لعبة ترامب ” السياسية المعاكسة .. وكلمة الفصل لروسيا والصين
محمد أحمد المؤيد
دخل الرئيس الأمريكي المعتوه ” ترامب ” إلى العالم السياسي العالمي بنهم وشره ليس له نظير من حيث التهور الأحمق , الذي تدلل على حمقه كل المؤشرات السياسية والميدانية العالمية , كون الرجل يتمتع بمميزات فريدة تميزه عن غيره من الرؤساء الأمريكيين السابقين له في هذا المضمار , غير أن سابقيه تمتعوا بحذق سياسي عال حفظ على الأقل ماء الوجه لأمريكا من حيث الأطماع التي فضحت على الملأ منذ دخول هذا المعتوه عالم أمريكا وسياستها , وهو ما يميزه فعلاً عن سابقيه , كونه لايصلح إلا (للهنجمة) والتهديد والتوبيخ والابتزاز التابع لذلك , وهذا ما فضح أمريكا وأطماعها.
وقد شوهد هذا الطمع بدقة متناهية أثناء زيارة لابن سلمان إلى أمريكا وعبر لقائه له واستعراضهما للأموال المبتزة من البقرة العربية الحلوب , مع هنجمة وفخر لترامب وابتسامة عريضة لابن سلمان , وعلامة الابتزاز والطمع يحددها جسم ترامب الذي يبدو وكأنه يليق فقط بالمصارعين وحلبات المصارعة , رغم أن الأخبار تبث أنه رجل أعمال أمريكي من الدرجة الأولى , وأن أمريكا تعمدت تنصيبه لحكمها خلال هذه الفترة تحديدا, وذلك توسماً منها أنه سيحد من نفوذ الصين التجارية العالمية , والتي أصبحت تتوسع في مجال التجارة العالمية شيئا فشيئا ً مما ينذر بخطر وشيك على الغرب بشكل عام , والتي تأتي من ضمنهم أمريكا.
والعجيب أن الصين ليست ثيراناً حتى يجهز لها من أمريكا من يقوم بمهمة التراقص على (قرونها) والتحرش بها , كون الصين لديها استراتيجية قومية ولدتها ثورة صناعية تكاد أن تجثم على العالم بهول جبروتها الثائر على كل (زقاق) من هذا العالم , الذي لا يكاد يوجد موضع أصبع في هذه الكرة الأرضية إلا والمنتج الصيني قد حضر فيها كمنافس لابأس به وبأثمان زهيدة أدهشت العالم وروجت نفسها فيه , وذلك تعويلاً على الكثافة السكانية الصينية العالية بعد الثورة الصناعية التي كانت سبباً رئيسيا في رخص اليد العاملة مما أرخص المنتج الصيني أمام البضائع العالمية.
تبدو سياسة ” ترامب ” (العنترية / المتعجرفة والمتعنتة) ناحية الدول العالمية وخاصة الشرقية وعلى الأخص تلك المعاكسة لسياستها وهيمنتها العالمية , والتي لو أردنا أن نعرف الدول المعارضة لأمريكا وفي نفس الوقت كي نتعرف على السياسة العنجهية لترامب لنظرنا فقط وبشكل خاطف إلى الخريطة العالمية , وما يجري فيها من أحداث سياسية مضطربة , وكذا حروب دامية أشعلها ذلك الرئيس الذي هو ماركة أمريكية مصطنعة للمهمات القتالية المشاكسة وغير العقلانية.
كل دولة فيها قتال أو شجار أو أزمة سياسية أو اقتصادية هي من الدول المعارضة لأمريكا وسياستها , فالحرب في اليمن وسوريا والعراق وليبيا ما هي إلا بسبب عدم الرضوخ لها وسياستها , وكذا حصار قطر وأخيرا العقوبات على إيران وسابقاً كوريا الشمالية والأزمة الكندية السعودية والاضطراب الاقتصادي في تركيا إنما هي متعلقة بوله ترامب في زرع الشحناء والبغضاء في أي بقعة أو دولة تعارض سياستها المستبدة على الشعوب , والتي تأتي من ضمنها الصين ولو أنها لازالت أزمة سياسية من تحت الطاولة وبحذر كون الصين دولة عظمى وليس من السهل على الأمريكان التلاعب بالخطوط الحمراء مع الصين.
وباعتقادي أنه من الأحسن للصين أن تمشي وفق برنامجها الاستراتيجي بدون النظر إلى تحرشات الغرب وحنقهم عليها وفي حقها , كونها تنافس بمنتج في الأسواق العالمية والمنتج هو من سيصنع المعجزات ويجلب رؤوس الأموال العالمية لشرائه والتعامل معها , لأنها لو نظرت إلى تحرشاتهم سيكون من السهل على دول الغرب توزيع دم الصين بين دول الغرب , وبحيث تسنح لهم الفرصة بنسف الثورة الصناعية بمجرد الدخول في حرب مع الصين , وهذا ما سيعرقل استراتيجية الصين حتى بعد مائة عام من ولادة الدولة الصينية والتي ستصل المئة عام في عام 2049 م.
ولذا فمن الأحرى بالصين التمسك والحفاظ على استراتيجيتها التجارية العالمية , والذي كما يشاع بأن اسمها ” خط الحرير التجاري البحري العالمي ” الذي تقوده الصين والذي بموجبه ستكون النقاط البحرية العالمية على طول الخط , والتي لاشك ستكون معارضة لسياسة التجارة الغربية وعلى رأسها بريطانيا وأمريكا , واللتين تران فيها خطر جسيماً على الخريطة التجارية العالمية والتابعة للهيمنة الغربية.
يعتبر خط التجارة العالمية التابع للمعسكر الغربي هو رأس الحربة أو الأفعى لكل فلسفات الحروب والاقتتال في العالم , فنقطة دبي وعدن تتعارض منذ خروج البريطانيين من عدن ودعمهم لدبي كمحطة أو نقطة عالمية لخط التجارة العالمية والتي يسيطر عليها الغرب وهذا ما يفسر محاولة الإماراتيين عرقلة ميناء عدن منذ عقود مضت , ولذا فالحرب على عدن إنما هي خوف من الحوثي لكي.
يدعم ميناءها ويكدر صفو نقطتهم البحرية في دبي , وهي نفس الحكاية في ميناء الحديدة ومعركة الساحل الغربي كي لاتظل تحت هيمنة الحوثي ويستغلها كنقطة تجارية عالمية تخالف طريقهم ونقاطهم التجارية التابعة للغرب وبريطانيا.
ولذا فلعبة من لعب الكبار لم تمض على الرئيس المشاط ورسائله الأخيرة لروسيا والصين , والتي لاشك لن تغفل هذه الدول دور حكومة صنعاء من هذه الناحية والذود عن الحديدة ومينائها , والتي بالتأكيد أن معركة الساحل الغربي هي معركة مع الغرب , ولذا فالصين وروسيا هما من ستكون لهما كلمة الفصل في حال تمادى العدوان على اليمن وخاصة الحديدة ومينائها ومحاولة احتلالهما.
..ولله عاقبة الأمور..