ثورة فبراير حلم الأمس‮ ‬يتجد◌ِøد اليوم


‬من أجل الحرية والعدالة والعيش الكريم ناضل اليمنيون سنوات طويلة في‮ ‬شمال الوطن وجنوبه وقدموا تضحيات جسيمة للتحرر من أغلال الحكم الإمامي‮ ‬والاحتلال البريطاني‮ ‬البغيض وتتوجت هذه الجهود بقيام ثورتي‮ ٦٢ ‬سبتمبر و‮٤١ ‬أكتوبر المجيدتين ليتنفس الشطران الشقيقان نسمات الحرية وبنيا الآمال العراض في‮ ‬مستقبلهما المشرق الممزوج بدماء الشهداء وكفاح الثوار‮ ‬إلا أن آمالهما بالغد الأفضل بدأت تخسر رويداٍ‮ ‬رويداٍ‮ ‬ومساحات أحلامهما تتقلص‮ ‬وهما‮ ‬يريان ثورتيهما تنحرفان عن مسارهما ويتحول إنجازهما الكبير إلى مكسب شخصي‮ ‬يجني‮ ‬ثماره أفراد قلائل‮ ‬غيروا مجرى الثورتين بعيداٍ‮ ‬عن الأهداف التي‮ ‬صاغها وخطط لها الثوار‮ ‬وخلال سنوات الضياع ظل المواطنون‮ ‬يشكون الأوضاع ويعبرون عن استيائهم من طريقة إدارة البلاد واتساع المظالم وتغلغل الفساد في‮ ‬ظل‮ ‬غياب تام للقانون ومؤسسات الدولة الحقيقية فالقانون والقرار مرتبطان بأشخاص ومصالح تخدمهم حتى جاءت لحظة الانفجار في‮ ‬فبراير ‮١١٠٢‬م وخرج الشباب إلى ساحات الحرية وميادين الثورة‮ ‬يعلنون أن سنوات الصمت لن تستمر وقد ولت إلى‮ ‬غير رجعة وأن الأوضاع‮ ‬يجب أن تتحول وتعود السلطة والحكم للشعب وحده‮.‬
ثورة البعث
وليد أحمد سيف مدير الإعلام بالإدارة المحلية‮ ‬يرى أنه على الرغم من أننا ما زلنا في‮ ‬الفترة الانتقالية إلا أن ثورة فبراير أعادت جزءاٍ‮ ‬كبيراٍ‮ ‬من الاعتبار لثورتي‮ ‬سبتمبر وأكتوبر المجيدتين وبعثت الروح الثورية لدى كثير من أفراد المجتمع اليمني‮ ‬الرافضين للظلم والقهر الاجتماعي‮ ‬والمتطلعين إلى‮ ‬غد أفضل‮ ‬يتجاوز السلبيات والاختلالات‮.‬
ويقول‮: ‬على الرغم من مضي‮ ‬عشرات السنين على الثورتين إلا أن ثورة فبراير أكدت أن روح التمرد على الواقع السلبي‮ ‬لا زالت جذوتها حاضرة ولم تخبأ خاصة أن كثيراٍ‮ ‬من أهداف الثورتين لم‮ ‬يتحقق وغيب الشعب خلال الفترة الماضية وأقصي‮ ‬عن حقه في‮ ‬السلطة والثروة اللتين استولت عليهما نخب تقليدية قبلية وعسكرية‮ ‬مضيفاٍ‮: ‬إن ثورة فبراير هي‮ ‬امتداد للثورات السابقة وتحمل أهدافها وغاياتها‮.. ‬مضيفاٍ‮: ‬من المبكر أن نتحدث عن انجازات ثورة الشباب السلمية خاصة وأننا نعيش مرحلة توافق بين جميع الأطراف السياسية كما نصت عليه المبادرة الخليجية إلا أن أهم الأهداف قد تحققت بإعادة الاعتبار للشعب مصدر السلطات وصاحب الحق في‮ ‬إعطائها لمن‮ ‬يشاء ونزعها ممن‮ ‬يشاء خاصة إذا ساءت استخدام هذه السلطة‮.‬
وأشار سيف إلى أن المرحلة الحالية تأسيسية تحقق فيها قدر من النجاح في‮ ‬الجوانب السياسية أهمها الخطوات والقرارات الهامة التي‮ ‬اتخذها رئيس الجمهورية لإعادة هيكلة الجيش والأمن‮.. ‬معتبراٍ‮ ‬أن اليمنيين في‮ ‬الوقت الحاضر‮ ‬يعولون على مخرجات مؤتمر الحوار الذي‮ ‬شارفت أعماله على الانتهاء تحقيق أهداف ثورة فبراير والثورات السابقة في‮ ‬بناء الدولة القوية الموحدة وإعادة توزيع الثروة بين جميع أبناء الشعب دون تمييز أو إقصاء عبر إعادة صياغة شكل الدولة القادمة واعتماد النظام اللامركزي‮ ‬باعتباره الضامن الرئيسي‮ ‬لتحقيق العدالة الاجتماعية والقضاء على كافة الاختلالات‮.‬
