دماء الشهيد ورفاقه المجاهدين انتصرت على سيوف الظالمين
المسيرة القرآنية .. مشروع كرامة وعزة للأمة
تأتي الذكرى الـ 16 لاستشهاد السيد حسين بدر الدين الحوثي (رضوان الله عليه) ، وقد شهد الوطن متغيرات وتحولات كبرى ، وواجه تحديات وأخطاراً غير مسبوقة على طريق استعادة سيادته واستقلاله وهويته الإيمانية والوطنية.. 16 عاماً مرت، وخلالها تعرضت اليمن لأزمات ومؤامرات وحروب عدوانية إجرامية وحشية، غير أن الشعب اليمني العظيم تمكن من الانتصار لمشروعه التحرري من كل أشكال التبعية والهيمنة والوصاية الخارجية، بعد امتلك الإيمان والإرادة لتحقيق هذه الغاية وفقاً للأسس التي أرساها الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي ( رضوان الله عليه)، الذي وضع الشعب اليمني في الطريق الصحيح لموجهة مخططات استهداف اليمن في إطار استهداف المنطقة كلها، اعتمادا على قراءة واضحة للتوجيهات الآلهية التي تضمنها القرآن الكريم..
يحيى الضلعي
لقد أعتقد اعداء اليمن والأمتين العربية والإسلامية أن بإمكانهم وأد مشروع المسيرة القرآنية بالقضاء على قائدها، فكانت الحرب العدوانية التي شنها النظام على صعدة وفقاً للتوجيهات التي فرضت عليه من الأمريكيين والصهاينة ونظام الوصاية السعودي، والتي حشدت فيها جيوشاً وإمكانيات لا تتناسب مع مواجهة حركة إيمانية ثقافية تنويرية كل ما أرادته استعادة وعي هذا الشعب لإدراك ما يخطط له في إطار مشروع أمريكي لتحقيق السيطرة والهيمنة العالمية..
ولفهم ملابسات ظروف وأوضاع تلك المرحلة، أكثر ينبغي العودة إلى الأحداث التي شهدها العالم والمنطقة في العقد الأخير من القرن العشرين وبدايته، والتي أهمها نهاية الثنائية القطبية بانهيار الاتحاد السوفيتي والمنظومة الشرقية والتي بدأت في المنطقة العربية بضرب العراق ومحاصرته بعد استدراج النظام العراقي إلى احتلال الكويت علم 1991م، وبدأ خلالها الحديث عن الإرهاب الإسلامي على طريق اختلاق عدو بديل للاتحاد السوفيتي لاستخدامه ذريعة لاحتلال وتدمير الدول المحورية التي ستواجه الهيمنة الأمريكية..
وهكذا وصل هذا التوجه إلى ذروته بأحداث 11 سبتمبر عام 2001م، لتبدأ الحروب الأمريكية ويُوضع اليمن على خارطة الحرب الأمريكية، بهدف احتلاله والسيطرة على موقعه الاستراتيجي بحجة أن اليمن مصدِّر ذلك الإرهاب، كعنوان ممهد لتبرير احتلال اليمن ولو بشكل تدريجي، بعد أفغانستان عام 2001 والعراق عام 2003م..
حينها لم يكن أحد يدرك حقيقة ما تخطط له أمريكا ومن خلفها إسرائيل، ولم يكن هناك قوى فاعلة من صميم روح هذه المنطقة الدينية التاريخية الثقافية، والتي هي وحدها قادرة على مواجهة المشاريع الإجرامية التي تخطط لها أمريكا ضد العرب والمسلمين للسيطرة عليهم ونهب ثرواتهم ..
في ظل هذا كله برزت المسيرة القرآنية بقيادة السيد الشهيد حسين بدر الدين الحوثي (رضوان الله عليه)، ورأى الأمريكيون والصهاينة أن هذه الحركات مبنية على هوية منبثقة من هوية راسخة في وعي أبنائها لمقاومة ومواجهة تلك المشاريع المدمرة..
بطبيعة الحال لم يكن هذا التفكير العدائي لدى الأنظمة التابعة بحكم التدمير الممنهج لهذا الوعي بأساليب ووسائل متعددة، بينها الغزو الثقافي الغربي والفكري الذي اختزل في نموذحه الأمريكي، وتعميم شكل الإسلام الذي اتخذ صورة الفكر التكفيري الوهابي ليسهّل إلصاق تهمة الإرهاب بالمسلمين، وهذا ما نجحوا فيه في ظل تمويل المال النفطي السعودي والخليجي لتحقيق هذه المشاريع..
النهضة والانتصار
في خضم هذا كله كان لا بد أن يظهر من يواجه هذه الأخطار التي تستهدف الأمة وفي صدارتها الشعب اليمني، والانطلاقه من العودة إلى الفهم الصحيح للقرآن الكريم الذي يمكنه من امتلاك رؤية دينية وثقافية تمكن هذا الشعب من مواجهة ما يراد له من استهداف ..
وهذا ما اتجه إليه الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي (رضوان الله عليه)، فكانت المحاضرات التي تخاطب الفطرة الإيمانية اليمنية والوصول بها إلى أن تتحول لوعي يعطي الرؤية الواضحة والبصيرة النافذة لقراءة واقع اليوم بكل تحدياته وأخطاره، والانتقال بهذا الوعي إلى مقاومة هذا الاستهداف في إطار مشروع متكامل ، وهذا ما ثبت خلال أكثر من عقد ونصف من انطلاق المسيرة القرآنية..
