
رفض فيصل عبداللطيف إطلاق رصاصة واحدة أو إراقة قطرة دم
من مناضل ضد الاستعمار إلى سجين بعد الاستقلال
هربت إلى الشمال خوفا من التصفية فرحلت أسرتي قبل إن أصل إلى البيضاء
ندعو فخامة الرئيس للاهتمام بأسر الشهداء ورد الاعتبار للمناضلين
حركة 20 يونيو عجلت برحيل الاستعمار وسالمين هو قائد عملية المطار الفدائية
لقاء / عبدا لحكيم عبيد
اليوم ونحن نحتفل بأعياد الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر نحاول الابحار في ذكريات أحد المناضلين الذين كان لهم شرف الإسهام في نيل الاستقلال الوطني انه المناضل سالم حسين عبدالله هايمه”عزت ” ليروي للقارئ الكريم ذكرياته وقصة الاستقلال الذي تحول من يوم للانعتاق من جبروت قوات الاحتلال إلى كابوس يطارد ويعتقل ويقتل المناضلين ويشرد أسرهم فإلى المناضل سالم هايمه الذي بدأ حديثه في هذا اللقاء بالتعريف بنفسه قائلاٍ:
اسمي سالم حسين عبدالله هايمة واسمي التنظيمي “عزت “من مواليد 1943م محافظة أبين مديرية لودر قرية زغينه بدأت حياتي العملية كاتب في محكمة زارة ثم محكمة الوركة ثم محكمة أمشعة وفي عام 1964م قدمت استقالتي والتحقت بالجبهة القومية عن طريق الشيخ جعبل محمد الشعوي والذي كان يرتبط بعلاقات مع بعض قيادات حركة القوميين العرب وبقيت في المنطقة حتى عام 65م انتقلت إلى مدينة عدن وتم نقل وضعي التنظيمي إلى عدن وكان الأخ المناضل محمد صلاح ألمسودي مسؤولاٍ علينا والذي بدوره سلمنا للأخ المناضل عمر محمد العلواني وقد كلفت بنقل الأسلحة من منطقة إلى أخرى ووإيصالها إلى الفدائيين وبعدها أوكلت إلي مسؤولية إحدى فرق العمل الفدائي مكونة من مجموعة من المناضلين اذكر منهم قطيان عبدالله الذلف “يوسف ” الذي تم ملاحقته بعد الاستقلال واعتقل ثم اعدم ومحمد عبدالله سالم دحروج وقاسم محمد علي ومحسن ناصر الحاوي ومحمد عبدالله هجري فكان العمل في صفوف فرق العمل الفدائي يتم بشكل منظم ويتم تحديد الأوقات لتنفيذ العمليات بشكل دقيق حيث أن الفرقة التي لم تستطع تنفذ عمليتها في الوقت المحدد لم يسمح لها بتنفيذ عمليتها بعد مرور الوقت الذي حدد لها وكنت استلم التوجيهات من المناضل علي شيخ عمر ومحمد صالح مطيع والمناضل علي محمد الفاطمي وبعد ذلك سلمونا سلك الشرطة بحكم أني احد أفراد الشرطة أي كلفت بمسؤولية أعضاء الجبهة القومية المتواجدين في سلك الشرطة حيث كان يتم التواصل معهم بشكل سري ولم يكن احد يعرف الآخر حتى بدأت الصراعات والحرب الأهلية بين جبهة التحرير والجبهة القومية تعرف حينها أعضا الجبهة القومية على بعضهم البعض .
قائد العمل الفدائي في عدن
يضيف المناضل هايمة:
بعد 13 يناير 1966م والذي تم فيه توحيد جبهة التحرير مع الجبهة القومية أوما عرف فيما بعد بالدمج ألقسري وكان حينها المناضل علي فرج شاهين مسؤول القطاع الفدائي في الجبهة القومية وكان قد شارك في مؤتمر جبلة وبعدها انسحب من الجبهة القومية وقال لقد كنا نعتقد ان الجبهة القومية مسئولها جمال عبدالناصر واتضحت أنها تتبع حركة القوميين العرب وقيادتها من الماركسيين مثل نائف حواتمه وجورج حبش وبعد انسحاب علي فرج شاهين تولى مسؤولية القطاع الفدائي للجبهة القومية سالم ربيع علي “سالمين .
