من وعي وقيم ومشروع محاضرة السيد عبدالملك الحوثي الخامسة عشرة

عبدالفتاح حيدرة
المحاضرة الخامسة عشرة من محاضرات السيد عبدالملك الحوثي الرمضانية، خصصها السيد للحديث عن ذكرى غزوة بدر، التي توافق يوم السابع عشر من رمضان، وهي أول غزوة للصراع بين الحق والباطل التي حولت التاريخ باتجاه انتصار الحق على الباطل، انتصار القيم السامية على قيم الطغيان، انتصار مشروع سنن الله في التغيير على مشروع الشيطان، ركز السيد في حديثه عن هذه الذكرى العظيمة على وعي وقيم ومشروع الانتصار والدروس والعبر التي من خلالها إمكانية البدء بالعمل لصناعة مرحلة جديدة مماثلة لانتصار الحق وأهله، مرحلة جديدة تهزم طاغوت واستكبار تحالف دول العدوان على اليمن، مرحلة جديدة تهزم تحالف دول الانبطاح لأمريكا وإسرائيل..
ان التركيز على العودة للقرآن الكريم هو مفتاح باب العودة لمواقف الحق، وكان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم هو القدوة والمعلم والمربي وهو أرقى بشر في حكمته والحكمة تجسدت فيه، وكم نحن بحاجة لنكون أمة مهتدية وحكيمة، تتحرك بشكل صحيح بالاقتداء بالرسول، ومن خلال المنهج القرآني الذي هو كتاب هداية بما يفيد البشرية وخير البشرية وصلاح البشرية..
إن معركة غزوة بدر سميت بيوم الفرقان، لأنها فرقت بين الحق الباطل، وهو يوم عظيم وكان بداية تحول البشرية، وان صناعة التحولات الكبرى إلى واقع سليم لرعاية الحق والخير والقيم، لا يمكن ان يتحقق بالأماني، والذين يتصورون ان بإمكان تغيير البشرية أو المجتمعات بالكلام والموعظة الحسنة والكلام الهادئ جدا، من دون ان يواجهوا صراعاً ومن دون مواجهة التهديدات والمشاكل، يعتبر أمراً ساذجاً جدا، إذ لا يوجد تغيرات كبيرة من دون صراع وتهديدات ومشاكل ومواجهات..
ان الأنبياء هم المصلحون في واقع البشر وهم المحاطون بعناية وتدبير الله، ومع ذلك كانت صناعة التغيير بالنسبة لهم مليئة بالصراعات والمهددات والمشاكل، وكان من يتصدى للأنبياء هم الطغاة والمستكبرون، الذين كانوا يتحركون ويتحرك معهم الكثير من أبناء المجتمع، وهناك الكثير من الناس لا يتحرك باتجاه الحق، بل يتحرك من خلال معيار النفوذ والسلطة، حتى الرسول الكريم، وهو رسول الله والذي يمتلك من الحكمة الحنكة والذكاء والهداية والوعي والقيم ما لم يمتلكه احد، والذي عندما تحرك كان من تحرك ضده هم الطغاة والمستكبرون..
كان تحرك رسول الله، لتعزيز مكارم الأخلاق، العدل، الإحسان، الرحمة، المعاملة الحسنه، فقال الطغاة والمستكبرون ان هذا لا يستجاب له وممنوع احد ان يتبعه، واتهموا ارشد الناس وأعقلهم بالجنون، ولفقوا ضده سلسلة طويلة وعريضة من الافتراءات والدعايات، وعندما تحركت الدعوة، اتجه كل الطغاة إلى محاربة الدعوة بالقوة والحصار الاقتصادي، وفي الأخير تآمروا لقتل الرسول نفسه، والشاهد هنا ان الطغاة والمستكبرين لم ولن يتحملوا الدعوة للحق، فقام الرسول في المدينة وبدأ يتحرك، واستمرت قريش وهي في طليعة محاربة الإسلام، لأكثر من 13 عاما من صراع ذاق فيه المسلمون الأمرين..
