القربي: اليمن فتحت ابوابها للاجئين الصومال منذ 1992م إيمانا بمسؤوليتها الاخلاقية والدينية

مسألة الهجرة واللجوء تعدت آثارها الانسانية لتصل إلى معاناة واعباء أمنية واقتصادية

عواد: اليمن شريك رئىسي للمفوضية السامية ويتعامل مع تدفقات اللاجئين بمسؤولية كبيرة

بدأت أمس بصنعاء أعمال المؤتمر الإقليمي للجوء والهجرة من القرن الأفريقي إلى اليمن الذي تنظمه وزارة الخارجية بدعم من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومنظمة الهجرة الدولية.
يهدف المؤتمر الذي يعقد على مدى ثلاثة ايام إلى وضع خطة عمل إقليمية للتصدي للتحديات الناجمة عن الهجرة المختلطة وتدفق اللاجئين من منطقة القرن الأفريقي وأثرها على اليمن ودول الخليج.
وفي الجلسة الافتتاحية أكد وزير الخارجية الدكتور ابوبكر القربي أهمية انعقاد هذا المؤتمر في ظل تفاقم مشكلة اللجوء والهجرة في اليمن التي وصلت حداٍ لا يمكن لبلد بمفرده أو عدة بلدان مواجهتها بل تتطلب جهداٍ إقليمياٍ ودولياٍ كبيراٍ للحد من المخاطر والتحديات التي بلغت حداٍ كارثياٍ.
وقال “إن حكومة الجمهورية اليمنية واستشعاراٍ منها بالمسؤولية الملقاة على عاتقها والحالة الإنسانية الصعبة التي تواجهها التدفقات البشرية الكبيرة وأهمية تحمل المجتمع الدولي مسئوليته بالمشاركة في تحمل العبء ورفع المعاناة والحد من المخاطر الناجمة عن الهجرة غير القانونية واللجوء خصوصاٍ وأن تبعات مشكلة اللجوء والهجرة وتحدياتها وصعوباتها تلقي بظلالها على جميع دول المنطقة هو ما دفع بحكومة الجمهورية اليمنية للدعوة بالتنسيق والتعاون مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين والمنظمة الدولية للهجرة لعقد هذا الاجتماع الوزاري الأول من نوعه لدراسة كافة جوانب مشكلة اللجوء والهجرة وتحديد أسبابها الجذرية سعياٍ للوصول إلى المعالجات الناجعة من خلال جهد جماعي منسق وبدعم دولي ومساندة من قبل المنظمات الدولية المعنية والخروج برؤية اقليمية تتوافق عليها جميع الاطراف المشاركة في هذا المؤتمر” .
وأضاف ” كما تعلمون أن اليمن فتحت أبوابها لإخواننا في الصومال الذين فروا منذ عام 1992م نتيجة الحرب الأهلية التي اندلعت وطال أمدها وذلك ايماناٍ منها بمسؤوليتها الاخلاقية والدينية وحق الجوار واستشعاراٍ بأن الصومال ودول القرن الافريقي كانت على مر الزمان موطناٍ لليمنيين الذين هاجروا واستوطنوا فيها بين إخوانهم والتزاماٍ بالاتفاقية الدولية للاجئين التي كانت اليمن من أوائل المنضمين اليها”.
وأشار إلى أن حكومة الجمهورية اليمنية سعت ومن واقع ذلك الالتزام وتحمل المسؤولية منذ اندلاع الأحداث الدامية في الصومال إلى تعزيز جهودها لرأب الصدع والجمع بين الفرقاء والتعاون مع الدول الأفريقية والمنظمات الاقليمية والجهود الدولية لحقن دماء الإخوة في الصومال وتحقيق الأمن والسلام في كافة ربوعها .. معبراٍ عن ابتهاج اليمن وكافة الدول المحبة للسلام والأمن بالتقدم الملحوظ في الوضع السياسي في الصومال بفضل الحكومة الصومالية التي كرست جهودها لاستتباب الأمن والاستقرار والسعي إلى اعادة بناء ما دمرته الحروب وتحقيق النمو الاقتصادي.
ولفت وزير الخارجية إلى تزايد اعداد القادمين إلى اليمن لتصل إلى أكثر من 100 ألف شخص سنوياٍ صنفت غالبيتها بالبحث عن فرص العمل في دول الجوار .. مبيناٍ أن هذه التدفقات رافقتها معاناة ومخاطر وكوارث إنسانية نتيجة التنقل بوسائل نقل بحرية بدائية غير آمنة وغير مجهزة وبأعداد كبيرة تؤدي إلى غرقهم بالعشرات والمئات ويتعرض من نجا ونجح في الوصول إلى السواحل اليمنية المترامية الاطراف إلى الابتزاز والتعذيب وكافة انتهاكات حقوق الإنسان بما في ذلك القتل من قبل عصابات التهريب والاتجار بالبشر.
