ماذا تريد الإمارات من المغرب؟

 

خلال الأعوام القليلة الماضية ظهرت خلافات بالجملة بين الإمارات والمملكة المغربية حول مجموعة من القضايا العالقة في السياسة الخارجية لكلا البلدين، وعلى الرغم من أن الإمارات تملك حجم استثمارات ضخمة جدا في المغرب يصل إلى 15 مليار دولار، إلا أن هذا الأمر لم يمنعها من مضايقة القيادة المغربية للرضوخ للسياسة التي تبحث عنها الإمارات في المغرب.
الخلاف بين البلدين ظهر في عدة ملفات من أبرزها، “صفقة القرن، سحب المغرب لقواته من حرب اليمن، ورفضه لحصار قطر، والخلافات في ليبيا، وكذلك غضب المغرب من أبو ظبي لعدم تصويتها على ملف المملكة لتنظيم لكأس العالم 2026م”، واليوم برز الخلاف مجددا بعد صعود أحزاب تنتمي للإسلام السياسي في المغرب والتي تتمثل بحزب “العدالة والتنمية”، الأمر الذي أثار حفيظة القيادة الإماراتية ودفعها لشن حملة الكترونية عبر “الذباب الإلكتروني” لاستهداف المغرب وخاصة رئيس الحكومة سعد الدين العثماني.
المغرب، بدورها كشفت تفاصيل اللعبة وبدأت بالرد على الهاشتاغات التي أطلقها “الذباب الإلكتروني” الإماراتي، ومن جهتها أكدت صحيفة “الصحيفة”، أنه منذ مطلع الأسبوع الماضي والرباط على قائمة الهاشتاجات “ترند” وهي الأكثر تداولاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي تويتر، إذ أن موضوع لائحة الهاشتاجات حول حكومة المغرب والشخصيات الإخوانية التي تحكمها والمجاعة التي ستضرب البلاد في حالة استمرت الحكومة الحالية، كما أن الذباب الإلكتروني الممول إماراتياً أصبح يهاجم المغرب بطريقة غير أخلاقية كما حاولت زعزعة ثقة الشعب بالحكومة حول عدم قدرتها على احتواء جائحة الفيروس التاجي كورونا، بعد ظهور على أكثر من 2000 مواطن في المملكة المغربية، حيث أكدت التحاليل المخبرية إصابتهم بالفيروس الذي يوجد في جسم مليوني شخص حول العالم!.
ونشرت قناة “العربية” السعودية التي تبث من دولة الإمارات، معطيات حول أعداد الوفيات والإصابات بفيروس كورونا المستجد في المغرب، وقالت إن الفيروس تسبب بمئات الوفيات وآلاف الإصابات، في حين أن الحصيلة الرسمية لوزارة الصحة المغربية لم تتجاوز بعد 2820 إصابة، فيما وصل عدد الوفيات إلى 138 إلى حدود الساعة العاشرة من صباح الأحد.
واعتبرت الأوساط المغربية أن هذا التقرير المغلوط استفزاز جديد للمغرب بعد أيام من استهداف ما يُعرف بـ”الذباب الإلكتروني الإماراتي” الحكومة المغربية ورئيسها سعد الدين العثماني. والتقرير السابق للقناة نفسها أثار غضب الرباط حين قدمت تقريرا عن الإهمال في معالجة الفيروس في المستشفيات المغربية.
كما أثار التقرير الجديد غضبا واستياءً واسعين على مواقع التواصل الاجتماعي، واعتبرها مدونون ومغردون مغاربة، من بينهم سياسيون وحقوقيون، استمرارا لسياسة التهويل والتضخيم وتقديم معطيات مغلوطة، وأنها تؤشر إلى وجود توجه رسمي للإمارات لاستهداف المغرب، بعدما شنت حسابات إماراتية على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، هجوما على الحكومة المغربية ورئيسها سعد الدين العثماني، متهمين إياه بالتسبب في “إهمال الشعب المغربي وعدم توفير المؤن والغذاء له وتركه عرضة لوباء كورونا”، فيما رد نشطاء مغاربة بالتضامن مع العثماني عبر هاشتاغ “شكرا العثماني”، لأنه بغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف مع العثماني، إلا أن ما يتعرض له يتطلب التضامن معه، ما جعله يحتل الرتبة الأولى في “الترند” على “تويتر”.
حملة الهجوم على العثماني وحكومته شنتها عشرات الحسابات الإماراتية في وقت متزامن، حيث استُعملت في التغريدات مصطلحات متشابهة مع اختلاف في الصياغة، وأجمعت كلها على اتهام حكومة العثماني بأنها “تمول الجماعات الإخوانية وتهمل شعبها في ظل الأزمة الكبيرة التي يمر بها المغرب”.
ونقل موقع “العمق” عن مصدر مقرب من العثماني أن هناك “حملة تهجم مدبرة من طرف ما يُعرف بالذباب الإلكتروني في الإمارات، من أجل النيل وشيطنة العثماني ومعه المغرب ككل”. وقال الباحث المتخصص في مواقع التواصل الاجتماعي غسان بن الشيهب، أن عددا من الحسابات في موقع تويتر استهدف المغرب وحكومته، 80 في المئة منها انطلقت في يوم وتاريخ واحد، وبعد بحث قام به حول الموضوع “تبين أن هذه الحسابات سبق أن هاجمت قطر وتركيا، في حين تشيد بالإمارات”.
تبين فيما بعد أن هذه الحسابات الوهمية تدار من قبل شركات مصرية تعمل على إنتاج الحملات الإلكترونية الموجهة لتأليب الرأي العام حول قضية محددة بتمويل إماراتي.
سابقا كان يحصل أمر ما يدفع الإمارات لتحريض ذبابها الالكتروني لاستهداف المغرب مثل الملفات التي كنا قد تحدثنا عنها سابقا، لكن الحملة الجديدة غير مفهومة، خصوصا وأنها تأتي بعد أقل من ثلاثة أشهر عن لقاء جمع الملك محمد السادس بولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد آل نهيان، عند زيارة الأخير للمملكة، شهر يناير الماضي، حيث قضى عطلة خاصة في قصره بمنطقة “أم عزة” ضواحي العاصمة الرباط.
يأس الإمارات
في السابق، نجحت الإمارات في اختراق العديد من الدول وعلى رأسها مصر، حيث تمكنت من خلال ضخ مليارات الدولارات من إسقاط حكم “الإخوان المسلمين” في مصر وإيصال السيسي إلى سدة الحكم، وحاليا تعمل الإمارات على إسقاط “الإسلاميين” في المغرب لكن ضخ المال لم يفلح معها، وكذلك الضغط السياسي، إذ لم يقبل الملك محمد السادس بإسقاط الحكومة، بل دافع عنها وعن حق “العدالة والتنمية” في رئاستها، رافضا أي تدخل خارجي في تدبير شؤون المغرب الداخلية.
ما هو الاتجاه الجديد اذا للإمارات؟؛ يتمحور اهتمام ابوظبي هذه الأيام باستخدام “القوة الناعمة” لاستهداف المغرب وتوظيفها للتأثير على الرأي واستهداف الإسلاميين وعلى الأخص “حزب العدالة والتنمية”.

قد يعجبك ايضا