والصّرخة ثورة عالميّة
أشواق مهدي دومان
لم وليس من السّهل لمتغطرس ( كمحمّد بن سلمان ) اعتاد التّلميع ( كأيّ حذاء لأمريكا وإسرائيل ) أن يُواجه وترفض زيارته الشّعوبُ التي يزور أوطانها ، فهناك قادة تشتاق إليهم الشّعوب مع أنّها لا تتجنّس بجنسيّاتهم ، وإنّما يجمعها معهم روح الإنسانيّة التي تمتدّ على القارات فلا تحدّها حدود جغرافية ولا تغرقها البحار والمحيطات فالقيمة الإنسانيّة أقوى من أن يعترض تدفّقها للأرواح حاجز من مسافة أو مكان أو زمان فذاك ( نيلسون مانديلا ) الذي رأيناه رمزا من رموز الحريّة خرج من سجنه ، وقد اشتعل منه الرأس شيبا ووهن العظم منه لكنّه لم يشِب روحا وقيمة في نفوس محبّيه وما أكثرهم !
فهو ثائر والثّورة كلمة فضفاضة متّسعة اتساع الكون ، حين تكون ثورة خلّاقة لا تستبيح القيم والمعتقدات والأعراض فهي ثورة إنسانيّة تؤيدها كلّ الشعوب التي تستلهم منها ، وكم اشرأبت أعناقنا لرؤية ذاك الأفريقي الأسود ( مانديلا ) ، كما أنّنا لم نعرف ( جيفارا ) لكنّ صوره أيقونات يتداولها من خاض رحلة في عمق ( جيفارا ) كثائر لا تربطنا به علاقة نسب أو صهر إلّا تناسب وانصهار الرؤى والرّوح الثّوريّة بينما نرى (غاندي) هو منقذ الهند ورمز شرارة ثورة طردت البريطاني وجعلته يجرّ أذيال خيبته في عجزه عن قمع ثورة الفقراء الاقتصادية التي قاطعت كلّ بضاعة آتية من جهة الغرب لتركيع الهنود ، ليتحسّس من حروفي الآن المعقّدون ( نفسيّا ) والمشوهون (أخلاقيّا) والمسوخ ( إنسانيّا) والمنحرفون ( عقائديّا ) حين أذكر لهم الثّورة الإسلاميّة الإيرانيّة فهذه مُحبّة لآل البيت وقد تضفي وتصيب الامبراطوريات الاستكباريّة بتحسّس قد يتطور إلى ربو فيقضي على تنّفس ورئات إسرائيل الطّبيعية والاصطناعيّة من مملكة الرمال إلى مستعمرة بني زايد إلى كوخ البحرين مرورا بعشّة قطر ومرفأ الكويت وحديقة عمان ، فكلها رئات لإسرائيل تتنفّس منها إسرائيل هواء المشرق بعذوبة وسهولة ، ولا ننسى رئتها في السّودان التي جرؤ البشير لتقسيمها بما يمليه عليه حاخاماتها فيمكّن الشّركات الإسرائيليّة منها ، ولنا في ولاء ملك الأردن لإسرائيل ما يدعونا لأن نردد : هذا الشّبل من ذاك الأسد ؛ فقد بيعت فلسطين منذ ذلك العهد كما لا يفوتنا سيسي مصر ، ومن سبقه ولكنه ( السّيسي) مختلف عن من سبقه بطبيعة ونوعيّة صياغته السّيكولوجيّة المتأثرة بمراحل وسنين ومكان دراسته فهو خريج أمريكا ، وقد أخذ عن أستاذه ترامب فن المجاهرة بالفواحش أقصد المكاسب الماديّة والتّبجّح والاستهانة بالعقليّة العربيّة والهويّة المصريّة حين يخاطب المصريّين كآلات سامعة وخطابات تحوم حول المادة ، ويقنعهم أنه لولا ” سعيدة لبيت رَدَم ما زِد بقي ردمي ” ، أي : لولاه ومشاركته في تقبيل رأس نتنياهو فإنّ مصر دولة من الدرجة السّابعة؛ لكنه الرّئيس الهمام الذي يستقدم الصّهاينة بأريحيّة ويعد شعبه بانتعاش اقتصادي يوصل به خط أنابيب التّنفس لإسرائيل مباشرة بالغاز الطبيعي كما يفعل مثله رئيس السودان من جنوب بلده ( بعد أن سمح بتمزيقها لشمال مسلم وجنوب مسيحي )، والغاز الطبيعي أيضا كما تفعل الإمارات والسّعوديّة السّاعيتان في تدمير اليمن من أجل مدّ رئة إسرائيل بالنّفط والغاز اليمني من مأرب والمهرة والمكلا باسم أقلمة أمينة !!
