ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر.. استلهام لقيم ثورة الحسين
وفاء الكبسي
ونحن في أجواء محرم الحرام وذكرى ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر، ونحن نستذكر ثورة الامام الحسين عليه السلام التي جسدت الاصلاح والهداية لكل البشرية دون استثناء، حيث سعى سيد الشهداء وصحبه الابرار بتضحياتهم السخية الى بناء مجتمع إسلامي وإنساني متكامل، تسود فيه الاخلاق الفاضلة والقيم النبيلة وتتحقق فيه العدالة والاخوة والحرية والمساواة وباقي القيم الانسانية التي تحفظ حقوق وكرامة الإنسان، ان الجموع المليونية التي خرجت الى السبعين مجددة حبها ووفاءها لصاحب الذكرى العطرة سيد الشهداء وصحبه الابرار خرجت ؛لأنها استقت من مدرسة الحسين الحقيقية كل معاني العز والشرف والكرامة الإنسانية وإنقاذ الدين وإحياء الشريعة ورفع البشرية من أدنى ما وصلت إليه إلى عالم النور والضياء، فثورة الإمام الحسين عليه السلام تحمل الكثير من المعاني والأبعاد والدلالات، فهي ليست تلك الثورة والحركة التي حصلت أحداثها قبل ما يقرب من 1400 عام وانتهت بشكل طبيعي كما تنتهي المعارك التي يقوم بها الإنسان، فلا بد من التوقف طويلا عند النتائج والآثار التي حملتها والتي ما زالت مستمرة حتى يومنا هذا ومتجذرة في نفوس وضمائر ملايين اليمنيين بكافة اختلافاتهم وانتماءاتهم المذهبية والفكرية، لأن نهضة الحسين -عليه السلام- لم تكن مذهبية ولن تكن كذلك، فشعار تلك النهضة لا زال مدوّياً يجسدها مقولته المشهورة: (إنّما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي صلى الله عليه وآله وسلم) ، أي من أجل إصلاح الأمة بأكملها بلا استثناء لأي طائفة .
إنّ إحياءنا لذكرى عاشوراء هو للعبرة والاتعاظ وتوضيح الدرس العملي والتطبيق لآيات كتاب الله الآمرة بالثورة على كل ظالم ولو من موقع إسلامه العام، فمجرد كونه مسلماً لا يمنع من القيام ضدّه بثورة لتصحيح مسار الأمور عندما ينحرف عن جادة الاستقامة والهداية والعدل والحق؛ ولذلك نرى القرآن يصرّح بأن من لم يحكم بما انزل الله فهو كافر وفاسق وظالم، وعليه فالحسين -عليه السلام- أراد بنهضته أن يسنّ سنة حسنة في الإسلام ليقتدي به كلّ المسلمين في العصور اللاحقة عندما يعيشون أوضاعاً كالتي كانت موجودة في عصره حيث انتشر الظلم وعمّ الفساد في الأمة الإسلامية بسبب فساد الحكام وانحرافهم عن الدين، وما أشبه ثورتنا المجيدة ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر بثورة الحسين- عليه السلام-
إذا ابتلينا بولاة أمر ظالمين فاسدين فاسقين شاربين للخمر كما وصف سيد الشهداء “الطاغية يزيد” بالحاكم الفاسد الفاسق شارب الخمر قاتل للنفس المحرمة وقال: (مثلي لا يبايع مثله)، هذه العبارة القوية جسدت حكمة كبير المعنى والدلالات وكأنها قيلت عند خروج الجموع الغفيرة من اليمنيين بالثورة العارمة( ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر)، فمثلنا لا يبايع أمثالهم من الطغاة الفاسدين الفاسقين المستكبرين واقصد بهم “النظام السابق” ولهذا خرجنا للمطالبة بالإصلاح، ومحاسبة المفسدين وناهبي المال العام ، فالثورة مازالت مستمرة لاجتثاث كل الفاسدين الجاثمين على مؤسسات ودوائر الدولة ، حتى يتحقق العدل والاصلاح في هذا البلد، وينال الفاسدون جزاءهم العادل النزيه جراء افعالهم .. !
ثورتنا المجيدة العظيمة جائت مستمدة من مسيرة سيد الشهداء ومن ثورته القوية ذات العزم والإباء ، فلن يستقيم حالنا بوجود الفاسدين تحت اي مسميات ، الكل يعلم كيف عاثوا في الارض فسادا منذ اكثر من ثلاثين عاما ومازالوا، ولهذا فالأوضاع تسير من سيئ إلى اسوأ وغدا اليمنيون يحلمون بثورة جديدة تجتث الفساد وتخرجهم من واقعهم السيئ المضنك.
ونحن نعيش الذكرى العطرة لثورة الحسين -عليهم السلام و ماهي إلا أيام ونعيش ذكرى ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر ونحن تحت وطأة العدوان الغاشم لأكثر من خمس سنوات فلابد وأن نذكر كل الطغاة الفاسدين من العدوان وادواته في الداخل والخارج بأننا على نهج الحسين سائرون ولن نتواني أو نتهاون حتى ننتصر ويقام العدل في الأرض ويدحر الشيطان وأولياؤه، إننا نعيش كل يوم عاشوراء وكل اليمن كربلاء، فالرجال والنساء والاطفال يذبحون أمام مرأى ومسمع العالم، ونحن محاصرون نموت من الجوع ولا نجد الدواء، حتى الموتى استهدفوهم بالصواريخ، كربلاء تجددت في اليمن بألمها وحزنها وبشاعتها، وتجدد معها نبع قيم البطولة والثبات في رجال اليمن حسينيي العصر من سطروا الملاحم الاسطورية وارهبوا العدوان واذهلوا العالم بشجاعتهم وبسالتهم وقوة بأسهم؛ لأنهم تأثروا بشخصية الحسين الفريدة، وساروا على نهجه ودربه من تضحية وفداء وكيف أن الدم اليمني سينتصر على كافة انواع السلاح ، لأننا نرفض العدوان رفضاً مطلقاً ونرفض كل طواغيت الأرض المستكبرين من أمريكا واسرائيل وادواتهما اللعينة الخبيثة ، نحن اليوم نسير وفق حركة الامام الحسين التحررية الداعية للكرامة الإنسانية، والحرية الفكرية، والعدالة الاجتماعية، والتسامح الديني، والوفاء للقيم الإنسانية، وهيهات منا الذلة.