نائب رئيس جامعة دار العلوم الشرعية والإفتاء بالحديدة الشيخ علي عضابي لـ” الثورة “: الاحتفال بالنبي ومولده جائز شرعاً بأمر الله
أكد الشيخ علي بن علي ابراهيم عضابي نائب رئيس جامعة دار العلوم الشرعية والإفتاء بمحافظة الحديدة على جواز الاحتفال بالمولد النبوي الشريف صلى الله عليه وآله وسلم وتعظيمه وتقديسه مقرنا ذلك بالأدلة من آيات كتاب الله وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم وأحاديثه الصحيحة، التي جميعها أجازت الاحتفال وتعظيم مولده في يوم مشهود وإطعام الطعام وإدخال الفرحة والسرور إلى قلوب المسلمين في هذه المناسبة العظيمة واستلهام العبر والدروس من السيرة النبوية العطرة.
وردّ الشيخ عضابي على المتقولين ببدعة الاحتفال ، ذاكراً الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي اجازت الاحتفال بالمولد، مستعرضاً مكانة اليمنيين عند رسول الله ومكانة رسول الله عند اليمنيين ودور اليمنيين في نصرة رسول الله و نشر الإسلام إلى بقاع الأرض وغير ذلك في هذا اللقاء :
الثورة /
يحيى كرد
ماذا عن مشروعية الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف صلى الله عليه وآله وسلم؟
– يتردد على مسامع الناس قديما وحديثا مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، وقد أجاب العلماء عن هذا من قبلنا ونحن سنأخذ من إجاباتهم وسنؤكدها بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية على صاحبها وآله أفضل الصلاة وأتم التسليم فالعلماء دائما يرجعون إلى كتاب الله تعالى وسنة رسول الله كلما حصلت أيّ مستجدات في مسألة الدين كما هي عاداتهم للإجابة على هذه الأسئلة ومن ضمنها المولد النبوي الشريف عندما ظهر الاحتفال به على هذه الشكل الذي نحن عليه اليوم فرجع العلماء الى كتاب الله ثم استخرجوا من كتاب الله آيات كثيرة أخذوا منها حكما على الاحتفال بمولد النبوي صلى الله عليه وآله وسلم بالجواز شرعا مستدلين بقوله سبحانه وتعالى “قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير يجمعون” فأخذ العلماء المجيزون الاحتفال بالمولد النبوي الشريف من هذه الآية مشروعية الاحتفال بمولد النبي.
وهناك آيات أخرى كثيرة تصب في نفس الاتجاه مثلا عندما امر الله المؤمنين بتعظيم نبيهم الله صلى الله عليه وسلم فقال سبحانه وتعالى ” لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا” هذا التعظيم للنبي صلى الله عليه وسلم المنضوي تحت قوله تعالى “وتعزروه وتوقروه” أي رسول الله والمعنى أي تعظموه كما ذهب إليه معظم المفسرين وأكثر التفاسير معنى “تعزروه وتوقروه” هو التعظيم للنبي فيرى العلماء بأن الاحتفال بمولد النبي صلى الله علية وسلم وذكر قصته وقصة ولادته وسيرته المطهرة هو نوع من ذلك التعظيم الذي أمر الله سبحانه وتعالى به أيضاً في هذه الآية الكريمة وإذا لاحظت أن الله تعالى عندما أراد أن يأمر بتعظيم رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الآية عمل عملية تعظيم عندما قدم الأمر بتعظيم الرسول على الامر بتسبيحه هو سبحانه وتعالى فقال ” لتؤمنوا ورسوله” ثم جاء بما يخص النبي من تعظيم فقال “وتعزروه وتوقروه” اي النبي “وتسبحوه” أي الله سبحانه وتعالى فقدم ما يخص النبي صلى الله عليه وسلم على ما يخصه سبحانه وتعالى وهذا نوع من التعظيم العملي وكأن الله يقول أنا أمرتكم بالتعظيم وأنا نفسي عظمت هذا الرسول.
