وصل قطار كأس العالم روسيا 2018م إلى محطته الأخيرة التي سيبلغها اليوم بطل واحد سيعانق الذهب الغالي بعد مشوار حافل .. ختام مميز ونهاية سعيدة للبطل الذي سيحمل الكأس الأغلى في العالم التي ينتظرها عشاق الساحرة المستديرة كل أربعة أعوام.
اليوم سيحتضن ملعب لوجنيكي بالعاصمة الروسية موسكو مسك ختام كأس العالم في نسختها الـ21 حين يلتقي عند الساعة السادسة من مساء اليوم الأحد بتوقيت صنعاء منتخبا فرنسا وكرواتيا في ختام رحلة بحثهما وسعيهما وجهدهما لمعانقة الذهب ورفع الكأس الغالية.
فقد دارت عجلة الزمن وتغربلت المنتخبات ليتبقّى منتخبين فقط وبعد 63 مباراة حافلة بالتشويق والحماس والضربات الثابتة والمفاجآت، تم تحديد هوية المنتخبين المتأهلين للنهائي، هي موقعة حاسمة تتميز بنكهة تُذكر بنهائيات 1998م، التي شهدت تألق المنتخب الفرنسي على أرضه واعتلائه منصة التتويج قبل عقدين من الزمن.
المؤكد أن المنتخب الكرواتي سيبذل الغالي والنفيس من أجل الثأر من هزيمة نصف النهائي على يد الديوك في 1998م، فقد حُرم آنذاك الوافدون الجدد على البطولة من بلوغ النهائي بسبب الهدفين الدوليين الوحيدين للفرنسي ليليان تورام، أما فرنسا فتتطلّع إلى أن يجلب كابتن المنتخب في النهائي قبل 20 سنة الحظ السعيد في موقعة اليوم، ليُصبح ديدييه ديشامب الشخص الثالث فقط بعد ماريو زاجالو وفرانز بيكنباور الذي يرفع الكأس الذهبية كلاعب ومدرب، ولتحقيق ذلك، يتوجّب عليه أن يقود كتيبة الديوك إلى برّ الأمان من موقعه كمدرب، بعد أن قام بذلك كقائد في مواجهة البرازيل في مونديال 1998م.
ورغم أن ذكريات الماضي لدى المنتخبين لا تزال حاضرة بقوة، إلا أن طرفي المباراة يمتازان بالواقعية الكروية وفهم كبير للمهمة المقبلة، فقد أظهرت الكتيبة الفرنسية كفاءتها وصلابة صفوفها أمام بلجيكا لتتغلّب على الشياطين الحمر بنتيجة 1-0 في نصف النهائي يوم الثلاثاء الماضي، وعلى الجانب الآخر احتاجت كرواتيا للوقت الإضافي لكي تحسم النتيجة – في سيناريو تكرر للمرة الثالثة على التوالي – أمام إنجلترا يوم الأربعاء، فهل بوسع الكروات أن يتجاوزا هزيمة 1998م على يد نفس المنتخب ويخطفوا الذهب هذه المرة، أم سيكون يوم المجد لديشامب مرة أخرى؟ عيون العالم بأسره شاخصة إلى ملعب لوجنيكي لمعرفة الإجابة على هذا السؤال.
التشكيلتان المتوقعتان
فرنسا/
هوجو لوريس، بنجامين بافار، رافاييل فاران، صامويل أومتيتي، لوكاس هيرنانديز، بول بوجبا، نجولو كانتي، كيليان مبابي، أنطوان جريزمان، بلايز ماتويدي، أوليفييه جيرو.
كرواتيا/
دانييل سوباسيتش، سيمي فرساليكو، ديجان لوفرين، دوماجوي فيدا، إيفان سترينيتش، إيفان راكيتيتش، مارسيلو بروزوفيتش، أنتي ريبيتش، لوكا مودريتش، إيفان بيريسيتش، ماريو ماندزوكيتش.
