الثورة/قاسم الشاوش /وكالات
قوبل إعلان صفق القرن المشبوهة للسلام المزعوم في منطقة الشرق الأوسط ردود أفعال غاضبة فلسطينيا وعربيا وإسلاميا ففور إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مساء أمس الأول لهذه الصفقة في مؤتمر صحفي حمل في طياته تحريضا سافلاً ضد الشعب الفلسطيني ودول محور المقاومة ورضاء فاضح للمتطبعين العرب المتواطئين مع كوشنر وترامب في هذه المؤامرة والمتعهدين بتمويلها من أموال شعوبهم وأرصدة أجيالها القادمة وضخ مئات المليارات في الاقتصاد الأمريكي وهي دول السعودية والإمارات وغيرها من الدول المتواطئة مع هذه الصفقة إلا أن الرد الفسطيني جاء قويا من رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الرافض لهذه الصفقة المشبوهة التي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية داعيا الشعب الفلسطيني إلى النزول إلى الشارع للاحتجاج والغضب الرافض لصفقة القرن .
وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس إن الخطة “لن تمر وستذهب إلى مزبلة التاريخ كما ذهبت مشاريع التآمر في هذه المنطقة”. وقال عباس عقب اجتماع القيادة الفلسطينية أمس الأول “إن مخططات تصفية القضية الفلسطينية إلى فشل وزوال ولن تسقط حقا ولن تنشئ التزاماً… سنعيد هذه الصفعة صفعات في المستقبل”. وأكد عباس “أن القدس ليست للبيع، وكل حقوقنا ليست للبيع والمساومة”، في رفض واضح لمقترح ترامب بأن القدس ستظل “عاصمة غير مقسمة لإسرائيل”.
وهدد عباس باتخاذ إجراءات لإنهاء الدور الوظيفي للسلطة الفلسطينية، معتبرا الخطة الأمريكية في مجملها تخدم سياسات وخطط إسرائيل. فيما أعلنت حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة رفض الخطة مؤكدة أنها ستسقط “هذه الصفقة”.
ففي غزة عم الإضراب الشامل مختلف مناطق قطاع غزة ورفعت الأعلام السوداء أمس رفضا لإعلان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، “صفقة القرن”.
وجاء الإضراب تلبية لدعوة من القوى الوطنية والإسلامية التي أكدت أن الإضراب يشمل كافة القطاعات بغزة، باستثناء المؤسسات الصحية.
وقال بيان صادر عن هذه القوى: “قررت لجنة المتابعة الإعلان أمس الأربعاء عن إضراب شامل يشمل كل مرافق الحياة في قطاع غزة، ما عدا وزارة الصحة، لتوجيه رسائل واضحة للعدو الصهيوأمريكي، أن هذه الصفقة المشؤومة لن تمر، وسيقاومها شعبنا بكل الأشكال والأساليب حتى يسقطها”.
وأضافت “رفع الأعلام السوداء على أسطح المباني والمؤسسات الرسمية والحكومية تعبير عن حالة الغضب الشعبي الرافضة للصفقة”.
وجددت القوى تأكيدها على استمرار الفعاليات والأنشطة وحالة الاشتباك المفتوح مع الحكومة الإسرائيلية من أجل إسقاط الصفقة.
واعتبرت بأن الإعلان الأمريكي عن “صفقة القرن” يمثل “حلقة جديدة من حلقات المخططات الأمريكية الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية، بل وتصفية الوجود الفلسطيني على أرضه والهوية الوطنية الفلسطينية”.
وأعلنت حركة حماس رفضها خطة ترامب للسلام مشددة أنها ستسقط هذه الصفقة.
وقال خليل الحية نائب رئيس حماس في قطاع غزة لوكالة فرانس برس “نرفض هذه الصفقة ولن نقبل بديلا عن القدس عاصمة لدولة فلسطين ولن نقبل بديلا عن فلسطين لتكون دولتنا ولن نقبل المساس بحق العودة وعودة اللاجئين”، مضيفا “أيدينا ودماؤنا وبنادقنا وجماهيرنا مقدمة لإسقاط صفقة القرن وسنقاومها بكل الأشكال لإسقاطها”.
