندة جورج بوش للحرية أفضت إلى تغيير النظام في كابول وبغداد وطرابلس ولكنها لم تنتج ديمقراطية ليبيرالية بل اضطراب مستديم وفساد واسع الانتشار وعنف مستوطن.
سياسة دولية بإطار أمريكي
يقول السياسي المصري الراحل أحمد الصباحي: استطاعت الولايات المتحدة الأمريكية أن تفرض إطاراً واحداً للسياسة الدولية عبر برامجها المختلفة، وإشغال العالم بالكثير من الأوهام وافتعال الحروب في أكثر من منطقة، وصناعة الأعداء الجدد، وفتح جبهات جديدة في المناطق الهادئة، حتى لا تفكر أي دولة بالمنافسة على قيادة هذا العالم المترامي الأطراف.
ولعل أبرز ما تجيده السياسة الأمريكية من أجل زيادة تماسكها وزرع جذورها في العالم، هو افتعال قضايا الإرهاب والحروب الداخلية، وصناعة الثارات بين الدول، ثم ما تلبث أن تحاولَ حشد الجهود الدولية للتدخل بطرق ووسائلَ مختلفة.
يضيف الصباحي وهو رئيس حزب الأمة المصري السابق وأحد المرشحين لانتخابات الرئاسة المصرية لعام 2005م: ويبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية وبناء على تجارب الزعماء الذين حكموها، قد وجدت أن صناعة الحرب حالةٌ ضرورية للحفاظ على مصالحها، إن لم تكن قد أصبحت عقيدة ثابتة في السياسة الأمريكية، ولذلك تسعى جاهدة إلى زيادة قدراتها التسليحية، ورفد العالم بكل ما أنتجته من السلاح بشتى أنواعه المختلفة.
زيادة حدة الحروب
المنطقة العربية كانت دائما من أوفر المناطق في العالم اهتماما من قبل السياسة الأمريكية ولذلك كانت دائما في حال من الشتات والصراعات بفضل التدخلات الأمريكية، وضحية لكثير من مطامعها.
واستمرار بيع السلاح للمتنازعين ممن يقعون في شراكها، واحد من المصالح التي تحرص أمريكا على استمرارها.. ويرى السياسي الراحل الصباحي في تحليل سياسي نشره عام 2015: انه مما يؤكد صحة افتعال أمريكا للحروب من أجل زيادة مبيعاتها من السلاح، ما نشره موقع “إنترسبت” الإخباري الأمريكي، حول تسجيلات مسربة لمسؤولين في كبريات شركات السلاح الأمريكية، يؤكدون فيها على أن زيادة حدة الحروب في المنطقة العربية، وتوسع تنظيم “داعش” في سوريا والعراق، من شأنه أن يزيد من مبيعات الأسلحة.
وتضمَّن التسجيل المسرَّب الذي نسبه الموقع لبروس تانر (نائب مدير شركة لوكهيد مارتن إحدى أكبر شركات السلاح في العالم) قوله: “إن شركتنا ستستفيد من زيادة التوتر في سوريا بعد إسقاط تركيا الطائرةَ الروسية”.
وأضاف الموقع أن الحديث المسرب دار خلال مؤتمر لشركة “كريديت سويس” انتظم في ولاية كاليفورنيا وجمع مديرين وممثلين لكبرى شركات السلاح في العالم.
ونسب الموقع لـ(تانر) قوله: إنَّ التدخل العسكري الروسي في سوريا سيزيد من الطلب على مقاتلات أف 22 التي تصنعها شركة لوكهيد مارتن، كما سيزيد طلب المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة جراء الحرب الدائرة في اليمن على شراء الأسلحة الصاروخية”.
وقد سجلت عائدات شركة (لوكهيد) مارتن عام 2014م فقط حوالي أربعين مليار دولار، لتصبح أكبر شركة لصناعة السلاح في العالم، أما شركة (رايثيون) فبلغ حجم عائداتها من بيع السلاح 22 مليار دولار لتكون بذلك الرابعة عالمياً، وبالتأكيد وهما من الشركات العملاقة التي تتبع صانعي القرار الأمريكي.
