الحرب في زمن الكورونا
صلاح محمد الشامي
عزيزي “غابرييل غارسيا ماركيز”، أستميحك عذراً باستعارة عنوان رائعتك الخالدة “الحب في زمن الكوليرا”، وأعدك بألا أقتبس منها حرفاً أو فكرة، باستثناء عنوانها بالطبع، فهناك ما تجاوزه هنا في بلدي (اليمن)، فقد أطبقت كل الأوبئة على مواطني هذا البلد الفقير، ابتداءً بوباء الكوليرا وانتهاءً بما هو أخطر منه، وهو الكورونا، والذي لا يزال يحوم حول اليمن، لا أدري هل من خشية، أم أن خجله قد حال دون دخوله، وبالتأكيد فلم يعد له من حاجة لغزو اليمن بعد أن تناهشت شعبه كل الأوبئة، وفي ظروف هي أنكى بالتأكيد مما في روايتك، في ظروف الحرب.
لا أريد أن أنكئ جراحك، التي تخط من دمائها وصديدها روائعك، ولكن وطني (اليمن) الذي تكالب عليه العالم أجمع، في عدوان وحشي وهمجي، ليس أفضل حالاً من وطنك (كولومبيا)، الذي تجاوز صراعاته ومراراته، والتي بالطبع لا تقارن بما يمر به اليمن من حصار ووحشية عدوان دخل عامه السادس، في تفشي جائحة هي أخطر من الكوليرا.. ولكن “الكورونا”، كما أسلفت، لا يزال يراوح الخطى حول هذا البلد المنكوب بجيرانه القذرين، ولم يستطع الدخول رغم إلحاح سادة الحرب في دعوته لدخول اليمن، فهو يرى أنه لم تعد له من مهمة ينفذها، بعد كل ما صنعته أقذر حروب القرن الـ21 به وبأبنائه.
عزيزي ماركيز، لكونك روائياً ذائع الصيت، فإنك تقدِّر أهمية رسالتي هذه التي أزعم أنها تتخطى حدود الأقاليم، لتعبِّر عن معنى واحد، هو الإنسانية التي نلتقي عندها، كما تلتقي شعرات فوديك على شفرة الحلاقة، وهو أن هذه الآلة العجيبة (أمريكا) هي التي تسبب للإنسانية كل هذه الآلام، فهي التي تحصد الأرواح كآلة حلاقتك تماماً، غير عابئة بشعر سالفتيك من ذقنك، فهي تحصد فقط، وبكل أنواع آلات الحصاد البشري، التي توصل إليها علماؤها ومخترعوها ومفكروها، والتي تطورت أساليبها، حتى وصلت إلى آلات الحصاد المجتمعي “البيولوجية” طبعاً.
وهنا أجدني عاجزاً عن تصور مفهوم يجمع كل خصالها الحسنة في كلمة واحدة، سوى أنها “أمريكا.. عدوة الشعوب”.