المعركة الحاسمة
* يقال إن عملية المطار عملية فدائية عجلت برحيل الاستعمار البريطاني وقرأنا الكثير عنها وهناك تضارب في الآراء عن قائد هذه العملية ¿
- هناك الكثير من العمليات الفدائية التي وجهت ضد قوات الاحتلال البريطاني وعملية المطار واحدة من العمليات التي نفذتها الجبهة القومية وبالنسبة لبعض الادعاءات أقولها هنا أمانة للتاريخ إن قائد عملية المطار هو سالم ربيع علي وشارك في العملية عدد من الفدائيين منهم الشهيد محمد سالم مدرم ومحمد هادي عبدالله ألصالحي وعلي محمد القفيش وآخرين لا أتذكرهم ولكن أقول ان العملية التي عجلت برحيل الاستعمار هي حركة 20 يونيو1967م حيث تم القضاء على القوات البريطانية الموجودة في كريتر واستولى ثوار الجبهة القومية على أهم معسكرات الانجليز وبالتالي فان كانت هناك عملية عجلت برحيل الاستعمار فهي هذه العملية والتي بعدها بيومين استشهد المناضل عبدا لنبي مدرم وللأسف حتى اسم المعسكر الذي سمي بيوم 20 يونيو قد تم تغيير اسمه وهورمز سطر فيه الثوار إحدى ملاحم الثورة وأهمها .
وحول الحرب الأهلية يقول:
عندما اشتد الصراع بين جبهة التحرير والجبهة القومية وتحول إلى حرب أهلية وخاصة بعد سقوط الكثير من المناطق والسلطنات بأيدي الجبهة القومية حيث استفادت الجبهة القومية من إمكانيات السلاطين والسلاح والذخائر التي كانت معهم كونها لم يكن لديها أي دعم غير اشتراكات الأعضاء وتبرعات بعض التجار بعكس جبهة التحرير التي كانت تحظى بدعم من الخارج ومنها مصر وقد استشهد في هذه الحرب عدد من فدائيي الجبهة القومية اذكر منهم احمد سالم طوحل “عباس” والشهيد عبد ربه أمعبد عبدالله والشهيد عبدالله محمد العبيدي والشهيد السيد صالح العيد روس .
الشيخ البيحاني يتوسط لوقف إطلاق النار
تدخل عدد من الشخصيات الوطنية لوقف الاقتتال بين الجبهة القومية وجبهة التحرير وأبرزهم الشيخ محمد بن سالم البيحاني وجا بممثل من كل طرف حيث مثل علي عبدالله ميسري الجبهة القومية سالم احمد العتيقي جبهة التحرير وتم الاتفاق على إجراء حوار وطني على إن يتم قي القاهرة وعينت الجبهة القومية وفدها برئاسة فيصل عبدا للطيف الشعبي الذي كان مسجونا في تعز من قيل القوات المصرية وكان حينها يتردد ان هناك اتفاقا على انه حال إعلان الاستقلال الوطني سيتم تعيين رئيس الجمهورية من الجبهة القومية ورئيس الوزراء من جبهة التحرير .
القنبلة التي أفسدت حوار القومية والتحرير
بينما كانت عملية الحوار جارية بين قيادة الجبهتين جرت حادثة رمي قنبلة في مدينة الشيخ عثمان على مجموعة من أعضاء الجبهة القومية وأصيب فيها اثنان أوثلاثة أشخاص وشخصيا آنا لا اعرف من كان وراء هذا الحادث هل هي جبهة التحرير أوقوات الاحتلال بهدف إفساد الاتفاق بين جبهة التحرير والجبهة القومية وبسبب هذه الحادثة تراجعت الجبهة القومية عن الحوار مع جبهة التحرير واتهمتها بأنها كانت تقف وراء هذه العملية وبالتالي هي أخلت بالاتفاقات واستمر القتال بين الجبهتين حتى نوفمبر1967م حين اعترف الجيش بالجبهة القومية ووقف الى جانبها وهربت عناصر جبهة التحرير .
صف لنا الوضع يوم إعلان الاستقلال¿.
يوم 30 نوفمبر 1967م كان حدثا تاريخيا في حياة شعبنا حيث احتشدت جماهير الشعب في ذلك اليوم لاستقبال وفد الجبهة القومية العائد من جنيف وبيده وثيقة الاستقلال وقد شهدت مدينة الشعب بمحافظة عدن مهرجانا كبيرا تم فيه إعلان استقلال جنوب الوطن بقادة الجبهة القومية .
