عضو لجنة المصالحة الوطنية – عضو الهيئة العليا لحزب الرشاد محمد طاهر أنعم لـ (الثورة): جمهور العلماء والفقهاء اتفقوا على مشروعية الاحتفاء بالمولد النبوي الشريف
أكد الأستاذ والباحث محمد طاهر أنعم أنه ليس هناك ما يبرر الاختلاف حول مشروعية وجواز الاحتفاء أو الاحتفال بمولد رسول الرحمة النبي الخاتم عليه أفضل الصلاة والسلام وعلى آله, وقال إن العلة تكمن في المجموعات المتطرفة وإرثها الثقافي المشوه الذي تمثله الوهابية بأبشع صورة في عصرنا الحالي:
واستعرض الأستاذ محمد أنعم الواقع ولم يهمل الماضي وربط بينهما وقال: هناك أسباب كثيرة أدت إلى تراجع الأمة وهوانها ومن تلك الأسباب المذهبية والأحزاب وعدم تبني مشاريع نهضوية وحدوية كبيرة تجتمع عليها الأمة والتخاذل في مواجهة الأعداء وأدواتهم من المخربين للأوطان ولحياة الناس.
– محمد أنعم وفي بداية حديثه عن مناسبة مولد نبينا الكريم استعرض العلاقة المميزة التي ربطت نبينا بأهل اليمن ومقام ومكانة هذا النبي لدى اليمنيين منذ فجر الدعوة, وكيف أن الأمة الإسلامية واليمنيين خاصة كانوا ولا يزالون يحتفلون بذكرى مولده عليه السلام تعبيراً عن ما يكنون له من تعظيم وامتنانا له بما اختصهم من فضل وتكريم.
– طرحنا عليه أسئلتنا فأتحفنا بغزارة المعلومة والإيجاز غير المخل وهذا ما خرجنا به:
الثورة/
جمال الظاهري
بداية.. ما الذي يعنيه الاحتفاء وإحياء ذكرى مولد خير الخلق سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام بالنسبة للأمة المحمدية؟
– مناسبة دينية طيبة ومباركة والاحتفاء بالمولد النبوي الشريف هي عادة إسلامية قديمة تقوم الأمة بالاحتفاء بها في كل زمان وعصر وبلد كتعبير عن النعمة العظيمة التي أنعم الله بها علينا بمولد خير الخلق سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام وهي أمر طيب وايجابي.
تميزت علاقة نبينا الكريم بأهل اليمن (أنصاراً وملبين وفاتحين وناشرين للدين) بمواقف وروابط خاصة, ومكانة رفيعة, كذلك كان حال اليمنيين .. حدثنا عن هذه العلاقة والروابط المتميزة ؟
منذ فجر الإسلام كان اليمنيون محبة وانسياقاً لهذا الدين, تمثل ذلك في إيمانهم السريع بالنبي صلى الله عليه وسلم بمجرد أن وصلت الرسل ووصل المبعوثون من النبي إلى اليمن – إلى عدد من المناطق- دخل اليمنيون في الإسلام, وأرسلوا وفودهم في السنتين السابعة والثامنة من الهجرة إلى الرسول في المدينة المنورة, معلنين إسلامهم ودخولهم في هذا الدين, من دون حرب ولا مواجهة لهذا الدين, ومن قبلهم كان الأوس والخزرج من مناصري النبي صلى الله عليه وآلة وسلم – في المدينة المنورة- وهم من القبائل اليمنية.. من قبيلة الأزد اليمنية القديمة التي هاجر كثير منها إلى مناطق كثيرة بعد انهيار سد مارب.
علاقة اليمنيين بالإسلام وبالنبي محمد صلى الله عليه وآلة وسلم علاقة قديمة.. علاقة محبة وولاء وانتماء وتعظيم وتعزير وتوقير لشخص النبي العظيم.
اختلف الفقهاء في شأن إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف (وجوبها – جوازها – فضلها – عدم الجواز- استحسانها .. الخ) كيف تقرأون هذا الاختلاف؟ وما مرده ؟
اتفق جمهور الفقهاء والعلماء المسلمون على مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف ومشروعية إحياء هذه المناسبة والذكرى الإحياء الإيجابي الطيب بذكره ومحبته والتعبير عن هذه المحبة وقراءة سيرته وتعليم الدين وفضائل هذا النبي العظيم ومكانته.