الصرخة ..شعار الانطلاقة
لم يكن أحد يتصور أن شعاراً رفع بالموت لأمريكا وإسرائيل ولعن اليهود، سيعادى بتلك الصورة التي قادت النظام الظالم إلى شن حرب على مساحة جغرافية محدودة تكاد تنحصر في نطاق جغرافي محدود من محافظة صعدة، بهدف القضاء على من أطلق هذا الشعار الذي رأى أعداء الأمة خطورته، ليس للشعار بذاته وإنما باعتباره تعبيراً مكثفاً لمشروع مقاومة يمنية لمخططاتهم الجهنمية التي تأكدت في سنوات الحروب الست، والتي لم تزد المسيرة القرآنية إلا عنفواناً وتطوراً راسخاً في فكرها الديني والوطني الثوري المقاوم، ويتسع أفقياً ليشمل اليمن كله في فترة تاريخية كان لابد من وجود من يواجه ما يسعى له أعداء الأمة وأدواتهم في المنطقة لفرضه على الشعب اليمني..
الحرب الأولى واستشهاد القائد
أستشهد السيد حسين بدر الدين الحوثي (رضوان الله عليه)، بعد حرب عدوانية شنيعة وبشعة على المؤمنين بالمشروع القرآني والذين كانوا يعدون بالعشرات، صمدوا وقاوموا على مدى ثلاثة أشهر أمام ألوية حشدت من جيش النظام الظالم الذي كان يمتلك كافة الأسلحة والعتاد العسكري والذي لا يجهز إلا لحرب بين دول ،ووجه ذلك العتاد العسكري على مستضعفين لا يملكون إلا أسلحة شخصية للدفاع عن أنفسهم ، لكنهم صمدوا أمام تلك الجحافل لأشهر كان واضحاً فيها أن المطلوب هو رأس الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي (رضوان الله عليه)،واستئصال مشروعه ، غير مدركين أنهم بذلك الحقد والإجرام والوحشية إنما كانوا يؤكدون صحة هذا المشروع، وبالتالي منحه حياة وشرعية الوجود المستمد من هدى الله المجسَّد للحق والعدل الذي سيستمر كتجسيد لانتصار المظلوم على الظالم والدم على السيف..
وهنا لا بد من الإشارة إلى أن القتل بتلك الطريقة كان يعكس حجم الحقد غير المبرر والخوف من المشروع الذي كان يحمله الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي (رضوان الله عليه)، ليتضح أن الهدف من تلك الحرب ليس القضاء على ما كان يسوِّق له إعلام النظام وزعمه (القضاء على متمردين)، فربما لو كان الأمر كذلك كما كان يسوَّق له لقاموا بأسر الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي (رضوان الله عليه)، وتقديمه للمحاكمة وإثبات أن ما قاموا به كان للقضاء على خارجين على الدولة والنظام والقانون ، لكنهم كانوا يدركون أنه لو تم ذلك سيصبحون هم المدانون وستنقلب الأمور عليهم، إضافة إلى اعتمادهم لذلك الأسلوب الوحشي وإعطاء صورة لنهاية كل من يحمل قضية إيمانية وطنية تفضح النظام وعمالته وخيانته وفساده، وتفضح تلك المخططات التي يراد تنفيذها في اليمن عبر النظام وأدواته في الداخل.
الشجرة الإيمانية للمسيرة القرآنية
دم الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي (رضوان الله عليه)، ودماء المجاهدين الشهداء الذين سقطوا في تلك المواجهة غير المتكافئة روت الشجرة الإيمانية للمسيرة القرآنية وأثمرت جهاداً لم يتوقف وانتصارات لا تنتهي تجلت في حروب صعدة التي تلت الحرب الأولى، ولم يستطع النظام الظالم وأتباعه ومن يقف خلفه من القوى الخارجية وقف هذا التحرك الذي اتسع وتمدد، وأصبحت انتصاراته مصدر كرامة وعزة للمؤمنين، وزرعت خوفاً ورعباً للظالمين ..
وفي كل حرب من تلك الحروب كانت تنتهي بتجلي حقيقة المسيرة القرآنية وبغي النظام، لتكون الحرب السادسة هي التأكيد الذي لا يدحض على أن المواجهة ليست مع النظام العميل بعد أن أصبح التدخل السعودي الأمريكي واضحاً وجلياً فيها..
لقد انطلق الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي ( رضوان الله عليه)، من أساس صحيح يعيد لليمن هويته الإيمانية في سياق تحرري ثوري استقلالي من الهيمنة الأمريكية والوصاية السعودية، ليدرك أولئك البغاة الطغاة الظلمة أنه يستحيل هزيمة هذه المسيرة اعتماداً على الأدوات الداخلية، فكانت الحرب العدوانية التي جاءت بعد انتصار ثورة الـ 21 من سبتمبر 2014م ، ولم تمض إلا أشهر لتواجه هذه الثورة بحرب كونية غطيت بما يسمى دول التحالف، الذي أسندت قيادته للنظام السعودي الذي كان في صلب المواجهة منذ بداية انطلاقة المسيرة القرآنية المباركة.