السفير الإسرائيلي الأسبق بمصر: الدول العربيّة المحوريّة تُشارِك بمؤتمر البحرين
دول الخليج أبلغت عبّاس: أمْنُنا أهّم من قضيتكم
قال سفير إسرائيل الأسبق في مصر، يتسحاق ليفانون، إنّ مؤتمر البحرين ينعقِد في نهاية الشهر وسيبحث في الوجه الاقتصاديّ لصفقة القرن التي انكبّت إدارة الرئيس الأمريكيّ، دونالد ترامب على إعدادها منذ سنتين، لافتًا إلى أنّ المؤتمر قد سجل منذ الآن نجاحه الأوّل بمجرد ضمان مشاركة الدول العربيّة المركزية: دول الخليج، ومصر، والأردن، والمغرب، التي تُشكِّل اليوم العالم العربيّ الحيويّ والفاعل، ومُضيفًا أنّ الدول الأخرى، بينها سوريّة، والعراق، وليبيا واليمن، تقاتل في سبيل بقائها، على حدّ تعبيره.
جديرٌ بالذكر أنّ السفير ليفانون كان قد صرحّ مؤخرًا في مقابلةٍ تلفزيونيّةٍ أنّ العاهل السعوديّ سلمان، هو الذي أعطى الضوء الأخضر لدول الخليج للتطبيع مع إسرائيل، مُشدّدًا على أنّه بدون قرارٍ من الملك السعوديّ ما كان وليّ العهد، محمد بن سلمان، ليستمرّ بالمضي قُدُمًا للتطبيع مع الدولة العبريّة، كما قال.
وتابع في مقالٍ نشره في صحيفة (يسرائيل هايوم)، تابع قائلاً: تُشارِك الدول العربيّة المركزيّة في المؤتمر رغم جهود رئيس السلطة الفلسطينيّة، محمود عبّاس، حملها على عدم عمل ذلك، والأمر بمثابة إنجازٍ سياسيٍّ للولايات المتحدة وفشل لرئيس السلطة الفلسطينية.
وزعم أيضًا أنّ نهج “كلّ شيءٍ أوْ لا شيء” لعبّاس يتبيّن كنهجٍ غير واقعيّ، ذلك لأنّ العالم العربيّ يُواجِه تحديات ثقيلة الوزن، ففي الوقت الذي يطلق فيه الحوثيون في اليمن، المدعومون من إيران، الصواريخ على المطارات في قلب السعودية والتوتر السعوديّ الإيرانيّ يتعاظم، تُبلِغ المملكة العربيّة السعوديّة عبّاس بأنّ أمنها يسبق المسألة الفلسطينية، التي هي في نظر السعودية مسألة قابلة للحل، مُوضِحًا في الوقت عينه أنّه عندما تقوم الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران بتخريب ناقلات النفط أمام شواطئ دول الخليج وتستفز العالم بتصريحات عن سيطرتها على المسار البحري في مضائق هرمز، تُلمِّح دول الخليج لرئيس السلطة الفلسطينيّة بأنّ فقراء مدينتها أولى، أوْ كما يُقال بالعربيّة أهل مكّة أدرى بشعابها، على حدّ وصفه.
وأشار السفير الإسرائيليّ الأسبق في بلاد الكنانة إلى أنّ هذه الدول ستُشارِك في مؤتمر البحرين لأنّها بحاجةٍ إلى الولايات المتحدّة الأمريكيّة أكثر من أيّ وقتٍ مضى، فالوضع الاقتصاديّ للمملكة الأردنيّة الهاشميّة صعب، وملايين اللاجئين السوريين سكنوا أراضيه، وعرش الملك عبد الله الثاني يشعر بالأرض تهتّز تحته.
وشدّدّ ليفنون على أنّ عمّان تعرف يقينًا بأنّ الخلاص لن يأتي من عبّاس، وبالتأكيد ليس من الوقوف ضدّ الولايات المتحدة، أمّا مصر، التي اعتبرها الدولة الرائدة في العالم العربيّ، فتفهم إلى أين تهب الريح، ولا تُخفي القاهرة عدم ارتياحها من سلوك عبّاس وسياسة المقاطعة التي يتبعها، مُستدرِكًا بالقول إنّه صحيح أنّها تُعلِن بأنّها ستُواصِل تأييد الموقف الفلسطينيّ بالنسبة للتسوية الدائمة، ولكنّها بالتوازي تنتقد سلوك رئيس السلطة الفلسطينيّة، وتعتقد بأنّه يقوم بتعقيد الأمور بدلاً من تبسيطها، كما لفت إلى أنّ مصر تُواجِه إرهابًا قاسيًا وتخشى من هيمنةٍ إيرانيّةٍ ومؤامرةٍ تركيّةٍ، وهي، أيْ مصر، تأتي إلى البحرين لأنّها بحاجةٍ إلى سندٍ جديٍّ، وليس إلى عبّاس، كما أكّد ليفانون.
وأوضح السفير الإسرائيليّ الأسبق أنّه في البحرين سيتحدّثون عن خططٍ اقتصاديّةٍ ذات مغزى، والدول المُشارِكة معنيةٌ بأنْ تعرف أيّ نصيبٍ ستحظى به عند تقسيم الكعكة، والخطط الاقتصاديّة التي ستُطرح على البحث ليست بديلاً لحلٍّ سياسيٍّ داخليٍّ وخارجيٍّ، ولكنّ المؤتمر سيسمح للولايات المتحدة بأنْ تأتي من موقف أكثر ارتياحًا إلى الموعد الذي تُكمِل فيه الصورة، وتقوم فيه بعرض القسم السياسيّ من خطّة السلام، التي باتت تُسّمى إعلاميًا بـ”صفقة القرن”.
وأردف ليفنون إنّ حسابًا باردًا ومتأنيًا وعميقًا للمصلحة الفلسطينيّة سيجلب رئيس السلطة عبّاس إلى القيام بإعادة التقييم لسياسة المقاطعة الصاخبة والرفض التي يتبعها، وخلُص إلى القول إنّ خيرًا يفعل عبّاس إذا ما أرسل إلى المؤتمر مراقب عنه يبلغه بالمزاج والدينامكيّة الداخليّة، وإلّا فإنّ القطار سينطلِق إلى الطريق فيما سيبقى هو في المحطة، على حدّ تعبيره.
على صلةٍ بما سلف، رأى المُستشرِق الإسرائيليّ، د. تسفي برئيل أنّ مصر تلعب الآن دورًا مركزيًا في التوسّط بين إيران والسعوديّة من أجل خفض حدّة التوتّر بين البلدين، ولفت برئيل، الذي يعمل مُحلِّلاً للشؤون العربيّة في صحيفة (هآرتس) العبريّة، لفت إلى أنّ الرئيس المصريّ، المُشير عبد الفتّاح السيسي، هو الذي يُشرِف شخصيًا على أداء هذا الدور، مُوضحًا أنّ وليّ العهد السعوديّ صرحّ هذا الأسبوع بأنّ المملكة ليست معنيّةً بحربٍ في الخليج، وأنّ إيران أصرت بيانًا مُشابِهًا تمامًا، على حدّ قوله.