وأيضاً نجد هناك آيات كثيرة وبإمكان من أراد الأدلة من كتاب الله دالة على جواز الاحتفال بالمولد النبوي الشريف كقوله تعالى :”وأما بنعمة ربك فحدث” وميلاد الرسول نعمة ومن أكبر النعم لأنه أخرج الأمة من الظلمات إلى النور وأكبر نعمة على الإنسان أن يخرجه الله تعالى من ظلمات الجهل والكفر والظلالة إلى نور الإسلام والعلم والأخلاق ، ومن الآيات أيضاً وما أكثرها في هذا الجانب قول الله تعالى:
“قال عيسى ابن مريم اللهم انزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لأولنا واخرنا واية منك وارزقنا وانت خير الرازقين تكون لنا عيدا” .. وما معنى العيد وماذا يفهمه الناس من قوله تعالى تكون لنا عيدا سوى الاحتفال بهذه النعمة التي امتن الله سبحانه وتعالى بها عليهم وإنه أنزل عليهم مائدة من السماء كآية من الآيات، وهذه النعمة لا تساوي شيئا بالنسبة لنعمة سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم الذي زكاه الله سبحانه وتعالى بقوله ” وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ” وزكاه الله بقوله ” وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ” وأخذ العلماء من هذه الآية جواز الاحتفال بالمولد النبوي الشريف بالنعمة الكبيرة تكون لنا عيدا لم يقلها الله تعالى في معرض المدح لوكان الاحتفال بالنعمة واتخاذ تلك الأيام الاحتفائية شيئا مذموما لكان الله تعالى ذكره ونبه على ذلك ولكنه ذكرها في معرض امتداح لمثل هذه الأشياء وهذا كله بالنسبة لما يتعلق بكتاب الله سبحانه وبعد ما سردنا جملة من الآيات التي استدل بها العلماء قديما وحديثا عن مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي .
أيضاً هناك السنة النبوية كانت لها دور أو العلماء استطاعوا من خلال السنة أن يستخرجوا بعض الأدلة و يستنبطوا من خلالها جواز الاحتفال بالمولد ومشروعيته حيث ذهب العلماء عندما بدأ الناس يحتفلون بالمولد وجاءت الأسئلة من الناس عن ما هو حاصل الآن وما هو حكم هذا الاحتفال وسألوا أهل العلم والاختصاص ذهب العلماء الى السنه يبحثون عن جواب فوجدوا كما ذكر ابن حجر في قوله رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما سألوه عن صيام يوم الاثنين والحديث موجود وصحيح فقال انه “يوم ولدت فيه” وأنزل عليه فيه فذكر أنه إنما يصوم هذا اليوم لأنه يوم وُلِدَ فيه وذكر مولده بأنه نعمة صلى الله عليه وسلم فاستدل العلماء أو أخذوا من خلال هذه الحديث بأنه أصل لمشروعية الاحتفال بالمولد النبي عليه الصلاة والسلام .
وهذا الدليل الثاني الذي هو الكتاب والسنة ثم نأتي على أقوال العلماء والذين صرحوا بجواز الاحتفال بالمولد النبوي الشريف على الوجه الذي نحن الآن نمارسه في معظم مجتمعنا اليمني والإسلامي وصرحوا بجواز ذلك الاحتفال واجتماع الناس في يوم خاص وإطعام الطعام وإظهار الفرحة والبهجة والسرور بين الناس بل أثنوا على هذه الأفعال التي عَدَّها البعض من البدع الحسنة والبعض قال مما رآه المسلمون حسنا فإنه عند الله حسنٌ وبهذا نصل إلى أن أدلة مشروعية الاحتفال بالمولد جاءت في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي أقوال العلماء من الذين يؤخذ عنهم مثل هذه المسألة بالنسبة للمشروعية (الاحتفال بالمولد يعني الاحتفال بالقرآن والإيمان) .