كشف أمريكي
في بداية سبتمبر من عام 2015م كشف أحد المحاربين السابقين في البحرية الأمريكية في لقاء تلفزيوني على قناة روسيا اليوم عن دور الولايات المتحدة الأمريكية والغرب في افتعال الأزمات والحروب في العالم، وقال إن قانون الغاب الذي نعيشه والذي يحدد فيه ما الذي يجب فعله وما الذي لا يجب فعله، هو من صناعة الدول القوية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية.
وقال أيضاً إن الحروب بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية استثمار ناجح، ولذلك كلما جاء زعيم افتعل حرباً جديدة، لأن هناك سلطات نافذةً تمتلك المال وتحرك كل هذا العالم وراءها.
وقال إن زعزعة الحكومات وخلق الفتنة الطائفية هو جزء من سياسة أمريكا الدولية، وأكد خلال حديثه أن أمريكا وبريطانيا والكيان الصهيوني هم أكبر “الإرهابيين على كوكب الأرض” لأنهم هم من يصنعون الإرهاب والجماعات المتعددة.
إذن فالولايات المتحدة الأمريكية لا ترغب في أي شيء غير الحروب، ولذلك فهي في حرب دائمة لأن هذه الحروب تدر عليهم كميات هائلة من الأموال، وزيادة النفوذ.
عدم الاستقرار العالمي
الكاتب والمفكر والمحلل سياسي الفلسطيني عبد الستار قاسم لا يستطيع تجاهل الولايات المتحدة من تفاصيل عدم الاستقرار العالمي من النواحي الاقتصادية والمالية والعسكرية والسياسية.. ويقول: هي لا تتوقف عن التدخل المباشر وغير المباشر في شؤون الدول وفي العلاقات بين الدول، وبين الحكومات والشعوب التي تحكمها، والملاحظ بوضوح أن الولايات المتحدة لا تتدخل لحل مشاكل أو جمع الأطراف على طاولة الود والمحبة والوئام، وإنما تجمعهم على طاولة الكراهية والبغضاء وتأجيج الخصام، وصب الزيوت على النار.
ويسرد المحلل السياسي الفلسطيني عبد الستار قاسم بعض من المظاهر والدالات على ما تشعله أمريكا من فتن أو تزيدها اشتعالا، منها:
– حربا تجارية تشنها على الصين وتخلق بسببها حالة عدم استقرار اقتصادي على المستوى العالمي، كما تتدخل في هونغ كونغ، وتعمل على تأجيج المواقف نكاية بالصين.
– نقلها سفارتها إلى القدس، وقطعها أموالا عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، ومعاقبتها منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية، واعتبارها الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية غير مخالف للقوانين الدولية، واعترافها بأحقية الصهاينة بضم مرتفعات الجولان السورية.
لا تتوقف أمريكا عن التدخل العسكري في سوريا، ونهب ثرواته خاصة النفطية منها، وعن العمل على إطالة أمد الحرب في البلاد حتى لا تتمكن سوريا من إعادة بناء نفسها.
– قدمت كل أنواع الدعم للإرهاب على المستوى العالمي بمساعدة الكيان الصهيوني وبعض البلدان العربية مثل السعودية والإمارات، وما زال هذا الدعم يتدفق على الإرهابيين الذين يتم استخدامهم في تدمير دول وشعوب.
– خروجها من اتفاقية المناخ، والاتفاق النووي مع إيران، واتفاقية الحد من انتشار الصواريخ متوسطة المدى، واستمراءها العمل دائما على استفزاز روسيا بنشر صواريخها في الشرق الأوروبي مهددة بذلك الأمن الروسي وأمن العالم بصورة عامة.
– تقدم أمريكا كل أنواع الدعم للكيان الصهيوني الذي لم يسمح وجوده بهدوء المنطقة منذ عام 1948م باعتباره كياناً عدوانياً مغتصباً يثير الحروب والقلاقل، وهو يتمشى مع الروح العدوانية الإرهابية الأمريكية.
– أمريكا تضغط على الاتحاد الأوروبي لتمنعه من التعاون مع إيران في تنفيذ الاتفاق النووي، دافعة بذلك المنطقة العربية والإسلامية نحو مزيد من التوتر.