وقال ” إن عصابات التهريب والاتجار بالبشر تبدأ انشطتها المشبوهة في دول المصدر بتزيين المستقبل للراغبين في الهجرة بكافة وسائل الكذب والتدليس والغش وسلب أموال طائلة من اولئك المغرر بهم ولا تنتهي تلك الأنشطة الاجرامية عند حد تعريض حياة اولئك للخطر في عرض البحر وتعذيبهم في سجون خفية لابتزاز أهاليهم واستخدامهم كرهائن بل تصل إلى الاغتصاب وقطع الاطراف والقتل دون رحمة “.
وأضاف ” إن من نجا من مخاطر الغرق واْسر على يد عصابات التهريب والاتجار بالبشر يفاجأ بأن آماله في توفير عمل كريم يعيش به تذهب أدراج الرياح حيث لا يجد ملجأ يأوي اليه أو طعام يقتاته أو عمل يتكسب منه إلا ما تجود به أيادي الخير وما تقوم به حكومة اليمن من جهود وما توفره من خدمات رغم الإمكانيات المحدودة والظروف الاقتصادية الصعبة وكذلك ما تتكفل به المفوضية السامية لشؤون اللاجئين ومنظمة الهجرة الدولية من مسؤوليات تتعلق بالحماية والتسجيل والرعاية الصحية وتوفير الماء والطعام بقدر الإمكانيات التي تتيحها له ميزانيتها المحدودة وما تجود به الدول المانحة من هبات وتبرعات”.
وأوضح الدكتور القربي أن مسالة الهجرة واللجوء تعدت آثارها الإنسانية المؤلمة على المهاجر واللاجئ لتصل إلى معاناة وأعباء أمنية واقتصادية واجتماعية على الحكومة والشعب اليمني الذي يمر بمرحلة حرجة وظروف اقتصادية صعبة حيث بلغت الأعداد التقديرية للاجئين المهاجرين في اليمن مايقارب المليون شخص يحتاجون لرعاية وحماية وخدمات الكثير منها قد لا يصل إلى بعض المواطنين في المناطق النائية .
وأشار إلى أن تشكيلة الوفود المشاركة عكست مدى الاهتمام الذي توليه حكومات بلدانهم لقضايا اللجوء والهجرة وحرصها على معالجة أسبابها والحد من مخاطرها على الأفراد والمجتمعات والدول المتأثرة بها.. مؤكداٍ أن تواجد هذه الوفود بيننا في هذه الأيام التي تخوض فيها اليمن تجربة رائدة في التغيير السلمي عبر الحوار الوطني يعد دعماٍ ومؤازرة لهذه المرحلة المفصلية في تاريخ اليمن ودحضاٍ لكل المزاعم والتهويلات حول الوضع الأمني في اليمن.
بدوره أكد المدير الاقليمي للمفوضية في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا أمين عواد أن اليمن كإحدى الدول الموقعة على اتفاقية اللاجئين لعام 1951م وبروتوكولها لعام 1967م تعتبر شريكاٍ رئيسياٍ للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وأشار إلى أن اليمن وعلى مر السنين قامت بتوفير المأوى والحماية لنحو ما يقرب من ربع مليون طالب لجوء صومالي ومنحتهم بسخاء صفة اللجوء منذ الوهلة الأولى وبصفة جماعية.
وقال “تتعامل اليمن مع تدفقات مهاجرين كبيرة يعبرونها بحثاٍ عن حياة كريمة وفرص عمل أفضل في دول الخليج وفي حقيقة الأمر فإن دوافع تحركات الاشخاص من منطقة القرن الافريقي إلى اليمن مختلفة الأمر الذي يظهر مدى تعقيد مسألة الهجرة المختلطة “.
وأضاف عواد ” إن اهتمام المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين يتركز على منطقة القرن الافريقي وشبه الجزيرة العربية في الحفاظ على وجود مساحة كافية لالتماس اللجوء وكذا العمل على مساعدة الدول في إدارة تدفقات الهجرة المختلطة استناداٍ إلى خطة العمل ذات النقاط العشر المعمول بها في المفوضية وبالتالي ضمان وصول ملتمسي اللجوء لأقاليم الدول ومعاملة منصفة لطلبات اللجوء والتعرف على اولئك ممن قد يكونون بحاجة لتلقي الحماية لذلك فإن تنفيذ المبادئ المتعلقة بحركات الهجرة المختلطة يمثل تحدياٍ ويتطلب تعاوناٍ وثيقاٍ فضلاٍ عن إجراء حوار فيما بين الدول المعنية .
