الهوية الإيمانية .. وقوة الدولة بمفهومها الشامل
هشام محمد الجنيد
لقد حذر روح الله الشهيد القائد / حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه من خلال درس : (من نحن ومن هم) الذي ألقاه في محافظة صعدة بتاريخ شهر شوال 1422هـ، حذر من خطورة التعليم كما يريد أعداء الإسلام اليهود، لأنه يؤدي إلى فقدان هويتنا ، وحرص كل الحرص على تربية الأمة تربية جهادية قرآنية ، حرص على وجوب التعليم وفق مبادئ وأسس القرآن الكريم، لنحافظ على هويتنا ونكون أمة عظيمة ، أمة مهتدية ، أمة قوية ، أمة تبني نفسها).. وأشار روح الله الشهيد القائد رضوان الله عليه إلى أن : (الإمام الخميني كان في وعيه للمسألة هذه ، مسألة من أنت ، من هو، فيعتبرها مقياسا مهما ، قال : “يكفينا فخرا أن تكون عدوتنا هي أمريكا وإسرائيل” لنعرف أننا على خطى ثابتة ، وأننا على موقف حق) . قال الله تعالى في سورة النحل (وَاللّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا) الآية (78) . وقد أوضح رضوان الله عليه : (لكن أراد أن نتعلم وأن نتعلم الكثير لكن على يده هو . نتعلم من على يد غيره سنصبح فعلا لا نعلم شيئا ، ومتى فقدنا هويتنا وأصبحنا لا نعلم شيئا، من نحن ومن هم هو الكفيل بأن نفقد أيضا حضارتنا ؛ لأننا لن نصل إلى مستوى أن نكون أمة تنتج وتصنع وتزرع وتعلم شيئا، والواقع يشهد بهذا).
وقد شهد الواقع الرديء المعوج المتخلف في بلادنا ذلك في ضعف حاد ومنحرف للجوانب التعليمية والثقافية والعسكرية والأمنية والعلمية والاقتصادية (الزراعية والصناعية والتجارية والخدمية) في ظل النظام السابق الحليف للأنظمة الرأسمالية الشيطانية ، رغم أن موارد اليمن الطبيعية غنية جدا ، وأهم العوامل والأسباب الواقفة وراء ذلك تعزى إلى: غياب الإلمام بالثقافة القرآنية ومحاربة النظام أولياء الله المجاهدين في سبيل الله الحريصين على وجوب سير النظام على أساس منهجية القرآن الكريم في تطبيق مسئولياته . غياب إدراك ومعرفة ما يجب علينا كمؤمنين نمتلك دستوراً إلهياً عظيماً . غياب توجهنا نحو مشروع حضاري تنموي كامتداد طبيعي لتاريخنا الحضاري العريق . غياب إدراكنا بمخططات العدوان الإجرامية . غياب إدراكنا كيف يجب أن نتعامل مع الأعداء وعلى وجه الخصوص اليهود انطلاقا من واقعهم وحقيقتهم الواضحة في القرآن الكريم بأنهم يكنون لنا الحقد والحسد والعداء والكراهية ، والمحطات التاريخية والواقع حتى اللحظة – العدوان السعودي الصهيوني الأمريكي البريطاني على فلسطين المحتلة وعلى بلادنا وعلى سوريا ولبنان والعراق وليبيا – يشهد بذلك . رفض قيادة النظام موالاة وطاعة الله ورسوله . مسارعة قيادة النظام إلى الأنظمة العدوانية بطاعتها خوفا من إصابتها بدائرتها (غياب الإيمان العملي أدى إلى العبودية لغير الله) . واتباع النظام السياسات التعليمية للأعداء ، نتج عنه أننا أصبحنا لا نعلم شيئا ، وهو ما يعني فقدان الهوية الإيمانية . ومن مظاهر فقدان الهوية : تعليم غير منتج في مختلف المجالات ، حيث لم نستطع أن ننتج ، ولا نستطيع أن نصنع ، ولا نستطيع أن نمتلك التكنولوجيا ، ولا نجرؤ أن نزرع ، والغاية هي لإبقائنا سوقاً استهلاكية لمنتجاتهم.