مأ اهمية الاحتفال بة في ظل هذه الظروف؟
– الاحتفال بالمولد هو احتفال بالإيمان واحتفال بالقرآن واحتفال بالأخلاق والآداب، والناس اليوم يتأثرون بالغرب كون الغرب عندما يريدون تعظيم شيء ولفت انتباه الناس إليه يعملوه يوماً عالمياً مثل اليوم العالمي لمكافحة الإيدز واليوم العالمي لعيد الأم ،هذا الشيء يعملونه من باب لفت انتباه الناس أو الاهتمام بهذا الأمر باهتمام والنبي صلى الله عليه وسلم عندما نحتفل به أولى وقبل كل شيء هي ممارسة عملية لعملية لتعظيم الرسول وهذا الجانب الأول والجانب الثاني عندما يرى النشء أو الأطفال الصغار والشباب تعظيم هذا الشيء يتساءلون لماذا الناس اليوم يحتفلون يجتمعون بمولد النبي محمد ثم يرون هذه الاحتفالات العظيمة والبهجة الكبيرة والسرور بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ثم يسمعون بعضا من سيرته فتكون النفوس عندها مهيئة لتقبل مثل هذه الأشياء في تلك الأثناء تحصل عملية تعظيم للنبي صلى الله عليه وسلم .
ونحن نعرف اليوم أو نشاهد أن الناس بدأت لا تعظم المقدسات وبالإمكان ان يسب الدين بسهولة وبالإمكان أن يسب الأنبياء بسهولة أو يسخرون منهم أو يسخر من بعض الأعمال التي يعملونها ويقولون بأنها سنة ولكن عندما يعظم الرسول في نفسه ويؤمن بتعظيمه عندها سيعظم كل ما جاء عنه صلى الله عليه وسلم، إذن من أهمية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف أنه يولد حالة من العظمة لدى المجتمعات الإسلامية للنبي ومن يعظم شعائر الله فإنه من تقوى القلوب ونحن مأمورون بتعظيم الشعائر لأن ذلك يزيد في تقوى المؤمن وارتباطه بالله سبحانه وتعالى.
لكن اليمنيين يحبون رسول الله ويعظمون مكانة الرسول ؟
-لاشك بأن المسلمين في العالم كله شرقه وغربه يعظمون الرسول صلى الله عليه وسلم وهذا مما لاشك فيه ولكن أهل اليمن للأمانة لهم خصوصية في الارتباط بالنبي صلى الله عليه وسلم وتلك الخصوصية جاءت من بداية البعثة النبوية عندما عرض الرسول نفسه على معظم القبائل حتى التي ينتسب إليهم ويلتقي معهم في نسب أو صلة ولكن واجهوه بالعكس وبالرفض التام له ولدعوته التي جاء بها ثم جاء اليمنيون فقبلوا دعوته ودخلوا معه في تحالف ودخلوا في الإسلام الذي جاء به ثم أصبحوا بعد ذلك يناصرونه فسماهم الله سبحانه وتعالى “الأنصار” فكان بإمكان الله سبحانه وتعالى أن يسميهم اليمنيين أو اهل يثرب لماذا اختار لهم هذا الإسم على وجه الخصوص هكذا الله تعالى وصفهم لم يأخذ اسماءهم أو انتماءهم أو انتسابهم إلى قبيلة أو أرض ولكنه أخذ الوصف الذين كانوا عليه مع النبي صلى الله عليه وسلم فأثنى عليهم بهذه الصفة التي ناصروا بها النبي.
