26 سبتمبر.. أُمّ الثورات

محمد صالح حاتم
يحتفل شعبنا اليمني قيادة ًوحكومة ًوشعبا ًبالذكرى الـ57 لثورة 26 سبتمبر المباركة ،هذه التي جاءت في وقت بدأت فيه الشعوب العربية التحرر والاستقلال من الاحتلال البريطاني والفرنسي والإيطالي في الشام والمغرب العربي ومصر وبلاد الرافدين، ولكن كان لليمن وخاصة ًالمحافظات الشمالية أو ما كان يعرف باليمن الشمالي وضع استثنائي لأنها لم تكن محتلة أو مستعمرة من قبل دولة اجنبية، كبقية الدول العربية أو مثل جنوب اليمن سابقا ًالذي كان محتلا ًمن قبل بريطانيا، بل كانت تتمتع بالاستقلال وتحكمها أسرة بيت حميد الدين، التي وللأسف الشديد ظلت تحكم اليمن أكثر من أربعة عقود ولكنها لم تتواكب مع التغيرات والتطورات التي يشهدها العالم، بل ظلت تحكم وتدير الدولة بعقلية القرون الوسطى، فلم تعمل على فتح المدارس الأساسية والثانوية واعتماد مناهج حديثه ومتطورة ، ودعم التعليم والزاميته ،وفتح المعاهد والجامعات ، ولم تنشئ المراكز الصحية والمستشفايات ،ولم تقم ببناء دولة مؤسسات، فكل هذه كانت أسباب مهمة دفعت الثوار الأحرار الى القيام بثورة ضد حكم بيت حميد الدين، فكان فجر الخميس 26سبتمبر 1962م يوم ميلاد ثورة الشعب وانطلاقة لبناء يمن جديد، فكانت أهداف هذه الثورة الستة التي أعلنها الثوار هي مبادئ ومنطلق نحو البناء والتحديث، ولكن وللأسف الشديد فقد تم التآمر على هذه الثورة والانقلاب على أهدافها والعمل على وأدها في مهدها من قبل مملكة بني سعود، التي دعمت المشايخ ورجال القبائل بالمال والسلاح لإفشال هذه الثورة، وإعادة حكم بيت حميد الدين، ولكن كان لدعم مصر العروبة وزعيمها جمال عبدالناصر لثورة 26سبتمبر والثوار الأحرار اثر كبير في إنجاح ثورة 26سبتمبر وعدم انتكاستها، وظلت الحرب سبع سنوات بين الثوار الأحرار الجمهوريين وبين الملكيين ومشايخ ورجال القبائل المدعومين سعوديا ً،وقد أرادت السعودية بهذه الحرب أن تكون حرباً أهلية يمنية وكأن التاريخ يعيد نفسه اليوم من خلال الحرب والعدوان الذي تشنه على اليمن مملكة بني سعود وتحالفها عقب ثورة21 سبتمبر ولكن الفارق أن في ثورة26سبتمبر لم تشارك السعودية بجيشها وطيرانها مثل اليوم بل اكتفت بالدعم بالمال والسلاح، وعندما أحسّت السعودية أنها ستخسر حربها في اليمن، لجأت لحرف وتغيير ثورة 26سبتمبر عن مسارها، بحيث تكون اليمن دولة مستقلة صوريا ًفقط، وتبقى تحت حكم ووصاية المملكة، وهذا هو ما ظلت علية اليمن قرابة نصف قرن، وكانت تعرف بالحديقة الخلفية للسعودية، ورغم كل هذا فإن ثورة 26سبتمبر تبقى أم الثورات اليمنية وهي الحضن الدافئ والحنون لكل الثورات والتحولات والتغيرات التي حصلت في اليمن ، والتي منها استمدت ثورة 14اكتوبر شرارتها وكانت هي الملهمة لثوار الجنوب بل وهي الداعم والمساند لهم بالمال والسلاح والرجال والمفكرين والثوار الأحرار، وكان لثورة 26سبتمبر دور ورصيد كذلك لـ30 نوفمبر عيد الاستقلال وطرد المحتل الإنجليزي من جنوب اليمن، وتظل 26سبتمبر واهدافها منطلق لبناء اليمن الكبير فكان ميلاد فجر 22مايو 1990م واحدا ًمن منجزات ثورة26سبتمبر بل واهم اهدافها التي تحققت والتي يسعى العدو السعوصهيوامريكي اليوم النيل منه بشنهم عدوانهم على اليمن في 26مارس 2015م بهدف إفشال ما تحقق من أهداف ثورة26سبتمبر ومنها الوحدة وهو ما يمكن أن نسميه الهدف الذي تحقق وتم ترجمته الى ارض الواقع ولمسة المواطن اليمني، وكذا وأد وقتل ثورة 21سبتمبر التي جات لتصحيح مسار ثورة26سبتمبر وتحقيق اهدافها الستة وترجمتها عمليا ً،و التي عملت مملكة بني سعود على حرف وتغيير مسارها طيلة العقود الماضية.
فستبقى ثورة 26سبتمبر شعلة ًمشعة ًبالنور ونجم يهتدي به كل الثوار والأحرار، لبناء دولة اليمن الحديثة ،دولة النظام والقانون دولة المؤسسات والعدالة والديمقراطية والحقوق والحريات ،دولة مستقلة ذات سيادة مستقرة وأمنة ،دولة واحدة من صعدة حتى سقطرة ومن المهرة حتى الحديدة ويبقى علم الجمهورية اليمنية يرفرف فوق جبالها وكل ذرة رمل من ترابها الطاهر .
وعاش اليمن حرا ًابيا ً،والخزي والعار للخونة والعملاء

قد يعجبك ايضا