إن أول درس من يوم الفرقان، هو انه لا تحدث تحولات إلا بمواقف وعمل وتضحية وجهد، وان الذين يتصورون ان التغيير سيحدث من دون صراع ومن دون مشاكل هم ساذجون جدا، اما الدرس الثاني، فمهما كانت الدعوة أكثر فاعلية وأصيله بانتمائها للخير والعدل والحق هو، كلما كانت مواجهة للمشاكل والصراعات أكثر من غيرها، وهذا واقع الفرد أيضا، فإذا كنت أصيلا مع الحق هناك الكثير والكثير جدا سيكونون منزعجين منك، وبالذات الطغاة والمجرمين والسيئين، ولا بد ان يتحركوا ضدك أكثر وأكثر ، لأن الانتماء للحق يزعج الطغاة، وهذا الانتماء يصبح معيارا لمدى ثباتك ومصداقيتك.
إن الدروس يجب أن تترسخ في الذهنية العامة اليوم، والقدوة في الدين اليوم هو رسول الله ، رسول الله الذي كان مجاهدا، لأن الله لا يقبل لنا بالاستسلام للطغاة أو الخنوع لهم، ولا بد من التحرك أثناء الصراع في هذه المراحل، لا بد ان يكون صراعك مع الآخرين للحق وعلى أساس الحق ومبدأ الحق، لأن الصراع تترتب عليه مشاكل ونكبات، ويجب اتقاء الله في دماء الناس..
ويجب ان لا يستقطبك أي شيء غير الحق لأي الصراع واحرص دائما ان تكون إلى جانب الحق، لأن الحق واضح وصريح، فمثلا هذا العدوان على بلدنا، قضية واضحة، أعلن العدوان من واشنطن، وأول غاراته في صنعاء استهدف حيا سكنيا في صنعاء وكل يوم يقتل الأطفال والنساء ويهلك الحرث والنسل بشكل كبير وفظيع، ثم تحرك برا لاجتياح بلدنا واستقطب الناس بالمال، والبعض لديه عقد وأحقاد، والبعض لطموحات سياسية، وعلى هذا الأساس تحرك هذا العدوان الأجنبي على بلدنا .
وأكد السيد ان الجانب الفني رصد طائرات إسرائيلية فوق الحديدة، وبالتالي فإن الجهة في هذا الصراع معروفة، تقف خلفها أمريكا وإسرائيل ومن بعدهما السعودية والإمارات، وهذه الجهة نفسها هي جهة باطل، وأي جهة تحظى بمباركة أمريكية وإسرائيلية، هي ليست جة حق، بل إنها جهة الباطل بعينه، وفي المقابل من ذلك ان تحركنا ضد الباطل والعدوان والبغي الذي يرتكب أبشع الجرائم، فإن الحق هو أن نخرج، أن نتصدى لهذا العدوان، وان لا يكون الإنسان “بقريا” في فهمة للحق، فالحق واضح وصريح، والحق اليوم هو مواجهة هذا التحدي والتهديد الأمريكي الإسرائيلي والذي ينفذه السعودي والإماراتي.
من ثقافات الباطل سوف نجد ثقافة التوحش الأعمى، وهذا عنوان يستخدم لخدمة الباطل، ففي سوريا مثلا اتضحت علاقة التكفيريين بإسرائيل، ولا يمكن ان تجاهد في سبيل الله والإسرائيلي هو من يدعمك بالسلاح ويطببك، انه الأسلوب الشيطاني الذي يفصلك عن الحق باسم الدين والتدين، فما بعد قصة افغانستان اتضحت الأمور، وهناك زعماء دينيون وسياسيون حاربوا تحت قيادة المخابرات الأمريكية وكل ما هو تحت قيادة أمريكا وإسرائيل فهو باطل مهما كانت عناوينه والحق هو أساس الموقف السوي لله وللقرآن وللرسول وللدين وللوطن وللهوية وللقيم.

قد يعجبك ايضا