من وعي وقيم ومشروع محاضرات السيد عبدالملك الحوثي الرمضانية.. المحاضرة السادسة والعشرين.. (26)
عبدالفتاح حيدرة
المحاضرة السادسة والعشرون من محاضرات السيد والقائد اليمني العظيم عبدالملك بدرالدين الحوثي (سلام الله عليه)، محاضرة أي عاقل وأي واعٍ وأي مثقف سيكتب منها عشرات الكتب، كل جملة منها وكل فكرة فيها بحث علمي واجتماعي وسياسي مختلف ما قبله عما بعده، يا إلهي كم نحن قصيروا وعي ومنعدمي ثقافة، أقزام أمام هذا الوعي وهذه المعرفة، علينا ان نعترف اننا ضللنا أنفسنا قبل ان يضللنا الآخرون، ضللنا أنفسنا بمعرفتنا المكتسبة من كتب وسياسات وبحوث ونظريات الغرب والشرق، عندما رأيناها أفضل وفضلناها على معرفة قيمنا بكتاب الله، وتوجيهات وأوامر ونواهي كتاب الله، عندما لم نتمسك ونحافظ ونؤمن بأن لدينا معرفه وعي وقيم ومشروع لا يمكن ان يضاهيها شيء، إنها معرفة هدى الله وكتاب الله وآيات الله، هذه المعرفة البسيطة والصادقة والعادلة، ذات القيم والمنهاج لحياه سعيدة وراقية وحضارية..
الحقيقة ان هذه المحاضرة مرعبة ومخيفة، وسوف (اعترف لكم في آخر المقالة عن خيفتها ورعبها) ، هي محاضرة لا تحتاج أبدا للحديث عنها، لأنها فوق كل حديث وفوق كل اي محاولة تلخيص، وفوق كل وعي وفوق كل قيم وفوق كل مشروع، لم يضطر السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي للظهور يوميا ولمدة شهر كامل، على شاشة قناة المسيرة ليلقي على مسامعنا محاضراته الرمضانية اليومية، هكذا عبثا، بل ان هناك سببا وجيها وكبيرا وعظيما وجليلا، لا يدرك وعيه ولا يتفهم قيمه ولا يعي مشروعه، إلا أصحاب القلوب والعقول المتمسكة بهدى الله وأوامر ونواهي كتاب الله، والمحافظة على أصالة قيم الكرامة والعزة والهيبة، والمنفذة لمشروع الحق للتحرر والسيادة والاستقلال والرافضة لمشروع الباطل والتبعية والارتهان ..
إن البحث خلف تفاصيل السبب الذي جعل السيد عبدالملك مضطرا للظهور الشخصي اليومي، وخلال ليالي رمضان المباركة، ان البحث خلف السبب من ذلك ليس بالأمر الهين أبدا، فمهما كان الإنسان منا واعيا ومثقفا وملما بالمعرفة ، فإنه سوف يصل في بحثه هذا إلى طريق واسع وفسيح، تائها بدون إرشاد وترشيد وبدون علامات، وسوف يظهر له في كل فقرة من كل محاضرة قصور في وعيه وفساد في قيمه وتخبط في مشروعه..
ان أصحاب القلوب والعقول الواعية والمتقية والمؤمنة والرحيمة ، لديهم معرفه لا يمكن ان يمتلكها أكبر أستاذ أو عالم أو باحث أو فيلسوف أو منظر أو سياسي أو صحفي ، ليس له صلة بالإيمان بالله ولا بكتاب الله ولا بقيم المتقين والمؤمنين ، لأن عقول وقلوب المؤمن والتقي تملك ركناً أساسياً، هو كتاب الله، وتسندها ثلاثة أعمدة رئيسية هي (الوعي – القيم – المشروع)، ان ركن التمسك بوعي هدى الله وكتاب الله وأعمدة الوعي والقيم والمشروع لم تأت في كل كتب الجامعات ونظريات الفلاسفة والمفكرين ورصد الباحثين ، لم تأت إلا من كتاب رب العالمين، من القرآن الكريم..
إن أهم وأعظم واكبر وأول ما يجب ان نتأثر به في أفكارنا وثقافتنا ووعينا وقيمنا ومشروعنا في اتجاهاتنا وولاءاتنا وعداءاتنا، وفي كل مسارات حياتنا، هو آيات ربنا وكتابه وكلماته وتوجيهاته وأوامره ونواهيه، ان تكون كل أعمالنا متجهة للقرآن الكريم، وثقافة القرآن الكريم، وتوجيهات ونواهي القرآن الكريم، ولهذا لا بد من اتخاذ قرار حازم وحاسم للتوجه للقرآن الكريم والارتباط الوثيق به، بدلا من ان تصبح أمريكا هي المرجع في اتخاذ القرار والموقف، إن رق وعبودية اليوم مختلفة عن الأمس، انها رق وعبودية الموقف والولاء والرأي والعداء والتضليل ومساندة أهل الباطل ..
ان المتقين لا يحضرون اجتماعات الباطل ومجالس الباطل والضلال والانحراف، أو الاجتماعات الداعمة للباطل والمدحضة عن الحق، وليسوا ممن لهم مواقف مع الباطل وأهل الباطل بأي شكل وبأي مستوى، سواء كان على المستوى الفردي أو على مستوى القضايا الكبيرة، لأن نفسية من يدعم الباطل وأهل الباطل نفسية سيئة وخبيثة، نفسية منحطة تشترى بالمال ويؤثر فيها الإغراء بشكل مباشر والأحقاد وتصفية الحسابات، ويؤثر فيها التضليل والمضللون وسماعه للباطل والمبطلين..
لاحظوا الهدى في كتاب الله، وخاصة في هذا العصر الذي يمارس فيه بعض المثقفين شهادة الزور لأمريكا وإسرائيل والنظامين السعودي والإماراتي، الكثير من الإعلاميين والمثقفين يشهدون الزور وعليهم مراجعه أنفسهم، والمتقون هنا هم من يترفعوا عن السفاف والمشاققات والمناكفات التافهة، يا إلهي، لم اشعر بحياتي بالاهتزاز والخوف مثلما شعرت به أثناء الاستماع لهذه المحاضرة، التي هزت وجداني وعقلي ووعيي وقيمي ومشروعي، باختصار لقد مر شريط حياتي (واحد وأربعون عاما) منها عشرون عاماً وأنا أمارس مهنة شهادة الزور، ماذا أقول، لجمت وانعقد لساني، ويبقى السؤال الذي أوجهه لنفسي ولكم، أليست هذه المحاضرات اليوم هي منهج الوعي بهدى الله الذي يجب ان نحاسب أنفسنا عليها، ونعيد حساباتنا، ونتوب لله ونستغفره؟!!! ..