ذكريات في النهائي
نهائي اليوم سيُعيد العديد من ذكريات الماضي إلى أذهان عشاق الساحرة المستديرة، فقبل 20 عاماً، التقى المنتخبان في نصف نهائي كأس العالم فرنسا 1998م، ومن نواح عديدة، هناك أوجه تشابه بين تلك المباراة ونهائي اليوم المرتقب، فكرواتيا كانت قد وصلت حينها إلى نصف النهائي على نحو مبهر، مُحققة أكبر نجاح لها على الإطلاق منذ استقلالها، من جهتهم، كان الفرنسيون يعيشون موجة شغف أشبه ما تكون من الجنون في طريقهم إلى اللقب، صحيح أن كرواتيا أبهرت الجميع بأدائها الساحر، لكن أصحاب الأرض لم يكن ليرضوا بأقل من النهائي، وإن كان وصولهم إلى المربع الذهبي يُعتبر نجاحاً كبيراً في حد ذاته.
وبينما فازت كرواتيا على ألمانيا 3-0 في ربع النهائي في 1998م، فإنها حققت إنجازاً مماثلاً في روسيا 2018 بتغلبها على الأرجنتين – وصيف بطل العالم – بنفس النتيجة في مرحلة المجموعات، وعلى الطرف الآخر، كان منتخب فرنسا قوياً في الدفاع – على غرار هذا المنتخب الذي شق طريقه بثبات نحو نهائي 2018 – حيث لم تستقبل شباكه سوى هدف واحد قبل ملاقاة دافور سوكر ورفاقه في موقعة 1998م، ناهيك عما كانت تزخر به كتيبة الديوك بمواهب مذهلة في خط الوسط والهجوم من خلال لاعبين ذائعي الصيت مثل زين الدين زيدان وتييري هنري.
وهناك أيضاً بعض النقاط المشتركة بين موقعة اليوم ومواجهة 1998م فمدرب فرنسا الحالي ديدييه ديشامب كان هو كابتن منتخب 1998م حيث قاد منتخبه على ملعب فرنسا ضد كرواتيا.
قلبا التوقعات
طرفا المباراة نهائية لم يتوقعهما الكثير قبل انطلاق النهائيات إلا أن البطولة التي لم تخل من المفاجآت، أفضت في نهاية المطاف إلى تأهل الفرنسيين والكرواتيين ليقلبا التوقعات.
من بين المرشحين الكبار لبلوغ النهائي، كانت فرنسا الوحيدة التي صمدت فحاملة اللقب ألمانيا خرجت من الدور الأول، الأرجنتين غادرت من ثمن النهائي على يد الديوك الفرنسيين، إسبانيا من الدور نفسه على يد روسيا المضيفة، والبرتغال في الدور نفسه أمام الأوروجواي، والبرازيل على يد الجيل الذهبي البلجيكي.
مباراة بمعالم عدة، فرنسا بتشكيلة شابة (ثاني أصغر معدل أعمار في مونديال 2018م)، متحمسة، صلبة دفاعية، مبتكرة هجومياً، حاسمة في الضربات الثابتة، وبعزيمة منح مشجعيها لقبًا ثانياً مع إحيائهم الذكرى العشرين للقب الأول، وخبرة النهائي المونديالي الثالث بعد 1998م و2006م (خسرت أمام إيطاليا).
في المقابل، جيل كرواتي بات الأفضل في تاريخ بلاده بعدما وصل إلى النهائي للمرة الأولى، متفوقاً على جيل 1998م.
يعول منتخب كرواتيا، على مواهب فذة مثل مودريتش وإيفان راكيتيتش وماريو ماندزوكيتش، وعزيمة كبيرة مكنته من خوض شوطين إضافيين في المباريات الثلاث في الأدوار الاقصائية، ولم يتعب بعد من الركض خلف المجد وتحقيق حلم مواطنيه.
ستكون فرنسا أمام فرصة الانضمام إلى نادي أصحاب النجمتين مع الأرجنتين والأوروجواي، بينما ستكون كرواتيا أمام فرصة أن تصبح ثاني متوج جديد باللقب في النسخات الثلاث الأخيرة بعد إسبانيا.
