ملاعب وملاعب

حسن الوريث

حينما يغيب دور الأندية الرياضية وتعجز الكثير منها في احتواء الشباب والرياضيين وتوفير ملاعب لهم ليمارسوا هواياتهم تجعل معظمهم يبحثون عن بدائل ويبتكرون وسائل وأساليب وأماكن أخرى وبحسب ما يتوفر لديهم، فتراهم يقتطعون أجزاء من الطرقات والشوارع ومواقف السيارات التي غالباً ما تقطع عليهم هوايتهم وهم في ذروتها ليسمحوا لها بالمرور ومن ثم يعاودون اللعب وهكذا يعيشون التعب والعذاب من الصغر وحتى عندما يكبرون لا يجدون الملاعب المناسبة كباقي خلق الله.
وكلما مررت وشاهدت هذه المناظر ينتابني فخر بهؤلاء الشباب الذين لم يتوقفوا أو يعجزوا أمام هكذا مشكلات وصعوبات بل أنهم يحاولون إيجاد مساحات كافية ولو أنها ضيقة كضيق أفق بعض مسؤولينا سواء في الأندية أو الاتحادات أو حتى وزارة الشباب والرياضة الذين لم تحركهم مسئولياتهم ليساعدوا هؤلاء الشباب على إيجاد مساحات في الحدائق والأحياء والمناطق كبدائل عن ملاعب الأندية وملاعب الشوارع التي غالبا ما تكون أضرارها أكثر من فوائدها حيث يتعرضون فيها للإصابات التي تكون فيها نهاية لأي لاعب لأن تلك الملاعب غير مؤهلة بالشكل المطلوب إضافة إلى ما تشكله من إزعاج وإقلاق للناس وغيرها.
بالتأكيد أن الملاعب في الأحياء والحدائق والشواطئ لو تم تنظيمها وإعدادها بالشكل المناسب لتحققت لنا فوائد كبيرة من خلال الاستفادة من قدرات هؤلاء الشباب، فهذه المساحات يمكن أن يتخرج منها الكثير والكثير من المبدعين في مختلف الرياضات حيث أن معظم دول العالم تهتم اهتماماً كبيراً بإيجاد ملاعب وساحات في المناطق والأحياء والحدائق بل وتنظم بطولات رياضية لمختلف الألعاب فيها تقدم خلالها الجوائز التشجيعية فهذه الملاعب أنجبت نجوماً معروفين في مختلف الألعاب الرياضية كما أنها تكون مقصداً لمن نسميهم نحن في عالم الرياضة بالكشافين الذين يتجولون بين هذه الملاعب وأعينهم مفتوحة تترقب أي موهبة بين هؤلاء لتلتقطها وتستقطبها وهكذا فيما نحن في غالب الأحيان نقسوا على هؤلاء الشباب المساكين ونحاول منعهم من اللعب في الشوارع ونغلقها عليهم ولا نعرف أهميتها ويمكن تنظيمها.
خلال زياراتي للكثير من البلدان شاهدت ملاعب في الأحياء والحدائق يمارس فيها الشباب وحتى الكبار هواياتهم وتعمل المجالس المحلية والبلدية في تلك الدول على حجز مساحات وتسويرها وإقامة ملاعب صغيرة عليها وهكذا فإنهم يهتمون بهذه الأمور لمعرفتهم أنها ستعود على البلاد بالفوائد الكبيرة ولعل اقلها إنجاب نجوم رياضيين يعملون على خدمة بلدانهم ولو راجعنا ذاكرتنا سنجد أن الكثير من نجوم الرياضة العالمية انطلقوا من ملاعب الشوارع تلك التي قتلناها نحن ودمرناها دون أن نعي قيمتها.
أعتقد أن على وزارة الشباب والرياضة أن تعمل بجدية مع المجالس المحلية والأندية والاتحادات الرياضية من أجل حجز مساحات معقولة في الشوارع والحارات وحتى الحدائق وتحويلها إلى ملاعب صغيرة لشبابنا وأبنائنا الصغار يمارسون هوياتهم ويتمتعون مثلهم مثل بقية أطفال وشباب العالم وينطلقون من هذه الملاعب إلى التألق والإبداع والعالمية ويمكن أن تكون هي البداية لهؤلاء قبل أن ينتقلوا إلى ملاعب الأندية الرياضية الرسمية.
هل يمكن أن تعمل أمانة العاصمة بالتعاون مع الأندية والاتحادات الرياضية على تنظيم لقاء أو ورشة عمل لمناقشة موضوع ملاعب الشوارع وكيفية توفيرها وتنظيم بطولات رياضية فيها لتحقيق مكاسب كثيرة من بينها الاستفادة من قدرات ومواهب الشباب والحفاظ عليهم من الضياع وأشياء أخرى ولتكن هذه الملاعب هي الرديف لملاعب الأندية والرافد لرياضتنا بالنجوم.

قد يعجبك ايضا