هل تخطط أمريكا لانقلاب في العراق؟

 

بغداد /
أصدرت كتائب “حزب الله” العراقية أمس الأربعاء الماضي بيانا قالت فيه إن أمريكا تستعد لإطلاق خطة انقلابية في العراق وذلك بالتزامن مع تفشي فيروس “كورونا” في عدد من المدن والمحافظات العراقية وعدم تمكن الأجهزة الحكومية والطبية من السيطرة عليه والتعامل معه، وكشفت كتائب “حزب الله” العراقية في ذلك البيان عن مخطط أمريكي يهدف إلى تنفيذ إنزال على مواقع عسكرية عراقية بمشاركة جهاز عسكري عراقي وآخر أمني، محذرة من تداعيات الخطوة الأمريكية كونها ستعِّرض البنى الأساسية للدولة العراقية للخطر وتصيب السلم الأهلي.
وحول هذا السياق، أكد “سعد الخزعلي” النائب عن كتلة “صادقون” في البرلمان العراقي، أن بيان كتائب “حزب الله” العراقية الأخير تضمن معلومات خطيرة لا يمكن تجاهلها أو التغاضي عنها، محذرا من محاولات استغلال ظروف العراق الحالية لشن عمليات عدائية. وقال “الخزعلي”، إن “بيان كتائب حزب الله جاء بناء على معلومات ومعطيات من شن هجمات أمريكية محتملة على مقرات الحشد الشعبي”، مبينا أنه “لا يمكن تجاهل تحذيرات الكتائب أو التغاضي عنها كونها تشير لمعلومات خطيرة”. وأضاف أن “أمريكا تحاول استغلال الظروف الحالية التي يمر بها العراق لشن سلسلة من الهجمات العدائية على مواقع عسكرية عراقية تابعة للحشد الشعبي”، مؤكدا أن “الحشد الشعبي على أهبة الاستعداد لمواجهة أي خطر أمريكي”. ومن جهته دعا “رياض المسعودي” النائب عن تحالف “سائرون” في البرلمان العراقي، إلى منع أي شخصية عسكرية من عقد لقاءات مع الجانب الأمريكي خلال الفترة الحالية بالتزامن مع حديث عن تخطيط واشنطن لتنفيذ انقلاب عسكري في العراق.
يذكر أن كتائب “حزب الله” العراقية أعربت في بيانها أن الاستطلاعات الجوية التي قامت بها أمريكا إلى جانب دولة الإمارات قبل يومين أثارت تساؤلات عديدة وكشفت عن خفايا ما يجري وراء الكواليس من وجود انقلاب عسكري أمريكي مرتقب بالعراق، ولفت بيان كتائب “حزب الله” العراقية إلى أنه ما زاد الموضوع من قلق وترقب هو أن هذه المناورة شبيهة لتلك التي أجرتها واشنطن قبل احتلال العراق عام 2003م، حيث أجرت مناورات واستعراضات عسكرية في صحراء نيفادا، وتحديدا بالعام 2002م وبعدها أعدت العدة لدخول العراق واحتلاله وإسقاط النظام الصدامي البعثي.
وعلى صعيد متصل، أشارت بعض وسائل الإعلام إلى وجود انقلاب عسكري مؤكد تعمل عليه واشنطن بالتعاون مع أطراف داخلية تعمل تحت لوائها وهو يهدف إلى السيطرة الكاملة لواشنطن على القرار السياسي بالبلاد إضافة إلى تمرير ما تريده أمريكا من أمور تخص مصالحها بالمنطقة. ويشير المحلل السياسي “عباس العرداوي” في هذا الشأن إلى أن هناك جملة من الأسباب وراء المناورات التي أجرتها أمريكا مع الإمارات. وقال “العرداوي”، إن “أمريكا فشلت في السنوات السابقة من تكريس وجودها بالعراق سواء أكان العسكري المباشر والانتقال إلى دعم الجماعات الإرهابية ومن ثم انتقلت إلى الظرف السياسي من خلال سفرائها الذين كانوا يمثلون دوراً ضاغطاً كبيراً على العملية السياسية بأكملها”. ومن جهته أكد النائب عن تحالف الفتح “محمد البلداوي” بشكل كبير موضوع الانقلاب حيث صرح بوجود أدلة وقرائن تؤكد حقيقة ما تخطط له أمريكا بشأن تنفيذ انقلاب عسكري في العراق، مؤكدا أن ما يثار إعلاميا يعد بمثابة مقدمات للمؤامرة.
