جرائم العدوان في اليمن.. الإنكار سيد الأدلة
حسن الوريث
القاعدة الشرعية والقانونية تقول إن الاعتراف سيد الأدلة، وهذا هو المتعارف عليه، لكن الأمر يختلف في الجرائم التي ارتكبها ويرتكبها طيران العدوان السعودي في اليمن منذ اليوم الأول لعدوانه على الشعب اليمني وكانت آخرها جريمة قصف مركز احتجاز الأسرى في محافظة ذمار، ففي كل الجرائم التي ترتكب في حق المدنيين والمواطنين يطل ناطقهم إما ليعلن أن الهدف عسكري أو أنهم لم يستهدفوا هذا المكان إطلاقاً وفي نهاية المطاف عندما تبدأ الأمور تتكشف يحيلون الموضوع إلى لجنة تحقيق خاصة بهم تكون نتائجها معروفة سلفاً بتحميل مرتزقتهم المسؤولية كما حدث في الكثير من الجرائم أو تحميل اللجنة الدولية للصليب الأحمر كما حدث في جريمة ذمار.
في كل الجرائم التي كان نظام بني سعود يرتكبها ويعترف بها في وسائل الإعلام ثم يعود لإنكارها كان الإنكار هو سيد الأدلة الذي يؤكد أن هذه النظام الهمجي هو من ارتكب تلك الجرائم كجريمة المخا وسنبان ومستبأ وعبس وضحيان وغيرها، بمعنى أن إنكاره هو أكبر دليل على ارتكابه الجرائم وكلما زاد عدد الأبواق التي تنكر الجريمة كلما كان الدليل الأكيد على أنه من ارتكبها، فقد شاهدنا للوهلة الأولى لجرائم المخا ومستبأ والصالة الكبرى اعترافاً سريعاً باستهداف تجمع قيادات عسكرية وبعدها بلحظات يتم انكار الجرائم وتحشيد ابواق المرتزقة لمحاولة إلصاق التهمة بالجيش واللجان الشعبية لكن هذه الجرائم كانت واضحة وضوح الشمس بحيث لم يعد يفيد الإنكار، وهكذا في كل الجرائم التي كانت ترتكب يتم انكارها ويتأكد بعد ذلك أن العدوان هو من ارتكبها.
في جريمة الصالة الكبرى بالعاصمة صنعاء كان الإنكار أشد والمحاولة لإبعاد تحالف العدوان التهمة عن نفسه أكبر على اعتبار أن هذه الجريمة كانت الأكبر والأبشع وبالتالي فقد كان النظام السعودي مرتبكاً ومتخبطاً بشكل غير مسبوق خاصة حينما بدأت ردود الأفعال العالمية تتوالى بتحميل التحالف مسؤولية هذه الجريمة، حيث كان الصوت الأول من الأمم المتحدة عبر وكيلها للشؤون الإنسانية آنذاك ستيفن اوبراين الذي أعلن في أول تصريح أن طيران التحالف هو من ارتكب هذه المجزرة حيث قال في بيان “إن الأمم تدين بقوة وبشكل قاطع ولا لبس فيه القصف الجوي الذي تعرض له مجلس العزاء ما أدى إلى مقتل مدنيين بينما كان المجلس يعج بآلاف المعزين”.. مؤكداً أن هذا الهجوم الرهيب يمثل تجاهلا تاما للحياة البشرية ويسلّط الضوء مرة أخرى على المخاطر الكبرى التي يواجهها المدنيون عندما يتم استخدام الأسلحة المتفجرة في المناطق الحضرية، بعده أعلن المتحدث باسم البيت الأبيض أن بلاده ستراجع تعاونها مع التحالف بعد الضربة الجوية على مجلس العزاء في العاصمة صنعاء وجاء بعده وزير الخارجية الأمريكية آنداك جون كيري الذي عبَّر في اتصال هاتفي مع ولي عهد النظام السعودي عن قلقه جراء الغارة الجوية التي استهدفت مجلس العزاء ، ليأتي بعده الأمين العام للأمم المتحدة الذي أكد بما لا يدع مجالاً للشك أن هذه الجريمة ارتكبها طيران التحالف ودعا إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة للتحقيق في الجريمة ومحاسبة المتسببين فيها.
