جامع العيدروس في مدينة عدن تم تأسيسه في عام 890 هجرية، يعدّ من أقدم وأبرز المساجد التاريخية والإسلامية في مدينة عدن. يقع في شارع العيدروس في منطقة كريتر بمدينة عدن، وهو أحد المساجد الرئيسية في المدينة، سُمي باسم من أشرف على بنائه أبو بكر بن عبد الله العيدروس بعد وصوله عدن، وقبره موجود إلى الشمال من المسجد، ووردت صورة المسجد على بعض الطوابع البريدية لعدن قديماً.
تأسيسه
ينسب هذا المسجد إلى بانيه الإمام أبو بكر بن عبد الله العيدروس بن أبي بكر بن عبد الرحمن السقاف، ويصل نسبه إلى الحسين بن علي بن أبي طالب، وأول من لقب بـ”العيدروس” هو والده السيد عبد الله بن أبي بكر.
عندما قدم الإمام العيدروس إلى عدن واستقر فيها كان أول عمل قام به هو بناء المسجد وجعله مكاناً للتدريس ومناقشة العلم ومدارسته، وحل مشاكل المواطنين، كما كان يقوم بجمع التبرعات ثم يشتري بها الملابس وذبح الأغنام وتوزيعها على الفقراء والمساكين، واشتهر بعلمه الواسع بين الناس، فأصبح له الكثير من التلاميذ والمريدين، وذاع صيته ليس في عدن وحسب وإنما خارجها أيضاً.
تاريخ عمارته
يعدّ من المساجد اليمنية ذات الأروقة كثيرة الأعمدة وليس لها صحن (فناء) أوسط، والتي انتشرت في بعض مساجد اليمن، ومنها مسجد الأشاعر بزبيد، ومسجد المدرسة الشمسية بذمار، وتمتاز الزخارف التي تزين مسجد وقبَّة العيدروس بتنوعها من حيث الأساليب التطبيقية، فإلى جانب استخدام طريقة فريسكو التي نفذت بالألوان الأحمر والأزرق والأصفر في تزيين قبة المدخل البارز وقبة العيدروس من الداخل، يلاحظ روعة زخارف الأخشاب التي استخدمت في الأبواب والنوافذ والتوابيت الخشبية التي بداخل القبة أو في الدهليز الذي يحيط بها من الشرق والشمال والغرب، وقد نفذت هذه الزخارف الكتابية والنباتية والهندسية على الأخشاب بالحفر والتخريم، ويقال أن هذه الأخشاب نقلت خصيصاً من الهند إلى عدن لاستخدامها في مسجد وقبة العيدروس.
المدخل الرئيسي
عبارة عن مدخل بارز مغطى بقبة، ويُصعد إليها عن طريق درجات سُلَّم، ويزين القبة التي تعلو المدخل زخارف ومنمنمات نباتية وهندسية مرسومة باللون المائي على طبقة من الجص الجيري بطريقة فريسكو، ويواجه المدخل عقد مفصص أخّاذ يشبه تلك العقود المنتشرة في جوامع المغرب العربي.
القبة
أما قبة المسجد فهي قبة كبيرة تغطي حجرة مربعة تحتوي بداخلها على توابيت خشبية هي قبور وأضرحة للإمام العيدروس وأفراد من أسرته وبعض أقربائه، ويزين القبة عقد مدبب يحيط بها، كما أن القبة من الداخل بها زخارف ونقوش بالألوان المائية قوامها أغصان وأوراق نباتية وزهور، منها زهرة القرنفل، وهي من الزهور الشائعة في الزخرفة العثمانية، وتوجد أربع نوافذ لغرض تحسين الإضاءة والتهوية، ويوجد أيضاً أربعة أبواب خشبية موزعة على جدران الغرفة الأربعة مزينة بزخارف ونقوش محفورة عليها.
المنارة
يوجد للمسجد منارة عالية ملاصقة للجدار الشمالي للقبة في الركن الشرقي، مبنية من حجر الجبس الأسود وتتكون من بدن مثمن الشكل والأضلاع به ثلاث دورات خشبية تنتهي في الأعلى بقبة صغيرة مضلعة، ويلاحظ قلة الفتحات في جسم المنارة، غير أنه قبل الدورة الثالثة توجد أربع مشربيات خشبية بارزة عن بدن المنارة تستخدم للأذان، ويوحي طراز هذه المنارة بالتأثيرات الفنية في أساليب بناء المنارات السائدة في شرق العالم الإسلامي (إيران والهند) نظراً لموقع عدن الجغرافي وصلاتها مع الهند خلال العصور الإسلامية.