هناك القليل من الفقهاء في المذهب الحنبلي, أو من بعض المنتمين لمدرسة أهل الحديث حسب التسمية السابقة, أو ما يسمى اليوم بالسلفية, هؤلاء يرون عدم جواز مشروعية الاحتفال وتخصيص وقت معين للاحتفال بذكرى مولد النبي صلى الله عليه وآلة وسلم من منطلق أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم والصحابة وأهل البيت في القرنين الأول والثاني لم يكن لديهم احتفال في تاريخ معين وإنما كانوا يقتدون بسيرته ويحتفون به في كل وقت وحين, لكن هذا القول لنسبة قليلة من الفقهاء, ولا بأس من هذا الاختلاف, والمهم أن لا يؤدي إلى التنابز بالألقاب, وإلى العداء والكراهية, فمن أراد أن يحتفل فله من سلف الأمة من احتفل, ومن أراد أن لا يحتفل فيمكنه أن يتلو سيرة النبي في أي وقت ويهتم بإبراز محاسن هذه الشخصية العظيمة ويحمد الله على مكانته.
الاحتفاء أو الاحتفال من الأمور المهمة التي تحيي ذكرى نبينا في نفوس الناس ونشجع عليها, ولكننا نحذر من بعض المخالفات التي تؤدي إلى ردات فعل سلبية تجاه الاحتفال بذكرى مولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم, وهذا الأمر والحمد لله لا يحصل في اليمن, وقد يحصل في بعض بلاد الأعاجم والبلاد البعيدة .. بحيث أنه يحصل في بعض الاحتفالات بالمولد شيء من التجاوزات والأخطاء والغلو وغيرها من التصرفات السلبية – الاختلاط بين الرجال والنساء في بعض الموالد وحدوث بعض التصرفات السلبية وهذا مرفوض ولكنه لا يضر بأصل المسألة من أساسها في ما نراه أو نذهب إليه مع جمهور علماء الأمة والفقهاء من مشروعية الاحتفال بذكرى مولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
لقد تعرضت العقيدة والرسالة المحمدية للكثير من التحريف والتشويه وكانت السيرة النبوية وصاحبها (ص), أبرز المداخل لضرب الأمة الإسلامية .. حدثنا عن أبرز التبعات المتجلية في واقعنا اليوم؟
– نعم حصل نوع من التحريف والتشويه بعضه كان غير مقصود من بعض الناس في عرض سيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتصرفاته وأخلاقه وتعليماته وبعضه ربما كان مقصودا من جهات معادية للمسلمين حاولت أن تدس أخبارا سلبية وروايات مكذوبة وأن تصرف الأمة عن اتباع هذا النبي العظيم.
من الأمثلة على ذلك أن كثيرا من كتب السيرة التي كتبت بطريقة غير مقصودة كانت تتحدث عن غزوات النبي يعني يقوم كتاب السيرة كاملا في كثير من الكتب على غزوات النبي وكيف أنه في السنة كذا غزا النبي كذا وفتح كذا وقتل من المشركين كذا واستشهد من المسلمين في سنة كذا.. يعني أصبح عرض السيرة في كثير من الكتب القديمة والحديثة للأسف الشديد عرضاً للغزوات وهذا خطأ وربما تأثر بعض المؤرخين بأول من بدأ يؤلف في السيرة في القرون المتقدمة مثل ابن إسحاق وابن هشام.. بل إن بعضهم ألف كتاباً سماه (المغازي).
كان لا يقصد ذكر سيرة النبي عليه أفضل الصلاة والسلام ولكنه خصص كتابا لغزوات النبي فجاء بعض المؤرخين من بعده وصاروا ينسجون على منواله – وهذا العمل غير صحيح – وأصبح الأمر عادة عند كثير من المؤرخين يكتب كتابا عن سيرة النبي عليه أفضل الصلاة والسلام ويركز على الغزوات والقتال وهذا الأمر جزء بسيط من السيرة ربما يصل إلى 10 % أو 20 % هناك أخلاق النبي وتعامله وحكمته ورحمته.. علاقته بأهله بأقاربه بأصحابه فينبغي أن يهتم بالكتب التي تدرس سيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بشكل أوسع وأكثر تفصيلا.. وكذلك بسنته صلى الله عليه وسلم.
هناك طرفان ووسط هناك من أخذوا كل الروايات وفيها المكذوب والمدسوس في بعض كتب الحديث وأصبحوا يرفضون أي نقد حتى لبعض الأحاديث في البخاري ومسلم وهذا خطأ.