والأهم من كل ذلك هو التسجيل المصوَّر الذي بثته القنوات الفضائية ويوثق لحظة سقوط الصاروخ الأخير مع صوت الطائرة وما تلاه من انفجار رهيب، والذي جاء ليؤكد أن هذه الجريمة ارتكبها طيران العدوان ولا يمكن بعدها إلا أن يجبر النظام السعودي على الاعتراف بهذه الجريمة التي ارتكبها لأن الإنكار بعد كل هذا يؤكد أن هذا العدو المجرم هو فعلاً من ارتكب الجريمة حتى لو لم يصدر اعتراف رسمي، ومهما يكن فإن تلك الاعترافات رغم أنها خجولة ولا تكفي لكنها تؤكد بشاعة الإجرام وتدل على أن المجتمع الدولي يريد التنصل من هذه الجريمة وإلقاء اللوم على السعودية وحدها فقط وتحميلها المسؤولية.
وفي جريمة قصف مركز احتجاز الأسرى بذمار أعلن ناطقهم أنه استهدف موقعاً عسكرياً وعندما اتضح أن الموقع هو مركز احتجاز الأسرى بمعرفة اللجنة الدولية للصليب الأحمر عاد ليحمَّل هذه اللجنة المسؤولية بأنها لم تبلغهم بالموقع.. وهكذا فإن التناقض يؤكد أن نظام بني سعود عدو الشعب اليمني لكن الذي لا يمكن قبوله إطلاقاً هو تبريرات أولئك المرتزقة القابعين في فنادق الرياض الذين يدافعون عن نظام يقتل شعبهم ويدمَّر مقدرات بلدهم، ونحن نخاطبهم ونقول لهم: هل هذا هو حبكم لوطنكم وشعبكم ؟ هل هذا هو التحرير الذي تزعمونه ؟ هل تحسبون انفسكم من الذين ينتمون لهذا الوطن ؟ هل الجرائم التي يرتكبها النظام السعودي في اليمن تعتبر بطولة ؟ وهل قتل الناس بهذه الطريقة البشعة يدخل في نطاق ما تسمونه أنتم إعادة الشرعية المزعومة ؟.
بالتأكيد أننا سنقول لهؤلاء الخونة والمرتزقة المقولة المشهورة لا شيء أسوأ من أن يكون خصمك حقيراً، ولا شيء أسوأ من أن يكون خصمك عديم النخوة والأخلاق” وبالتالي فأنتم خسرتم بلدكم وشعبكم وخسرتم قبلهما إنسانيتكم وخسرتم أخلاقكم وخسرتم النخوة، بعتم ضمائركم وأنفسكم للشيطان في سبيل الحصول على دراهم ودولارات معدودة لا تساوي شيئاً أمام الوطن الذي سيبقى شامخاً ولن يضره لا أنتم ولا غيركم.. وفي اعتقادي أن ثمة فرصة أخيرة لتراجعوا أنفسكم إذا كان ما يزال لديكم شيء من النخوة وذرة من الوطنية والأخلاق، ما لم فإن مصيركم مزبلة التاريخ كما هو مصير كل الخونة والمرتزقة والعملاء الذين كانوا يبيعون أنفسهم ويتخلون عن أوطانهم للحصول على مكاسب بخسة لا تمثل شيئاً أمام أوطانهم.
ومما لاشك فيه أن هذه الجرائم التي يرتكبها نظام بني سعود في اليمن وهذه الدماء الزكية الطاهرة التي يسفكها هي التي ستكتب نهاية هذا النظام الهمجي الإجرامي الإرهابي الذي أنشأته المخابرات البريطانية مع الكيان الصهيوني كوجهين لعملة قبيحة واحدة مهمتهما التدمير ونشر الخراب في البلدان العربية والإسلامية.. وبالتأكيد أن التاريخ سيسجل في أنصع صفحاته أن الشعب اليمني العظيم واجه تحالفاً عالمياً وتغلَّب عليه وأنهى دويلة بني سعود رغم فارق الإمكانيات في كل شيء، وسيضاف هذا الانتصار الذي حققه الشعب اليمني إلى سلسلة سجله المشرف على مدى التاريخ القديم والحديث.