اسكندر المريسي
دخل الشاعر الوطني الكبير عبدالله عبدالوهاب نعمان التاريخ الوطني المعاصر من أوسع أبوابه بالنظر إلى كلماته التي ستبقى في ذاكرة الأجيال الجمعية الشاهد الروحي على عصرنا اليمني المضطرب في ظل ليل عروبي حالك السواد جراء ما تواجهه الأمة من تحديات على جميع الأصعدة حيث حالتي الشتات والضياع سمة المرحلة الراهنة .
وهو ما نبهت له تلك الكلمات التي شكلت بارقة الأمل في ليل الانكسار العربي بالنظر كما أشرنا الى كلمات الفضول التي مثلت تجسيداً حقيقياً لهوية تتنازعها قوى الاستكبار العالمي وانتماء وطنياً يشهد أعلى درجات الانكسار عندما تحول الواقع الى جملة من الإشكاليات المغلقة التي تتراوح بين قصتي الأذناب والذئاب .
وبالتالي يأتي النشيد الوطني تجسيداً حقيقياً لمرحلة ما تبقى من الثوابت الوطنية حاضرا بل ان تلك الكلمات النيرة بكل ما تعني الكلمة من معنى ودلالة تشكل قوة دفع حقيقي لآخر ما تبقى من وجودنا الجمعي خصوصا حين يحذر من السقوط داعيا الى رفع مستوى الثوابت فالدنيا بشمالها وجنوبها ليست أنشودة وجدت باسم اليمن ارض المهد ومهبط الديانات السماوية وأرض الأنبياء والرسل وهي اول ارض كان فيها وما يزال وسيظل اسم الإنسان شاهدا حياً على عصرنا الوطني المضطرب بكل ما يواجهه من تحديات على جميع المستويات بسبب حفنة من الذئاب والأذناب يجهلون مسمى اليمن جارة الشمس التي وجدت لتبقى في علاقتها الوطيدة بين الضوء والنور ذلك البلد المسكون بالطهر والنقاء وأول من لعن الظلام وناشد الفجر (وسيبقى خالد الضوء على كل المسالك ) فأسس أقدم حضارة عرفتها الإنسانية وشكل أول تنظيم دولي في الأرض قبل أن يكون للدويلات المعتدية على هذا البلد علم وراية .
فهو من منح الآخرين حلل النور لأنه ليس اسم النور فحسب ولكنه النور كله ماضيه وحاضره ومستقبله بل إن هذا البلد اشراقة الدهر الجديدة وصيحة التغيير الكبير رغم تكالب قوى الظلام وأدعياء الفجر الكاذب الذين تقاطروا على هذا البلد لأهميته البالغة واستشعاراً لحقيقة ( قل من عدوك أقول لك من تكون ) .
فلم يعتد العالم على قطر أو البحرين أو عمان أو الإمارات أو مملكة بن سعود أو دويلات أخرى لا ترى بالعين المجردة لأنها مجرد دمىء في النادي اليهودي لذلك فإن ما حملته كلمات الفضول في طياتها تبقى ملاذا نهائيا للمختلفين والمفترقين إذا كانوا مع اليمن فعلا، فالوحدة الاسم الحركي لذلك النشيد ولذلك الشاعر وكلاهما الروح فكرا وسلوكا في الوعي والممارسة حين يرى في الوحدة بأنها ليست خلقا لمعدوم وإنما تأكيد لموجود فهي اسم النفس واسم الروح وهي عهد عالق في كل ذمة وكل اصبع لا تشير إلى الوحدة المسكونة بالنفس والروح ليست إلا مجاميع من أصابع الخيانة والغدر التي تتقاطر على هذا البلد غير مكترثة في وعيها وعقلها بأن اليمن كبيرة كبر المسافات وجديدة ومضيئة كالنبوات والمنارات في وعي تلك الكلمات التي كما أشرنا بالنظر إلى الوحدة في واقع الفعل والممارسة فهي عهد عالق في كل ذمة وليست تكتيكاً سياسياً ومفاوضات وارتهانات للخارج حيث يتناوب ذلك في مسمى المفاوضات أو المباحثات دعاة الفجر الكاذب باسم البلد أكانوا تارة باسم الكويت أو باسم عمان أو تارة باسم مملكة نجد والحجاز .