ينبغي أن ينقد أي شيء يكون مخالفاً للقرآن الكريم أو للعقل والمنطق أو للأخلاق الإسلامية المعروفة وهناك من قالوا إنه لا يوجد شيء من الأحاديث الصحيحة ونكتفي بالقرآن وكأن الله عز وجل أرسل نبيا أبكما لا يتكلم فقط أوصل القرآن وهو ساكت طوال فترة 23 سنة فنحن بين طرفين ووسط.
ما حقيقة وجذور الموقف السلفي من الاحتفاء بالمولد النبوي؟
– الموقف السلفي هو امتداد لمذهب أهل الحديث وهو مذهب قديم وموجود عبر التاريخ منذ القرون المتقدمة الثالث والرابع والخامس وكذلك المذهب الحنبلي جزء من السلفيين وجزء من الحنبلية كذلك لا يرون أن يشرع الاحتفال بالمولد في موعد محدد لأنه لم يكن موجودا في العصر الأول في عصر الصحابة وأهل البيت في القرنين الأول والثاني وأنهم لم يفعلوا هذا الشيء وينبغي تذكر النبي بشكل دائم وهذا قول فقهي لا يجوز التشنيع عليه ولا اعتباره خطأ كما أنه لا يجوز للمتشددين من السلفيين أو من الحنبلية أن يعتبروا من يحتفل ضالا أو مبتدعا أو منحرفا.
هذه المسألة خلافية من أراد الاحتفال فيوجد من العلماء والأئمة من فعل ذلك وهو مقتد بهم ومن لا يريد فيوجد أيضا من لم يخصص يوما للاحتفال وهو مقتد بهم.
أهم شيء أن لا تكون هذه المسألة مسألة عداء وكراهية وتبديع وتضليل للآخر.. هنا يكمن الخطر في التبديع والتضليل كالذي يحصل للأسف الشديد من كثير من المتطرفين وخاصة من الوهابية في هذا العصر أولئك الذين يتعاملون مع الناس بقسوة وعنف ويسفهون الأقوال الفقهية المخالفة لهم وهذا أمر منكر وخاطئ.
هل الوهابية مذهب أم حركة سياسية؟
الوهابية حركة دينية سياسية وليست مذهبا الذي استقر في نجد كما أن له بعض الامتدادات في بعض دول الخليج مثل قطر والكويت وبنسبة بسيطة في سوريا ومصر.
الفكر الوهابي جزء من الحنابلة الجناح المتشدد من الحنابلة فهو ليس مذهبا فقهيا مستقلا وإنما حركة دينية وسياسية داخل المذهب الحنبلي حركة سياسية نشأت على أساس ديني متشدد في التحريم والغلو في بعض الأشياء وعداء المخالفين ورميهم بالشرك والبدع والضلال ثم تحالفت لاحقا مع حركة سياسية وهي حركة آل سعود حين كونوا الدولة قبل 260 أو 270 سنة تقريبا وما زال هذا التحالف قائما إلى وقت قريب بعد أن بدأت أسرة آل سعود بزعامة سلمان وابنه محمد التخلي عن الوهابية كحركة دينية مشاركة في السلطة بشكل أو بآخر لكنها تبقى حركة دينية وليست مذهبا فقهيا.
حدَّثنا عن جذور الوهابية ورموزها وامتدادها الفكري (العقائدي) وعلاقتها الثقافية بالجماعات والحركات السلفية المتطرفة؟
– الحديث عن الوهابية طويل وقد يحتاج إلى محاضرات كثيرة وكتب وقد تحدث الكثيرون عنها لكن باختصار الحركة الوهابية تنسب لمحمد بن عبدالوهاب النجدي الحنبلي الذي توفي سنة 1206 هجرية في نجد كان شخصا عاديا من طلبة العلم وكان أبوه عالما وأخوه لكنه ذهب إلى العراق للدراسة- البصرة – وبدأ يتلقى أفكارا متشددة متطرفة ثم انتقل إلى الحجاز للمدينة للدراسة فترة وتنقل بين أكثر من منطقة منها مكة ثم عاد وقد بدأت تنشأ لديه هواجس وأفكار متشددة متطرفة ويرى أن أي مسلم يذهب إلى الأولياء والصالحين وقبور بعض الصحابة وأهل البيت التي كانت موجودة في نجد، كافر ومشرك ويجب التبرؤ منه وقتاله وكذلك الذي يحلف بالنبي أو الذي يفعل بعض الأشياء من المخالفات التي يعتبرها بعض الفقهاء من الحنابلة خطأ لكنهم لا يوصلونها إلى درجة الشرك أو الكفر والبدعة.