وأشار إلى مكتب المفوض السامي يدعم كلياٍ الأهداف المتوخى تحقيقها جراء انعقاد هذا المؤتمر وعلى وجه الخصوص احراز تقدم في مجال انفاذ القانون ضد شبكات التهريب والاتجار بالبشر في إطار الدول المصدرة والمستقبلة والعبور وكذا بذل جهود للتوعية العامة الرامية إلى رفع مستوى الوعي والمخاطر المرتبطة بالهجرة غير النظامية والبدائل الممكنة إزاءها وتوفير الدعم الكافي والمتوقع لتنفيذ برامج العودة وإيجاد فرص للهجرة الشرعية كبديل واقعي للهجرة غير النظامية .
فيما اشاد المدير الاقليمي لمنظمة الهجرة الدولية للشرق الأوسط وشمال افريقيا بسكوالي لوبولي وممثل الأمانة العامة للهجرة المختلطة على المستوى بالدور الذي تقوم به الجمهورية اليمنية في استقبال وإيواء اللاجئين والمهاجرين بالتنسيق والتعاون مع المفوضية السامية ومنظمة الهجرة الدولية في سبيل توفير الخدمات والحماية للاجئين والمهاجرين الأفارقة .
واستعرضا النشاط الذي تقدمه المنظمة منذ العام 2008م وحتى اليوم بالتنسيق مع الجانب اليمني مؤكدين على مسؤولية الدول المصدرة للمهاجرين العشوائيين والدور المقدم بهدف تخفيف الاعباء التي يتكبدها اليمن جراء الأعداد الكبيرة للمهاجرين للاجئين الصومال والمهاجرين من القرن الافريقي.
وشددا على أهمية الخروج من خلال هذا المؤتمر برؤية اقليمية موحدة حول مشكلة اللجوء والهجرة وتعزيز الدعم والمعالجة للاجئين والمهاجرين من خلال العمل المنسق بين دول القرن الافريقي ودول الخليج لإيجاد آلية تنفيذية تسهم في الحد من تدفق اللاجئين والمهاجرين وتقديم الحلول الناجعة من الناحية الإنسانية والناحية العملية .
ويناقش المؤتمر على مدى ثلاثة ايام بمشاركة دول القرن الأفريقي ودول مجلس التعاون الخليجي وعدد من الجهات والمنظمات الإقليمية والدولية عدداٍ من القضايا والموضوعات المتعلقة بالصعوبات التي يواجهها اليمن في التعامل مع المهاجرين الأفارقة باعتبارها بلد عبور ومصدراٍ للمهاجرين لدول الجور وهو ما يتطلب تكاتف الجهود الدولية لدعم اليمن في هذا الجانب كما يتناول عدداٍ من المحاور المتعلقة بتعزيز إنفاذ قانون ضد التهريب وشبكة الاتجار بالبشر في كل من الدول المرسلة للمهاجرين وبلد العبور وتعزيز جهود رفع مستوى الوعي بالمخاطر التي تواجه اللاجئين والبدائل الممكنة للهجرة غير القانونية في البلدان المصدرة لهؤلاء المهاجرين.
وسيتم خلال المؤتمر كذلك بحث الأسباب الجذرية للنزوح القسري والهجرة والمآسي التي يتعرض لها طالبو اللجوء واللاجئون والمهاجرون غير النظاميون في المنطقة بما في ذلك انتهاكات حقوق الإنسان والاتجار بالبشر والتحديات التي تواجهها البلدان المستضيفة للاجئين وأوضاعهم الحالية ووْجهات نظر تلك البلدان وسياساتها بشأن اللجوء والهجرة وكذا النْهج الممكن تبنيها للتصدي لذلك فضلا عن الصعوبات التي تواجهها البلدان المذكورة وقدرتها على الوفاء بالتزاماتها.
حضر الافتتاح وزير الداخلية الجيبوتي حسن عمر محمد ونائب وزير الخارجية علي مثنى حسن ورئيس بعثة مجلس التعاون لدول الخليج العربية سعد العريفي وعدد من اعضاء السلك الدبلوماسي في الدول ذات العلاقة .

قد يعجبك ايضا