بوسع أحزاب اللقاء المشترك أن تصدر من البيانات والتصريحات الخطابية والإعلامية ما شاء لها الهوى¡ وبوسع هذه الأحزاب أيضا◌ٍ أن تطلق التهم وتكيل الشتائم لمن تصفهم بخصومها السياسيين¡ وأن تنال بخناجرها المسمومة مöنú كل م◌ِنú لا يتفق مع نهجها التدميري وتصرفاتها غير المسؤولة¡ غير أنه ليس بوسع هذه الأحزاب أن تقنع أحدا◌ٍ حتى ممن ينتمون إليها من العقلاء والناضجين والراشدين بصوابية توجهاتها¡ والمسار الذي تتبعه في تعاملها مع القضايا الوطنية. وهذا القول ليس من باب التحامل أو التجني أو التشنيع على هذه الأحزاب¡ وإنما هو الحقيقة التي تتجاهلها القيادات المتنفذة في أحزاب اللقاء المشترك¡ والتي صارت تتصرف وفق ما تمليه رغباتها وأهواؤها الذاتية وليس ما تقتضيه مصلحة أحزابها¡ ومصلحة الوطن الذي تنتمي إليه¡ ومصلحة الشعب المحسوبة عليه. وبإمكان هذه القيادات الحزبية استشراف هذه الحقيقة من الواقع عبر استجلاء نظرة الناس لمواقفها المتعرجة بسهولة شديدة من خلال كوادرها وقياداتها الوسطية وتكويناتها القاعدية¡ وليس من أي أحد آخر¡ وستجد أنه حتى أعضاؤها صاروا يرفضون قطعيا◌ٍ ذلك الأسلوب المغامر¡ الذي تنتهجه هذه القيادات المتنفذة¡ التي كانت السبب المباشر في كل الإخفاقات والانتكاسات التي منيت بها أحزاب اللقاء المشترك في الدورات الانتخابية – الرئاسية منها أو البرلمانية أو المحلية. ومع ذلك لا نعتقد أن هذه القيادات ما تزال تأبه لصوت أعضائها أو لتقييم الآخرين لمواقفها¡ أو أنها حريصة حتى على اكتشاف مثالبها والجنايات التي ارتكبتها في حق هذا الوطن¡ الذي يبدو أنها قد اختزلته في شخوصها¡ ولم تعد تلتفت إلاø لما يخدم مصالحها الذاتية والأنانية¡ بعد أن اختلط لديها الحابل بالنابل¡ إلى درجة وصل بها الغلو والتشدد حدø◌ِا◌ٍ لم تفقه فيه لمنطق أو حجة أو صواب. وأمام هذا الجنوح فإن ما نسعى إليه في هذا الحيز ليس أكثر من تنبيه أحزاب اللقاء المشترك وقياداتها التي تطغى على مواقفها الرعونة والشطط والمقامرة إلى فداحة هذا المسلك التدميري على الحياة السياسية والتجربة الديمقراطية والمصالح العليا للوطن. وتخطئ هذه الأحزاب إذا ما اعتقدت أننا بهذا الطرح ننتقدها لمجرد إسرافها في إصدار البيانات والتصريحات لقناعتنا بأن الناس قد ملوا مثل هذه البضاعة الكاسدة¡ وصار ما يهمهم ليس الكم الذي يصدر عن هذه الأحزاب من البيانات¡ وما تحتويه من الردح ولكن الأهم لدى العامة هو أن تكون هذه الأحزاب صادقة مع نفسها وصادقة مع الوطن وصادقة مع الآخرين وصادقة في ما تطرحه وصادقة في ما تقوله وصادقة في عهودها ووعودها وصادقة مع الديمقراطية وقيم الحوار¡ أمøا غير ذلك من الجعجعة والنفخ في الكير¡ فإنه قد صار ممجوجا◌ٍ ومستهلكا◌ٍ ومكشوفا◌ٍ ولم يعد يستأثر باهتمام أحد خاصة وأن المواطن اليمني بلغ من الوعي حدا◌ٍ يجعله يميز بين الجيد والردىء وبين “ما ينفع الناس” و”يمكث في الأرض” “كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء”¡ وبين الهرطقات والفرقعات والفقاعات الصابونية التي لا تعدو كونها كغثاء السيل. وبالتالي فإن الديمقراطيين الحقيقيين هم من يبنون مواقفهم على قاعدة وطنية وروح ديمقراطية¡ ولا يشعرون بأية غضاضة إذا ما أخفقوا ونجح الآخر. والديمقراطيون الحقيقيون هم من يمنحون الوطن من العطاء أكثر مما يمنحونه لأنفسهم¡ وإذا لم يحققوا مبتغاهم عرفوا أن الخطأ فيهم وليس في من لم يمنحوهم أصواتا◌ٍ. والديمقراطيون الحقيقيون هم من يتطبعون على أخلاقيات الممارسة الديمقراطية الناضجة. والديمقراطيون الحقيقيون هم من يجعلون المستقبل هدفهم الأسمى ولا يواجهون خلافات وتباينات الحاضر بالتمترس خلف موروثات الماضي المتخلف والبغيض. والديمقراطيون الحقيقيون هم من يتصفون بشجاعة المواقف ويكونون دائما◌ٍ أصحاب قرار ولا يلجأون إلى افتعال الأزمات وإشعال الحرائق والفتن واختلاق المنغصات أمام الوطن بغية التهرب من استحقاقات وطنية وديمقراطية مشروعة والالتفاف على إرادة الجماهير. والديمقراطيون الحقيقيون هم من يمتلكون مشروعا◌ٍ سياسيا◌ٍ غايته النهوض بالوطن وإكسابه المزيد من المنعة والقوة والحضور المشرف بين الشعوب والأمم. والديمقراطيون الحقيقيون هم من يبنون ولا يهدمون ويشيدون العمران ولا يخربون ويكبرون بكبر الوطن ولا يتقزمون بقزمية المشاريع الصغيرة التي لا ينجر إليها إلاø الصغار الذين تطفح نفوسهم بالأحقاد والضغائن على وطنهم ومجتمعهم. والديمقراطيون الحقيقيون هم السياسيون الذين إذا اختلفوا اختلفوا كالأبطال وإذا اتفقوا اتفقوا كالرجال الشجعان¡ ولا يصل بهم الاختلاف إلى هدم المعبد على من فيه. ومن لا يلتزم بهذه المعاني والقيم فلنسمه ما شئنا إلاø أن يكون ديمقراطيا◌ٍ أو وطنيا◌ٍ أو صاحب موقف¡ لأن أفعاله وأعماله وتصرفاته هي بكل تأكيد خارج سقف الديمقراطية والوحدة والوطنية. وهؤلاء هم أصوات الباطل في كل حال وحي