تبدل المنتخب الفرنسي بشكل كبير، من 1998م إلى 2018م، ومن الدور الأول إلى المباراة النهائية، بدأ بشكل ممل، بحذر مبالغ به، وارتكاز على الدفاع، بدءاً من ثمن النهائي، حرر أسلوب لعبه، وأظهر مبابي موهبته على أرض الملعب، والأهم، سرعته الخارقة التي باتت تؤرق المدافعين.
أربعة أهداف في مرمى الأرجنتين، هدفان في الأوروجواي، وهدف في بلجيكا، أوصلت فرنسا إلى النهائي.
ليست فرنسا وحدها من تحلم، فكرواتيا ترقبت طويلاً ما وصلت إليه، وهي مصممة بقيادة مدربها زلاتكو داليتش، على الذهاب أبعد، رغم الإنهاك، منتخبها خاض عملياً “سبع” مباريات وصولاً إلى النهائي، إذ أن مجموع مدة الأشواط الإضافية الستة التي خاضها في آخر ثلاث مباريات، يصل إلى 90 دقيقة، أي مباراة كاملة، عنصر تعب آخر هو أن كرواتيا خاضت نصف النهائي الأربعاء، بينما كانت مباراة فرنسا في الدور نفسه الثلاثاء.
مسيرة تاريخية لكرواتيا للنهائي
مسيرة كرواتيا إلى النهائي تعد تاريخية كونها المرة الأولى التي تبلغ فيها النهائي، ففي دور المجموعات فازت كرواتيا 2- 0 على نيجيريا في المجموعة الرابعة، ثم فازت 3- 0 على الأرجنتين، كما تغلبت على أيسلندا 2-1، وفي دور الـ16 فازت 3-2 على الدنمارك بركلات الترجيح عقب التعادل 1-1، وتغلبت كرواتيا في دور الـ8 على روسيا 4-3 بركلات الترجيح عقب التعادل 2-2، وفي نصف النهائي فاز الكرواتيون على إنجلترا فازت 2-1.
مشوار متوازن لفرنسا
أما المنتخب الفرنسي فقد تأهل إلى نهائي كأس العالم بعد مشوار متوزان نسبياً، ففي دور المجموعات فاز الديوك على أستراليا 2 – 1 ضمن المجموعة الثالثة، وفازت على بيرو 1- 0، وفي اللقاء الثالث تعادلت سلبياً مع الدنمارك، أما في دور الـ16 فقد فاز المنتخب الفرنسي على الأرجنتين 4-3، وفي دور الـ8 تغلبت فرنسا على أوروجواي 2- 0، أما في نصف النهائي فقد تغلب الديوك على بلجيكا 1- 0.
أبرز الحقائق
أبرز ما يمكن رصده من حقائق وأرقام عن نهائي اليوم يتمثل في التالي:
تتواجد فرنسا في نهائي كأس العالم للمرة الثالثة في تاريخها بعد فوزها باللقب على أرضها 1998م والخسارة أمام إيطاليا في نسخة 2006م.
لم يسبق لكرواتيا بلوغ نهائي بطولة كبرى، وصعدت للدور قبل النهائي في أول ظهور لها كدولة مستقلة بعد تفكك يوغوسلافيا السابقة في كأس العالم 1998م، لكنها خسرت 2-1 أمام فرنسا التي توجت وقتها باللقب.
لعبت كرواتيا أكثر من 360 دقيقة في المباريات الثلاث بالأدوار الإقصائية بالإضافة إلى الوقت الذي استغرقته ركلات الترجيح في مباراتين، ولعبت فرنسا 270 دقيقة فقط في ثلاث مباريات بأدوار خروج المغلوب لتبلغ النهائي.
فازت فرنسا على كرواتيا 2-1 في الدور قبل النهائي لكأس العالم 1998م بهدفي ليليان تورام وسجل دافور سوكر الرئيس الحالي للاتحاد الكرواتي لكرة القدم هدف بلاده في تلك المباراة.
إجمالا التقى المنتخبان خمس مرات ولم تخسر فرنسا حتى الآن أمام الكروات، حيث فازت في ثلاث مباريات وانتهت مباراتان بالتعادل من بينهما مواجهة في بطولة أوروبا 2004م بنتيجة (2-2).