الاستراتيجية الناعمة

 

صخر عبدالله الكبسي

تظل الحروب الباردة والأمواج الناعمة الخيار الآخر والبديل الأمثل لقوى الاستكبار والهيمنة التي فشلت في تحقيق أهدافها بالقوة العسكرية، فقد استخدمت مثل هذه الحروب المعدة في مراكز تخطيط ودراسات تابعة لأجهزة استخبارات إقليمية ودولية في كثير من دول العالم الثالث التي كانت ولازالت محط استهداف القوى الدولية، كما أن لها العديد من الأساليب والطرق المختلفة بحسب ظرفي الزمان والمكان.
وتعد عملية نقله من الاحتلال المادي إلى الاحتلال الثقافي والفكري، حيث تستبدل الدبابة بالإعلام والجيوش بالعملاء وترتكز على إنشاء غرف عملياتية استخباراتية استراتيجية وإعلامية والكترونية والتي يهدف من خلالها الصانعون والمخططون لها من قوى الاستكبار الصهيوأمريكي إلى خلق وصناعة الرأي العام والسيطرة عليه ثقافياً وفكرياً وفق مقاييس مصالحها وديمومتها، متجهة نجو احتلال النفوس وتكريس الأفكار الانحرافية الماسخة لكل منظومات القيم والأخلاق سواء على المستوى الفردي أو العام وفي كافة المجالات، ولا يخفى الأثر الذي أنتجه النشاط الصهيوني الواسع في كثير من الدول العربية والإسلامية الرامي للقضاء على الهوية الإيمانية وتهشيم المبادئ والقيم الأخلاقيةحيث استطاعت عن طريق الأنظمة التابعة لها والتي أصبح معظمها في طليعة من يتبنى هذه المشاريع وينفق عليها مليارات الدولارات كما هو الحال اليوم وما تحيكه كوادر المخابرات الأمريكية والإسرائيلية ومملكة آل سعود جارة الشقاق وأداة النفاق تجاه اليمن أرضاً وإنسانا.. فبعد أن برزت المؤشرات القوية على امتلاكنا لزمام المبادرة وبروز مؤشرات هزيمة قوى العدوان في اليمن اتجهت نحو استخدام هذه الحرب القذرة التي يشرف عليها ويباشرها الكثير من الخبراء الأمريكيين والصهاينة المتخصصين في هذا المجال الذي هو جزء مما أسموه “تبادل الخبرات وتعزيز العلاقات مع الحلفاء في المنطقة” ليكون ذلك رهانها الأخير أمام ما تلقت من خيبة أمل إزاء فشل الخيار العسكري والحصار الاقتصادي طيلة الخمسة أعوام المنصرمة، ها هي تعمد اليوم لتوجيه بندقيتها الناعمة المشحونة بالأفكار السامة والانحطاط الأخلاقي سعياً منها للقضاء على الهوية الإيمانية وحرب المبادئ والأخلاق الدينية والمثل القيمية، إذ تتم ترجمة كل تلك الأهداف والغايات عبر الإدارات العميلة والخلايا المنظمة والنشطة في الداخل والتي تتوزع مهامها في مختلف المجالات داخل المجتمع ابتداءً بأبواق الترويج الدعائي ونشر الشائعات وتزييف الحقائق ونقل الأخبار الكاذبة والتشويه وإلصاق التهم والطعن في القوى المناهضة للعدوان وخلق حالات التذمر والفوضى عبر كافة وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام الراجل الذي ينشط عادة في أماكن التجمعات ومجالس القات ووسائل النقل العامة.
إضافة إلى نشر الفساد الأخلاقي والسلوكيات المنحرفة عبر استقطاب الشباب والشابات وإيقاعهم في حبائل علاقات غير سوية، بحيث تسهل السيطرة عليهم وتجنيدهم وتوجيههم لتتوزع مهامها بعدة اتجاهات منها ما يوجه نحو استهداف واستجلاب المزيد من الشباب والشابات بما في ذلك الأسر المتدينة وأسر الشهداء وبيوت العلم، فيما تذهب أخرى لتغوص كالقرش داخل الماء للتغلغل داخل صفوف الجيش واللجان الشعبية لجمع المعلومات الاستخباراتية والإحداثيات ورصد المواقع العسكرية وأماكن تواجد الأسلحة والشخصيات والقيادات الفعالة والمؤثرة، وأخرى تعمل كالدودة تنخر أغصان الشجرة وتفسد ثمارها فتعمل على نشر الاختلالات الإدارية ونشر الفساد والنهب المنظم المنحل للدولة.
كل هذه المؤامرات تهدف إلى الحصول على ما لم يستطع العدو الحصول عليه بالقوة العسكرية، وهذا ما شدد عليه قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي- حفظه الله- انه بالمبادئ الراسخة والثقافة القرآنية والأنفس الزكية استطاع اليمنيون الصمود والثبات طيلة خمسة أعوام من العدوان الكوني وتمكنوا من كسر وهزيمة كل تلك الجيوش والأسلحة المتطورة بأحدث تقنيات التكنولوجيا والطائرات المقاتلة المزودة بالكاميرات الحرارية والليلية والأشعة تحت الحمراء المسنودة بمعلومات الأقمار الصناعية وجعلها دون جدوائية ورأى العالم كله المقاتل اليمني وهو يدوس فخر الصناعة الأمريكية بقدميه.
بل وأصبح الجيش اليمني يمتلك الأسلحة ذات القدرة العالية والتي تمكن بها من ضرب العدو وإيلامه في أهم مواقعه الحساسة التي تعد نقطة الوجع ولم يعد أي هدف داخل دول العدوان بمنأى عن اليد الطولى لليمن بجيشه ولجانه وصار اليمن قوة إقليمية فاعلة يصعب تجاهلها عالمياً بفضل الله والقيادة الحكيمة وصمود شعبنا العزيز.

قد يعجبك ايضا