فكيف لا نسمّي أولئك الخدم رئات تتنّفس بهم إسرائيل بيد أمريكية ؟
و كيف لا ترضى عنهم وقد اتّبعوا ملّتها موالاة وسمعا وطاعة وبيعا للمقدّسات ، بينما إيران وثورتها مخالفة تماما لما أتى به حكّام العرب ، فإيران دولة وُلِدَت من رحم ثورة إسلاميّة محمديّة علويّة حسينيّة لا تفتأ تجرح مشاعر النّواصب والتّكفيريين بذكر محمّد وآله بينما أرادت أمريكا إيران أن تحبّ محمّدا لكن ليس رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) بل محمّد بن سلمان وأصحابه المبشّرين برضاها ؛ ولهذا فثورة إيران تصيبهم بحساسيّة مفرطة فثورتها الإسلاميّة الخمينيّة تقول لأمريكا أن :
-لا خنوع لكِ -لا موارد دون ثمن لكِ -لا نفط ولاغاز في صفقات غير متكافئة عادلة لكِ -لاتدخّل فينا لكِ -لا قرار لديكِ علينا -لا امتهان لقضايانا منكِ
-لا لتسليم قضيتّنا الأولى فلسطين لكِ ؛
بل إنّنا مع قدسنا ولنا في كل عام وقفة رمضانيّة تذكيريّة بقضيّتنا ، وهذا اليوم هو امتداد لثورتنا الحقيقيّة على مغتصب قدسنا ومن بايعه على السّمع والطّاعة ،،
و هكذا لن ترضى اليهود عن ثورة الخميني ولن تعتبره ثائرا ماجدا ، وهي تكره بقيّته ومن يسير على دربه الثّوري وفكره المدني ، ومصيبته في نظرها أنّه مسلم ، واليهودي يكره المسلم أشدّ ، ويبغضه أكثر فإن تجاوزت الدول الاستعماريّة عن ( جيفارا ) و(مانديلا) و(غاندي ) وغيرهم فهي لن تتجاوز ولن تسمح للثورة الإيرانيّة إلّا بتشويهها والتّحريض عليها بمبادئ مشوّهة، مغلوطة وكلّ من يصادق إيران ويؤاخيها كمؤمن وقرآني ومناهض لإسرائيل فهو عدو لأمريكا وإسرائيل وكتاكيتها العرب ؛ ولهذا (فنصر اللّه ) عدو لإسرائيل ومحمّد بن سلمان وأصحابه؛ ولهذا ( فبشّار الأسد) عدو لإسرائيل ومحمّد بن سلمان وأصحابه؛ ولهذا ( فالحشد الشّعبي العراقي) عدو لإسرائيل ومحمّد بن سلمان وأصحابه ؛ ولهذا ( فعبدالملك الحوثي) عدو لإسرائيل ومحمّد بن سلمان وأصحابه ؛ ولهذا فمحور أمريكا ومشتقاتها في ركن ومحور المقاومة لإسرائيل في الرّكن الآخر المناهض ؛ ولهذا ما اعترفت ولن تعترف أمريكا وخدمها بثورة 21/ سبتمبر / 2014 ؛ لأنّها ثورة ليست على مزاجها ، ولم تدع للسّفير الأمريكي أن يمارس عمله في اليمن ففرّ هاربا، وبعده فرّ كتاكيته واحدا تلو الآخر ، فثورة قرآنيّة يمانيّة أرعبت العالم المستكبر، وكانت الأقوى والأخطر والأشدّ والأكثر صراحة بمناهضة وجود أمريكا وإسرائيل اللتين ما توانتا عن تكميم فاها ؛ فتآمرت وعبر أذرعها وكتاكيتها اليمنيّين اغتالت مؤسّس وقائد الثّورة الأوّل السّيّد / حسين بدر الدّين الحوثي ، والذي صرخ صراحة، وأطلق شعاره الصّرخة في غير خوف ولا مجاملة ولا خنوع ولا سيادة ولا قرار لأمريكا في اليمن بل قال وأوجعت مقولته قلب أمريكا :
الموت لأمريكا
الموت لإسرائيل
فجاز أن نسمّي ثورته بالثّورة العالميّة الحقيقيّة حيث وقد استمدّت شرعيّة تسميتها من سماء شعارها المحدّد لعدوّ الإنسانيّة والعالم ، وفعلا أمريكا عدوّة الشّعوب في كلّ العالم .
، ومن هنا فلتحيا كلّ ثورة تسير على هدى اللّه ورسوله وآله ، وإن كنّا سنخلق تحسّسا، وهو المرض المزمن في صدر المستعمرين منّا فلتمت أمريكا تحسّسا ولتمت إسرائيل غيظ صدر ، وليحيا قائد الثّورة الاسلاميّة الإيرانيّة ملهماً، وليحيا قائد الثّورة الإسلاميّة اليمانيّة مَعْلَما ومعلِّماً يصرخ في وجه أمريكا وإسرائيل ومعه كلّ ثائر في العالم بأن :
اللّه أكبر
الموت لأمريكا
الموت لإسرائيل
اللعنة على اليهود
النّصر للإسلام .
و السّلام