إيهاب شوقي*
الضربة العسكرية الكبرى لعملية «نصر من الله»، هي الضربة الكبرى الثانية التي نزلت على رأس العدوان على اليمن، والذي تتصدر السعودية عنوانه، بينما القوس مفتوح في معسكره ليضم الامارات وأمريكا والعدو الصهيوني وبقية المرتزقة والمأجورين.
وهذه العملية لها وجهان، وجه بطولي في جانبها اليمني، ووجه فضائحي في جانبها السعودي، حيث انها بقدر ما تعكس شجاعة ودقة وقدرة عسكرية يمنية، بقدر ما تعكس فشلًا وخيبة سعودية.
وتبعث هذه العملية برسائل كثيرة يمكن اكتشافها بعد اعلان التفاصيل، ولكن هناك رسائل مبدئية يمكن رصد البعض منها كما يلي:
1/ هناك معضلة سعودية في هذه العملية، وهي ان السعودية لا تستطيع إلصاق العملية بإيران أو بأطراف أخرى.
2/ هذه العملية النوعية الكبرى تعطي مصداقية للعملية النوعية السابقة والخاصة بقصف مصافي النفط التابعة لـ «ارامكو»، والتي لا يستطيع السعوديون ولا الامريكيون استيعاب أنها تمت بأيدٍ يمنية.
3/ وقوع هذا العدد من القوات السعودية مضافًا الى تاريخ من الهروب في الصحارى، هو بمثابة اراقة لآخر نقاط ماء الوجه، وضربة قاضية للصلف السعودي، حيث يمكن احالة الفشل السابق بما فيه العملية النوعية لمصافي النفط، على الأسلحة الأمريكية وخيبتها وفشلها، أو التذرع الكاذب أن الهجوم أتى من خارج اليمن، وغيرها من الأكاذيب. أما وجود الجنود على الأرض وفي جبهة مباشرة ووقوع هذا الحدث الجلل، فهو شهادة بوفاة نظام لم يستطع بناء الجيش وإعداد المقاتل السعودي، كما لم يستطع بناء التحالفات وشراء الاسلحة وإدارة المعركة، وتتعاظم الفضيحة إذا ما كانت التحالفات مع قوى عظمى وسط تواطؤ دولي واقليمي وصمت شعبي مريب لقطاعات واسعة عربية دولية.
لقد مد اليمنيون المقاومون أيديهم للسلام عقب عملية كبرى وموجعة ستمتد آثارها طويلًا في سوق النفط، كما يمكن أن تصبح من العمليات التي تدرس في الأكاديميات العسكرية بسبب دقتها وتوقيتها وكونها محسوبة وتوصل رسالة دقيقة أن هناك المزيد من الدمار لاحقًا إن لم يرتدع العدوان، ولكن معسكر العدوان لم يتلق الرسالة واستمر في الصلف وفي الاستعانة بالأمريكي محرضًا على ايران والمقاومة، وهو لا يدري أن هذا التحريض هو إهانة له، لأنه يكشف عجزه عن المواجهة ما دام تأكد له أن ايران هي من قامت بالعملية.
استمر العدوان في قصف المدنيين وغاراته الاستعراضية الخاوية من أية مضامين استراتيجية، وهو ما يعكس روحًا استعلائية، يبدو أنها لا تستوعب إلا النهايات المأساوية.
المنطق يقول إن ما حدث على جبهة القتال منذ بدء العدوان وحتى هذه الفضيحة، هو كفيل بزلزلة الارض تحت قدمَي بن سلمان وتحميله ضياع الهيبة السعودية والتندر بالفشل والخيبة بشكل غير مسبوق منذ نشأة المملكة.
الخلاصة أن الشعوب الحرة لا تقهر، والمقاومة لا يمكن هزيمتها طالما ظلت متمسكة بخيار المقاومة ولم تراوح بين خيارات متعددة ولم تركن الى التراخي وطالما التزمت بنبل الوسائل.
ان البراجماتية الأمريكية لن تحتفظ بأنظمة فاشلة، وأمريكا رائدة في مجال الغدر بالحلفاء، وترامب التاجر لن يلعب معركة خاسرة، ولهذه العملية تداعيات كبرى ستتكشف في الايام القادمة وقد ينتج عنها تغيرات دراماتيكية تتسع لتتخطى نطاق الخليج الى نطاق كامل الاقليم.
* كاتب مصري