وقال “البلداوي” إن “هناك أدلة وقرائن تشير إلى وجود مخطط أمريكي للتآمر على العراق من خلال أحداث محاولة انقلاب في البلاد”، مبينا أن “من الأدلة والقرائن التي حصلنا عليها هو تحريك الخلايا النائمة لداعش في محافظات ديالى وصلاح الدين ونينوى”، وأضاف إن “ما تثيره وسائل إعلام خليجية ماهي إلا ضمن مقدمات لتلك الخطة فلا دخان من دون نار”، مشيرا إلى أن “من الأدلة الأخرى هو محاولة أمريكا الضغط على الحكومة لإخراج السجناء بحجة تفشي وباء كورونا لاستثمارهم في تنفيذ المؤامرة”.
والسؤال الآن يدور حول ما إذا كانت أمريكا في العراق تستعد لانقلاب وهل هناك احتمال لنجاح هذا الانقلاب؟
عند الإجابة على هذا السؤال، يجب التأكيد أولاً على أن أمريكا في العراق تسعى لتغيير الوضع الراهن لصالحها، وفي المرحلة الأولى تقريبًا، قامت أمريكا خلال الأشهر القليلة الماضية بخلق مساحة من الاحتجاجات داخل العراق ضد حكومة “عادل عبد المهدي” وتمكنت أمريكا من إجبار هذا الأخير على تقديم استقالته وذلك عقب قيامها بحشد صفوف مرتزقتها لتأجيج الشارع العراقي من خلال الهجمات السيبرانية والشبكات الاجتماعية. وبعد استقالة “عبدالمهدي”، تدخلت الحكومة الأمريكية لمنع تشكيل أي حكومة بديلة وقامت أيضا خلال الفترة الماضية بزعزعة استقرار الوضع السياسي في العراق.
ثانياً، حاولت أمريكا عرقلة عمل تنظيم القوى الشعبية لمواجهة مؤامرتها باستهداف السيارة التي كانت تقل الشهيد اللواء “قاسم سليماني” و”أبو مهدي المهندس” قبل نحو شهرين.
ولهذا فإنه ليس هناك شك في أن أمريكا تصرّ على البقاء في العراق لأسباب جيوسياسية، ومن أجل السيطرة على آبار النفط العراقية، والاستمرار بالضغط على إيران، والعمل على تقسيم العراق وتنفيذ خطة الشرق الأوسط الكبير. والغريب في الأمر أن هذا الإصرار يأتي عقب تمكن قوات محور المقاومة من القضاء كليا على عناصر تنظيم داعش الإرهابية التي كانت منتشرة في العديد من المدن والمحافظات العراقية والتي كانت بمثابة ورقة ضغط لبقاء القوات الأجنبية وعلى رأسها أمريكا في العراق. ولكن العديد من المراقبين السياسيين يؤكدون أن قرار البرلمان العراقي المتمثل في خروج كل القوات الأمريكية من الأراضي العراقية سوف يتم تنفيذه عاجلاً أم آجلاً، وهذا الأمر يعني فشل السياسات الأمريكية في المنطقة الأمر الذي قد يدفعها إلى التخطيط للقيام بانقلاب داخل العراق.
لذلك، فإن احتمال قيام أمريكا بخلق ذريعة للإخلال بالأوضاع الأمنية في العراق لمصلحتها الخاصة لا يمكن أن يكون بعيد المنال ولكن بالنظر إلى أن أغلبية العراقيين يعارضون الاحتلال الأمريكي، فإن المؤامرة الأمريكية في العراق لن تبدو انقلابًا عسكرياً يؤدي إلى إراقة الدماء، بل سيكون انقلاباً يهدف إلى خلق أول حالة من الفوضى في عدد من المدن والمحافظات العراقية.
إن أمريكا تدرك جيدًا أن القيام بانقلاب تقليدي في العراق غير ممكن، ولهذا فإنها تسعى إلى نشر قواعد إرهابية وتفعيل الجماعات الإرهابية وبعض الأطراف العراقية الموالية لها في العراق لخلق حالة من الفوضى وإدخال العراق في حرب أهلية، في الوقت الذي لا يزال الجيش العراقي يفتقر إلى القوة لمواجهة أي مؤامرات وفي ظل هذه الظروف، يمكن القول أن يقظة أبناء الشعب العراقي لمثل هذه التحذيرات التي أطلقتها كتائب “حزب الله” العراقية، تعد من الأمور الهامة التي يمكنها أن تضع حداً لجميع المؤامرات والخطط الاستعمارية الخارجية.

قد يعجبك ايضا