لذلك نجد للنبي حفاوة كبيرة جدا لليمنيين سواءً في إيامه الأولى أو بعد ذلك عندما حملوا الرسالة من بعده صلى الله عليه وسلم حيث قال الله تعالى “فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه” حملوا الرسالة بعد النبي وقاموا بنشرها، وأيضا عند وفاته صلى الله عليه وسلم ظهر عليه الكثير من الحزن لأنه بعد وفاته ستواجه الرسالة والإسلام بالرفض، ومن يحمل من بعده هذه المهمة ،فقال الله تعالى إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس ، اي أهل اليمن كما ذكر الطبراني في تفسيره “يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك واستغفره انه كان توابا اي ان الله تعالى يقول للنبي صلى الله عليه وسلم لا تحزن بعد موتك قد وكلنا أناساً من اهل اليمن يحملون الرسالة وينشرونها في العالم، فإذا جئنا الى الواقع العملي بعيدا عن التنظيرات، التاريخ يشهد أن لأهل اليمن باعاً كبيراً في نشر الإسلام والرسالة المحمدية في معظم العالم الإسلامي وهذا يشيد به البعيد قبل القريب لذلك كان احتفال النبي بهم واحتفالهم بالنبي احتفاءً عظيماً عندما قال “الإيمان يمان والحكمة يمانية” واحتفاءهم بالنبي صلى الله عليه وسلم، ظل اليمنيون بعد ذلك ينشرون الإسلام بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يحببون الناس إلى هذا الدين وإلى من جاء بهذا الدين وإلى القرآن العظيم.
وفيما يخص الجزء الثاني من السؤال ان مكانة اليمنيين لدى رسوله صلى الله عليه وسلم مكانة عظيمة وذلك لما كانوا عليه من أخلاق وإيمان ونشر الإسلام. فشهد لهم الرسول ولم يشهد لأحد من الناس كما شهد لأهل اليمن بل إن الآيات التي وردت في أهل اليمن وفضلهم أيضاً موجود في كتاب الله سبحانه وتعالى في أكثر من موقع أو على لسان الرسول فهناك العديد من الأحاديث احصاها البعض ب ٤٠ حديثاً منها ٧ أحاديث صحيحة وهذا لم يحز عليه أحد من الامم السابقة أو اللاحقة من بعده صلى الله عليه وسلم في هذا الفضل ومنها وأشهرها “الإيمان يمان والحكمة يمانية والرسول عندما قال الإيمان يمان هو ليس وساما يعطيه للناس فالرسول وصف واقعاً رآه أو شاهد هؤلاء الناس يختلفون عن بقية الناس وراءهم أصدق الناس وأوفى الناس معه ،رأى الرسول صلى الله عليه وسلم أنهم لم يستفيدوا منه شيئا مادياً كما كان بعض العرب يدخل الإسلام من اجل البقرة والبعير عندما رأى هؤلاء الناس مرسلين من الله سبحانه وتعالى لنصرة الإسلام على وجه الخصوص فقال قولته المشهورة “الإيمان يمان والحكمة يمانية يصف بذلك واقعاً رأه وليس يمدحهم لأنهم وقفوا معه وحشاه صلى الله عليه وسلم أن يكافئهم بالمدح لشيء قدموه له وإنما يصف مارآه من أخلاقهم وإيمانهم وتمسكهم بالله سبحانه وتعالى.
ماذا عن أهل تهامة وارتباطهم بالنبي أثناء الدعوة الإسلامية ومن خلال التمسك بموروثه وإحياء ذكرى مولده؟
– أهل اليمن ارق قلوبا وألين أفئدة، هذا ينطبق على كل اليمنيين ولكنه أكثر ما ينطبق على أهل تهامة باعتراف معظم الناس لأن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما جاءته الوفود من تهامة ورأى ما فيهم من لين وطيبة قال “جاءكم أهل اليمن، أرق قلوبا وألين أفئدة”، ثم ورد ايضا أن النبي صلى الله عليه وسلم اشتهر بالنبي التهامي لأنه في المناطق التهامية وبالنبي اليماني لأنهم من الجهة اليمنى للكعبة، وكان لأهل تهامة العديد من الروابط تربطهم بالنبي صلى عليه وآله وسلم فتراهم كما وصفهم الرسول صلى الله عليه وسلم أرق قلوباً وألين أفئدة” وأكثر فرحة بذكرى مولده.
