السعودية .. على نَفْسِها جَنَتْ بَرَاقِش
فيروز بغدادي*
لم يمر سوى 15 يوما على هجمات أرامكو التي خفضت إنتاج السعودية من النفط إلى النصف، حتى عادت القوات المسلحة اليمنية لتعلن السبت الماضي عن تنفيذ عملية عسكرية كبرى في منطقة نجران جنوب السعودية وأسرت 3 ألوية من المرتزقة إلى جانب فصيل سعودي كامل بالإضافة الى الاستحواذ على أعداد كبيرة من المدرعات والآليات والعتاد العسكري، وتحرير مئات الكيلومترات المربعة من الأراضي.
وقال المتحدث العسكري باسم القوات المسلحة اليمنية العميد يحيى سريع، إن الهجوم بدأ قبل 72 ساعة بدعم من وحدات الطائرات المسيَّرة والصواريخ والدفاع الجوي التابعة للقوات المسلحة اليمنية، وبين الأسرى أعداد كبيرة من قادة وضباط وجنود الجيش السعودي.
الملفت أنه لم يصدر عن السعودية أي رد فعل على الاعلان اليمني لحد الآن، ويبدو أن السعودية في موقف لأن حرج جدا، فهي لا يمكنها تأكيد العملية، كما لا يمكنها نفيها، ولا تستطيع تأكيدها، لأن في إعلان ذلك هزيمة عسكرية كبرى، أما إذا نفت الامر جُملة وتفصيلا، عندها ستعرض القوات المسلحة اليمنية واللجان الشعبية افلاما وصورا للأسرى، وعندها سيكشل الامر ضربة لاعتبار وسمعة ومكانة السعودية.
هناك احتمال وارد في ان تكون القوات المسلحة اليمنية تتعمد عدم عرض أي دليل على العملية، انتظارا لما سيصدر عن الرياض بشأنها، وعلى ضوء الموقف السعودي ستقوم بالخطوة التالية ، وهي خطوة ستكون بمثابة ضربة لا تقل ايلاما عن ضربة ارامكو.
ما يثير الاهتمام هو صلابة الجيش واللجان الشعبية في اليمن التي اعتقدت السعودية أنها حطمتها بعد الغارات المتواصلة على مدى نحو خمس سنوات، فقد أثبت اليمنيون انهم شعب عنيد وصاحب قوة وإرادة تصل إلى حد الأسطورة، فانتقال هذا الشعب من مرحلة الدفاع الى مرحلة الهجوم ، بعد كل هذا الدمار الذي لحق بالبشر والشجر والحجر، هو أمر خارج نطاق التصور الانساني.
ما نشهده اليوم في الحرب على اليمن، وانتقال اليمنيين من الدفاع إلى الهجوم ، وتكبيد دول العدوان كل هذه الخسائر ، أثبت حقيقة المقولة المعروفة عن اليمنيين ، بأن بلادهم “مقبرة الغزاة”، فلم تطأ قدم أجنبي أرض اليمن إلا خرج منها خائبا ذليلا مهزوما.
في مقابل كل هذا العنفوان في المشهد اليمني ، مشهد بائس مهزوز مهزوم ، هو المشهد السعودي، حيث لا معنويات ولا دافع للحرب ، فقد وصل الجنود السعوديون إلى قناعة بأنهم يحاربون في معركة خاسرة، وهو ما يفسِّر سقوط 3 ألوية، أي 12 ألف جندي، في قبضة القوات المسلحة اليمنية، بكامل عتادهم وعدادهم، يضاف إليهم فصيل سعودي بكامل جنوده ورتبه وعتاده.
الأرض والحديد أدركتا عقم الحرب السعودية الاماراتية على الشعب اليمني، بينما مازالت القيادتان في السعودية والامارات، تُصِّران على الحرب، رغم كل تكاليفها المادية وخسائرها الانسانية، ومن دون أي ثقة بالنصر، فقط لإرضاء غرائز الانتقام، والغرور الأجوف.
أمران يدفعان بالقيادتين السعودية والإماراتية الى مواصلة هذه الحرب من دون ان يكون لها أفق واضح ، الأمر الأول هو امتلاكهما ثروات ضخمة يمكن أن تغذي هذه الحرب، بالإضافة الى وجود مئات الآلاف من المرتزقة الذين يمكن شراء دمائهم بسعر زهيد. لكن الأمر الذي نسيه أو تناساه قادة السعودية والامارات هو سمعة ومكانة كل منهما واللتين اصبحتا في الحضيض، بسبب المجازر والمآسي والويلات التي يعيشها الشعب اليمني جراء القصف والحصار والتجويع والأمراض.
هذه الحقيقة أدركتها القوات المسلحة اليمنية جيدا، وهو ما دفعها الى استهداف النفط في السعودية مباشرة، لمضاعفة تكاليف الحرب على السعودية والامارات، بالإضافة الى منعهم قدر الإمكان من شراء المرتزقة ليحاربوا بدلا عنهما الشعب اليمني، الأمر الذي يبرر كل هذا الصراخ والعويل والبكاء السعودي الامريكي الغربي على النفط الذي احترق في ارامكو، بينما كانت تلك الجهات لا ترى ولا تسمع ولا تتحدث، عما يجري من ويلات بحق الانسانية في اليمن منذ خمس سنوات.
اليوم على السعودية ان تعيد حساباتها قبل فوات الاوان ،وأن تدرس المبادرة اليمنية للسلام، وبجدية، فلم يعد بإمكانها أن تواصل سياستها الكارثية في اليمن دون أن تدفع ضريبتها أضعافاً مضاعفة، لاسيما أن المبادرة اليمنية مازالت على الطاولة اليمنية.
* شفقنا