من جديد يؤكد اليمن ممثلاٍ بقيادته السياسية بزعامة فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح على أهمية اضطلاع المجتمع الدولي بمسؤولياته الأخلاقية والإنسانية حيال الغطرسة والتصرفات الهمجية للكيان الإسرائيلي التي تدفع بالمنطقة إلى منزلقات خطرة خاصة وأن هذا الكيان أصبح أكثر عدوانية وجموحاٍ وإصراراٍ على نسف كل بارقة أمل تفضي إلى إحلال السلام العادل والشامل وتمكين الشعب الفلسطيني من نيل استقلاله وإقامة دولته ذات السيادة الكاملة على ترابه الوطني..
وهو ما يتأكد في السياسات التدميرية والتوسعية والإرهابية التي لازمت السلوك الإسرائيلي عبر مختلف المراحل وآخر شواهد ذلك تبرز جلية وواضحة في الجريمة البشعة التي ارتكبتها القوات الصهيونية بحق المتطوعين المدنيين في “قافلة الحرية” التي كانت متجهة لفك الحصار على قطاع غزة. وهي الجريمة الشنعاء التي تندرج كما أشار فخامة الأخ رئيس الجمهورية يوم أمس في إطار إرهاب الدولة لهذا الكيان الذي وصل به الصلف والغرور حداٍ جعله يستهتر بكل المواثيق والأعراف الدولية والقيم الإنسانية وعلى نحو سافر وغير مسبوق.
ومع ذلك يبقى من الواضح أن ما اقترفته إسرائيل من فعل شنيع وقرصنة وإرهاب بحق “قافلة الحرية” عرض البحر الأبيض المتوسط يؤرخ لمرحلة جديدة ومفصلية في تاريخ الصراع القائم في المنطقة جراء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية والفلسطينية وذلك لاعتبارات عديدة أهمها: أن إسرائيل بذلك العمل الفاشي والإجرامي قد وضعت نفسها في مواجهة مباشرة مع المجتمع الدولي بأكمله الذي خرج عن بكرة أبيه مستنكراٍ ومندداٍ بتلك الجريمة الشنيعة.
ومثل هذا التحول لاشك أنه يعكس تماماٍ أن الكثير من المواقف التي ظلت تهادن إسرائيل لم تعد قادرة على ممارسة ذلك الدور بعد أن انكشف الوجه الدموي لذلك الكيان العنصري وتعرت صورته الوحشية بشكل فاضح أمام جميع شعوب العالم التي أجمعت ولأول مرة على أن إسرائيل قد تجاوزت كل الحدود وصار من الواجب على المجتمع الإنساني ردع طغيانها ولجمه قبل أن يستفحل ويصبح وبالاٍ على الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.
وأمام ما يعتمل من غضب عربي وإسلامي ودولي تخطئ إسرائيل إذا ما اعتقدت أن بوسعها بعد اليوم الالتفاف على المجتمع الدولي وابتزازه كما كانت تفعل في السابق وتخطئ أكثر إذا ما توهمت أنها باعتراضها الهمجي لسفن “اسطول الحرية” واغتيالها لعدد من النشطاء المدنيين العزل أنها قد نجحت في إفشال حملة كسر الحصار المفروض على غزة مع أن الحقيقة أن منعها وصول المواد الغذائية والدوائية والكسائية إلى الفلسطينيين المحاصرين قد قدمت الدليل على أن الحصار الجائر الذي تفرضه على قطاع غزة منذ أكثر من أربع سنوات هو عمل عدواني تستهجنه كل الشرائع السماوية والمواثيق والقوانين الدولية وأن العالم بأسره صار معنياٍ بكسر هذا الحصار الظالم وإنهاء المعاناة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني جراء هذا الحصار. وتخطئ إسرائيل خطأ فادحاٍ أيضاٍ إذا ما خْيل لها أنها بتلك الجريمة الوحشية قد نجحت في إظهار تماسكها الداخلي سيما وأن كل المؤشرات تدل على أن لجوءها إلى ذلك العمل البشع إنما ينم عن حالة الضعف والخواء والانهيار التي تدب في جسدها والذي يتآكل من الداخل بفعل النزعة العدوانية والإجرامية والاستعمارية والاستيطانية لكيانها الغاصب. وفي مقابل هذا الانهيار الإسرائيلي يزداد الشعب الفلسطيني قوة ومنعة وصلابة واقتداراٍ وصموداٍ وتوقاٍ لبلوغ غايته المنشودة في التحرر والانعتاق وانتزاع حقوقه العادلة والمشروعة.
ويخطئ جلاوزة هذا الكيان الغاشم إذا ما ظنوا أنهم بسياستهم المتعجرفة والمتغطرسة واستهتارهم بالمواثيق والقوانين الدولية سيتمكنون من إرهاب الشعب الفلسطيني ودفعه إلى التسليم والرضوخ للاحتلال والعجرفة الإسرائيلية أو أنهم بمسلكهم الإجرامي سيدفعون بالعالم العربي والإسلامي إلى القبول بالحلول الناقصة والتسويات الظالمة أو أنهم سينالون من الزخم التركي والموقف القوي الذي أظهرته الحكومة التركية يوم أمس على لسان رئيس وزرائها رجب طيب أردوغان فالواقع أنه لا الشعب الفلسطيني سيستسلم ولا الشعوب العربية والإسلامية ستقبل بالإجحاف بحقوقها ولا الشعب التركي سينسلخ عن جسده الإسلامي بل أن صرخة أردوغان قد زادت من رصيد تركيا على المستويين الاقليمي والدولي باعتبارها صرخة ضد الظلم والجبروت والاستبداد. وبعد كل ذلك فإن المؤكد أنه لم يعد بإمكان الكيان الإسرائيلي خداع الرأي العام الدولي بأن إسرائيل هي واحة الديمقراطية في المنطقة كما كان يتردد زوراٍ وبهتاناٍ في بعض وسائل الإعلام الحليفة لإسرائيل إذ كيف لمن استفزته كلمة الحرية التي حملها اسم الأسطول بذلك القدر من الهيجان والإجرام والبشاعة والفظاعة أن يدعي الديمقراطية أو أنه الذي يحمل في جيناته أي قدر من قيم الحضارة الإنسانية¿!!. لقد كسرت شوكة إسرائيل وظهر الحق الفلسطيني ساطعاٍ في السماء وبات الفرج قريب المنال وبات الاحتلال على شفى حفرة من النار.. وصدق القائل عز وجل في محكم كتابه: “وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاٍ”. «الإسراء:8»
Prev Post