هل المولد النبي مناسبة جامعة المذاهب والطوائف؟
– الرسول صلى الله عليه وسلم بعثه الله تعالى بتوحيد الله وتوحيد المسلمين “لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم”، فاستطاع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في فترة زمنية وجيزة ان يلم شتات العرب ثم يوحدهم تحت مسمى المسلمين وجعلهم أخوة ولم يوحدهم فقط بمجرد شعارات بل جعلهم أخوة وإنما المؤمنون أخوة فالمسلم أخو المسلم وقد آخى بينهم ووحدهم صلى الله عليه وسلم ولم شملهم وجعلهم أمة واحدة بعد أن كانوا اشتاتا وعرباً متفرقة وكان العربي يفتخر بالانشقاقات فكان العرب قبل الإسلام أي قبل مجيء الرسول تقول له من أين أنت يقول أنا من بني فلان ومن قبيلة فلان لا يريد الانتماء إلى الأمة فجاء الرسول وتلاشت كل تلك المسميات وصاروا جميعهم تحت مسمى واحد وأمة موحد ة هي الأمة العربية والإسلامية صلى الله عليه وسلم، فيجب على المسلمين أن يغتنموا مناسبة المولد النبوي ليزيلوا ما بينهم من شقاق وخلافات تطرأ بين المسلمين.
هل المذاهب والأفكار الظلامية والتكفيرية لها تأثير على المجتمع في تهامة واليمن عموما؟
– الله سبحانه وتعالى ينادي علينا “وعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا”، والمهم في الموضوع هو واحدية المصدر وليس بوحدة الرأي.. هذه إضافة إلى ما تقدم في إجابة السؤال السابق فتوحيد الرأي مستحيل ولكن الواجب هو توحيد المسلمين مصدراً وهو كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وان اختلفت آراؤهم فالعبرة بوحدة المصدر وليس الرأي ثم يأتي إلى الإجابة على السؤال الذي طرحته، إن هذه المذاهب دخيلة على الإسلام وهي كما يرى بعض المفكرين والصحفيين والباحثين يرون بأن هذه المذاهب التكفيرية هي صناعة وليست فكراً وأنا مع هذا الرأي بأن هذه المذاهب صناعة وليست فكرا فالفكر الموجود ونحن كلنا ندرس نفس الكتب والعالم الإسلامي يدرس نفس المصادر البخاري ومسلم والسيرة النبوية فلماذا هؤلاء بالذات يكفرون الناس يستبيحون دماءهم ويفجرونهم والمصدر هو نفس المصدر لأن هذه الأفكار الظلامية هي صناعة وليست فكراً ولم تظهر في المجتمعات الإسلامية وتقوم بهذا الشكل المنظم الذي يخترق حتى الاستخبارات الدولية ويستطيع أن يصل إلى الأفكار التي لا يستطيع أحد الوصول إليها ثم يقومون بالتفجيرات وانتهاك حرمات الآمنين سوءاً كانوا مسلمين أم غير مسلمين، هؤلاء لا يستطيعون الفعل بمجرد انه شخص لديه فكر وإنما صناعة لم تظهر في العالم العربي والإسلامي بهذا الشكل المنظم الذي له أهداف سياسية وايديولوجية وغير ذلك لأنه بعد خروج الاستعمار الغربي من البريطانيين وغيرهم أوجدوا مثل هذه الأشياء و الأفكار حتى يكون لهم عذر بالرجوع مرة أخرى بقولهم انتم عندكم إرهاب ونحن لازم نكون متواجدين للحفاظ على الأمن القومي والأمن العالمي ثم يعودون من خلال هؤلاء الناس إلى البلاد الإسلامية والشرق الأوسط على وجه الخصوص.
