تقرير / اسماعيل المحاقري
لا يبدو أن شيئاً أو حدثاً ما يشغل تحالف العدوان على اليمن بقطبيه السعودي والإماراتي في هذه المرحلة كهاجس الصواريخ الباليستية وفعل الطائرات المسيرة التي أحدثت توازنا استراتيجيا في الرعب وغيرت من قواعد الاشتباك، منتصرة بذلك على سبل منعها من الوصول إلى هدفها في الزمان والمكان المحددين.
وبفارق زمني غير بعيد، مطار أبها الإقليمي يدخل مجددا دائرة عمليات الطيران المسير، بما يؤكد على حجم التطور النوعي والسريع في قدرات هذا النوع من الطائرات مقابل عجز تحالف العدوان عن رصدها وإحباط هجماتها قبل وقوعها، رغم ما يمتلكه من إمكانات عسكرية وتكنولويجية أمريكية وغربية.
وفي عملية هي الثالثة من نوعها، نفذت طائرة قاصف واحد هجوما جويا على مطار أبها بعسير، أدى إلى حالة من الإرباك مع توقف حركة الطيران فيه لبعض الوقت وهو ما بينته خرائط مواقع متخصصة في مراقبة حركة الملاحة، إذ أكدت تراجع الحركة تزامناً مع الإعلان عن العملية.
ويشكل هذا الهجوم نقلة نوعية في مسار وزخم عمليات سلاح الجو المسير منذ أن تم ازاحة الستار عنه نهاية شهر شباط/فبراير من العام ألفين وسبعة عشر بالتوازي مع ضربات صاروخية باليستية متسارعة ومؤثرة ردا على جرائم العدوان وتضييق الخناق على الشعب اليمني.
وبعيد ساعات من صاروخ باليستي استهدف معسكر الحرس الوطني في نجران صباح الخميس أطلقت القوة الصاروخية مساء صاروخين باليستيين من طراز بدر1 على مطار جيزان الإقليمي ونتج عن ذلك توقف حركة الملاحة الجوية في المطار لتنسف كل ما يدعيه النظام السعودي ويروج له من مزاعم اعتراض الصواريخ وتدميرها.
وأمام التكنولوجيا الأمريكية وأحدث أنواع الأسلحة ووسائل التجسس والرصد والاستشعار الحراري، يمضي مقاتلو الجيش واللجان بما يمتلكونه من إمكانات في تصنيع وتطوير الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة وإطلاقها على العمق السعودي والإماراتي انطلاقا من المكان الذي يحددونه إلى الهدف الذي يرغبونه بهجمات لا يمكن منعها.
وبتجاوز هذه العمليات حدود الرياض وضربها مطاري أبو ظبي ودبي، بات من الصعب على قوى العدوان مغالطتها أو تكذيبها، بل إن هذا التطور التقني في سلاح الجو المسير أجبر الإمارات على البحث عن وسائل وطرق جديدة للحد من هذه التطورات التي تهدد أمنها الاقتصادي.
أمام الهجوم على مطار أبها في عسير، وما تلاه من قصف لمطار جيزان، لم تغادر السعودية موقف العاجز قليل الحيلة عن درء هذه المخاطر والتقليل من آثارها
وأمام الهجوم على مطار أبها في عسير، وما تلاه من قصف لمطار جيزان، لم تغادر السعودية موقف العاجز قليل الحيلة عن درء هذه المخاطر والتقليل من آثارها وتداعياتها في الداخل والخارج، كما لم تكن الفرصة مواتية لوسائل إعلامها المختلفة أن تنكر الضربات وتموه على هجوم قاصف المسيرة بالحديث عن حالة الطقس وتدني الرؤية كما حدث في هجوم الحادي عشر من شهر نيسان/أبريل على المطار ذاته إذ التزمت الصمت مؤخرا وبدت وكأن شيئا لم يكن.
إضافة لما تمثله هذه العمليات من إنجاز نوعي واستراتيجي في بعدها العسكري، فثمة انجاز أمني لا يقل شأنا عن ذلك إذ أن جميع الهجمات تتم بعد عملية رصد دقيقة وجمع كافة المعلومات الاستخبارية عن المواقع والمنشآت المستهدفة.
ومن المهم بمكان أن تراجع شركات الاستثمار حساباتها وأن تأخذ تهديدات القيادة الثورية والسياسية بمحمل الجد وعليها أن تعي بأن دول العدوان لم تعد آمنة وأن الهجمات على مطاراتها لن تتوقف طالما استمرت في قتل وتجويع الشعب اليمني.
وأخيراً، حري بالسعودية والإمارات أن تقتنصا فرصة المشاورات في جنيف لتحقيق اختراقات في الملف السياسي لإيقاف العدوان وإرساء تسوية شاملة عادلة والخروج من المستنقع اليمني وتفادي الإقرار بالهزيمة الساحقة، فما بعد جنيف في حال تمسكت هذه القوى بمواقفها المتعنتة والمتغطرسة قطعا لن يكون كما قبله.