الثورة نت/
كشف أحد كبار موظفي وزارة الدفاع الفرنسية سابقاً، “يير كونيسا”، النقاب عن استنتاجات تقرير سري سبق أن أعده عن اللوبي السعودي في فرنسا، ذكر فيها أن الرياض تعتمد على 3 أوراق لشراء الصمت الغربي حيال جرائمها وانتهاكاتها الحقوقية.
وأوضح “كونيسا”، الذي كتب تقريره لمصلحة شركات فرنسية بارزة، أن النظام السعودي يعتبر السياسيين ورجال الأعمال والنخب المسلمة في الغرب أطراف التأثير الأبرز التي يجب “شراء مواقفها” لضمان “عدم الحديث” عن انتهاكات النظام السعودي الحاكم وجرائمه باليمن، وفقا لما أوردته صحيفة “الأخبار” اللبنانية.
والطريقة الأمثل لشراء هذا الصمت هو توقيع “رسائل نوايا” لعقود محتملة خلال زيارة السياسيين ورجال الأعمال الغربيين للسعودية، بحسب التقرير الذي أشار إلى أن رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق “مانويل فالس” زار السعودية في 2015، وتلقى وعدا بتفاوض على عقود بقيمة 10 مليارات يورو.
ويعلق “كونيسا” على ذلك بقوله: “في الحقيقة لسنا سوى أمام وعود بالتفاوض. لا يمكننا الزعم أن هناك عقوداً فعلية وهي لم تنفذ منذ ذلك التاريخ. غير أن هذا الأمر يكفي لكي يعلن المسؤولون الغربيون نجاحهم في تحقيق إنجازات عند عودتهم إلى الديار”.
وقال: بهذه الطريقة، يتم شراء صمتهم ولا يتفوّهون بكلمة طالما المفاوضات حول هذه العقود الافتراضية لم تحدث”.
الأمر ذاته يتم تكراره مع رجال الأعمال الغربيين، خاصة أولئك الذين يدعوهم ولي العهد السعودي “محمد بن سلمان” إلى مؤتمر “دافوس الصحراء” للاطلاع على مشروع “نيوم”، ولذا يعتبر رجال الأعمال أنه حتى في حال حصولهم على 0.5% فقط من محصلة أعمالها فإنهم سيحققون أرباحاً طائلة ويعودون مبتهجين إلى بلدانهم.
واستنادا إلى ذلك، يشد العديد من رجال الأعمال الغربيين الرحال إلى السعودية بعد مرور سنة واحدة على مقاطعة أغلبهم لها بسبب قتل الصحفي “جمال خاشقجي” داخل قنصلية المملكة بإسطنبول وحرب اليمن.
أما النخب المسلمة في الغرب، فيشير التقرير إلى أن النظام السعودي يهدف إلى شراء صمتها لضمان احتفاظها بمكانتها الدينية حول العالم، مشيرا إلى أن المجلس الفرنسي الإسلامي، على سبيل المثال، لم يصدر أي بيان بخصوص حرب اليمن.
ويرى “كونيسا” أن هذا الصمت لا يمكن أن يكون بمعزل واقع أن غالبية أعضاء المجلس لديهم وكالات سفر وينظّمون حملات للحج سنويا، وإذا أعلنت السفارة السعودية بشكل مفاجئ أنها ستخفض عدد تأشيرات الدخول التي تمنحها، فسيتضرّرون بشكل مباشر.
وعن اللوبي السعودي في فرنسا، ذكر “كونيسا” أنه ليس مركزيا إلى درجة كبيرة، لكن جهود الجهات المختلفة العاملة في إطاره تصب في المجرى نفسه، وهي جهات تتعامل مع مختلف المؤسسات السياسية والاقتصادية والإعلامية.
وضرب “كونيسا” بالسيدة “إليزابيت بادينتر”، المفكرة النسوية المعروفة، مثالا على تأثير اللوبي السعودي في بلاده، إذ تدافع عن حقوق النساء في أنحاء المعمورة، باستثناء السعودية؛ لأنها تمتلك 35% من أسهم “بوبليسيس”، وهي إحدى 5 شركات اتصال وقعت عقود للقيام بمهام علاقات عامة لصالح الرياض.
واعتبر الموظف السابق بوزارة الدفاع الفرنسية ردود الفعل على جريمة اغتيال “خاشقجي” مثالا آخر على مدى نفوذ اللوبي السعودي، فرغم أن الجريمة هزّت الضمائر، لكن لا يمكن مقارنة ردود الفعل الغربية عليها بتلك الموجّهة ضد روسيا بعد محاولة اغتيال ضابط الاستخبارات السابق “سيرجي سكريبال”.
وذكر أنه في الحالة الثانية، جرى تجميد حسابات مصرفية لأعضاء من النخبة الروسية في الخارج، واتخذت إجراءات عقابية بحق هذا البلد، في وقت لم يتم اتخاذ أي إجراء رسمي ضد النظام السعودي .