(وأمّا بنعمةِ ربّك فحّدث )
عبدالمجيد حسين عزيز
إن أروع خدمة وأهم إنجاز قدمته القيادة الوطنية في صنعاء للمواطن خلال هذه الفترة هو قرارها القاضي بإعفاء صغار المكلفين من الضريبة، وتقليص ضريبة القات إلى خمسة% وهي نسبة ضئيلة جدا مقارنة بما كانت عليه من قبل، هذه البادرة لها مدلولات عظيمة تتخطى أثرها الإيجابي على شريحة كبيرة من الشعب، وتتجاوز دلالتها تغيير المفاهيم والأساليب في إدارة الضريبة وفي إدارة الدولة، إذ أنها لم تتخذ في وقت رخاء واستقرار بل جاءت في وقت تتحمل فيه الدولة حملا ثقيلا وأعباء مالية باهظة لتغطية تكاليف حرب ومواجهة عدوان هو الأكبر من نوعه في المنطقة والعالم منذ الحرب العالمية الثانية، وفي ظل حرب اقتصادية وحصار و عجز وركود وشحة في الموارد التي تسيطر على معظمها قوى الاحتلال ومرتزقته لتؤكد هذه القرارات على ما تحمله القيادة من نيات طيبة واستشعارها المسؤولية وإحساسها بمعاناة المواطنين وحرصها على التخفيف عنهم وإيثارها مصلحتهم على حساب مصلحة الدولة وأعبائها..
إن مثل هذا القرار لا يمكن أن يتحقق في أي نظام أو دولة إلا بثورات عارمة وأحداث وقلاقل وتضحيات شعبية كبيرة لكنها في اليمن وفي ظل الثورة وقائدها تحققت بدوافع الإيمان وروحية الرحمة والإيثار في ضمير القيادة ..
أكتب هذه الإشادة بقلم منابذ للتطبيل، عادته النقد والتركيز على أوجه القصور، حريص على عدم امتداح أي سلطة أو صانع قرار قام بالمسؤولية والواجب..
لكني أرى اليوم ما لم تعهده اليمن منذ نصف عقد مضى في أكثر من مجال وليس في مجال الضريبة فقط وإن كانت بوادر الإصلاح فيها تستحق كل شكر وإشادة، فالزكاة تم إسنادها لأياد أمينة وباتت تصرف في مصارفها وتصل إلى الفقراء والمساكين، ومن لا يستطيع الزواج من الشباب يذهب نحو الهيئة فيعود مُعَاناً .
وفي مجال حراسة الدين نجد أنفسنا أمام قيادة تهتم بقضايا الأمة وتبذل جهدها في سبيل استنهاضها وتوجيه طاقاتها ضد قوى الاستكبار العالمية والوقوف أمام المشاريع الأمريكية الصهيونية، وتسعى لإيجاد دولة مستقلة غير قابلة للوصاية، وتتبنى خطاب الإسلام وتحث الخطى نحو تطبيقه، وتتحرك في مواجهة الحرب الناعمة، وتعمل على بعث الهوية اليمنية الإيمانية وتربية المجتمع اليمني على الفضيلة والأخلاق الكريمة..
كما نرى تحررا من الذهنية السابقة في إدارة الدولة وقفزات أسطورية في الملفات الأمنية والعسكرية، وقدرة على تحقيق الصمود والانتصارات والإنجازات المشرفة في مجال الدفاع عن تراب اليمن ومواجهة المعتدين المحتلين..
وكلها أمور عظيمة وإنجازات هامة جددت في نفوسنا الأمل بقيام دولة يمنية إسلامية عادلة مستقلة وحديثة وقوية وفق الأسس العامة لأحكام الشريعة السماوية، دولة رحبة تتسع للجميع وترسي دعائم العدل والمساواة وتراعي مصالح العباد في المعاش والمعاد، وتحقق نهضة حقيقية للفرد والمجتمع، وتضع صورة مشرقة للعمل السياسي المرتبط بالإسلام ونموذجا مشرفا للحكم الإسلامي الرشيد..
وما ذلك بغائب عن ضمير وتوجهات وإرادة قيادتنا المؤمنة المجاهدة، وقد بدأت آفاق تلك الدولة المرجوة تلقي بظلالها على أرض الواقع وتضع مداميكها شيئا فشيئا، وبعون الله وإرادة المؤمنين وتعاون المخلصين ستكون واقعا ملموسا و حقيقة يشهدها الناس وينعمون بخيرها.