ما هو السبيل لمواجهة التيارات التكفيرية التي شوهت الإسلام والمسلمين؟
– السبيل الذي لابد منه لمواجهة هذا التيارات التكفيرية هو مواجهة المد الغربي الذي استطاع توريط أبناء المسلمين في مثل هذه الأعمال التي تسيء إلى الإسلام وتسيء إلى المسلمين فالله يقول لنبيه “وما أرسلناك إلا رحمه للعالمين”، فلا يمكن لهذا القول أن ينقص هذا الفهم. اليوم يقولون بأن هؤلاء المسلمين ليسوا رحمة وكيف يكونون رحمة وهم يفجرون الناس ؟!.. فهذا يتنافى لكلياً مع الإسلام ولكن ،كما قلت السبيل هو العلماء لأن الله يقول “وإن من أمة خلافيها منها نذير “ولكل قوم هاد”، لذا إذا لم يقم العلماء المخلصون الذين يريدون أن يجسدوا الإسلام في ثوبه الصحيح الناصع المتمثل في الأخلاق والرحمة والمآخاة والمحبة وإذا لم يقم العلماء بدورهم عند ذلك سيوجد هؤلاء الناس، وسيستطيع أعداء الإسلام ان يصطادوا مثل هؤلاء الشباب المتحمسين ويوجهونهم كما يشآؤون ولكن إذا قام العلماء بدورهم الصحيح على الوجه الصحيح والشكل الصحيح فسيكون هذا الباب مغلقاً إلى يوم القيامة. وأعطيك على ذلك مثالا نجد بعض الدول أو علماء بعض الدول فيهم نشاط كبير في الدعوة فتجد هذه الظاهرة ليست موجودة عندهم أو تكاد تكون مختفية أو منعدمة فعندما تجد في بعض الدول أو بعض الأماكن أو القرى تجد علماءها في نشاط تام ومستمر في التوعية عبر كل الوسائل المرئية والمسموعة والمقروءة والمكتوبة للشباب تجد انه يصعب على هؤلاء الناس استقطاب شباب هذه البلدة ،و السبب الدور الذي يلعبه العلماء وايضا المسؤولين يتحملون جزءاً من المسؤولية أو يشاركون في سد الأبواب والثغرات على هؤلاء الذين يعادون الإسلام ويصطادون مثل هؤلاء الشباب المتحمسين عبر إيجاد وسائل لمحاربة الفقر لأن الفقر بيئة خصبة لاستقطاب مثل هؤلاء الشباب إذن المسؤولية باختصار تقع على عاتق العلماء ثم عاتق المسؤولين في محاربة الفقر وإيجاد فرص للشباب تشغلهم أو تحصنهم ضد الاصطياد لأن الإنسان قد يكون غير مقتنع بالفكر ولكنه مقتنع بالمال أي لا يكون الشاب مقتنعاً بالتفجير ولكنه مقتنع بالمال ويكون عنده قناعة بالمال الذي سيقدم إليه من خلال هذه الأشياء والله أعلم.
واختتم الشيخ العضابي حديثه في هذا اللقاء بحوار بين أب وابنه حول مولد النبوي على هيئة قصة، قائلاً:
قال يا ابتي إني أرى المسلمين يحتفلون كل عام بمولد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فما قصة هذا الاحتفال؟.
– اعلم يابني أن الله تعالى يحب تعظيم رسله وأنبيائه ويحب من يعظمهم ويهتم لشأنهم. ولأجل ذلك كان يحيطهم عند ولادتهم ببعض الامور التي تدل على عظمتهم وعلو منزلتهم حتى يصرف أنظار الناس إليهم قبل بعثته لهم.
ثم يذكر في كتبه المقدسة التي ينزلها عليهم بعضا من تلك القصص والأحوال المتعلقة بولادتهم وطفولتهم تماما كما فعل مع نبيه عيسى وموسى عليهما السلام كما حكاه القرآن الكريم لنا.
ولكن يا أبي ما الفائدة من ذكر مثل هذه القصص؟
– نعم يا بني سؤالك هذا ذكي ومحق ولعل العبرة من ذلك هي أن يكون لك ولأمثالك من الأطفال نصيب في قصص الأنبياء فتستمعون الى ما يناسب أعماركم من القصص وتعرفون أن هؤلاء العظماء كانوا في يوم ما في مثل أعماركم.
