الثورة /
«أمير الجيوش» هو أحد أقدم المساجد الإسلامية الأثرية التي تم بناؤها في مدينة بلبيس بمحافظة الشرقية بمصر، بعد الفتح الإسلامي لمصر.
المسجد تم بناؤه علي يد القائد اليمني، شريك بن سمي المرادي، قائد الجيش الذي دخل مصر مع عمرو بن العاص.
وكان للقائد اليمني ، الذي كان يعرف ب أمير الجيوش، بالغ الأثر في فتح مدينة بلبيس الاستراتيجية، ومنها تواصل الزحف إلي بقية مدن مصر وشمال إفريقيا.
استقر «شريك المرادي » بعد فتح مصر في بلبيس وقام ببناء المسجد عام 19هجريًة_640 ميلادية، وسمي مسجد أمير الجيوش نسبةً إليه، ومن حول المسجد أخذت المحلات نفس الاسم، صيدلية أمير الجيوش، مطعم أمير الجيوش ، كافتريا أمير الجيوش.. لكن الكثير ممن يعيشون في محيط المسجد لا يعرفون هوية ” أمير الجيوش ” وقد تولي إمارة مدينتهم “بلبيس” إلي أن توفي ودفن فيها. فهو بالنسبة لهم ” أحد الصحابة “. وقد يكون إلحاق المسجد بوزارة الأوقاف المصرية، وعدم تصنيفه ضمن دائرة الآثار، سببا في هذا التجهيل، وفي التجديدات العشوائية التي لم تراع القيمة التاريخية للمسجد.
ويقتصر دور الأوقاف على تعيين إمام المسجد، أما باقى احتياجاته فهى من تبرعات الأهالي، ومن دخل المحلات الملاصقة للمسجد، كونها وقف يتبع لصالح المسجد.
يقع مسجد ” أمير الجيوش ” في منتصف شارع سعد زغلول بمدينة بلبيس ومدون عليه اسم مؤسسه «شريك بن سمي الغطيفي المرادي » على لوحة رخامية.
للمسجد أهمية كبري لدى أهالي مدينة بلبيس حيث تقام فيه حلقات العلم والفقه والتنوير الإسلامي للعديد من المشايخ وعلماء الأزهر، كما يحرص الأهالي علي استمرار تجديد المسجد وترميمه وتطويره من خلال المشاركة بالجهود الذاتية
والمسجد من الداخل علي شكل مربع مساحته 500 متر وبه 25 عمودًا خرسانيًا مستديرًا، ويتوسط السقف شخشيخة خشبية تشغل معظم سقفه بارتفاع خشبي له نوافذ للإضاءة وعليها رسومات هندسية تقارب رسم خيام السرادقات من مثلثات ومربعات متناسقة بألون اللبني ودرجاته الخلابة، كما أن له منبر حجري في قلب يمين جدار القبلة.
وقد مر المسجد بعدد من التوسعات والتجديدات، آخرها كان في سنة 1973م.
وتعد مدينة بلبيس من أقدم المدن المصرية، وقد كانت مدخل العرب إلى مصر عند الفتح الإسلامي فقد فتحت ذراعيها لاستقبال جنوده حتى يخلصوا مصر من ظلم الرومان ففي عام 1871 م سميت مركز بلبيس وهي من أشهر مناطق محافظة الشرقية على مر العصور، وكانت تسمى (بيس) ثم أضيف إليها (بل) فأصبحت (بل بيس) ومعناها القصر الجميل ثم دمجت بعد ذلك وسميت بلبيس.
شارك شريك المرادي في فتح الإسكندرية عام(20هـ)، وحينها وقعت مقدمة الفرسان في كمين روماني عند ملتقي طريقين للإسكندرية ووادي النطرون فلجأ شريك وفرسانه إلي تل أو كوم مرتفع يدافعون بالنبال ، وكان لابد من فدائي يأتي بالمدد، اوكلت المهمة للفارس الحضرمي إبن ناعمة الصدفي” وحصانه المسمى ” الأشقر ” الذي لا يباري في السرعة. هبط، ابن ناعمة، فجاءة، ولم تلحقه خيول الروم، ونفذ المهمة وأنتصرت القوات، وسمي الموقع حتي الآن ” كوم شريك” ويقع في مركز كوم حمادة بمحافظة البحيرة المصرية. ومثل أهل بلبيس، يجهل الكثيرون من أهالي البحيرة من هو شريك ولا من هو حمادة. لكن، كله كوم، وأمير الجيوش كوم لوحده.
الجهل بهوية القائد اليمني شريك المرادي لا يقتصر على العوام من أهل بلبيس والبحيرة، بل يمتد جهل المؤرخين بتاريخ وفاته ومكان دفنه، وتكتفي معظم الكتابات بالإشارة إلى أنه مات ودفن في المقطم.
لم يقتصر دور القائد شريك المرادي على مصر، في عام 40هـ غزا البربر في منطقة لواته بتونس، و في 46هـ كان علي قيادة جيش عقبة بن نافع لغزو المغرب. وقبلها شارك في فتح الإسكندرية الثاني عام 25هـ.وكانت له معركة شرسة مع ما نويل قائد الروم.
أستقر شريك الغطيفي المرادي في مصر، وابتني بيتا في الفسطاط ، وهو الذي تولي تنظيم توزيع القبائل، علي أحياء الفسطاط ، بأن تختار كل قبيلة قطعة أرض تقيم عليها منازلها. وكان بحق ” أمير الجيوش”.