لذلك يحذر الفضول في كلماته من التردد والخيانة والغدر، منبهاً إلى التمييز الحقيقي بين المناضلين الذين ليسوا المقاولين الذين لا يدركون في وعيهم ومشاعرهم هذا البلد الذي يشكل حاضرة العرب وأساس وجودهم خاصة والفضول حين يدق أجراس ذلك يشدد على أهمية الأممية التي هي مصدر البأس ومصدر البقاء لشعب ارض المهد ( أمتي أمتي امنحيني البأس يا مصدر بأسي ) مشيرا الى ان راية الوحدة وراية هذا البلد لا تتجزأ أكان ذلك على صعيد دعاة السياسة أو دعاة الخارج أو مناضلي التقارير الشفوية والمكتوبة .
لأن الأصل والفصل في الراية المشار إليها راية الوحدة العالقة في كل عهد وذمة والمسكونة بالضوء ونسيج الشمس ( يا نسيجا حكته من كل شمسٍ) استنادا إلى حقيقة الأمة وليس الى رايات تجزئة المجزأ وتصنيف المصنف من خلال جماعات أو حركات أو تنظيمات تبتاع وتشتري بهذا الوطن غير واعية أن السماسرة والنخاسين ما كان لهم ان يقبلوا بذلك إلا لأهمية هذا البلد الكبير وما ينتظره من دور اكبر في رسم مسار العالم، فالفصل كما أشرنا، اليمن كمركز لكل العرب المعتدلين والمتطرفين الذين باعوا وخانوا ليسوا منا ولا من جلدتنا ولا تتحمل اليمن مسؤولية جهلهم بأهميتها لأنها سرعان ما تلفظ الجهل كونها وجدت لتبقى وتستمر في دربها العربي كأسس للهوية والانتماء غير منقطعة الصلة بالحب الأممي لأنها اسم الإنسان الكبير كُبر جبال شمسان ونقم وعيبان وان كان الظالمون قد اعتدوا في وعيهم على حقيقة “لن ترى الدنيا على ارضي وصيا”، عندما أكثروا من رايات القوى الدولية .
خصوصا في ظل تعدد الرايات أكان لمسمى الإمارات باسم بريطانيا أو مسمى رايات النفط وهي رايات التبعية والارتهان ليست إلا اعتداء واضحا على الوعي الجمعي “في ظل راية ثورتي” الراية الوطنية الموحدة التي تعاني بسبب رايات القوى الدولية وقوى الهيمنة من تعدد رايات الإفك والخيانة وجماعات تتماهى بشعارات أخرى للجهل تبيع الوهم غير مدركة أن اليمن تتحمل مسؤولية إنقاذ العالم من الظلام وإخراج ذلك العالم من الظلمات إلى النور لأن اليمن أولى بمحمد صلى الله عليه وسلم .
لذلك فإن قوى الاستكبار وقوى العدوان تعي أهمية هذا البلد وتسعى للحيلولة دون أن يكون لهذا الوطن دور في إنهاء جور الظالمين ، لهذا تبقى الحقيقة التي لا يمكن تجزئتها بالنظر إلى فهم ذلك الشاعر الكبير (لن ترى الدنيا على ارضي وصيا) تزايد الأوصياء وتكاثرهم محاولة فاشلة لأن الزمن سيؤكد حقيقة أن الأوصياء ذاهبون إلى الفناء والى البحر وسيبقى اليمن أمميا وعربيا ينشد الفجر الجديد .
خلاصة سر قصيدة الفضول المتجسدة في النشيد الوطني تعكس في حقيقتها وطياتها أن الوحدة ليست شأناً وطنياً يخص اليمن بمفرده ولكنها عهد يخص العالم كله بالنظر إلى الدور الريادي لليمن ماضيا وحاضرا ومستقبلا فهي باسم الأمم فضلا عن كونها الاسم الحركي لمسمى الانتشار العربي أساس تكوين العرب في بلاد العرب .
على أهمية ذلك فإن القصيدة المشار إليها كما قلنا تعكس في طياتها حقيقة الدور الريادي فيما اختزله ذلك النشيد الوطني تجسيدا للعهد العالق في كل ذمة والمسكون بالشمس والمنسوج من الضوء كدلالة على ان ذلك العهد عهدا للنور يخص العالم بأكمله.