دلالات ما يجري في عدن

هشام الهبيشان
ها هي الحرب السعودية – الأمريكية على اليمن، تُقارب على نهاية ربعها الثالث من عامها الخامس، من دون تحقيق أيّ من نتائجها، سوى تسليم أجزاء واسعة من الجنوب اليمني لـ مجاميع وميليشيات مسلحة متصارعة لا هدف لها سوى بسط نفوذ وسيطرة داعميها على مناطق الجنوب اليمني، وما يجري اليوم في عدن، بالتحديد من سيطرة ما يسمّى بـ قوات المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي على عدن، بعد صراعها مع ميليشيات الحماية الرئاسية التي يتزعّمها عبد ربه منصور هادي، ما هو إلا دليل على فشل العدوان السعودي بالإضافة إلى قرب انفراط عقد تحالفه مع الإماراتي، فالميليشيات والمجاميع المسلحة المحسوبة على الإماراتي بدأت تتمدّد بشكل كبير في الجنوب اليمني، وسط انحسار وتراجع كبير للدور والنفوذ السعودي في الجنوب اليمني.
وهنا لا يمكن إنكار حقيقة أنّ هذه الميليشيات والمجاميع المسلحة، قد ساهمت، إلى حدّ كبير، بدعم عدوان قوى محور العدوان على جنوب اليمن، بشكل مباشر أو غير مباشر، خصوصاً في معارك عدن، لكن الذي حصل بعد ذلك، هو سقوط الجنوب اليمني في الفوضى العارمة، نتيجة تمدّد المجاميع المسلحة في عدن ومحيطها بالتحديد، وبالعودة لما جرى في عدن بالتحديد، ما جرى في عدن خلال الأعوام الأربعة الماضية، شكل علامة فارقة في تاريخ الدولة اليمنية، فالحرب السعودية على اليمن، أخذت أنماطاً عدّة، وأهدافاً خبيثة، سوف ترتدّ، آجلاً أو عاجلاً، على تماسك تحالف قوى العدوان، كما يقرأ ويتحدث معظم المتابعين.
اليوم، هناك معلومات موثّقة تقول إنّ هناك تمدّداً كبيراً للمجاميع المسلحة «الانفصالية «في الجنوب اليمني، اضافة إلى تمدّد كيانات مستقلة، مثل «القاعدة» و»داعش» كما تفيد المعلومات عينها، ومن يتابع ما يجري في عدن تحديداً، سيدرك أنّ هناك مخططاً ما، تمّ تحضّيره من بعض القوى في محور العدوان على اليمن، يستهدفُ بسط نفوذها على جنوب اليمن، فالصراع السعودي الإماراتي لبسط النفوذ الكامل على جنوب اليمن بات واضح المعالم لجميع المتابعين بعد العجز السعودي الإماراتي عن تحقيق أيّ انتصارات ميدانية على جبهات الشمال والغرب اليمني رغم الزجّ بعشرات آلاف المقاتلين إلى ساحات المعارك.
اليوم عندما نتحدث عن جبهات الشمال والغرب اليمني، فالواضح لكلّ المتابعين هو استمرار فصول الصمود اليمني، أمام موجات الزحف المُسلّح الذي يقودها السعودي، وانكسار معظم هذه الموجات سابقاً، على مشارف تعز ومأرب وصعدة والحديدة وصنعاء إلخ… ورغم سعي بعض الدول الشريكة في الحرب على اليمن، إلى الانتقال إلى استراتيجية التحالف مع حزب الإصلاح اليمني رغم اعتراض الإمارات، لعل الإصلاح يحقق ما عجزوا عن تحقيقه في شمال اليمن، وسعياً لإدخال الدولة اليمنية بحرب استنزاف، لكلّ موارد وقطاعات الجيش اليمني وأنصار الله، في محاولة أخيرة لإسقاطهم.
رغم ذلك، لا يزال الجيش اليمني وأنصار الله، قادرين على أن يبرهنوا للجميع، أنهم قادرون على الصمود. والدليل على ذلك، قوّة وحجم التضحيات والانتصارات التي يُقدّمها الجيش اليمني وحلفاؤه «أنصار الله»، التي انعكست مؤخراً بظهور حالة واسعة من التشرذم والتخبّط تعيشها قوى العدوان، في مناطقٍ واسعة من جنوب اليمن، وبعض مناطق شمال وشمال غرب وشمال جنوب اليمن.
وبالعودة إلى ما جرى في عدن وربطه بتطورات معارك شمال وغرب اليمن، فمن هنا، نستطيع أن نقرأ ومن خلال ما جرى مؤخراً، من تمدّد لـ للمجاميع المسلحة والميلشيات المتصارعة ومن معها ومن يدعمها في جنوب اليمن، أنّ الأدوار والخطط المرسومة، بشنّ الحرب على اليمن، قد بدأت تتغيّر وخصوصاً مع تمدّد هذه القوى المسلحة وانقلابها، بشكل أو بآخر، على السعوديين ومن معهم في جنوب اليمن، وما يجري في عدن اليوم هو خير شاهد على ما نتحدث عنه.
ختاماً، انّ ما يجري في جنوب اليمن وفي مدينة عدن بالتحديد، من تمدّد للمجاميع المسلحة» الانفصالية»، يؤكد أنّ السعودية وبعض من معها، بحربها على اليمن، ارتكبت أخطاء جسيمة كبرى، ستكون لها ارتدادات كارثية كبرى على اليمن، وعلى معظم دول الخليج بشكل عام، وهذا يُحتّمُ على القوى الوطنية اليمنية بكلّ أركانها، التحرك الفوري لمنع مشروع هدفه الرئيسي إعادة تقسيم اليمن، لأنّ استمرار تمدّد فكر ونهج هذه القوى المسلحة «الانفصالية»، ستكون له تداعيات كارثية على مستقبل الداخل اليمني، الذي تتحمّل السعودية ومن معها، مسؤولية تفتيته من خلال حربها العدوانية الظالمة على اليمن كلّ اليمن، والتي بدأت آثارها ونتائجها ترتدّ، بشكل أو بآخر، على السعودية نفسها.

قد يعجبك ايضا