السَّيدُ القائِد وكلمتُه القيِّمة الجَامعَة الثَّرية

"هُوية الإيمان وفخر الانتماء" 1 - 4

مطهر يحيى شرف الدين
ليست كلمة عادية ولا يدل مضمونها إلا على طبيعة الأحداث الجسام والوقائع الحاصلة والقضايا المصيرية والمحورية التي تعني وتهم الأمة الإسلامية جمعاء ، وينبغي إزاء ذلك النظر فيها بشكل دقيق والاعتبار لكل ما تم طرحه وتناوله والتحذير منه ، وبالفعل قد لا أجد أحداً قد تحدث بهذا التفصيل المثمر والمفيد الذي يصف أهل اليمن بالوصف الإيماني والقيمي العميق كما تحدث بذلك السيد القائد ، ولمن لم يدرك أهمية كلمته الجامعة الثرية والقيِّمة ممن استمعوا لكلمته أو قرأوها فعليه أن يقرأ بتمعن البعض اليسير من العناوين والمواضيع والمحاور التي تناولها السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي -حفظه الله- في كلمته بمناسبة ذكرى جمعة رجب 1441هـ، وقد بدا حريصاً على التذكير والاهتمام بأهمية إحياء ذكرى هذه المناسبة العظيمة واصفاً إياها “بالتحول الكبير في مسيرة حياة أهل اليمن”.
وبلا شك فإن هذا التحول له الأثر العظيم في نفوس اليمنيين وفي مواقفهم وسلوكهم وانتمائهم الصادق للإيمان ، وبذلك يؤكد أن هذا الانتماء يعبِّر عن المصداقية الكبيرة التي كان عليها أهل اليمن ويوجّهنا إلى ضرورة الاحتفاظ بالهوية الحقيقية لليمنيين وترسيخها وتعزيز الانتماء للدين الإسلامي الحنيف والفخر بالشهادة النبوية وبالوسام التاريخي الاستثنائي..
حديث السيد القائد عن أهل اليمن كان حديثاً يوحي باعتزاز اليمنيين بالانتماء للدين وللوطن ، هذا الانتماء الصادق والواعي إنما يعبِّر عن هُوية الإيمان والقيم والمبادئ العظيمة التي اتسم بها أخيار أهل اليمن وهي النموذج المتميز الراقي والمعبِّر عن الدور الأصيل في حمل الراية الإيمانية التي وقفت صامدةً شامخة أبية في كل الظروف والمراحل المفصلية الحساسة في واقع ومصير الأُمة ،وفي مضامين كلمته يؤكد أن المناسبة محطة تربوية وتوعوية وتثقيفية نحن في أمس الحاجة إلى الاستفادة منها لندرك معنى الانتماء الصادق والواعي والعملي المتحرك ،ووصف ذلك بالعنوان المقدس والعظيم ،محذراً من الانتماء بالقول وبالمزاعم ،والادعاء الزائف بهذا الانتماء ممن يتحركون تحت أنشطة و عناوين مغرضة مصلحية وفي حقيقة الأمر تتضح غاياتها التضليلية والهدامة والتخريبية البعيدة عن مصداقيتها وجديتها لأنها أخلَّت بالانتماء الحقيقي إخلالاَ رهيباً وأخلت بالقيم وبالمبادئ والالتزامات..
يتطرق السيد القائد إلى نماذج من هذه الاختلالات المتمثلة في أعمال المنافقين وفي علاقاتهم وروابطهم ومواقفهم التي تخدم أعداء الأمة الإسلامية وتوالي الكافرين وتتخذهم أولياء من دون الله ويبتغون عندهم العزة ، ويتحدث عن الخلل في الولاء لله جل شأنه الذي قال عن المنافقين ” بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا138 الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعًا”.
وبذلك يكشف السيد القائد كيف وقع الكثير من أبناء الأمة في هذا الانحراف وباتوا بكل وضوح يحملون الراية الأمريكية الإسرائيلية وقد فضحهم وكشفهم القرآن الكريم وانطبق عليهم قول الله سبحانه ” يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ “.
يعود السيد القائد مرةَ أخرى ليعزز ويرسخ المفاهيم الإيمانية ويؤكد النموذج الصادق المعبِّر بالفعل عن الانتماء الحقيقي الذي يرضي الله سبحانه ،إذ يتحلى أصحاب هذا النموذج باليقين وبالثقة بالله وبوعده ووعيده وهم الذين لم يعانوا من حالة الارتياب ويسودهم الاطمئنان التام والتحلي بالمسؤولية وبالمواقف والتحركات الصحيحة وينطبق عليهم قوله الله سبحانه ” إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا “.
السيد القائد عبدالملك الحوثي -حفظه الله- يذكِّرنا أيضاً بعظيم المسؤولية المتجسدة في عنوان الجهاد في سبيل الله بالنفس وبالمال، ويؤكد أنها جزء أساسي من الإيمان وهي المحك المهم الذي يتجلى في مصداقية الانسان وفي توجهه الجاد وفي انتمائه الحقيقي للإيمان الذي لم يكن الأعراب يرغبون فيه وأرادوا إيماناً لا مسؤولية فيه ، إيماناً لا يكون العطاء والتضحية والجهاد جزءاً منه ، إيماناً لا يدخل فيه الموقف والمسؤولية ،إيماناً عبارة عن شعائر ومظاهر دينية فقط بعيدة عن العمل الصالح في ميدان هذه الحياة..مواضيع عديدة تناولت التحديات العسكرية والاقتصادية والأمنية التي تواجه الأمة العربية والإسلامية كان لها حضور واضح في معرض حديث السيد القائد ،وقد نبَّه إلى عامل مهم لمواجهة تلك المخاطر والتحديات يتمثل ذلك العامل في الإيمان الذي اعتبره عنصر قوة بمفهومه الصادق وأصالته التي تمثل امتداداً لما كان عليه رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله ، الإيمان وفق الانتماءات والروابط القوية ، الإيمان وفق المفهوم القرآني الصحيح الذي نحتاج إليه ونرى آثاره المهمة والعظيمة في واقعنا وتاريخنا.

قد يعجبك ايضا