– الرجل أوصلها إلى تلك الدرجة وكون مجموعة من الأتباع وبدأوا في ممارسة أعمال متطرفة ومن ثم وجد شخصا سياسيا طموحا يريد حركة دينية تدعمه وهو محمد بن سعود جد آل سعود فاتفقا على أن يكون لهذا أمر السياسة وذاك الأمور الدينية ويكونا دولة وهذا ما حصل تقريبا في سنة 1187هـ.
– بدآ في تكوين الدولة وبدأت تتوسع وتنتشر الحركة الوهابية نتيجة التعاون بين محمد بن عبدالوهاب (النجدي) ومحمد بن سعود (النجدي) وتوفي محمد بن عبدالوهاب وقام أولاده من بعده بالأمور الدينية وما يزالون حتى اليوم – وهم من يسمون حالياً بأسرة آل الشيخ-.
– هذا استعراض مختصر عن الحركة الوهابية التي اصطلح الناس على تسميتها بالوهابية وإن كان الوهابية أنفسهم لا يقرون بهذه التسمية ويقولون إنهم ليسوا وهابية وانما هم حنبلية ومن أتباع المذهب الحنبلي من السنة, لكن الواضح جدا تطرفهم وتشددهم في كثير من المسائل العقدية والسلوكية وفي العبادات والمعاملات ولهذا أصبحوا منبوذين من قبل الأمة.
– هؤلاء الوهابية اليوم يحاولون التأثير على السلفيين في كل مكان في حين أن السلفيين امتداد لمدرسة أهل الحديث, بينما الوهابية امتداد للمذهب الحنبلي, وهناك اختلاف يعرفه المتخصصون في المذاهب, لكن الوهابية وبالمال السعودي الكبير حاولوا خلال (40) سنة أن يجيروا السلفية لصالحهم, وللأسف استطاعوا استقطاب نسبة قد تصل إلى ما بين 60 – 70 % عن طريق الجامعات الدينية السعودية والمحاضرات والكتب والأشرطة وغيرها من الأشياء التي يرسلها السعوديون إلى اليمن ومصر وسوريا وباكستان والهند ودول كثيرة.
– عن طريق المال السعودي والخليجي أثروا على الكثير من الناس وسحبوهم بأفكارهم تلك, لكن ما يزال يوجد في كل مكان من يقاومهم ويقاوم هذا الانحراف والأفكار الوهابية المتشددة.
ما رأيكم في ما يطرح اليوم من آراء تقول بأن السيرة النبوية تمثل عصر الرسالة ومتطلبات الأمة حينها, وأن ما كان مناسباً حينها لا يتناسب مع عصرنا الحالي؟
لسنا مع هذا الرأي.. الله عز وجل أرسل نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم لكل الناس وإلى قيام الساعة ولذلك فلا بد أن تكون سيرته وتصرفاته واعماله من الأمور الإيجابية التي يستفيد منها المسلمون في كل مكان وفي كل زمان أما إذا كان لذلك العصر فقط فهذا يعني أننا نحتاج نبيا في كل عصر وزمان يناسب ذلك العصر وهذا يخالف القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة فإرسال الله عز وجل لنبيه أمر نحتاجه للاقتداء بسيرته واخلاقه وتصرفاته ولكل أعماله الإيجابية في هذا العصر وفي كل عصر.
نعم قد تكون هناك بعض المسائل الفقهية التي تناسب ذلك الوقت وربما لا تناسب بعض الأوقات ولكنها ربما لا تمثل 10 % من الأحاديث النبوية أو السيرة المطهرة ولكن معظم ما وصلنا عنه هي أخلاقيات.. خلق بر الوالدين، الطاعة، العبادة، قيام الليل، الصدق، الأمانة، الشجاعة، الجهاد وكل هذا يحتاجه الإنسان في كل وقت وحين ولا تختلف العصور باختلافه.
لماذا غاب الفقهاء والعلماء المعروفون وخفت دورهم التنويري في أهم مراحل الصراع؟
– ربما لهذا الأمر عوامل كثيرة وأسباب متعددة.. نعم خف دورهم وتراجع.. كانت الأمة في القرون المتقدمة الثاني والثالث والرابع والخامس تتحرك ويقودها العلماء والفقهاء للجهاد والحضارة.. نعرف أن كثيرا ممن كانوا يوصفون بالعلم علم الرياضيات والعلوم التطبيقية أو التاريخ أو الفكر والاجتماع كانت لهم مساهمات فقهية وعلمية فكانت الأمور متداخلة وكانت الأمة ملتفة حول العلماء والفقهاء حين كانوا إيجابيين ولأنهم كانوا يأخذون الإسلام كجملة واحدة.
