“فأحبط أعمالهم”.. بصبغة ذاتية الرؤية
أشواق مهدي دومان
أحاول أن أحاكم لغتي لأذيب مشاعري وذاتي لأكون موضوعيّة وقد وجدتّ ذاتي ممزوجة بعمق الموضوع الذي أردتُ القول فيه: إن ذاتيتي وموضوعيتي منسجمتان ومؤتلفتان وذائبتان ببعض، ذات تعشق أباها وتراه أجمل نصر لها في الدّنيا؛ ولو حكم من سيقرأ مقالي بالذاتيّة فليحكم ؛ وكلّ له حريته في حرفه وبيانه حين لازلت في وجوم تصنعه الفرحة ويصنعه شعور الشّموخ والاعتزاز برجال أمن ما كنّا نحلم بهم ولو عشنا حكايات ( ألف ليلة وليلة ) ،
جهاز استخباراتي محكم الثّقة يفتّت خلايا دام عمرها عمر العدوان أمّا نشأتها فعلى يدّ العجّان الذي قالها بصراحة وبجاحة :” خبزي وعجيني ” ،،
آخر ما يكون في ضابط جيش أو أمن أن يكون عميلا ، وأوجع ما يصبح أن يمسي تربوي مرموق عميلا ، وأمّا جهاز الأمن القومي و”عمّاره” فمعروف على الأقل للعالمين أيّ كارثة كائنة كانت بذاك العمّار الهدّام.
سأفخر بوالدي واعتز وأقولها بالفم المليان والرّوح المشبّعة قيما ومبادئ :
فخورة بذلك الضّابط الذّكي النّبيه الغيور النّزيه الشّريف الذي لم نأكل من يديه ولم يدخل في جوفنا ريالاً حراما.
فخورة بأبي حين قال لعفّاش في 1997م : ” لا يشرّفني أن أعمل تحت إمرتك ، وبقائي في بيتي أشرف لي ” ، وظلّ ستة عشر عاما إلى أن سُمّم ورحل شهيدا متأثّرا بسمّه يكتم سرّ من قتله في روحه ، رحل شريفا وقبل تسميمه بأسابيع جاءوه يتوسّطون بأن يعود للعمل كوزير داخلية ( بعد تهميشه منذ ( 1997 إلى 2013م) ، جاءوه يساومونه في مبادئه في دولة خبزة عفّاش الكبيرة : ( عبد ربّه ) بأنها ستدعمه قطر ونعالها فكان ردّ والدي : ” أخبروا من أرسلكم : أنّي لا أبحث عن المناصب ، ومن أرسلكم لإقناعي هو وأربابه بــجزمتي ، وأنا اليوم أستعدّ للقاء اللّه مشبعا متشبّعا من الدّنيا ، ولن أموت إلّا مسلما صحيح الإسلام زيديّا هاشميّا “، وأضاف : ” رافضيا مجوسيا ” ؛ حين كانت اتهاماتهم له ولإخوتي من بعده هكذا ، فقد نسينا فترة غير قصيرة من الزّمن أنّنا يمنيون فقد نادانا أقرب الاقربين بـــ : ” الإيرانيين ” وأسموا والدي بالحوثي الكبير وأخويّ بالحوثة الصّغار ،،
فهنيئا لي بأبي وانتسابي له ،،
السّؤال : ما شعور بنت أو ابن من وسم التاريخ آباءهم وتقدّم ذكر أسماء آبائهم بــالخائن فلان ، والمرتزق علان ، والفار زعطان ، والعميل فلتان ؟؟
ما الفرق بينهم وبين من يذكره النّاس فيقال عنه : أزكى السّلام على فلان ؟؟
حقّا الإنسان يضع نفسه حيثما يشاء، وما كنوز الارض تصنع السمعة النقية إلّا الاخلاص للّه ثمّ لمن يخلصون للّه ، وكم تمنيت لو امتد العمر بأبي ليحيا نشوة هذا اليوم.. ليرى بعينيه أين وكيف أصبح مصير العملاء والخونة والمرتزقة الذين لم يسمعوا النّصح ، وكيف انطبعت الخيانة على وجوههم وأكفّهم التي صافحت الصهاينة وخدمهم وباعوا دينهم وأرضهم وعرضهم لدنيا فانية ؟
ليتك سيّدي بيننا لترى مصائر ومواقف المتسوّلين المنهزمين الذين يشحذون فتاتا ويرتزقون حراما على أبواب فنادق وشقق وعواصم خدم الصهاينة والامريكان ،،
أبي : لتطُف روحك ، ولا شكّ في أنّها تطوف ، ولتثلج روحك بما نحياه نحن من أمن في زمن الرّعب العدواني الكوني ، وهدوء في زمن شتات المنظمّات المتعربدة ،
ليتك بيننا لتحيا البناء في زمن المدمّرات الشّيطانية ، وليتك بيننا لتتنفّس آمالك وأمنياتك وأشواقك بنشوة انتصارات قائد عظيم همام كانت تدمع عيناك شوقا للقائه حبا وموالاة له ، وموالاة للقرآن والمسيرة والقيم والعفّة والنّزاهة التي عشت حياتك لها وبها وفيها وحييت كمن ينقش في الصّخر ليؤسّس قيمة ومبدأ في تلميذ له أو حتى في بنت أو ابن له فكان له من الأجيال والأبناء شهودا على حريته ، وهو عنفوان الحقّ ورمز الرّجولة،،
فخورة بك وفخورة بسيدي ابن رسول اللّه القائد الأصغر سنّا، لكنّه العلم الذي حلمنا بدولته كثيرا ، وها نحن نرى رجاله يعملون بصمت حتى يتحقّق الأمن والعدل ، وربّما ساورتنا الشّكوك في قدرتهم على معالجة كلّ هذا الدّمار الذي سبّبه العدوان الكوني على يمننا وقبله الخونة والمرتزقة في السبعة والثلاثين عاما التي سبقت الثّورة القرآنية التي غيَّرت ملامح الشقاء الى سعادة، فخورة وللمليون أقولها : إنّي يمانيّة ، فخورة بأنّي حوثيّة ( كما يحلو للبعض مناداتي ) ، وحامدة للّه يوم اعتنقت العدل والحقّ والسّلام والتحقت بسلّم المجد عن أبي وأخي الأكبر ( مبكّرا ) وهما من أعادا لنا بوصلة الصّحة في توجهنا بعد أن ارتبطنا بمدارس وجامعات لا يخلو معلموّها من الوهابيّة والإخوانجيّة ، وما كنّا نشعر بحجم ما تختزنه عقولنا من ثقافات مغلوطة ، ولكنّ الأساس القرآني منذ الرابعة من العمر كان مع أستاذي وصديقي الوالد الشّهيد والذي بدأت وسأنهي مقالتي بالترحّم والفخر به، فليته عاش ليرى وزارة داخلية كان يحلم بإنجازاتها ، وما هو إلّا اللّه في أرواح رجال الدّاخلية الأشاوس الأبطال ، وما هو إلّا تثبيته، فحين نشاء الثّبات فاللّه كريم لا يمنعه عنّا ، ولو انحرفنا فما ظلمنا اللّه ولكن كنّا من نظلم أنفسنا ، والمجد لرجال اللّه ، والسّلام.