ولعل العلماء مؤخراً قد أدركوا الأثر التربوي لهذه المرحلة فتراهم عندما يترجمون لعلم من اعلام الأمة يهتمون بهذه المرحلة من حياته، فيذكرون نشأته وطفولته كيف كانت.
نعم يا أبي كلامك صحيح فأنا عندما اقرأ القرآن أو السيرة النبوية أتأثر بقصص الطفولة اكثر من غيرها ولكن يا والدي لدي سؤال بخصوص قصة مولد سيدنا محمد فأنا لا اجد قصة ولادته في المصحف لماذا يا ترى لم يذكرها الله تعالى كما ذكر ولادة عيسى وطفولة موسى ويوسف؟
– اعلم يابني إن قصة ولادة سيدنا محمد والإرهاصات التي رافقتها وأحوال نشأته وطفولته أعظم شأنا من سائر الأنبياء وقد أشار القرآن الكريم إلى طرف من ذلك كما في سورة الفيل
حيث ذكر قصة أصحاب الفيل وما جرى لهم وهذا العام المسمى بعام الفيل هو العام الذي ولد فيه صلى الله عليه وآله وسلم.
ولكن الله أراد لهذه الامة- يابني – أن تنال شرف الجمع والتدوين لتفاصيل هذه المرحلة من حياته صلى الله عليه وآله وسلم فبعد بعثته صلى الله عليه وآله وسلم أخذ أصحابه يتتبعون تلك السيرة المباركة حتى أنهم كانوا يسألونه عن بعض تلك الأحوال فيجيبهم صلى الله عليه وسلم فوعوا كل ذلك ثم رووه لمن جاء بعدهم.
وهكذا يابني حتى جاء عصر التدوين ولاحظ علماء ذلك العصر اهتمام السلف بهذا الجانب من حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحتفوا بذلك أيمّا احتفاء فنشطوا في التأليف فيه حتى أنهم كانوا يتنافسون في ذلك ويتبركون بالكتابة والتأليف فيه.
ولكن ما أراه اليوم من احتفاء مختلف عمّا ذكرت ؟ّ!
– يا ولدي للقصة بقية اكملها لك فاصبر ولا تكثر عليّ من الأسئلة، واعلم أن الحال استمر على هذا النحو حتى كثر المسلمون وانتشر الإسلام في كل مكان وكثر العوام وادرك العلماء ما في قراءة تلك الأحوال النبوية من نفع عام يعود عليهم فأبدعوا لهم مختصرات تناسب احوالهم.
ولكن على الرغم من ذلك ظلت الحاجة ملحة في تعريف الأمة بنبيها وأهم شمائله وخصائصه ومعجزاته إذ لاحظ العلماء جهل الكثير من الناس بسيرة نبيها فاهتدى بعض الفضلاء إلى جمع الناس ليلة مولده صلى الله عليه وسلم على قراءة قصة مولده وإطعام الناس وإظهار البهجة والفرح والسرور وكان ذلك في حدود العام 630 من الهجرة، فاستحسن الناس منه هذا لصنيع لما رأوا فيه من فوائد وبركة. ثم انتشر هذا الفعل بين الناس فاستحسنه العام والخاص وتلقته الأمة بالقبول الى يومنا هذا فعمّ بإقامة مولده صلى الله عليه وآله وسلم النفع.
يقول ابن حجر العسقلاني واصفا ذلك الحال: ولا زال أهل الاسلام يحتفلون بشهر مولده- عليه السّلام-، ويعملون الولائم، ويتصدقون في لياليه بأنواع الصدقات، ويظهرون السرور، ويزيدون في المبرات. ويعتنون بقراءة مولده الكريم، ويظهر عليهم من بركاته كل فضل عميم. ومما جرب من خواصه أنه أمان في ذلك العام، وبشرى عاجلة بنيل البغية والمرام، فرحم الله امرئ اتخذ ليالى شهر مولده المبارك أعيادا، ليكون أشد علة على من في قلبه مرض وإعيا داء ..هذه هي قصة المولد يابني.