– إن من أكبر الأشياء السلبية هو المذهبية لأن المذهبية فككت العلماء والفقهاء حولت صراعهم من الصراع بين الحق والباطل بين الإسلام والكفر بين امة محمد والمشاركين والكفار تحول بسبب المذهبية إلى صراع داخلي وهذا الأمر أدى إلى عزوف الكثير من الناس عن بعض العلماء والفقهاء بسبب أنهم رأوا أن الصراع لا يستحق الإتباع والتمسك بهؤلاء الأشخاص الذين يتصارعون في ما بينهم وهم أصحاب قبيلة واحدة وكتاب ودين واحد.
– وهناك عوامل أخرى منها اختلاف طبيعة الحكم بسبب النظريات المعاصرة.. فبعد أن كان الحكم بسيطا يقوم على نظرية أهل الحل والعقد والعلماء وكبار الناس من الملء أصبح يقوم على الديمقراطية, واختيار الشعب, والناس يبحثون عن مشائخ القبائل والأعيان فابتعدوا قليلاً.
– كذلك هناك بعض الأمور مثل وجود بعض الأفكار الليبرالية والعلمانية التي غزت الأمة وزهدت الناس من دور العلماء- العلمانية المتطرفة أقصد- وهناك عوامل أخرى لا يتسع المجال لسردها والتفصيل فيها.
برز مؤخرا عدد من الباحثين الشباب الذين أثروا الكثير من الأمور الشرعية بالنقاش, وطرحوا رؤى جديدة في ما يخص التفسير والحديث, وأعادوا القراءة للكثير من المسائل .. برأيكم هل هذه ظاهرة إيجابية؟ وهل سينجحون في بعث الاجتهاد وتحريك ما ركد لقرون؟
– بالتأكيد هذه ظاهرة إيجابية، نحتاج إلى التجديد والدين يحتاج إلى التجديد وقد جاء في الحديث المروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن الله يرسل كل مائة سنة لهذه الأمة من يجدد لها أمر دينها.
– التجديد في قراءة الفقه والتفسير واستخراج النظريات من القرآن الكريم بما يطابق الكتاب والسنة النبوية وغيرها من المسائل أمر إيجابي من وجهة نظري ونحن نشجعه ونفرح به.
– الكثير من المجددين الذين يحاولون ربط الأمة في كل عصر بكتاب ربها وبسنه نبيها ويربطون الشباب بهذا التدين والإسلام وفق رؤية عصرية وإيجابية وحديثة ومتوافقة مع العلم في كل عصر وزمان، وهذا أمر عظيم وايجابي ومرغوب ونحن نشجع عليه ونتمنى أن يستمر في كل وقت وحين.
أين يكمن الخلل؟ ومن أين يجب أن يبدأ التصحيح؟
– من وجهة نظري .. يكمن في نقطة مهمة وحساسة وهي تفرق وتفكك الأمة بسبب المذهبية والحزبية وغيرها من الأمور، ويبدأ التصحيح من الدعوة إلى وحدة الأمة .. وحدتها بالمشاريع الكبيرة، بالعمل على نهضتها وتقويتها، وصب جميع الجهود في مقومات نهضتها وبنائها وتنميتها, ومواجهة الأعداء والذين يخربون وينشرون الفتن, هذا هو الطريق الصحيح.
نصيحة أو كلمة أخيرة تودون قولها في ظل هذه الأجواء الملبدة، ولمن؟
– أدعو أمتنا بقياداتها السياسية والعسكرية والثقافية والاقتصادية والعلمية والفقهية إلى الوحدة وترك التنابز بالألقاب والتعصب المذهبي والإغراق في الخلافات.
– أدعوهم إلى كل ما من شأنه أن يشعر المسلمين بأنهم امة واحدة, يجمعها المصير المشترك, ودين وكتاب ورب واحد, وقبلة واحدة, وأن عليهم أن يتعاونون ويتآزروا ويتناصروا من أجل نهضة وقوة وعزة أمتهم, وردع من يحاول التخريب سواء كان من الكفار الأصليين غربا كانوا أو في أي مكان ممن يعاون الكفار الأصليين وأولياءهم من الدول والزعامات التي تنشر الفتن والبغضاء والكراهية بين المسلمين.
نسأل الله عز وجل أن يوفق شعبنا وأمتنا إلى العمل الصالح وإلى الخير.