وأضاف الحية أن “فلسطين نار ولهيب كل من عبث بها ستحرقه، ترامب سيحترق تاريخيا وأخلاقيا وإنسانيا لأن ظلمه تعدى كل الخطوط الحمراء” وتابع “نحذر كل العالم من التساوق مع هذه الصفقة لأننا نرفضها”.
وشدد أن “القدس عاصمتنا وأن اللاجئين سيعودون والأرض موحدة، وسيرى (ترامب) قوة شعبنا في كسر هذه المعادلات كما حطم بصبره ووحدته كل المؤامرات السابقة”.
من جهة ثانية قال داوود شهاب الناطق باسم حركة الجهاد الإسلامي في بيان ردا على خطة ترامب “سنقاتل بذور الشر التي يريدون من خلالها إغراق المنطقة في الزمن الصهيوني، سنقاتلهم في كل شارع وسنطردهم من أرضنا ومن هوائنا وبحرنا” وأضاف أن “خطابي رئيس الولايات المتحدة ترامب، ورئيس حكومة الاحتلال مملوءان بالأحقاد والأساطير لرمي المنطقة في أتون العنف”.
ووصف “السفراء العرب الذين حضروا إعلان خطة ترامب “يمثلون منتهى التآمر ومنتهى خيانة الشعب الفلسطيني والأمة.
عربيا
وأعلنت سوريا، أمس رفضها المطلق لـ “صفقة القرن” الأمريكية للسلام في الشرق الأوسط، مطالبة المجتمع الدولي بإدانتها.
ونقلت وكالة الأنباء السورية “سانا” عن مصدر في وزارة الخارجية السورية، قوله إن دمشق تدين “صفقة القرن” التي تمثل، وفقا له، “وصفة للاستسلام لكيان الاحتلال الإسرائيلي الغاصب وتجدد وقوفها الثابت مع الكفاح العادل للشعب الفلسطيني لاستعادة حقوقه المشروعة.
وتابع المصدر أن الخطة الأمريكية “تندرج في إطار المحاولات المستمرة للإدارات الأمريكية المتعاقبة والكيان الصهيوني لتصفية القضية الفلسطينية وتجاهل الشرعية الدولية وإجهاض قراراتها بخصوص الصراع العربي الإسرائيلي”.
وأضاف المصدر أن نشر “صفقة القرن” كشفت مجددا “التحالف العضوي بين الولايات المتحدة والكيان الصهيوني في عدائه المستحكم للأمة العربية وقضاياها”.
وتابع أن سوريا تطالب المجتمع الدولي بإدانة الخطة الأمريكية والتأكيد على قراراتها “وفي مقدمتها إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية والفلسطينية المحتلة وضمان الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها حق العودة وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس”.
وأمس الأول، استعرض الرئيس الأمريكي، أثناء مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في البيت الأبيض، الخطوط العريضة لخطة الولايات المتحدة لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
كما دعت مصر في بيان لوزارة خارجيتها “الطرفيّن المعنييّن بالدراسة المتأنية للرؤية الأمريكية.. والوقوف على كافة أبعادها، وفتح قنوات الحوار لاستئناف المفاوضات برعاية أمريكية، لطرح رؤية الطرفيّن الفلسطيني والإسرائيلي إزاءها”.
من جانبه وصف رئيس مجلس النواب الأردني عاطف الطراونة خطة ترامب بأنها “مشؤومة، ويوم أسود للقضية الفلسطينية يذكرنا بوعد بلفور”، لكن وزير خارجية الأردن دعا إلى مفاوضات مباشرة تتناول جميع قضايا الوضع النهائي في إطار حل شامل وفقا للشرعية الدولية والمبادرة العربية. ونقل بيان عن وزير الخارجية أيمن الصفدي قوله إن “السلام العادل والدائم الذي يلبي جميع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق هو خيار استراتيجي أردني فلسطيني عربي”.
ترامب أعلن “صفقة القرن” للسلام بين إسرائيل والفلسطينيين في مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو
على الصعيد الأممي قال متحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة في بيان إن الأمين العام للمنظمة أنطونيو غوتيريش يتعهد بمساعدة إسرائيل والفلسطينيين على التوصل إلى سلام قائم على قرارات المنظمة الدولية والقانون الدولي والاتفاقات الثنائية ورؤية الدولتين بناء على حدود ما قبل 1967م.