إطاحة بالتوريث
الناشط الشبابي‮ ‬خطاب الحميري‮ ‬يؤكد أن ثورة فبراير أعادت جزءاٍ‮ ‬من الألق للثورتين العظيمتين سبتمبر وأكتوبر وأحيت الأمل والروح الثورية في‮ ‬المجتمع وأعطت مثالاٍ‮ ‬ناصعاٍ‮ ‬على أن إرادة الشعوب لا تقهر وإن استطاع الحاكم أن‮ ‬يخمدها أو‮ ‬يكبح جماحها لبعض الوقت إلا أنها لا‮ ‬يمكن أن تموت أو تتلاشى‮.. ‬موضحاٍ‮ ‬أن التضحيات الجسيمة في‮ ‬الثورات السابقة لم تذهب هباء وأن ثورة الشباب جاءت لتصحيح مساراتها بعد أن انحرفت واخرجت عن الطريق المرسومة لها وأفرغت من أهدافها‮.‬
وأوضح الحميري‮ ‬أن الشباب عندما خرجوا للساحات وضعوا نصب أعينهم أهدافاٍ‮ ‬سامية وآمالاٍ‮ ‬عريضة لا‮ ‬يمكن التنازل عنها أو القبول بتجاهلها أهمها بناء الدولة المدنية الجديدة القائمة على النظام والقانون والمواطنة المتساوية وإعادة الاعتبار للمواطن وتحقيق الرفاه والتنمية الاقتصادية الشاملة‮.‬
واعتبر الحميري‮ ‬أنه ليس من العدل أن نحكم على انجازات ثورة فبراير الوليدة التي‮ ‬ماتزال كثير من الأخطار تتهددها وتقف أمامها عوائق وصعوبات جمة إلا أن قيامها بقطع الطريق أمام مزيد من الاستبداد والديكتاتورية وإلغاء مشروع التوريث‮ ‬يعد انجازا كبيراٍ‮ ‬في‮ ‬رصيدها‮.. ‬مشيراٍ‮ ‬إلى أن عجلة التغيير دارت للأمام ولا‮ ‬يمكن إيقافها أو العودة بها للوراء وأن ثورة الشباب ستتخطى‮ ‬كل العقبات بفضل تكاتف جهود كل أبناء الوطن الشرفاء وستحقق كل أهدافها وتواصل مسيرة ثورتي‮ ‬سبتمبر وأكتوبر‮.‬
ثورة مستمرة
عبدالكريم ثعيل‮ -‬أمين عام المجلس العام لمعتقلي‮ ‬الثورة الشبابية السلمية‮ ‬يقول‮: ‬إن نضال الشعب اليمني‮ ‬لتحقيق حريته لم‮ ‬ينته بقيام الثورتين المجيدتين سبتمبر وأكتوبر وإنما اعتبر الثورتين بداية لمرحلة جديدة من الكفاح نحو تحقيق الأهداف التي‮ ‬قامت الثورتان من أجلها وحاول التغيير بطرق سلمية وديمقراطية لم‮ ‬يتقبلها الحاكم عندما سعى إلى تزوير إرادة الشعب واستخدم الوسائل الديمقراطية لشرعنة حكمه واختلاق المبررات الواهية لاستمراره بالحكم حتى تحولت البلاد إلى إقطاعية خاصة لأشخاص وحواشيهم وعم الفساد ووصل الوطن إلى طريق مسدود‮ ‬فجاءت نسمات الثورات العربية من تونس ومصر حتى اليمن التي‮ ‬لم‮ ‬يعد هناك أي‮ ‬أمل فيها بالتغيير سوى بالثورة وبعد التضحيات الجسيمة التي‮ ‬قدمها الشباب في‮ ‬مختلف المحافظات اليمنية عاد الأمل إلى القلوب التي‮ ‬تتوق للحرية من جديد واعادت الثورة الشبابية الاعتبار لشهداء ثورتي‮ ‬سبتمبر وأكتوبر ولأهدافهما السامية وعادت البلاد إلى أيدي‮ ‬جميع أبنائها دون تمييز أو استبعاد‮.. ‬مضيفاٍ‮ ‬إن المواطنين في‮ ‬المرحلة الحالية‮ ‬ينشدون الأمن والاستقرار ويعلقون آمالهم على الحوار الجاد والمثمر الذي‮ ‬سينتقلون عبر بوابته إلى الدولة المدنية الحديثة والقدر الذي‮ ‬صنعوه بأيديهم وسيحمونه بكل‮ ‬غال ونفيس حيث لم‮ ‬يعودوا راضين بأن‮ ‬يصبروا نصف قرن آخر للقيام بثورة جديدة‮.‬
