إلى المطبعين مع إسرائيل.. إرضاء الصهاينة والغرب غاية لا تدرك !!..
صلاح محمد المقداد
في عتمة ليل المسلمين الطويل حالك السواد وفي لحظة فارقة بالغة الدقة وشديدة الحرج كهذه اللحظة التي تعيشها الأمة وفي زمن العجز والذل العربي الرديء الذي سما فيه قدر أراذل الناس وعلا شأن سافل القوم وطغامهم واختلط في أيامه القاتمة الحابل بالنابل وتطاول فيها الأقزام الصغار في البنيان وبالمواقف والأفعال، لا غرابة ولا عجب أن تسمع عن انتحار وذبح أسمى المعاني على صفحات وسجلات التاريخ الأسود وتجد من يتسللون ويلجون تاريخ العرب والمسلمين بعض سفلة القوم من دهماء وأغمار الناس داخلين من أبواب هذا التاريخ ونوافذه بلا حق ولا هدف ولا معنى وتكون لهم الولاية والسيادة من غير أهلية ولا كفاءة ولا شرعية ويتسلطون على رقاب العباد في مشهد سوداوي قاتم تصدروه بلا صفة استحقاق قانونية ويكتب عنهم ذلك التاريخ الذي تسللوا إليه تسلل اللصوص ممجدا ولاهجا بذكرهم بأحسن ما يكون الذكر في استفزاز صريح وغير مسبوق ولا مقبول لمشاعر القلوب المكلومة التي تكاد تنفطر كمدا وقهرا وحزنا من هول ذلك ولا عزاء !.
وفي حضرة الأصفار والعدم والغثاء والزبد الذي يذهب جفاء ولا ينفع الناس وبروز كل هذا على سطح الأحداث والتاريخ تحبط الأحلام والطموحات المشروعة وتثبط عزائم الرجال وتسفه الآراء السديدة وتقل فرص المنطق والعقول الراجحة وتخيب مساعي المخلصين وتعرقل في منتصف الطريق ويكثر الغموض والجدل والهرج والمرج وتتسع رقعة القبائح والمساوئ وتتعثر الخطى الواثقة في رمال الإحباط واليأس والسراب المترامي الأطراف وتتهيأ الظروف وتسخر الإمكانيات وتذلل العقبات لنفر من الرعاع وأشباه الرجال ليتحكموا في مصير الأمة وتقريره وفق أمزجتهم وأهوائهم كما هو حاصل اليوم للأسف .
وفي ظل كل ذلك ومعه ونتيجة لظروف استثنائية شديدة التعقيد ووصلت إلى درجة من السوء والصعوبة والخطورة لم تكن في الحسبان استبد بأمتنا العربية والإسلامية اليوم ما استبد بها من قناعات ومشاعر الذل والهوان والجبن والخضوع والارتهان والعجز والفشل تمكنت منها واستوطنت أعماقها وحنايا صدور أبنائها بعد أن كانت بفضل اسلامها وعقيدتها السمحاء التي تمسكت بها وطبقتها من قبل بحذافيرها خير أمة أخرجت للناس أطاعها العالم ودانت لها الدنيا وكانت لها العزة والمجد والسؤدد والسيادة ومكن الله لها في الأرض مالم يمكن لأمة من قبلها.
ولأن هذه الأمة ابتليت اليوم بأسوأ من يمثلونها من الحكام المرتهنين للخارج من عبيد وأذناب وأدوات واشنطن والغرب المسبحين بحمدهم ليلا ونهارا ساءت أحوالها ومنقلبها وهانت شعوبها بعد أن كانت عزيزة مدى وتكالب عليها الأعداء من كل حدب وصوب وفرقوا أبناءها شذر مذر وجعلوها لقمة سائغة لهم لا يقاسمهم عليها أحد من العالمين.
وبعد كل ذلك الذي حدث و يحدث خارج سياق اللامقبول واللامعقول واللامشروع في مضمونه العربي والإسلامي في وقتنا الراهن ومع هذا الحاصل والواقع المرير المعاش يتنافس المتنافسون اليوم من المنبطحين المتساقطين تباعا – رجالا ودولا ورايات – على التودد لإسرائيل والتطبيع معها ومد جسور التواصل وإقامة العلاقات معها بلا خجل ولا حياء ويحرص الحريصون منهم من أمراء مشيخات النفط ومسؤوليها على الظهور مع قادة الكيان الصهيوني الغاصب على شاشات التلفزيون في منتديات ومؤتمرات دولية تعقد هنا وهناك وتتوالى زيارات الوفود من تلك الدويلات الكرتونية إلى تل أبيب وتقوم وفود إسرائيلية بالمثل بزيارات لعواصم الدول المطبعة مع إسرائيل وتفتتح الأخيرة قنصليات ومقرات لتمثيلها الدبلوماسي ومراكز تجارية في عواصم دول عربية ويظهر نتن ياهو بين فينة وأخرى في لقاء حميمي مع هذا الحاكم والمسؤول والوزير العربي من الدولة الفلانية وهم يتبادلون معه الأحاديث الودية والابتسامات الصفراء البلهاء مجسدين بذلك ما وصلت إليه تلك الأنظمة العميلة من عمالة وتبعية للغرب وربيبته المدللة إسرائيل وأعداء هذه الأمة وخيانة لها ولقضاياها المصيرية العادلة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية قضية العرب والمسلمين الأولى التي كانت ولا زالت تمثل جوهر وأساس ولب الصراع العربي – الإسرائيلي.