إلى ذلك دعت روسيا الإسرائيليين والفلسطينيين إلى الشروع في “مفاوضات مباشرة” لإيجاد “تسوية مقبولة للطرفين”، وقال نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف “لا نعرف ما إذا كان المقترح الأمريكي مقبولاً للطرفين أم لا. علينا أن ننتظر ردود فعل الأطراف المعنية”.
تركيا من جانبها اعتبرت أن “خطة السلام الأمريكية المزعومة ولدت ميتة”، حسب بيان للخارجية التركية، الذي أضاف أنها “خطة ضم (للأراضي) تهدف إلى نسف حل إقامة الدولتين وإلى سلب الأراضي الفلسطينية”.
وفي لندن قال وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب إن خطة ترامب للسلام هي “بكل وضوح اقتراح جدي”، مؤكدا في بيان أن “اتفاقا للسلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين يؤدي إلى تعايش سلمي يمكن أن يفتح آفاق المنطقة برمّتها، وأن يمنح الجانبين فرصة لمستقبل أفضل”. وقال إن المسؤولين الإسرائيليين والفلسطينيين “هم الوحيدون القادرون” على اتخاذ موقف حيال هذه المقترحات ومدى “استجابتها لاحتياجات وتطلعات شعبيهما”، و”نشجعهم على دراسة الخطة بطريقة صادقة ومنصفة، وبحث ما إذا يمكن أن تشكل خطوة أولى للعودة إلى مسار التفاوض”. وصدر بيان الخارجية البريطانية بعيد ترحيب رئيس الوزراء بوريس جونسون بالخطة الأمريكية.
سياسيا
إلى ذلك علق المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني على ماتمسى بـ”صفقة القرن” التي اعلنتها الولايات المتحدة أمس الأول.
وقال مكتب السيد السيستاني، في بيان نشر على موقه الرسمي، “تعليقاً على قرار الولايات المتحدة الاعتراف بمدينة القدس عاصمة للكيان الاسرائيلي صرح مصدر مسؤول في مكتب السيد السيستاني في النجف الأشرف بما يلي:
ان “هذا القرار مدان ومستنكر، وقد اساء الى مشاعر مئات الملايين من العرب والمسلمين، ولكنه لن يغير من حقيقة أن القدس أرض محتلة يجب أن تعود الى سيادة أصحابها الفلسطينيين مهما طال الزمن ، ولا بد ان تتضافر جهود الأمة وتتحد كلمتها في هذا السبيل والله ولي التوفيق”.
وأعلن الرئيس الأمريكي، في وقت سابق من أمس الأول، بنود “صفقة القرن” التي طال انتظارها وعمل عليها منذ توليه السلطة عام 2017م، وتنص على تسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بناء على صيغة حل الدولتين مع بقاء القدس عاصمة “موحدة” لإسرائيل وتخصيص أجزاء من الجانب الشرقي للمدينة للعاصمة الفلسطينية، إضافة إلى سيادة إسرائيل على غور الأردن والمستوطنات في الضفة الغربية.
وأعلن نتنياهو موافقته على هذه الخطة والاستعداد للتفاوض المباشر مع الفلسطينيين بناء عليها، بينما لقيت رفضا فلسطينيا وعربيا قاطعا بما في ذلك من قبل رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، الذي قال إن “القدس ليست للبيع”، ووصف هذه المبادرة بـ”المؤامرة”.
وقالت صحيفة لوتان السويسرية في افتتاحية لها: إن خطة السلام الأمريكية -التي كشف عنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بعد ثلاث سنوات من الانتظار، والتي كان من المفترض أن تسوي القضية الإسرائيلية الفلسطينية مرة واحدة وإلى الأبد- كانت فضيحة ومهزلة وإهانة للعقل والمنطق.
وأوضحت الافتتاحية أن الخطة الأمريكية تمتاز بالوضوح، لأنها تقدم فلسطين للمنتصر الإسرائيلي، وأن لها جوانب جيدة إذا تم تطبيقها، إذ إنها توضح أخيرا الوضع على حقيقته في الشرق الأوسط، بعد أكثر من نصف قرن من الغش والمظاهر الخادعة.