– تفرض أمريكا عقوبات اقتصادية على روسيا وهي الدولة العظمى التي تستطيع الدفاع عن نفسها في مواجهة كل العالم.
– تفرض أمريكا عقوبات على عدد من دول العالم وعلى رأسها إيران، وتعمل على إفقار الشعب الإيراني وإعادته سنوات عديدة إلى الوراء، وتفرض عقوبات على سوريا وكوبا وتركيا والسودان واليمن وفنزويلا وغيرها. – متمكنة عسكريا واقتصاديا وبإمكانها إلحاق الأضرار بكل من يعارضها ويقف بوجهها حتى لو كان على المستوى الشخصي.
– دمرت العراق، وتتدخل في كل صغيرة وكبيرة في سوريا وتسرق النفط السوري.
– تدعم التحالف العربي ضد اليمن، وتزوده بالسلاح والمعلومات، ولا تكترث بآلام وأحزان أهل اليمن ولا بدمار البلاد.
– لا تتوقف عن إثارة البلبلة والانقلابات في أمريكا اللاتينية.
وحول سياساتها تم تسجيل:
– أرادت بناء جدار بينها وبين المكسيك وطلبت من المكسيك بكل وقاحة تمويل الجدار. صمدت المكسيك ولم تستجب لطلب الأمريكيين.
– أثارت القلاقل في فنزويلا وتدخلت بشؤونها الداخلية بصورة سافرة، وأثرت سلبا على الأوضاع الاقتصادية فيها وعلى معيشة الناس. عطلت عجلة الإنتاج إلى حد ما، وتآمرت من أجل إبقاء فنزويلا بدون كهرباء.
– لم تتأخر في بث الفتنة في بوليفيا، ودعمت الانقلاب العسكري، وغيرت النظام السياسي القائم بالقوة. وتتعامل مع أمريكا اللاتينية على أنها مزرعة لها.
– تآمرت على البرازيل، واستعملت الانتخابات وسيلة للتغيير السياسي، وعملت على كبح جماح منظمة البريكس التي تعتبر البرازيل إحدى أركانها. تخوفت من مستقبل دول البريكس، فلم تتركها وشأنها.
– تدخلت أمريكا في ليبيا، وقدمت الدعم من أجل استمرار الحرب الداخلية هناك وتعطيل عجلة الحياة والمعيشة. وتدخلت في السودان، وتتدخل في الجزائر، وفي العراق ولبنان، وجل هدفها هو التأثير على محور المقاومة وإلهائه بمشاكل داخلية من أجل الكيان الصهيوني.
وأمريكا ما زالت تفرض عقوبات على كوبا على الرغم من فشلها الصارخ في التأثير على إرادة الكوبيين الصلبة.
ويقول المحلل الفلسطيني: حروب أمريكا في المنطقة العربية الإسلامية وفي أمريكا اللاتينية لا تنفصل عن رؤية أمريكا في تقوية الكيان الصهيوني الغاصب الإرهابي، وكل المشاكل التي تصنعها أمريكا في المنطقة من أجل أن يبقى الصهاينة سادة الموقف..
ويضيف: علينا ألا نتوقع انكماش أمريكا إلى الداخل الأمريكي ما دامت مصلحة الصهاينة تتطلب المزيد من الفتن والحروب الداخلية العربية. وعلينا أن نتوقع أن أمريكا تفتح أبواب فتن جديدة كلما فشلت في فتنها الهادفة إلى كسر ظهر المقاومة بخاصة في لبنان.
باختصار، يشعر الأمريكيون – والحديث للكاتب الفلسطيني- أن بقاءهم على قمة العالم كقطب واحد مهيمن مهدد من قبل قوى كبرى مثل الصين وروسيا وإيران والهند والبرازيل، وهم يسابقون الزمن في شن الحروب وصناعة الفتن ليكسروا قوة من ينافسونهم، وهذا لن يتأتى لهم. لقد انطلق العالم نحو قطبية متعددة، ولا أعتقد أن بإمكان أمريكا وقف عجلة التحرر العالمي.