ولن يكون خالد اليماني وزير خارجية الفار هادي وحكومة الفنادق الأخير في قائمة المنبطحين والساقطين بلا معنى وغاية سامية وليس هذا اليماني الذي أظهرته لقطات تلفزيونية في وقت سابق من شهر فبراير 2019 م بمؤتمر دولي بوارسو وهو يجلس بجانب رئيس حكومة الاحتلال الصهيوني نتن ياهو آخر المهرولين والساعين من العرب للتطبيع مع دولة الكيان الإسرائيلي الغاصب فقد سبقه من قبل وفي مناسبات وأوقات مختلفة أطنابه وأمثاله من شخوص ورموز الانبطاح والتطبيع مع تل أبيب حكام ووزراء ومسؤولين من دول عربية كان لها السبق في ذلك العار والخزي والخيانة والتفريط بحقوق ومكتسبات الأمة وتاريخ شعوبها من مصر والأردن ومملكة آل سعود ومشيخات أعراب الخليج في أبو ظبي والبحرين وقطر وغيرها.
وفي هذه المرحلة الحساسة من تاريخ الأمة ارتفعت وتيرة المطبعين مع إسرائيل ولهث اللاهثون منهم وراء هذه الغاية والمسعى وتنوعت أغراضهم وتبريراتهم السمجة بتنوع أشكال الخيانة والعمالة للغرب وإسرائيل أكثر من اي وقت مضى.
وقد كشفت مساعي المطبعين مع دولة كيان العدو الصهيوني الغاصب حقيقة زيفهم وخداعهم وضعفهم وأسقطت الأقنعة عن وجوههم القبيحة ليتأكد لأبناء شعوبهم وأمتنا العربية قاطبة أن هؤلاء النفر من المنبطحين والمطبعين مع إسرائيل قد تطبعوا على ما أصبحوا عليه وآلوا إليه منتكسين ساقطين من كل عين وحساب لاسيما وهم يمضون قدما ويسعون سعيهم الحثيث والمتواصل للتطبيع مع إسرائيل ويتسابقون ويتنافسون على طلب ودها ونيل رضاها والتقرب إليها وإلى إلههم الأكبر أمريكا بالقرابين والنذور والعطايا والهدايا ولا يخجلون ان يكونوا من عداد الأذناب والغلمان سواء لواشنطن أو تل أبيب.
بيد أن مساعي جماعة التطبيع مع إسرائيل ما تقدم منها وما تأخر ستظل لعنة تاريخية تلاحقهم ومسبة ومذمة لهم أبد الدهر وهي غاية الحقراء الصاغرين الأذلاء لا تبرير ولا قبول لها شعبيا وجماهيريا وحتى دينيا لاسيما في ظل ما فعلته وتفعله أمريكا وإسرائيل بالعرب والمسلمين من أفاعيل اجرامية في أكثر من منطقة وبلد عربي واسلامي بلا حسيب ولا رقيب ولعل ما فعلته هذه وتلك بالعراق وسوريا وليبيا واليمن وأفغانستان وغيرها عنا ببعيد.
على أن الأكيد المؤكد الذي لا مراء فيه بهذا الشأن أن المطبعين مع إسرائيل أمس واليوم مهما حرصوا على تحقيق اهداف هذا التطبيع وجدّوا فيه فلن يدركوا غاياته القريبة والبعيدة على الإطلاق ومهما بالغوا في الانبطاح والتطبيع مع عدو الأمة التاريخي فلن ينجحوا أبدا ولن ينالوا مبتغاهم منه بأي حال من الأحوال لا لشيء إلا لكونهم بما يسعون إليه للتطبيع مع إسرائيل قد خالفوا منهج الله تعالى وجافوا قرآنه الكريم الذي قالها صراحة قبل أكثر من ألف واربعمائة سنة صادحا : ” ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم “.