الثورة نت/..
يواصل عشرات آلاف المتظاهرين السودانيّين اعتصامهم خارج مقرّ القيادة العامّة للجيش بالخرطوم لليوم الخامس على التوالي، مطالبين الرئيس عمر البشير بالتنحّي، غير عابئن بالمحاولات الاستفزازية اليائسة التي تقوم بها بعض القوات الموالية للرئيس عمر البشير وحزبه الحاكم لفض الاعتصام .
وفيما لا يزال الغموض يلفّ حقيقة موقف الجيش من اختبار القوّة القائم بين الشارع والبشير، الا ان المعتصمين يعولون كثيرا على انحياز الجيش الى صفوفهم في نهاية المطاف لاسيما ان افراده اظهروا كثيرا من المرونة في تعاملهم مع المعتصمين ووفروا لهم الحماية وتصدوا باسلحتم لمحاولتين لمايعرف بكتائب الظل لتفريق جموع المحتجين من امام القيادة العامة والتي راح ضحيتها اكثر من احد عشر متظاهرا بينهم عدد من افراد الجيش.
الحزب الحاكم ارسل عدة إشارات افادت معظمها إلى عدم نيّة الرئيس البشير التنحّي،و دعا حزب المؤتمر الوطني أنصاره إلى الخروج في مسيرات تأييدٍ له في الخرطوم اليوم الخميس،ايدها رئيس الحزب بالوكالة أحمد هارون. لكن سرعان ما أعلن مناصرو الحزب إرجائها ، من دون تحديد موعد جديد لها.
وتوعد هارون خلال لقاء متلفز مع احدى القنوات الموالية لحزبه المعتصمين . محذرا المعارضة من امتحان صبر المؤتمر الوطني مذكرا بالحروبات التي خاضها شباب الحزب في الجنوب وجنوب كردفان والنيل الازرق ودارفور ، بلهجة تصادمية واستفزازية لاتتناسب والاوضاع الراهنة في البلاد والتي هي في احوج حالتها لتحكيم صوت العقل والخطابات التصالحية ، هذا وقد سرب البعض تسجيلات لهارون نفسه خلال خطاب له في جلسة شورى المؤتمر الوطني يقول فيها ان تصنيف المجتمع الدولي لهم سلبي فلاضير ان استخدموا القوة في فض الاعتصام. ومن الجدير ذكره هنا ان احمد هارون من ضمن القائمة التي اوردها المدعي العام للمحكمة الدولية “اوكامبو” والمتعلقة بجرائم الحرب في دارفور وجبال النوبة. كما يعد من صقور المؤتمر الوطني واكثر المؤيدين لترشيح البشير لانتخابات 2020.
من جهته ،دعا جهاز الأمن والمخابرات في بيان له المواطنين للانتباه إلى محاولات جرّ البلاد إلى انفلات أمني شامل، مؤكّدًا قدرته والمنظومة الأمنيّة على حَسم العناصر المتفلّتة، نصحًا بالحسنى أو أخذًا بالقوّة المقيّدة بالقانون. ويلاحظ في بيان جهاز الامن ايضا لهجة التهديد والوعيد
الشرطة السودانية كان لها موقفا مختلفا بعد شهور من مشاركتها في قمع المحتجين ، فقد أمرت قوّاتها بـعدم التعرّض للمحتجّين، وذهبت إلى حدّ الكلام عن انتقال سلمي للسلطة. وجاء في بيان صادر عن المتحدّث باسم الشرطة الثلاثاء الماضي “نسأل الله أن يحفظ بلادنا آمنةً مطمئنة وأن يُجنّبنا الفتن ويوحّد كلمة أهل السودان إلى رشدٍ وتوافق يُعزّز الانتقال السلمي للسُلطة واستقرار البلاد”. اشارة تلقفتها المعارضة وفسرتها على انها انحياز تام لقوى الثورة.
من جهة اخرى، دعا “تجمّع المهنيّين السودانيّين” مهندس الحركة الاحتجاجيّة، جميع أبناء السودان لمواصلة اعتصامهم الذي وصفه بالمنتصر أمام القيادة العامّة للقوّات المسلّحة في الخرطوم وأمام قيادات وحاميات الجيش في الولايات والمدن.وقال التجمّع في بيان له إنّه تلقّى الإشارات والتصريحات المتعدّدة بانحياز أفراد وقيادات من قوّات الدّعم السريع وقيادات قوّات نظاميّة أخرى جديدة للثورة.
موقف الجيش لايزال غامضًا. وكان قائد أركان الجيش اللواء كمال عبد المعروف أعلن الإثنين أنّ الجيش سيُواصل تحمّل مسؤوليّاته لجهة حماية المواطنين. الا ان الاحداث المتسارعة والمتغيرات على ارض الواقع وتذمر اعداد كبيرة من الضباط والجنود بل مخالفة بعضهم لتعليمات القيادة بعد سقوط عدد من زملائهم بين قتيل وجريح ستزيد بالطبع من حجم هذه الضغوطات على القيادة العامة للجيش ، ولا نستبعد اعلان موقف في الساعات القليلة القادمة . فالمؤسسة العسكرية السودانية عرفت لدى افراد الشعب بالوطنية وهم الان في موقف لايحسدون عليه بعد لجوء هذه الحشود المليونية اليها واعتصامهم امام قيادتها العامة .