انتفاضة إنقاذ
أما الناشطة الشبابية الطاف الحبابي‮ ‬فتوضح أنه على الرغم من عظمة ثورتي‮ ‬سبتمبر وأكتوبر إلا أننا لكثرة ما لحق بهما من انحرافات وتحويل في‮ ‬مسارهما والحيد عن أهدافهما عدنا إلى تاريخ ماقبل الثورتين عندما ساد الفساد وخيمت المحسوبية والولاءات‮ ‬وبدأ المواطن‮ ‬يحس بالغربة في‮ ‬بلده لأنه ليس له ظهر‮ ‬يحميه ولا وساطة ليحصل من خلالها على حقوقه فلا قانون‮ ‬يحكم ولاشيء‮ ‬يعلو على إرادة الحاكم ورغبته‮.‬
وترى الحبابي‮ ‬أن ثورة فبراير جاءت كالمخلص والمنقذ للبلد من الأوضاع التي‮ ‬تتحول كل‮ ‬يوم من السيئ إلى الأسوأ فدبت حماسة الثورة في‮ ‬أرجاء اليمن وخرج الثوار إلى ساحات الثورة وميادين الحرية معلقين عليها آمالهم وطموحاتهم التي‮ ‬لم تحققها سنوات ما بعد الثورتين‮ .. ‬مشيرة إلى أن ثورة فبراير ليست سوى بداية لمرحلة جديدة من الكفاح ضد الظلم والفقر والفساد وتحقيق أهداف كل الثورات اليمنية القديمة والحديثة ولهذا‮ ‬يجب وضع الأسس الصحيحة التي‮ ‬ستبنى عليها الدولة اليمنية القائمة على العدل والكرامة واحترام حقوق الإنسان‮.‬
وتؤكد أن على الشباب وكافة القوى الوطنية في‮ ‬البلاد صون مكاسب ثورة فبراير وإبقاء عيونهم مفتوحة على كل ما قد‮ ‬يحرف مسارها أو‮ ‬يتجاهل أهدافها‮.‬
الحوار أمل
الشاب جلال الحداد‮ ‬يؤكد أن أهداف ثورة فبراير هي‮ ‬ذاتها أهداف ثورتي‮ ‬سبتمبر واكتوبر وأن فبراير ما كانت لتندلع لولا التشوهات التي‮ ‬حدثت ولحقت بالثورات السابقة‮.‬
ويرى أن مؤتمر الحوار هو المخرج الوحيد لبلوغ‮ ‬الأهداف المنشودة والوصول باليمن إلى المستقبل الأفضل الذي‮ ‬ينبغي‮ ‬أن‮ ‬يتساوى فيه الحاكم والمحكوم أمام هيبة النظام والقانون ويشعر فيه كل مواطن بالانتماء والحرية وأنه عضو فاعل ومؤثر‮.‬
كما‮ ‬يقول الحداد‮: ‬في‮ ‬الوقت الراهن‮ ‬يجب أن تسخر كل الجهود لتنظيم الأطر القانونية والتشريعية التي‮ ‬تحافظ على بقاء الثورة في‮ ‬طريقها الواضح والصحيح نحو بناء دولة خالية من التشوهات وبؤر الفساد لتنطلق نحو البناء والتنمية واللحاق بركب الدول المتقدمة بدلاٍ‮ ‬من السير في‮ ‬أنفاق مظلمة ودروب تائهة ظلت البلاد تحبو فيها لسنوات‮.. ‬مضيفاٍ‮: ‬إن ثورة فبراير‮ ‬يجب أن تكون محطة ليراجع الجميع أنفسهم ويحكمون ضمائرهم ويتحملون مسؤولية البناء والنهوض باليمن بعيداٍ‮ ‬عن الانتماءات والتعصبات الزائفة فالوطن فوق كل اعتبار أو حساب‮.‬
أهداف ثورتي‮ ‬سبتمبر وأكتوبر ما‮ ‬يزال أغلبها منقوشاٍ‮ ‬على الأوراق لم‮ ‬يتحقق وما تزال ثورة فبراير أملاٍ‮ ‬يملأ قلوب أبناء الوطن لتحقيق أحلام مشروعة انتظروها عقوداٍ‮ ‬وكل العيون مترقبة لما ستحمله مخرجات الحوار من ملامح وأسس للدولة المدنية الحديثة التي‮ ‬يستحق اليمنيون العيش في‮ ‬ظلالها بأمن ومحبة وسلام‮.

قد يعجبك ايضا