أما من قارءٍ للتأريخ؟!
عبد العزيز البغدادي
اعتمد الكيان الصهيوني المزروع على أرض فلسطين ويعتمد في كل خطوات تأسيسه وتوسعه على مقولة وزير دفاعه الأسبق موشي دأيان التي قالها ردا على صحفي هندي مشهور اسمه كارا نجيا في حديث صحفي كشف فيه دأيان كثيرا من تفاصيل حرب 1967قبل وقوعها وحين تساءل الصحفي: كيف تكشفون خططكم بهذه الطريقة ؟! أجاب
قائلاً:
(العرب لا يقرأؤن وإذا قرأوا لا يفهمون وإذا فهموا لا يطبقون)، التاريخ عناوين متعددة تبدأ بالسياسي والعسكري ولا تنتهي بالاقتصادي والاجتماعي والثقافي والادبي والحرفي وو…
وتركيز المؤرخين على التاريخ السياسي والعسكري يرجع لارتباطه بالسلطة، ولكون من يستولي عليها يضع بصماته دائما على تفرعات التاريخ في مختلف مجالات الحياة، وحينما نقول يستولي عليها فلآن السلطة لاتزال مرتبطة بمن يصل اليها مهما اختلفت أساليب الوصول والوسائل والطرق والنظريات التي تؤطرها ومع ذلك يأتي الاختلاف في منهج الحكم ويتمايز الحكام من حيث حرصهم على بسط العدل و تحقيق المنجزات التي تعود بالخير على الناس والرعايا في الدولة الرعوية والجبائية في دولة الجباية والمواطنين في دولة المواطنة المتساوية التي لاتزال حلمآ.
مهما كانت الشعارات المرفوعة مع الاختلاف الثقافي والواقعي بين المجتمعات، الوصول الى السلطة عن طريق القوة ما يزال هو الحاكم في مختلف بقاع الأرض وإن اختلفت أساليب القوة، لا توجد ثورة حمراء وأخرى بيضاء وانما يوجد أسلوب ثوري عنيف عنفا اهوج وآخر يتّسيمُ بالذكاء والحرص على القدر الممكن من الدهاء والحيلة في الوصول إلى السلطة بأقل الخسائر البشرية والمادية الممكنة من الدماء.
وتبدو مقولة الوصول إلى السلطة عن طريق الصندوق هي الطريق الوحيد لاكتساب شرعية الحكم مقولة فيها قدر من الوهم خاصة في الدول الأكثر تخلفا والأكثر قابلية للتأثر بوسائل الإعلام والمنهكة بمتطلبات الحياة ، ولهذا فقد تحولت المقولة مع وجاهتها نظريا في ساحة التطبيق إلى أمكر وأدهى وسيلة للاستيلاء على السلطة من خلال الهيمنة الجديدة غير المباشرة على أساليب الوصول إليها بالاستيلاء على مصادر القوة واستخدام المال السياسي وشراء الذمم والاستيلاء على وسائل الدعاية والإعلام و السيطرة على مفاصل القوات المسلحة وقوات الأمن لاستخدامها أو التلويح باستخدامها عند اللزوم وصناعة الرأي العام والتأثير فيه وتوجيهه طبقاً لخطط مدروسة وبما يخدم أهدافا خاصة بمن صارت له الهيمنة ؛
أما مقولة 🙁 من يتملك القوة والمال يمتلك السلطة) لا ينبغي أخذها كمسلّمة مطلقة وهناك أمثلة توضح أن كثيرا من المتجبرين وقوى الاستكبار خسرت في معارك كثيرة من غير المقبول من حيث المنطق المادي البحت أن تخسرها أمام قوة لا تقاس ولو بنسبة ضئيلة مقابل قوتها وجبروتها !؛
وهذه الظاهرة تضع المستضعف الذي انتصر على الطغيان والاستكبار موضع اختبار واضح لا ينجح ولا يحافظ على نجاحه فيه إلاّ من امتلك إيماناً قوياً وعقلاً راجحاً غير قابل للاستدراج وذهنا متيقظا دائم المراجعة والنقد لأخطائه وحرصا مستمرا على تحقيق العدل لأن هذا الحرص هو أساس بقاء التمكين ومن يفعل ذلك فهو من السعداء في الدنيا والآخرة.