إن تلك المعطيات والأوضاع كانت من الأسباب الرئيسة لقيام الثورة السبتمبرية العظمى في 2014م وإعلان اليمن الاستقلال في القرار السياسي لإنهاء تمرير مخططات الأنظمة العدوانية ، ولقطع تدخلاتها في الشأن العام اليمني . وأخطر تلك المخططات هي ممارسة سياسات التضليل الديني والانحراف الفكري الذي أدى إلى إفقاد عامة الشعب هويته الإيمانية والوطنية ، وإحلال الضلال الديني وتبعاته من معتقدات باطلة وثقافات مغلوطة لدى عامة الشعب نتيجة التوعية التعليمية العوجاء ، أدى إلى الجهل بالمعتقدات الدينية العملية ، وغياب الإلمام بمبادئ وأسس الدين في مختلف العلوم كان هو الأمر الذي أدى إلى هجر الدين وفصله عن الدولة .
من يسير على الطريق الصحيح الهادف إلى سلامة الدين وإنقاذ الأمة وتوجهها إلى البناء التنموي الشامل، إلى التصنيع العسكري والمدني، إلى امتلاك التكنولوجيا، إلى التوجه نحو الزراعة وعلى أساس اتباع مبادئ الدين الصحيحة ، يحارب من هذه الأنظمة الشيطانية ، ومشروع المسيرة القرآنية لروح الله الشهيد القائد قائم على الوعي والإيمان بالثقافة القرآنية والجهاد في سبيل الله في مختلف المجالات ، فهو الحصن المنيع الذي يحفظ سلامة الهوية الإيمانية والوطنية من اختراقها من قبل مخططات الأعداء ، وهو السلاح للدفاع عن الإسلام ونصرته، وهو السلاح للتوجه نحو البناء التنموي الشامل، وهو السلاح لإنقاذ الأمة وتحريرها من عبودية الأنظمة الشيطانية وعلى رأسها نظام الولايات المتحدة الأمريكية .
ماذا ترتب على مشروع المسيرة القرآنية من قبل الأنظمة الرأسمالية العدوانية وعملائها المنافقين في السلطة ؟ ستة حروب ، وتوجت من ذات العدوان وحلفائه بشن الحرب والحصار الشامل والحرب الاقتصادية على بلادنا منذ مارس 2015م ، والغاية الرئيسة هي إنهاء أهداف الثورة السبتمبرية العظمى بإنهاء مشروع المسيرة القرآنية خوفا من أن يصبح اليمن بلدا قويا في مختلف المجالات الصناعية العسكرية والمدنية ، وخوفا من امتلاكه التكنولوجيا ، ولإعادتنا إلى مربع غياب الهوية الإيمانية، إلى مربع التبعية، إلى مربع الفقر وديمومة الاستهلاك من منتجات العدوان، وبالتالي سهولة استكمال تمرير مخططاتهم وأهدافهم العدوانية الإمبريالية الإجرامية في بلادنا وفي المنطقة والعالم .
إن هذا العدوان الإجرامي يهدف إلى إطفاء نور المسيرة القرآنية خوفا من انتشاره وإعلاء كلمة الله في المنطقة والعالم، خوفا من الصرخة التي وجهت بوصلة العداء ضد هذا العدوان الأمريكي السعودي وحلفائه أعداء الإسلام والأوطان والإنسانية ، وعملا بالقرآن الكريم : الله أكبر ، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل ، اللعنة على اليهود ، النصر للإسلام .