قحطان والمراهقون السياسيون
يواصل المناضل سالم هايمة حديثه قائلا :-
لم تمر سوى بضع أشهر من إعلان الاستقلال حتى بدأت موجة الصراعات والإطماع للاستيلاء على مقاليد السلطة حيث ظهرت مجموعة كان يسميها الرئيس قحطان الشعبي رحمه الله بالمراهقين السياسيين والمتطرفين اليساريين وكان يتزعم هذه المجموعة سالم ربيع علي وعلي صالح عباد مقبل ومحمد صالح مطيع وكان عبدالفتاح إسماعيل بين البين لا معهم ولا ضدهم وقاموا بحركة 20 مارس 1968م بالتعاون مع ضباط الجيش والأمن الذين تم تجريدهم من مناصبهم القيادية ورتبهم العسكرية وتم اعتقال بعض أعضاء القيادة الجديدة للجبهة القومية الذين تم انتخابهم في المؤتمر العام الرابع للجبهة وفي تلك الفترة كان الجيش والأمن والقطاع الفدائي للجبهة القومية متفقين وتم اعتقال بعض قيادات الحركة وكانت بعض القيادات متذبذبة في اتخاذ العقوبات ضدهم حيث تم إطلاق سراحهم ومن الذين ساهموا في إطلاق سراحهم جعبل امشعوي ومحمد احمد السياري وصالح الزنجبيلة وكذلك فيصل عبدا للطيف الشعبي .
حركة 14 مايو
وفي العام ذاته قامت هذه المجاميع بحركة 14 مايوفي محافظة أبين من خلال الاعتداء على آل شداد وخرجت عليهم قوة من الجيش لملاحقتهم وأنهت الأمر وهربوا إلى جبال يافع وفي العام نفسه قامت مجاميع في محافظة شبوة وردفان محافظة لحج تطالب بوحدة وطنية إلا إن تلك المطالب لم تأخذ الطابع السلمي حيث قامت مجاميع بمهاجمة سريتين عسكريتين وقتلوا بعضا منهم واعتقلوا أخرين وقامت قوات الحكومة بالتصدي لهم وإنها العملية .
إقالة محمد علي هيثم
في تلك الفترة أقال الرئيس قحطان الشعبي محمد علي هيثم من منصبة كوزير للداخلية ولم يعين بدلا عنه فانحاز إلى جماعة الجبل وذهبت معه بعض القيادات العسكرية أمثال علي عبدالله ميسري ومحمد صالح مبرقي ومهدي عشيش ومحمد قاسم اليافعي وآخرين وقاموا بالحركة الانقلابية في 22يونيو1969م التي سميت فيما بعد بالخطوة التصحيحية .
كيف كان رد فيصل عبداللطيف على حركة ٢٢ يونيو ٢٦٩١م¿
على إثر هذه الحركة الانقلابية قام عدد من العناصر والقيادات العسكرية بهدف مواجهتهم إلا إن فيصل عبدا للطيف الشعبي رفض إن تطلق رصاصة واحدة أوتسيل قطرة دم وقال مبروك عليهم السلطة وسيصلون الى طريق مسدود وكان يقول الشهيد الصديق احمد الجفه الذي كان مدير الأمن آنذاك مخاطبا فيصل وبعض قيادات الدولة إن هولا – ويقصد قادة الحركة الانقلابية – سيعملون منكرا بالشعب لا يرضي الله ولا رسوله إلا إن كلام الشهيد الصديق لم يأخذ بعين الاعتبار .
ما الذي حدث بعد ذلك ¿
بعد سيطرة المتطرفين اليساريين أوكما وصفهم الرئيس قحطان الشعبي بالمراهقين السياسيين جرت حملة اعتقالات واسعة لأعضاء وقيادات الجبهة القومية من القطاع السياسي والفدائي ومن المناصرين لهم وتم مطاردة واعتقال وتصفية الكثير منهم واذكر الأخ عبدا لهادي شهاب الذي كان يعمل نائبا لمدير الأمن آنذاك أي يعد الرجل الثاني المسئول عن الأمن بعد المسئول البريطاني وكان يتعاون معنا ويبلغنا بحملات المداهمة والتفتيش التي تقوم بها قوات الأمن البريطانية وكانت ثكنات الأمن ومنازل رجال الأمن المتعاونين مع الجبهة القومية المكان الأمن لإخفاء السلاح والمناضلين قام بإعدام عبدا لهادي شهاب ومئات من المناضلين المعارضين لهم وقبل ذلك أقول انه في يوم 22يونيو1969م بعد الظهر جاءنا سالم ربيع علي وعلي عنتر ومحمد صالح مطيع وعلي عبدالله ميسري إلى نادي الضباط آنذاك في منطقة الكبسة بالمعلا وطلبوا منا اختيار مجموعة من الضباط للذهاب إلى دار الرئاسة لمناقشة أرائنا لأننا كنا نرفض الانحياز إلى أي من المعسكرين الدوليين في ذلك الوقت وعلم الانقلابين بان هناك معارضة لهم من قبل الكثير من الضباط في الأمن وعلى اثر ذلك جاءوا ألينا وشكلنا لجنة من عدد من الإخوة للذهاب إلى دار الرئاسة اذكر منهم ابوبكر شفيق على وصالح محمد الزنجبيلة ومحمد احمد حرباج ومنصور سيف مشعل وابوبكر الشيبة وذهبوا إلى دار الرئاسة ولم يسمحوا لهم بالدخول وتركوهم على الباب وشكلوا الحكومة الجديدة وبعد فترة وجيزة من ذلك تم اعتقال معظم أعضاء اللجنة وتمكن عدد بسيط من الهرب إلى شمال الوطن اذكر منهم ابوبكر شفيق.
