الثورة / وكالات
لطالما عانى سائق سيارة التاكسي العمومي الأربعيني سامر محفوظ طويلاً من ارتفاع أسعار المشتقات النفطية في الأردن -خاصة مادة البنزين- خلال عمله على السيارة.
يقول محفوظ للجزيرة نت «كنت أعود إلى بيتي بعد أربع عشرة ساعة من العمل على سيارة التاكسي بعشرة دنانير (14 دولارا)، فطوال فترة الشغل أعمل بسبعين دينارا (مئة دولار) توزع بين البنزين وضمان التاكسي وبعض التصليحات».
وأضاف أن أسعار البنزين «أوكتان 90» مرتفعة جدا في عمّان، ولا نشعر بانخفاض أسعار النفط عالميا، لأن الانهيار الكبير الذي طال أسعار النفط عالميا لا يقابله انخفاض كبير في أسعار المحروقات بالمملكة.
قيمة الضريبة
انعكاس الانخفاض الكبير لأسعار برميل النفط عالمياً والذي لا يشعر به المستهلك الأردني يرجع سببه -حسب خبراء- إلى نسبة الضريبة المفروضة على أنواع المشتقات النفطية المتنوعة.
وبحسبة بسيطة، فإن سعر صفيحة البنزين «أوكتان نوع 90» قبل الضريبة في الأردن يبلغ 3.6 دنانير (خمسة دولارات)، وبعد الضريبة يبلغ 7.4 دنانير (عشرة دولارات)، لتباع للمستهلك بـ11 دينارا (15.5 دولار).
ووفق أرقام وزارة الطاقة، تبلغ الضريبة على مادة البنزين «أوكتان 90» ما قيمته 37 قرشا للتر، بواقع 7.4 دنانير (عشرة دولارات) على صفيحة الـ20 لترا، في حين تبلغ الضريبة على البنزين «أوكتان 95» ما قيمته 57.5 قرشا للتر، بواقع 11.6 دينارا (16.3 دولار) على صفيحة الـ20 لترا، فيما تسجل الضريبة على مادتي الديزل والكاز 16.5 قرشا ونصف للتر، بواقع 3.4 دنانير (4.7 دولار) على الصفيحة من عشرين لترا.
ووفق خبراء، فإن الضريبة على المحروقات كانت طردية، بحيث ترتفع وتنخفض مع أسعار النفط العالمية، وعندما تم تحويلها إلى نسبة مقطوعة فإن ذلك حال دون انخفاض ملموس في أسعار المحروقات بالأردن.
وبحسب هؤلاء، فإن ارتفاع المشتقات النفطية يؤثر سلبا على القطاعات الاقتصادية المختلفة، خاصة الصناعية والتجارية والزراعية منها، مما يؤدي بدوره لارتفاع أسعار الكهرباء.
الضريبة حماية للمستهلك
من جهتها، تراقب وزارة الطاقة الأردنية طوال الشهر أسعار النفط عالمياً، وتصدر لجنة تسعير المشتقات النفطية في الوزارة نشرة شهرية لأسعار المشتقات النفطية وفقا للأسعار العالمية صعودا أو هبوطا، مضافة إليها نسبة الضريبة المقطوعة.
وعلى مدى الأشهر الأربعة من فبراير وحتى مايو الحالي شهدت أسعار المشتقات النفطية انخفاضا متتاليا، لكنه ظل خجولا وغير ذي تأثير ملموس قياسا بحجم انهيار أسعار النفط في الأسواق العالمية، وهو ما كان يستلزم انخفاضا أقوى.
من جهتها، قالت أماني العزام الأمينة العامة لوزارة الطاقة رئيسة لجنة تسعير المشتقات النفطية للجزيرة نت إن اعتماد مبدأ الضريبة الخاصة المقطوعة بدأ منتصف العام الماضي، حيث تم تحديد هذه الضريبة بمقدار معين لكل نوع من أنواع المشتقات النفطية.
وتابعت العزام أنه تم تجميع الضرائب النسبية (ضريبة المبيعات العامة والخاصة) وكافة الرسوم والبدلات التي كانت مفروضة على المشتقات النفطية في ضريبة مقطوعة واحدة محددة برقم معين.
وأشارت إلى أن الهدف من هذا الإجراء هو حماية المستهلك من أثر ارتفاع قيم الضرائب في تركيبة الأسعار المحلية عند ارتفاع أسعار النفط العالمية، وتثبيت إيرادات الحكومة من الضرائب المفروضة على المشتقات النفطية والتي هي جزء من موازنة الدولة، وتورد بالكامل إلى الخزينة لتغطية جزء من النفقات الحكومية.
خمسة أضعاف السعر
بدوره، قال الخبير النفطي عامر الشوبكي للجزيرة نت إن الضريبة المقطوعة على المشتقات النفطية تمثل خمسة أضعاف السعر الحقيقي للمشتقات النفطية المبيعة للمستهلك في الأردن، فمثلا صفيحة البنزين نوع 90 بسعة 20 لترا تصل ميناء العقبة بسعر دينارين (2.8 دولار) قبل توزيعها على محطات الوقود لبيعها للمستهلكين.
وأضاف الشوبكي أن الصفيحة ذاتها يشتريها المستهلك بسعر 11 دينارا (15 دولارا)، بمعنى أن المستهلك يدفع تسعة دنانير (12 دولارا) ضرائب على كل صفيحة بنزين 90 يشتريها من محطات الوقود.
وأكد على ضرورة مراجعة نسبة الضريبة المفروضة على المشتقات النفطية في الأردن إذا ما أرادت الجهات الرسمية تخفيض تكلفة الطاقة على القطاعات الاقتصادية المختلفة والمستهلكين وتحفيز وجذب الاستثمارات.
وسجلت الإيرادات لفائدة خزينة المملكة من ضريبة المشتقات النفطية خلال العام الماضي 2019 ما قيمته 1.5 مليار دينار (2.1 مليار دولار)، وفق الشوبكي.
وتقدر كمية الاستهلاك الشهري للمملكة من المشتقات النفطية نحو 140 ألف برميل شهريا تستوردها من السعودية والعراق وبأسعار مخفضة تتراوح بين 10 و16 دولارا لكل برميل عن السعر العالمي.
ووجه ملك الأردن عبد الله الثاني حكومة بلاده بتعزيز المخزون الإستراتيجي من المشتقات النفطية، والاستفادة من الانخفاض العالمي للأسعار حاليا، مع إدامة تزويد مختلف القطاعات بجميع احتياجاتها من المشتقات النفطية.