ماذا ترتب على الثورة الإسلامية في إيران في العام 1979م ؟ ، لأن الثورة قامت على أساس القرآن الكريم ، فهو الأمر الذي أخاف الأنظمة الشيطانية من استقلال إيران من هذه الأنظمة واعتمادها على نفسها وعلى أساس اتباع منهج الهدى ، وقد توصل النظام الإيراني إلى بناء دولة قوية في مختلف المجالات ، ومن خلال التوكل على الله وتقوى الله استطاع هذا النظام أن يطور الصناعات الوطنية ، استطاع أن ينتج سلعا وخدمات ذات جودة عالية أثبتت نجاحها على المنافسة في السوق الدولية ، استطاع أن يمتلك التكنولوجيا في المجال العسكري والمدني وفي فترة قياسية لم تتجاوز العقدين من الزمن ، ولم تحققها الدول الغربية ومنها على سبيل المقارنة الولايات المتحدة الأمريكية التي وصل نظامها إلى نظام القطبية الواحدة خلال مائتي عام تقريبا ، ولكن الفارق بينهما هو أن النظام الإيراني يسعى إلى السلام والأمن واستقرار الشعوب والدفاع عن القضايا الإسلامية ومناصرة المستضعفين وغيرها من الأهداف الإسلامية والإنسانية ، بينما النظام الأمريكي ثبت عنه أنه نظام إجرامي ، نظام امبريالي ، نظام شيطاني ، نظام يحارب استقلال وحرية الشعوب ، نظام يحارب الإنسانية ، يحارب العدالة .. لقد انطلق نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية متوكلا على الله بقيادة روح الله الخميني رضوان الله عليه ، ولم يرضخ للأنظمة الشيطانية ، بل هاجمها دفاعا عن الدين ودفاعا عن استقلاله ومشروعه الحضاري ، وقد شخص نظام الولايات المتحدة الأمريكية منذ استقلاله بأنه نظام الشيطان الأكبر.
ولا يوجد تنسيق بين الثورتين الإسلاميتين (الإيرانية واليمنية) سوى أن القاسم المشترك هو القرآن الكريم ، فمن يسير على هديه إنما يسير على الحقيقة ، والحقيقة واحدة ، ومشروع المسيرة القرآنية الذي رسمه روح الله الشهيد القائد هو طريق الحقيقة ، هو الطريق الصحيح والأوحد لجعل الشعب اليمني حرا مستقلا عزيزا قويا يتمتع بثروات بلاده ، وقد استطاع بعون الله وفي ظل العدوان السعودي الأمريكي وحلفائه تطوير أسلحة حربية استراتيجية للدفاع عن الدين وعن الوطن وأبنائه وثرواته ، وأنتج في المجال الزراعي من مختلف الحبوب والفواكه، وإنتاجه في ظل هذا العدوان هو دليل قاطع على إفشال الحصار والحرب الاقتصادية التي فرضها هذا العدوان الإجرامي ، ولا ننسى التأييد الإلهي ، فقضيتنا عادلة ودفاعنا واجب شرعي. وهذه التوجهات الدينية والوطنية إنما هي تجسيد للجهاد في سبيل الله، تجسيد ليقظة وصحوة الهوية الإيمانية ، تجسيد لصوابية مشروع المسيرة القرآنية، بل إن المسيرة القرآنية في طريقها لتحرير كل التراب الوطني وإنهاء العلو الثاني لبني سعود في المنطقة ، لتحرير فلسطين ، لإنقاذ كافة الشعوب الإسلامية – بما فيها العربية – من هيمنة الأنظمة الرأسمالية الشيطانية ، ولذلك لا سبيل لنا إلا الوقوف صفا واحدا والجهاد في سبيل الله في مختلف الميادين .
إذن طريقنا إلى تحقيق النصر على العدوان السعودي الأمريكي وحلفائه ومخططاته التضليلية وغيرها مرهون بالإخلاص في السير وفق المنهج القرآني ، والإخلاص في الولاء والطاعة لله ولرسوله ولأولياء الله ، والثبات في الإخلاص باتباع توجيهات مولانا قائد الثورة السيد / عبدالملك بدر الدين الحوثي نصره الله، والاستمرار في النفير العام بالتوجه إلى جبهات الشرف للجهاد في سبيل الله .. والله ولي النصر والتوفيق .. نسأل الله أن ينصر إخواننا المجاهدين أبطال الجيش واللجان الشعبية والمقاومة الإسلامية في المنطقة على أعداء الإسلام والأوطان والإنسانية، إنه سميع الدعاء.