متى تم اعتقالك ولماذا ¿
في مارس عام 1970 م تم اعتقالي ومجموعة كبيرة من المناضلين وقضيت ما يقارب عامين في السجن دون أي تهمة سوى إننا معارضون للإجراءات التي قامت بها قيادة حركة 22 يونيوالانقلابية وذات يوم إثناء وجودي في السجن زارت السجن لجنة مكلفة من رئاسة الجمهورية برئاسة محمد صالح مطيع وزير الداخلية حينها وطبعا هو زميل نضال وحين رآنا استغرب وجودي وقال أنت هنا قلت نعم إنا وكثير من المناضلين , فقال :- اعتبر عملك الأول صفر على الشمال ويقصد فترة الكفاح المسلح وأضاف مطيع لم يأتوا بك إلى هنا إلا وأنت ضد حركة 22 يونيو ولكني سأرفع أسماءكم إلى الرئيس سالمين وهويعرفكم ويمكن يأمر بإطلاق سراحكم وفي 18نوفمبر 1971م تم إطلاق سراح مئة شخص من السجناء وكنت إنا احدهم وهنا اذكر بعض الإخوة الذين كانوا معي في السجن جعبل محمد امشعوي والصديق احمد الجفة وعبدالله يحي مجور وصالح بن صالح امعور واحمد عبداللاه الشيبة واحمد ابوبكر الشيبة واحمد ناصر امخادم واحمد شيخ علي والخضر حسن احمد وناصر النخعي وحسين جعبل وآخرين
إلى أين اتجهت عقب خروجك من السجن ¿
بعد خروجنا من السجن لاحظنا إن عملية الملاحقة والتصفيات مستمرة ولم يكن إمامنا من خيار غير الهروب إلى شمال الوطن وحين علمت السلطات بهروبنا رحلوا بأسرنا حيث إن أسرتي وصلت إلى محافظة البيضاء قبل إن أصل إنا كان ذلك في عام 1972م وقامت السلطات آنذاك بمصادرة منزلي في المعلا وهدم منزلي في القرية بمديرية لودر وتعرض أهلنا وذوونا للاعتقالات والتصفيات وعشت في الشمال منذ ذلك الوقت حتى إعادة وحدة الوطن وقيام الجمهورية اليمنية حينها فقط تمكنت من العودة والالتقاء بالأهل والأصدقاء .
لم اندم
قلت للمناضل سالم هايمة هل أنت نادم على سنوات العمر التي قضيتها في مقارعة الاستعمار ¿ فأجاب لا لم اندم لأني اشعر إني أديت واجبي تجاه وطني والمشكلة كانت في القيادة إما إنا فإنسان عادي أدى واجبه بقدر ما استطاع وقولك إن جنون السلطة اعمى بصر وبصيرة القيادة التي استولت على السلطة بعد 22يونيو1969م فتلك القيادة قامت بتصفية حتى من ساعدوها ومن وقفوا بجوارها في تثبيت الوضع وكما تعرف عاش الجنوب فترة صراعات وتصفيات لأنهم حكموا بالباطل وما بني على باطل فهوباطل.
رد الاعتبار للمناضلين
يختم المناضل سالم هايمة هذا اللقاء بهذه الكلمات:-
كل ما نتمناه اليوم من القيادة السياسة هو إعادة الاعتبار للمناضلين الذين خدموا الوطن بأمانة وشرف في مختلف مراحل العمل الوطني لأن الكثير من المناضلين لا يستطيعون الوصول الى القيادة لشرح معاناتهم ومشكلاتهم ويضيف المناضل سالم هايمه أنا استلم مرتب خمسة آلاف ريال فقط لذلك نأمل من فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي وهو احد المناضلين المعروفين إلى إعادة النظر في أوضاع المناضلين وشهداء الثورة بما يليق ويتناسب مع ما قدموه من تضحيات ودعني أتوجه بالتحية إلى كل المناضلين الذين كان لهم شرف الإسهام في انتصار الثورة ونيل الاستقلال الوطني وهنيئا لشعبنا أعياده الوطنية .
