غريفيث في مهمة أمريكية!!
وديع العبسي
في فبراير 2018 – عَيّن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، البريطاني مارتن غريفيث مبعوثاً خاصاً له إلى اليمن خلفا لمبعوثه السابق الموريتاني إسماعيل ولد الشيخ أحمد بعد أن تبين عدم حياديته في أداء مهمته.. تعيين الشيخ جاء هو الآخر عقب ما ظهر من تحيز المبعوث الأممي الأسبق المغربي جمال بن عمر، وفي المحصلة ثلاثة خبراء (افتراضيين) خلال خمسة أعوام من الحملة العسكرية العدوانية التي شنتها السعودية وحليفاتها ولا نتيجة لجهة إيقاف العدوان ورفع الحصار.
بدأ غريفيث مهمته الإنسانية بأفكار حيوية كونت انطباعاً ايجابياً وأعطت شعوراً زائفاً بأن الرجل هو الأنسب للمهمة قبل أن يتحول أداؤه إلى نسخة مكررة لعمل سابقيه، زار صنعاء لأول مرة في مارس من ذات العام وحينها لم يزر عدن لانعدام الأمن، ونهاية الشهر قدم إحاطته الأولى لمجلس الأمن الدولي صرح فيها بأنه «ينوي عرض إطار عمل لإجراء المفاوضات على المجلس خلال شهرين».
في هذه الأثناء فشل غريفيث في تنفيذ مشاورات جنيف التي وُلِدَت ميتة لضعف التحضير وعجز ترتيب وتأمين سفر الوفد الوطني، ليعمل لاحْقا على انعقاد لقاء ستوكهولم الذي خرج باتفاق الحديدة ثم لم يتجاوز الأمر هذا الحد، تحول الاتفاق إلى أزمة.
اعتمد غريفيث ترحيل أزمة اتفاقية الحديدة باستمرار بابتداع مخارج مزعومة لإشكالية عدم تطبيقه تمثلت في تقسيم الاتفاقية إلى مراحل انتشار القوات، أولى وثانية وثالثة ورابعة وخامسة، ليتبين انه أراد بمخارجه التي قصد بها أن تكون آلية تنفيذية للاتفاقية إطالة أمد الأزمة ليس إلا، هذا في الوقت الذي وضع فيه الكثير أملهم بأن يكون تنفيذ مخرجات ستوكهولم بداية عملية لإنهاء العدوان ورفع الحصار عن الشعب اليمني.
المعطيات العملية على أرض الواقع تؤكد أن إيقاع الحركة الافتراضية في اتجاه تحقيق السلام في اليمن لم تكن على النحو الباعث للقناعة بإمكانية بلوغ الهدف، يدعم ذلك ما صارت إليه الأمور في البلد من حالة تقسيم استعماري ينشط جنوبا ويضعف شمالا باستثناء الشمال الشرقي من صنعاء، حيث محافظة مارب تغرد في سرب خاصٍ بها.
يحدث ذلك فيما لا يزال غريفيث يمارس هوايته السندبادية في رحلات مكوكية بين واشنطن والرياض وصنعاء، وفي كل مرة يأتي الرجل، ليعِّبر عن تفاؤله بالوصول إلى محطة السلام في ما يبدو أشبه بحقنة تخدير، ليعيش الرجل حالة وَهْمٍ بنجاح مخططه التخديري وبالتالي تحقيق هدفه.
عامان، لم ينجح خلالهما غريفيث في تحقيق أي انجاز على أرض الواقع، واقتصر نجاحه على تقديم الإحاطات التي حادت كثيرا عن توصيف الوضع على النحو الإيجابي المنصف.. فشل في فتح مطار صنعاء الدولي، أو على الأقل تسيير رحلات لمرضى بحاجة للعلاج في الخارج، رغم إعلانه السعي في هذا الأمر غير مرة، آخرها الشهر الماضي حين أبلغ مجلس الأمن الدولي بقرب إقلاع «أول رحلة إغاثة جوية، تضم 30 مريضا من اليمن» في إطار ما أسماه «تسيير رحلات غوث جوية»، لينتهي الأمر إلى السماح لسبعة مرضى فقط بالسفر من أصل 32 ألف مريض بحاجة للسفر والعلاج في الخارج.. فشل في تحييد عمل البنك المركزي، ومؤخرا خدمات الاتصالات، فشل في فك القيود على السفن التي تحمل المواد الغذائية والمشتقات النفطية.. بل فشل حتى في الانتهاء باتفاقية ستوكهولم إلى حقيقة ماثلة..
أما قضية إيقاف العدوان على الشعب اليمني ورفع الحصار والتي يفترض أن تكليفه كان لهذا الغرض فيبدوان كمسألة بعيدة عن اهتمام الرجل حتى، ليصير الأمر انعكاسا لموجهات يلتزم بها الرجل تحددها واشنطن في المقام الأول ثم الرياض.