التعليم المهني والفني قاطرة التنمية
أحمد ماجد الجمال
التعليم المهني أو التعليم والتدريب المهني يهتم بإعداد المتدربين والمتعلمين وتأهيلهم للوظائف التي تعتمد في أساسها على الأنشطة اليدوية والعملية غير الأكاديمية والتي لها علاقة وثيقة بمهنة أو حرفة معينة ومن ثم يجني الطالب الخبرة العملية اللازمة في المهنة المختارة.
يُشار إلى التعليم المهني في بعض الأحيان بأنه التعليم التقني لأن المُتعلم أو المتدرب يصبح قادراً على أن يطور خبراته التقنية والتكنولوجية بطريقة مهنية.
إن التعليم الفني والمهني جزء لا يتجزأ من التعليم العام وإنه سبيل الالتحاق بالقطاعات المهنية وصورة من صور التدريب والتربية المستمرة، وأصبح التعليم الفني أداة فعالة لتحسين حياة الناس للتغيير والتجديد.
تعتبر المهارات المهنية الأساسية ضرورية لا يمكن الاستغناء عنها للنجاح في مؤسسات الأعمال الحديثة ويتم تطوير تلك المهارات بالترافق مع المهارات التقنية والمعرفة المُتضمن بها التي تتطور باستمرار وبسرعة.
ولأن سوق العمل أصبح أكثر تخصصاً وأصبحت النظم الاقتصادية تتطلب مستويات أعلى من المهارات لذا فإن الحكومات والشركات أقبلت على استثمار التعليم المهني بشكل متزايد من خلال كليات ومعاهد ومراكز التدريب المُمولة من الحكومات ومن خلال التدريب المهني المُدعم.
بما ان صناعة التنمية هي الآليات التي يتم من خلال اليد العاملة كمنتج اجتماعي، ومن أهم هذه الآليات مؤسسات وسائل التعليم التقني والفني .
وبالتالي اصبح التعليم الفني والمهني في المعاهد وكليات المجتمع احد أهم الوسائل التي يعول عليها أي مجتمع منتج كمساهم وفاعل في الدفع بعجلة التنمية، واليمن ُتعول منذ فترة طويلة على هذا القطاع التعليمي باعتباره الركيزة الأساسية للنهوض بالتنمية وبناء الإنسان وإيجاد كوادر بشرية منتجة ومعالج للفجوة الحاصلة بين المخرجات التعليمية ومتطلبات سوق العمل داخليا وخارجيا.
ورغم ما يقارب النصف قرن على مرور بناء المؤسسة التعليمية المهنية والفنية إلا ان المردود الفعلي على سوق العمل مازال ضعيفا وهذا لا ينتفص من الجهود التي تبذلها المعاهد والمراكز الفنية وكليات المجتمع لتعظيم دورها في سوق العمل بقدر ما هي مجموعة من العوامل التي تؤثر في مخرجاتها ولعل ابرز وأهم هذه العوامل كان في السابق اندفاع كلي لخريجي الثانوية العامة نحو الجامعات النظرية والعلمية لما يتطلبة التعليم الفني من جهد بدني شاق وعمل وتدريب مستمر .
لازال هذا النوع من التعليم التنموي يرزح تحت معوقات عديدة تقيده وتجعله عاجزا عن تقديم ما هو مطلوب منه أو إضافة قوية وملموسة للتنمية ورفد سوق العمل بمخرجات ملائمة للحد من البطالة، ولا زال يعاني من ضآلة المخرجات ومحدوديتها، وضعف الحضور في سوق العمل.
رغم حدوث تحول كبير في الإقبال على التعليم الفني والتقني مقابل ضعف استيعاب تلك المعاهد والكليات لكل المتقدمين لها، هذه المعادلة أصبحت بحاجة إلى إعادة صياغة مدلولها من خلال التوسع في استيعاب أعداد الطلاب الذين يرغبون الالتحاق بهذا النوع من التعليم وتجهيز وتشغيل الكليات والمعاهد والمراكز المتوقفة والتوسع في القائم لاستيعاب عدد أكبر من الطلاب.
يوم عن يوم يتأكد ان العمالة الفنية كانت وستظل هي قاطرة التنمية البشرية والاقتصادية في الدول وكي يصبح التعليم الفني والتدريب المهني فعالاً كما ينبغي أن يكون متوائماً بين إمكاناته المتوفرة والشريحة العريضة من الطلاب الراغبين بالالتحاق بها ويرتجى منه ان يفيد المجتمع ويرتقي به نحو الأفضل والأجدى بطرق تدفع التعليم والتأهيل النظري والعملي بشكل متواز لا عوج ولا كساح ولا خلل فيه وخال من شوائب القصور وبإعداد طلاب يتناسب مع حجم وعدد الشباب الراغب في هذا النوع من التعليم الذي يعول عليه المجتمع كثيراً في حل مشاكله المرتبطة بسوق العمل، لأن الأمر الأكثر أهمية حاليا بسوق العملة والمهارات وإجادتها ذات الصلة بالتخصص المهني وكيف اكتسبت تلك المهارات علميا وعمليا.
كل التحديات السابقة تتطلب إعداد وثيقة متطورة لسياسة التعليم الفني والتدريب المهني لهدف توجيه عملية تفعيل هذا القطاع الهام وتطويع محاوره لما يناسب متطلبات سوق العمل ومواكبة التغيرات والتطورات داخلياً وخارجياً, وخطه لمراجعه تحديث برنامج التعليم والتدريب الفني والمهني بما فيها بناء أسس لقواعد البحث العلمي، تحسين وتحديث المعدات والبنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات بمعدات وأجهزة حاسوب ونظم معلومات مرتبطة بسوق العمل، كما ان الرفع من مستوى الرقابة على التعليم الخاص الفني والمهني وإعادة النظر بالاختصاصات المعتمدة وبالأخص اعتماد اختصاصي النفط والغاز والمعادن وصناعة المجوهرات والصناعات الغذائية ضروري للدفع بتلك المخرجات نحو سوق العمل المتوسع.
* باحث في وزارة المالية