تبادل المكاسب بين ترامب ونتنياهو
وقالت الصحيفة إن خطة السلام الأمريكية -التي أعدها جاريد كوشنر صهر الرئيس الأمريكي- لها هدف أول واضح، وهو تبادل المساعدة بين الصديقين ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اللذين ربطا بصورة وثيقة بين مصيرهما السياسي، حيث يعاني الأول إجراءات الفصل، والثاني مطارد من العدالة في بلده، وكأن الصفقة ترويج ذاتي بتكلفة أقل كما يعتقدان.
أما بالنسبة لترامب -كما تقول الصحيفة- فإن كل حركة لصالح إسرائيل تعتبر ضمانا له لدى قاعدته الانتخابية الإنجيلية، وبالنسبة لنتنياهو فإن دعم القوة الأمريكية العظمى له أمر جيد دائما، خاصة قبل أسابيع قليلة من الانتخابات الإسرائيلية المقبلة.
لكن الخطة الأمريكية -كما ترى الصحيفة- تتجاوز هذا الترتيب بين الأصدقاء، لأنها بصورة صادمة وبدون حياء تستولي على الأراضي الفلسطينية، مما يعني أن التحدي لا يتمثل في إيجاد “سلام” بالمنطقة، بقدر ما هو البناء على خمسين عاما من سياسة “الأمر الواقع” التي يتم تنفيذها بتناسق غير قابل للتغيير على ظهور الفلسطينيين، متسائلة “أليست المستوطنات الإسرائيلية وغور الأردن والجزء الأكبر من الضفة الغربية ستصبح من الآن فصاعدا من حق المنتصر الإسرائيلي؟”.
إكمال السيطرة على فلسطين
ولأن خطة السلام الأمريكية من الناحية العملية شأن إسرائيلي بحت -كما تقول الصحيفة- فإنها ستكون في أفضل الأحوال حكما لموازنة شهية الفصائل المختلفة من اليمين واليمين المتطرف الإسرائيلي التي ما زالت تطلب أكثر، إذ تقول هذه الخطة إن فلسطين ستؤخذ، مع أنه لا يزال يتعين الاتفاق على التفاصيل، خاصة أن نتنياهو وأساليبه عادا إلى مركز الطيف السياسي.
وختمت الصحيفة بأن الخطة الأمريكية فيها ما هو جيد إذا تلتها أفعال، لأنها تقضي على مقولة دولتين تعيشان جنبا إلى جنب، وتتناسى سلطة فلسطينية لم يعد لها دور منذ عقود، ولأن الوضع عند تطبيقها سيكون كما هو الحال، شعب فلسطيني “تم إخضاعه” في الأمر الواقع منذ فترة طويلة ولم يبق له اليوم -بسبب فقد السيادة- إلا السعي للحصول على حقوق مماثلة لحقوق الإسرائيليين.
من جهتها علّقت صحيفة “فرانكفورتر روندشاو” الألمانية على صفقة القرن التي عرضها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، وبرفقته رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أمس الأول في واشنطن، قائلة إنه على الرغم من أن كلا من ترامب ونتنياهو يقدمان نفسيهما على أنهما “مخلصان” ويحاولان إضفاء بعد سياسي كبير على الخطة “إلا أن الهدف الدنيوي لهذه الورقة واضح تماما، حيث إن “خطة السلام” تهدف لمساعدة رجلي الدولة اللذين يتعرضان لرياح عكسية شديدة، للبقاء في منصبيهما.
ورأت الصحيفة أن توقيت الإعلان عن هذه الخطة “ليس له علاقة كبيرة بالوضع بين البحر المتوسط والبحر الميت، ولكن في الحقيقة تم اختيار هذا التوقيت على خلفية الاحتياجات التي تدور بخلد ترامب ونتنياهو”.
وأوضحت الصحيفة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي ليس قلقا فقط بشأن فرص إعادة انتخابه خلال الانتخابات البرلمانية المقررة في إسرائيل في شهر مارس المقبل، وهي ثالث انتخابات خلال سنة واحدة، “بل إنه يخشى أيضا على حريته: فهو متهم رسميا بالاختلاس والغش والرشوة، ومهدد بالسجن”.
تابعت الصحيفة: “أما ترامب، الذي يحظى بشعبية كبيرة في إسرائيل، فسيسدي لصديقه “بيبي” من خلال صفقة القرن، معروفا آخر، لضمان إعادة انتخاب نتنياهو “.